يسارى حتى النخاع، يؤمن بأن التدرج هو مفتاح النجاح، لم تقتصر المعارك التى خاضها باسم اليسار على داخل بلاده، بل أمتد كفاحه ليصبح أحد أهم أيقونات اليسار الأوروبى، يحمل بين جنباته نزعة ثورية يلمسها المقربون منه، ومن فرط إعجابه بالمناضل الثورى تشى جيفارا أطلق على ابنه اسم أرنستو تيمنا به، إنه رئيس الوزراء اليونانى الجديد، أليكسيس تسيبراس، الذى فاز حزبه المعادى للتقشف ب149 مقعدا من أصل 300. ورغم أن تسيبراس المولود فى العاصمة أثينا عام 1974 غير منحدر من عائلة سياسية على عكس أغلب ساسة اليونان، إلا أن النشاط السياسى استهواه فى مرحلة مبكرة من عمره، إذ انضم إلى اليسار وهو لايزال فى المدرسة الثانوية، وكان من أبرز النشطاء الذين شاركوا فى الحركة الطلابية خلال عامى 19901991، ليسير على الدرب ذاته بقية حياته. إلا أن عام 1999 شكل بداية لانطلاق مسيرة نضال تسيبراس الحزبى، بعدما انتخب أمينا للشباب فى حزب سيناسبيزموس (بقى فى المنصب حتى مارس 2003)، ثم انتخب فى ديسمبر 2004 رئيس اللجنة السياسية المركزية وأمينا للسياسات، حيث كان مسئولا عن سياسات التعليم والشباب، ثم رئيسا للحزب فى فبراير 2008، وفقا لصحيفة الجارديان البريطانية. وعبر ذلك النهج المتدرج فى تولى المواقع القيادية الحزبية، اكتسب تسبيراس الخبرة المؤهلة لتمثيل الجماهير، فخاض الانتخابات البرلمانية لأول مرة عام 2009 وحقق نجاحا سهلا وأصبح رئيس للكتلة البرلمانية لحزب سيريزا. ومنذ ذلك الحين بات اسم تسيبراس الأكثر تداولا على الساحة السياسية اليونانية، ولا سيما أنه بات السياسى الأصغر سنا الذى قام بدور الحكم بين الفرقاء السياسيين المتنازعين حول حل الأزمة الاقتصادية التى تعصف بالبلاد بالدعوة لانتخابات تشريعية عاجلة ولم يتوقف طموح تسبيراس عند هذا الحد، بل تخطاه ليبرز كزعامة يسارية إقليمية، حين انتخبه المؤتمر الثالث لحزب اليسار الأوروبى فى باريس (ديسمبر 2010)، نائب لرئيس الحزب، وسرعان ما سطع نجمه للدرجة التى دفعت الحزب لتسميته كمرشح لرئاسة المفوضية الأوروبية، كما أعيد انتخابه نائب لرئيس الحزب للمرة الثانية على التوالى. وبعد فوزه حزبه سيريزا اليسارى المتشدد، يتخوف الكثير من المراقبين، بحسب الفاينانشال تايمز البريطانية، أن صعود اليسار فى اليونان ينذر تغيير التوجه الأيديولوجى للقارة العجوز، ويشكل تهديدا كبيرا لمنطقة اليورو بأكملها.