الإدارية العليا" أول من حظرت في ظل عدم تحديد دستور 1971 لشروط الترشح دستورا 2012 و2014 قيدا جنسية الرئيس ورئيس الحكومة وتركا النواب والوزراء بصدور حكم "الدستورية العليا" اليوم، ببطلان منع مزدوجي الجنسية من الترشح لمجلس النواب، تكون المحكمة قد أنهت فترة ناهزت 15 عاما شهدت منع مزدوجي الجنسية من دخول البرلمان بناء على مبادئ قضائية متواترة صدرت لأول مرة من المحكمة الإدارية العليا. فعلى النقيض من دستوري 2012 و2014 اللذين تضمنا تباينا بين شرط الجنسية المصرية غير المقيدة للنائب البرلماني وبين القيود المفروضة على الجنسية الشخصية لرئيس الجمهورية وجنسيات أفراد أسرته، كان دستور 1971 خاليا من ذكر أي شروط خاصة بجنسية المرشح لمجلس الشعب. وكانت المادة 88 من دستور 71 تنص على أن "يحدد القانون الشروط الواجب توافرها في أعضاء مجلس الشعب" في حين اشترط الدستور ذاته أن يكون رئيس الجمهورية "مصريا من أبوين مصريين". وسمح هذا الوضع بإقامة دعاوى في انتخابات مجلس الشعب عام 2000 لاستبعاد بعض المرشحين بحجة تمتعهم بجنسيات أجنبية إلى جانب المصرية، وهو ما كان موجودا بالفعل في بعض مجالس الشعب السابقة، إلا أن الأمر لم يكن قد عرض سابقا على القضاء. وفي 6 نوفمبر 2000 أصدرت المحكمة الإدارية العليا حكما بمنع مزدوجي الجنسية من الترشح، برئاسة المستشار محمد أمين المهدى رئيس مجلس الدولة آنذاك ووزير العدالة الانتقالية السابق، وعضوية المستشارين فاروق عبد البر وأحمد عبد الفتاح حسن ومصطفي حنفي (المستشار الحالي لرئيس الجمهورية) وأحمد عبود. وقالت المحكمة إن "الجنسية تعني رابطة تقوم بين فرد ودولة بحيث يدين الفرد بولائه للدولة التى سينتمى إليها بجنسيته، وفي المقابل يجب على الدولة أن تحميه إذا ما تعرض فى دولة أخرى لأى مساس، ومفاد ذلك أن الشخص الذى ينتمى إلى دولتين متعدد الولاء بتعدد الجنسية". وأضافت أن "قانون مجلس الشعب الساري آنذاك كان ينص على أن يكون المرشح مصري الجنسية من أب مصري، وأن دلالة هذا الشرط أن يكون انتماء المرشح عميق الجذور فى تربة الوطن مهموما بمشاكلة وقضاياه حاملا لها دائما فى عقله وقلبه حتى ولو رحل إلى آخر الدنيا". وانتهت المحكمة إلى "عدم أحقية مزدوج الجنسية فى الترشيح لعضوية مجلس الشعب لأن حيازة الشخص لجنسية أخرى غير الجنسية المصرية معناه أن الولاء المطلق والكامل والواجب من قبله لمصر قد انشطر إلى ولاءين؛ أحدهما لمصر والآخر لوطن أجنبى آخر". وأكدت أن "النيابة عن الشعب تتطلب ولاء كاملا لمصر باعتبار أن مهمة مجلس الشعب هى تولي سلطة التشريع وإقرار السياسة العامة للدولة ممارسة الرقابة على السلطة التنفيذية، وأن عودة المصري من الخارج واستقراره فى مصر يزيل عنه سبب الاحتفاظ بالجنسية الأجنبية". وعلى مدار السنوات التالية رسخ قضاء مجلس الدولة بمختلف درجاته هذا الحكم باتباع مبادئه، في ظل دستور 1971، فكان كل مزدوج جنسية يرغب في الترشح خلال انتخابات مجلسي الشعب والشورى 2005 و2007 و2010 يتنازل عن جنسيته الأجنبية قبل التقدم بأوراق الترشح. وبقي الأمر كذلك حتى بعد ثورة 25 يناير 2011، لأن الإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس 2011 لم يتضمن أحكاما خاصة بجنسية المرشح لمجلس النواب، فنصت المادة 38 على أن "ينظم القانون حق الترشيح لمجلسي الشعب والشورى" في حين أنه وضع قيودا على جنسية رئيس الجمهورية بأن "يكون مصرياً من أبوين مصريين وألا يكون قد حمل أو أي من والديه جنسية دولة أخرى، وألا يكون متزوجاً من غير مصري". وأدى هذا إلى استمرار سريان المبدأ القضائي الخاص بحظر ازدواج جنسية المرشح للبرلمان، وتنازل العديد ممن انتخبوا نوابا عن جنسيات أجنبية قبل تقديم أوراقهم. وتغير الأمر كلية في دستور 2012 الذي نصت مادته 113 على أنه "يشترط فى المترشح لعضوية مجلس النواب أن يكون مصريا، متمتعا بحقوقه المدنية والسياسية" وهي ذات الصياغة التي أبقت عليها لجنة الخمسين في دستور 2014 بالمادة 102. وبسبب هذا النص، دخلت مسألة جنسية النائب حوزة المحكمة الدستورية لأول مرة، نظرا للمغايرة التي شهدها الدستور بين القيود الخاصة بجنسية رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء من جهة، والوزراء والنواي من جهة أخرى. حيث اشترط الدستور أن يكون الرئيس ورئيس الوزراء مصريين لم يحملا جنسية أية دولة أخرى وكذلك والدا وزوجة كل منهما. وهو ما اعتبره تقرير هيئة المفوضين في القضية دليلا على المغايرة التي أرادها المشرع الدستوري بين شروط الترشح لكل منصب، مما يؤكد أحقية أي شخص ثبتت له الجنسية المصرية، سواء كانت منفردة أو مع غيرها، بالترشح لمجلس النواب.