أعاد الاعتداء على المجلة الفرنسية الساخرة، شارلى إبدو، فى السابع من يناير الجارى، والذى تبناه تنظيم القاعدة باليمن، وأسفر عن مقتل 12 شخصا وجرح آخرين، الجدل بشأن علاقة المخدرات بالسلاح والمزاعم بوجود صلات بين تنظيم القاعدة وحركة «فارك» المتمردة فى كولومبيا (أكبر بلد منتج للكوكايين فى العالم). فجماعة «القوات المسلحة الثورية فى كولومبيا» أو «فارك» بحسب ما تشتهر به، متهمة منذ عدة سنوات باستعمال تنظيم القاعدة لتوزيع المخدرات فى أوروبا، وتحصل منه فى المقابل على الأسلحة. وكان يتساءل الرئيس الكولومبى السابق، ألفارو أوريبى، باستمرار «ما الفرق بين فارك والقاعدة؟»، حتى أصبح يقول دون ذكر مصادره، إن فارك قد تكون تسلمت من التنظيم «50 صاروخ أرض جو مقابل الاتجار بالكوكايين» الذى يدر أموالا طائلة على القاعدة. فيما دعا الرئيس الأسبق أندريس باسترانا، المعروف باعتداله، الرئيس الحالى خوان مانويل سانتوس إلى «مطالبة فارك بتوضيحات بشأن شركائهم فى القاعدة»، وذلك فى رسالة بثت على حساب «تويتر»، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. الوكالة نقلت عن، أستاذ العلاقات الدولية فى جامعة إكسترنادو فى بوجوتا، سيسار باييث، وصفه هذا الجدل بالانتهازية السياسية إذ «لم ترد أى دلائل تثبت تورطا ثابتا بين المنظمتين». مضيفا أن قضايا تهريب المخدرات «قد يكون حدث تبادل تجارى لا أكثر». باييث شدد على أن موقف فارك، المتضامن مع القضية الفلسطينية، على غرار تقاليد اليسار فى أمريكا اللاتينية، لم يتحول أبدا إلى «تحالف أيديولوجى» مع القاعدة، مشيرا إلى التناقض بين «التيار الماركسى اللينينى الملحد» فى حركة التمرد الكولومبية، و«الأصولية الدينية» للقاعدة. وبحسب الوكالة، يعود الجدل بشأن علاقة محتملة بين التنظيمين إلى 2013، بعد اعتقال كولومبيين اثنين وثلاثة ناشطين سلفيين، قيل إنهم ينتمون إلى «تنظيم القاعدة» فى الجزائر. الأمر الذى نشرت بعده صحيفة «المساء» المغربية، نقلا عن تقرير أمنى تحذير من «نوايا فارك تحويل الصحراء إلى منطقة محورية لتهريب المخدرات نحو أوروبا». كما تناقلت عدة وسائل إعلام، لا سيما إذاعة «كادينا سير» الإسبانية، خبرا مفاده أن حركة التمرد الكولومبية تشترى أسحلة من ليبيا، بعد سقوط نظام معمر القذافى. لكن فارك، التى نفت رسميا أى تورط فى تهريب المخدرات، تملك على الأرجح موارد كبيرة للتزود بالأسلحة، حتى إن دراسة نشرها أحد إصدارات مجلة فوربس، صنفتها فى المرتبة الثالثة ل«المنظمات الإرهابية» الأغنى فى العالم، مؤكدة أن مواردها السنوية تبلغ 600 مليون دولار، وجاءت فى القائمة وراء داعش وحماس. وأوضح الباحث فى مركز الدراسات الكولومبى، أركو آفيلا، أن تهريب المخدرات مقابل الأسلحة شهد أول رواج فى التسعينيات، عبر ساحل أمريكا اللاتينية المطل على المحيط الهادى، والعصابات الأمريكية اللاتينية، ثم عبر فنزويلا، حيث استقر العديد من المتمردين قرب الحدود مع كولومبيا. ولا يستبعد هذا الخبير فى حركة التمرد احتمال وجود شبكة فى المغرب العربى لكنه شدد على أن فارك ليس لها «علاقة مباشرة مع القاعدة». وأضاف آفيلا أن كون بعض مقاتلى فارك تدربوا فى معسكرات فى ليبيا، خلال الثمانينيات فى عهد «الثورة الخضراء العلمانية» لمعمر القذافى، قد يكون ساهم فى «تغذية أسطورة» العلاقة بين حركة التمرد وتلك المنطقة.