حصر عددي نهائي لدوائر محافظة كفر الشيخ ال4    القومي للمرأة يضيء مقره باللون البرتقالي.. ما القصة؟    الشعب ينتصر علي خطاب التضليل.. وعي الناخبين أسقط حملات التشويه الإخوانية    محافظ الجيزة: توفير 24.6 ألف فرصة عمل في جميع المجالات    أحمد الوكيل: الرئيس عبد الفتاح السيسي أكد حتمية الشراكة مع الجزائر    التمثيل التجاري: اتفاقية التجارة الحرة أهم محاور السياسة التجارية مع إفريقيا    البورصة المصرية تخسر 15.8 مليار جنيه بختام تعاملات الأربعاء 26 نوفمبر 2025    مدبولي: علاقة مصر والجزائر تاريخية ولدينا عزيمة مشتركة للبناء والتنمية    مسئولة أوروبية: الأزمة الإنسانية بالسودان وصلت مستوى كارثيا    الزمالك يكتفي بتدريب خفيف في الجيم بعد رحلة شاقة استعدادا لكايزر تشيفز    المنتخب المصرى للكانوى والكياك يصل أنجولا للمشاركة فى البطولة الأفريقية    تأجيل محاكمة المتهمة بسب وقذف الفنان محمد نور    المشدد 6 سنوات والغرامة 200 ألف لفكهاني لحيازته المخدرات بالمنيا    الأرصاد: ارتفاع طفيف فى درجات الحرارة الجمعة والسبت    عزاء الناقد والدكتور محمد عبد المطلب بمسجد المشير الأحد    جامعة قناة السويس تقدّم حملة توعوية بمدرسة القصاصين التجريبية    الحصر العددى لقائمة دائرة أول الزقازيق بمجلس النواب 2025    مصر تستضيف المؤتمر السنوي لمنظم الرحلات الألماني Anex Tour    إلهام شاهين: عشت أجمل لحظات حياتي في عرض كاليجولا مع نور الشريف    رمضان 2026.. نيللي كريم وشريف سلامة ينهيان تحضيرات مسلسل أنا    إثيوبيا تعلن وفاة 6 أشخاص بسبب فيروس ماربورج الخطير    الناقد الذي كان يشبه الكلمة... وداعًا محمد عبد المطلب    المستشار الألماني: لا سلام في أوكرانيا بدون موافقة كييف وأوروبا    المدير السابق لجهاز الموساد يكشف أسرار سرقة الأرشيف النووى الإيرانى    عاجل| رئيس الوزراء ونظيره الجزائري يشهدان توقيع عدد من وثائق التعاون بين البلدين    دليل لحماية الأطفال من الخوف والأذى النفسي الناجم عن الأخبار الصادمة    رئيس الوزراء ونظيره الجزائرى يشهدان توقيع عدد من وثائق التعاون بين البلدين    نائب وزير الصحة: إنشاء 54 مركزا لعلاج الحروق فى مصر    8 ملايين جنيه.. حصيلة قضايا الاتجار في العملات ب«السوق السوداء»    نصائح هامة لوقاية طلاب المدارس من عدوى أمراض الجهاز التنفسي    أسامة نبيه يدافع عن حسام حسن: الانتقادات مبالغ فيها وتاريخه يشفع له    حزب النور في المقدمة.. نتائج الحصر العددي الأولي عن الدائرة الأولى فردي بكفر الشيخ    انطلاق أعمال اجتماع مجلس وزراء الإعلام العرب بالجامعة العربية    بركان كيلاويا في هاواي يطلق حمما بركانية للمرة ال37 منذ بدء ثورانه العام الماضي    تعليم أسيوط يطلق مبادرة "منتج وأفتخر" لعرض أعمال طلاب المدارس (صور)    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للتدريب المشترك "ميدوزا -14".. شاهد    دوري أبطال إفريقيا.. قائمة بيراميدز في رحلة زامبيا لمواجهة باور ديناموز    وكيل صحة قنا يتفقد وحدة الترامسة ويحيل طبيبا للتحقيق    رئيس الرعاية الصحية: تطوير 300 منشأة بمنظومة التأمين الشامل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 26-10-2025 