وقعت الحكومة المالية، الأحد، اتفاق «سلم ومصالحة» مع ثلاث مجموعات مسلحة بعد ثمانية أشهر من المفاوضات في الجزائر لوضع حد للنزاع في شمال البلاد، بينما طلبت ثلاث مجموعات أخرى مهلة معقولة قبل التوقيع. ووقعت الحكومة بالأحرف الأولى على الاتفاق مع حركة إزواد العربية وتنسيقية شعب إزواد وتنسيقية الحركات والجبهات الوطنية للمقاومة، بينما طلبت الحركة الوطنية لتحرير إزواد والمجلس الأعلى لوحدة إزواد وحركة إزواد العربية المنشقة مهلة قبل التوقيع. واعتبر وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، الذي قاد شخصيا المفاوضات منذ بدايتها في يوليو2014، أن "هذا يوم مشهود في مسيرة شعب مالي وفي مسيرة سكان المناطق الشمالية في جمهورية مالي نحو السلم والوئام والمصالحة". وقال الوزوير الجزائري، إن "هذا الاتفاق بالأحرف الأولى يؤكد أن المفاوضات ستتواصل في مالي حول مسائل الدفاع والامن والتنمية الاقتصادية، للتوقيع الرسمي والنهائي على الاتفاق"، متمنيا أن "لا يغيب أحد". ورحب وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، "بالاتفاق" واصفا إياه بانه "نبأ ممتاز"، قائلا: "أشيد بقرار رئيس وحكومة مالي التوقيع على الاتفاق، وأدعو كل المجموعات في الشمال إلى القيام بذلك دون تأخير". وتدخلت باريس عسكريا في مالي، في يناير 2013 لطرد المجموعات الجهادية التي كانت تحتل شمال البلاد وتهدد بالتوجه إلى باماكو. وتحدث ممثل تنسيقية حركات إزواد، التي تضم الأطراف الثلاثة غير الموقعة، إبراهيم أغ صالح عن "حق شعب إزواد في معرفة محتوى الاتفاق، معتبرا أن "اتفاقا لا يتم تقاسمه مع القاعدة ليس له حظوظ كبيرة في النجاح". كما طالب "المجموعة الدولية بامهالها الوقت والدعم اللازمين لتقاسم مشروع الاتفاق مع السكان في مهلة معقولة قبل التوقيع عليه". وقال مصدر في الأممالمتحدة شارك في المفاوضات، إن "الحكومة المالية هددت بعدم التوقيع على اتفاق في حال لم يوقع عليه المتمردون ولكنها تراجعت بهدف إحراجهم". وأضاف المصدر، أن "الجزائر عرضت أن توقع الأطراف المترددة على الاتفاق أثناء التوقيع الرسمي عليه في باماكو في نهاية الشهر الحالي لتفادي الأزمة". وطمأن المتحدث باسم هذه المجموعات، محمد عصمان اغ محمدو، بأنه "من غير المستبعد أن نوقع الاتفاق بعد الحصول على موافقة شعبنا"، قائلا: "أنا متفائل بإمكانية التوقيع في مالي خلال بضعة أسابيع". من جانبه، أعرب وزير خارجية مالي ممثل حكومة باماكو، عبد الله ديوب، عن ثقته بأن التوقيع على الاتفاق هو وعد بالسلام، وأن جميع الأطراف ستوقع عليه خلال الأسابيع المقبلة". ودعا ممثل الأطراف الموقعة المحامي، هارونا توريه التنسيقية، إلى "حوار مباشر لجعل هذا الاتفاق حقيقة تاريخية وكذلك حقيقة تطفئ نار الحرب بيننا"، مؤكدا أن "الأطراف الموقعة التزمت رسميا احترام نص وروح الاتفاق والعمل على أن يعيش شعب مالي أخويا". وكانت الوساطة الجزائرية عرضت، الخميس، على الطرفين مشروع اتفاق جديدا ينص على "إعادة بناء الوحدة الوطنية للبلاد على قواعد تحترم وحدة أراضيها وتأخذ في الاعتبار تنوعها الإتني والثقافي". وكما ترغب باماكو لا يتحدث الاتفاق عن حكم ذاتي ولا عن نظام فدرالي، ويشدد على الوحدة الترابية وسلامة وسيادة دولة مالي وعلى طابعها الجمهوري والعلماني. في المقابل، يعتبر الاتفاق تسمية «إزواد» التي يطلقها المتمردون على منطقتهم «حقيقة إنسانية»، ملبيًا بذلك رغبة المتمردين وأغلبهم من الطوارق. وينص الاتفاق على تشكيل مجالس مناطقية تنتخب بالاقتراع العام المباشر وتتمته بصلاحيات مهمة، وذلك في غضون 18 شهرا، كما ينص على تمثيل أكبر لسكان الشمال في المؤسسات الوطنية. على الصعيد الأمني، ينص الاتفاق على إعادة تشكيل القوات المسلحة من خلال انضمام مقاتلين من الحركات المسلحة في الشمال إلى الجيش. وابتداء من 2018 يتعين على الحكومة المالية بحسب الاتفاق، أن تضع "آلية لنقل 30% من عائدات الميزانية من الدولة إلى السلطات المحلية، مع التركيز بشكل خاص على الشمال". وينص الاتفاق أيضا على تنظيم مؤتمر وطني "لإجراء حوار معمق بين مكونات الشعب المالي حول الأسباب العميقة للنزاع". من جهة أخرى، ينص الاتفاق على قيام لجنة تحقيق دولية في كل جرائم الحرب والإبادة والجرائم ضد الإنسانية وسائر الانتهاكات الخطيرة التي شهدها النزاع.