أكد المهندس مراون الفاعوري، أمين عام المنتدى العالمي للوسطية، أن الهجمة الشرسة التي يتعرض لها الدين الإسلامي في الوقت الراهن تتطلب من الدول العربية والإسلامية، وعلى رأسها رابطة العالم الإسلامي ومنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية الضغط على الأممالمتحدة من أجل استصدار تشريعات تجرم الإساءة للأديان، وأولها رفض الربط بين الأفعال الإرهابية والمتطرفة بالإسلام. جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقده الفاعوري اليوم السبت في عمان للإعلان عن المؤتمر الدولي الذي سيعقده المنتدى يومي 14 و15 مارس الجاري بعنوان (دور الوسطية في مواجهة الإرهاب وتحقيق الاستقرار والسلم العالمي). وشدد الفاعوري، على أن الإرهاب ليس عربيا ولا إسلاميا، وأن هناك حصرا على توظيف هذا المرض والفيروس لتشويه صورة الإسلام ولتجيش العالم كله ضد الأمة الإسلامية، مستشهدا في هذا الإطار بالدراسات التي أجرتها مراكز دراسات غربية وعربية منها (الأهرام) حول الأعمال الإرهابية التي ارتكبت خلال الفترة من عام 1993 إلى 2003 (أكثر من 6 آلاف عملية) والتي أظهرت أن 6% منها فقط ارتكبت في العالم الإسلامي والباقي في كل العالم. وقال "إن التطرف علا صوته الآن وأصبح يشكل بتداعياته أكبر تحد تتعرض له الأمة الإسلامية في تاريخها كلها، فهذا التحدي أكبر من تحد الحروب الصليبية والهجمة الاستعمارية التي هيمنت على المنطقة في القرنين الماضيين"، لافتا إلى أن تداعيات وتوظيف هذا التطرف يمكن أن تفضي إلى امتهان هذه المنطقة لعقود طويلة وإدخالها في صراع اجتماعي واقتصادي لا يعلم مداه إلا الله. وفيما يتعلق بالنتائج التي سيسفر عنها المؤتمر؟.. أجاب الفاعوري "لقد أعددنا مشروعا بعنوان (إعلان عمان في مناهضة الإرهاب واستنهاض الأمة) سيقدمه رئيس المنتدى الإمام الصادق المهدي في المؤتمر، وهو سيمثل صرخة وصيحة ونداء وآذانا في كل مكونات الأمة لتحديد مسئولية كل طرف لمواجهة المخاطر التي تحيق بها؛ نتيجة عوامل التفتت والانفجار التي تمتد في كل ركن من أركان العالم العربي". بدوره، قال عبدالرحيم العكور وزير الأوقاف والشئون والمقدسات الإسلامية الأردني الأسبق "إن تصرفات تنظيم (داعش) لا يقبلها الدين وليست من أخلاقنا ولا تتبناها أية مؤسسة دعوية راشدة".. مؤكدا في هذا الصدد على أن المنابر بحاجة إلى خطباء لديهم من الفهم والوعي الكبير بالدين والمواءمة ما بين الواقع وحياة الناس. وأكد العكور أهمية دور الأسرة في بناء المجتمع، داعيا إلى ضرورة تحصينها وحمايتها من كل الأفكار الضالة والمنحرفة والمتطرفة، خاصة أن التطرف قد امتد إلى بعض المدارس والجامعات ونتيجته هو الإفرازات التي خلفتها الأسر. وحول الرسالة التي وجهها علماء مسلمون إلى تنظيم (داعش) مؤخرا، قال العكور "إن الرسالة هي عملية نصح وإجراء حوار عن بعد مع أبوبكر البغدادي وبيان خطورة الأفكار والممارسات التي يمارسها أفراد التنظيم من قتل وتشريد وإباحة المحرمات التي حرمها الله". كان قد وجه أكثر من 126 عالما من علماء المسلمين في العالم إضافة إلى الأمير غازي بن محمد رئيس مجلس أمناء مؤسسة آل البيت الملكية للفكر الإسلامي والأمير السلطان أبا بكر محمد سعد سلطان سوكوتو نيجيري مؤخرا رسالة مفتوحة لمقاتلي وأتباع تنظيم (داعش) قالوا فيها "إن التنظيم لا يمت إلى الإسلام بصلة". وأضاف العكور "إن الرسالة تم توجيهها عبر وسائل الاتصال التكنولوجي الحديث إلا أنه لم يأت رد عليها"، مشيرا في هذا الصدد إلى أن مؤسسة (آل البيت) للفكر الإسلامي قامت بإصدار كتيب وتوزيعه على الطلبة في المدارس لتفنيد افتراءات داعش وتحصين الشباب في وجه التطرف والمغالاة. ويهدف المؤتمر الدولي الذي سيعقد الأسبوع القادم إلى توضيح دور الوسطية وإبراز خطر العنف والتطرف الذي يجتاح العالم الإسلامى وبيان سماحة الإسلام الوسطي لتحقيق الاستقرار العالمي. وسيشارك في هذه التظاهرة الفكرية الإسلامية -بحسب الفاعوري- حوالي 150 شخصية من العلماء والمفكرين والأكاديميين من حوالي 20 دولة عربية وأجنبية أبرزها (مصر، تونس، الجزائر، المغرب، سوريا، السودان، لبنان، ليبيا، العراق، فلسطين، السعودية، الكويت، تركيا، باكستان، السويد إضافة إلى الأردن) إضافة إلى مؤسسات ومنظمات إقليمية دولية على رأسها منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية واتحاد العلماء المسلمين ورابطة العالم الإسلامي. ومن المتوقع أن يخرج المؤتمر بمجموعة من الأهداف والغايات منها مراجعة البرامج والمناهج التربوية والتعليمية والخطاب الديني بما يعزز المنهج الوسطي في التفكير والسلوك، وضع استراتيجية شاملة لمواجهة الإرهاب والتطرف تشارك فيها المؤسسات الرسمية والأهلية والعلماء والمثقفون واعتمادها وعدم الاكتفاء بالمعالجات الأمنية. ويعتبر المنتدى العالمي للوسطية هيئة فكرية إسلامية عالمية ذات رسالة فكرية مستنيرة تسعى للتجديد في حياة الأمة وإعادة صياغة المشروع النهضوي الإسلامي من خلال امتلاك وسائل عملية وواقعية تجديدية تسهم في إنتاج خطاب إسلامي مستنير ويعتمد على الفهم السليم للإسلام وقيمه وتشريعاته. وقد انطلقت فكرة تأسيس المنتدى في المؤتمر الدولي الأول المنعقد في عمان عام 2004، وتقرر تأسيسه في المؤتمر الدولي الثاني المنعقد في عمان 2006، ووقع على إنشائه وتأسيسه شخصيات إسلامية بارزة في جميع أنحاء العالم الإسلامي ووافقت الحكومة الأردنية على استضافة مقره عام 2007 واعتبار عمان مقرا إقليما له.