في محافظة الأقصر    السيسى يحقق حلم عبدالناصر    مقتل 8 أشخاص في إندونيسيا بفيضانات وانزلاقات تربة    حماية الثروة الحيوانية    موعد امتحان نصف العام لصفوف النقل وضوابط وضع الأسئلة    .. اديهم فرصة واصبر    السيطرة على حريق في مزرعة شركة مياه الشرب والصرف الصحي بسوهاج    اتحاد السلة يعتمد فوز الأهلي بدوري المرتبط بعد انسحاب الاتحاد ويعاقب الناديين    قنصل مصر فى جنوب أفريقيا يستقبل بعثة الزمالك    الأقصر: انقطاع المياه عن عدد من مناطق نجع علوان بالطود صباح اليوم    بعد نجاح "دولة التلاوة".. دعوة لإطلاق جمهورية المؤذنين    دار الإفتاء تؤكد حرمة ضرب الزوجة وتحث على الرحمة والمودة    دار الإفتاء تكشف.. ما يجوز وما يحرم في ملابس المتوفى    إلهام شاهين: تكريمي في مهرجان شرم الشيخ تتويج لمشواري الفني    ريهام عبد الحكيم تتألق في «صدى الأهرامات» بأغنية «بتسأل يا حبيبي» لعمار الشريعي    دعاء جوف الليل| اللهم يا شافي القلوب والأبدان أنزل شفاءك على كل مريض    بروسيا دورتمنود يمطر شباك فياريال برباعية نظيفة    بوروسيا دورتموند يفترس فياريال برباعية في دوري أبطال أوروبا    محمد صبحي عن مرضه: التشخيص كشف عن وجود فيروس في المخ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موديلز «عمر أفندى»
نشر في الشروق الجديد يوم 02 - 08 - 2009

لا أعرف كيف مر الوقت على ذلك الثرى اليهودى صاحب محال عمر أفندى فى قبره فى تلك الليلة، التى تم فيها الإعلان مؤخرا عن تأجير فروع «عمرأفندى» إلى سلسلة محال كارفور الفرنسية. فمن المؤكد أن الأخ «عمر»، والذى آلت إليه هذه المتاجر بعد أن اشتراها من الضابط المجرى «أودلف أوروزدى باك»، الذى أنشأ هذه المحال لأول مرة فى مصرفى عام 1856 يضرب كفا بكف (فى قبره طبعا) على ما آلت إليه أمور متاجرة بعد كل هذا العمر.
فهل كان يحلم ذلك الثرى مجرد حلم أن تتحول متاجره، التى اشتراها بعد ما يزيد على 60 عاما من إنشائها، واستمرت تحت إداراته 37 عاما أخرى قبل أن يتم تأميمها فى عام 1957، أن تتحول مرة أخرى إلى يد الأجانب، وأن تسلمها الحكومة تسليم مفتاح إلى مستثمر يفعل بها ما يشاء؟. تفعل ذلك دون حتى أن تراعى روح الأخ عمر أو الصديق أوروزدى باك، الذى لو كان أحد منهم موجودا على قيد الحياة لما وافق مطلقا على أن تؤجر متاجره لغيره، لأنه يعرف كيف يديرها بنفسه بل يكسب منها الشهد.
ولعل أبناء الأخوة (عمر وباك) يتململون الآن فى رقدتهم وربما يكون أيضا أحد من أحفادهم ما زال حيا ولا يكف عن إلقاء اللعنات على مسئولينا، الذين لم يستطيعوا الحفاظ على هذه المحال التى آلت إليهم. وبدلا من أن يرحلوا ويسلموها للأجيال المقبلة صرفوا ثمن بيعها فى الأكل والشرب والمجارى ورصف الشوارع وتكسيرها ثم معاودة رصفها، وعلى مصاريف الإعلانات والتهانى بين الوزراء وما فوق الوزراء بعضهم بعض. بل أصبحت الحكومة تعتمد اعتمادا أساسيا على حصيلة الخصخصة فى صرف المرتبات والاستخدامات الحالية الأخرى بدلا من استخدام فلوس الخصخصة فى فتح مشروعات تشغل بشر، وتفتح بيوت فى مقابل خراب الكثير من البيوت، الذى أحدثته الخصخصة، بعد أن خرج من شركات القطاع العام بعد عمليات البيع 645 ألف عامل، ومنهم من ينتظر «حدفه» بعيدا.
وربما ذرف أحدهم دمعة كلما تذكر ذلك الإعلان الشهير، الذى كان آباؤه ينشرونه فى الصحف عن متاجر عمر أفندى، ويعلوه صورة فلاح يزرع أرضه وكتب عليه «لن يظل هؤلاء حفاة» فى حين أن إعلانات عمر أفندى الآن يعلوها صورة لإحدى الجميلات من عالم «الموديلز»، التى ترتدى ثيابا «حرير فى حرير»، ويكاد ينفذ من الإعلان رائحة «البرفيوم» التى تغرق بها جسدها لزوم الإعلان.
ولعل إحدى زوجات الأحفاد من أصحاب عمر أفندى، الطامعات والباحثات فى الدفاتر القديمة عن إرث للعائلة هنا أو هناك، تصحو ذات يوم وتطرح على نفسها سؤلا مشروعا، وهو إذا كان السيد القنبيط (المستثمر السعودى) قد اشترى الشركة وسط ضجيج، قد يكون الأعلى حتى على ما أثارته قرارات التأميم ذاتها، من أجل أن يقوم بتطوير هذه المحال، وأنه التزم فى العقد بضخ أموال جديدة من أجل التوسعات والتجديدات فى الفروع، وإذا كان قد حصل أيضا على قرض من مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولى قدره 40 مليون دولار لتحديث وتطوير المتاجر بل دخلت ذات المؤسسة كشريك فى عمر أفندى، فكيف بعد كل ذلك ترتفع خسائره إلى 82 مليون جنيه فى التسعة شهور المنتهية فى مارس الماضى بزيادة قدرها 38% عن خسائره، التى حققها فى نفس الفترة من العام السابق؟
وأخيرا ربما يسترعى الأمر اهتمام أحد من هؤلاء الذين ساهموا فى قرارات التأميم لشركة عمرأفندى، والذى دفعت الحكومة فى ذلك الوقت تعويضا لأصحابه، ويسأل: إذا كان مشترى عمر أفندى أخذ 88 فرعا، وكل ما فعله هو طلاء واجهات عدد لابأس به من هذه الأفرع، والتخلص من عدد لابأس به أيضا من عماله وموظفيه، وتغيير شعاره، وراح بعدها يبحث عن مستأجر هنا وهناك حتى نجح فى تأجير أحد الأفرع إلى شركة «مترو»، وهو الآن يتفاوض مع سلسلة كارفور على استئجار 15 فرعا أخرى، ومن المؤكد أنه سيدخل على الخط هايبر (وان) وهايبر (تو) إلى هايبر (تن) وعندها يكون قد أنتهى من تأجير جميع الأفرع.
فيبقى لدى المسئول إياه سؤال مشروع أكان من الصعب على أصغر موظف فى شركة عمر أفندى أو فى الشركة القابضة، أو فى مكتب وزير الاستثمار أن يفعل ما فعله القنبيط ويدهن الأفرع دوكو، ويغير الشعار ويطرد العمال ويؤجر الأفرع لنفس السلاسل المنتشرة فى مصر؟
ولكن حتى لا نظلم المسئولين كثيرا يجب أن نعترف بأنه ربما كان كل ذلك سهلا بالفعل ولكن ماذا كان سيفعل الموظف فى موضوع «الموديلز، والبرفيوم»؟. ولعل هذا ما جعل خصخصة عمر أفندى أمرا لا فكاك منه. ليه لأ؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.