انتخابات النواب.. توافد المواطنين بكثافة على لجان الخانكة في جولة الإعادة    انتخابات النواب 2025.. تزايد الإقبال بلجان الإسماعيلية في أول أيام الإعادة    إي اف چي هيرميس تنجح في إتمام خدماتها الاستشارية لصفقة الطرح الخاص «للشركة العملية للطاقة» وإدراجها في بورصة الكويت    حصار إسرائيلي وطقس قاسٍ.. الأونروا تدعو لإدخال المساعدات لغزة فورا    وزير الرياضة يعلن عودة نعمة سعيد من الاعتزال استعدادا لأولمبياد 2028    إصابة شخص إثر انقلاب سيارة ربع نقل بصندوق بأوسطى المنيا    عصابة تخصصت في سرقة الوحدات السكنية ببدر.. والأمن يلاحقهم    سحب 811 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    أمينة أردوغان: تابعت فيلم صوت هند رجب بغصة تخنق الأنفاس    وزيرا الرى والنقل: التعامل الحازم مع أى تعديات على المجارى المائية والطرق والسكك الحديدية    التشغيل التجريبي قريبًا، محافظ الجيزة يعلن جاهزية 3 محطات رفع صرف صحي جديدة    ناخب من ذوي الهمم يصوت في الانتخابات البرلمانية بالمطرية    بوتين يؤكد تطوير القدرات العسكرية ومواصلة العملية فى أوكرانيا    أبو كويك: اللجنة المصرية تطلق مبادرة لإيواء النازحين في غزة    كأس العرب 2025.. طارق السكتيوى يكشف موقفه من تدريب منتخب المغرب الأول    انتخابات «النواب» 2025.. انطلاق جولة الإعادة في الدقهلية بمشاركة كثيفة    قائمة ريال مدريد - غياب فالفيردي وكورتوا في مواجهة تالافيرا    كأس العرب - جراحة ناجحة ل يزن النعيمات في الرباط الصليبي    7 ألقاب على القمة.. تاريخ مشاركات المنتخب في أمم إفريقيا    الزمالك يكشف موقف آدم كايد من لقاء الزمالك وحرس الحدود    الأهلي يحسم ملف تجديد عقود 6 لاعبين ويترقب تغييرات في قائمة الأجانب    العدل يدعو للمشاركة في جولة الإعادة البرلمانية: الانضباط داخل اللجان يعزز الثقة والبرلمان القوي شرط للإصلاح    قرار وزاري بتحديد رسوم زيارة المحميات الطبيعية والفئات المعفاة    باسل رحمي: نحرص على تدريب المواطنين والشباب على إقامة مشروعات جديدة    إحالة أوراق متهم بقتل شخص فى سوهاج بسبب خلافات ثأرية إلى فضيلة المفتى    إصابة شخص إثر انقلاب سيارة ربع نقل بصندوق بالمنيا (صور)    الداخلية تضبط 3 أشخاص لتوزيعهم أموال بمحيط لجان المطرية    تطبيق نظم دقيقة لرصد الأداء البيئي للمشروعات باستخدام مؤشرات كمية ونوعية    إنفوجراف.. شريف سعيد فاز بجائزة نجيب محفوظ 2025    حقيقة انفصال مصطفى أبو سريع عن زوجته بسبب غادة عبدالرازق    مفتي الجمهورية يلتقي نظيره الكازاخستاني على هامش الندوة الدولية الثانية للإفتاء    مكتبة الإسكندرية تشارك في افتتاح ملتقى القاهرة الدولي للخط العربي    18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    أسوان تكرم 41 سيدة من حافظات القرآن الكريم ضمن حلقات الشيخ شعيب أبو سلامة    التأمين الصحى الشامل يوفر دواء بمليون و926 ألف جنيه لعلاج طفل مصاب بمرض نادر    المطبخ المصري.. جذور وحكايات وهوية    المحمدي: ظُلمت في الزمالك.. ومباريات الدوري سنلعبها كالكؤوس    أوكرانيا تعلن استهداف مصفاة نفطية روسية ومنصة بحر القزوين    درجة الحرارة 1.. غيوم وأمطار غزيرة على مدينة سانت كاترين    البرهان يعلن استعداده للتعاون مع ترامب لإنهاء الحرب في السودان    المصرف المتحد يرعى المسابقة العالمية للقرآن الكريم في نسختها الثانية والثلاثين    مشاهد عائلية لافتة في لجان المطرية بجولة الإعادة لانتخابات النواب    «الست» تتصدر شباك التذاكر.. أبرز إيرادات أفلام دور العرض المصرية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17-12-2025 في محافظة الأقصر    إقبال كبير على التصويت في جولة الإعادة لانتخابات مجلس النواب 2025 بالبساتين    تزايد اقبال المواطنين بلجان انتخابات الإعادة لمجلس النواب بالغربية    متحدث وزارة الصحة يقدم نصائح إرشادية للوقاية من الإنفلونزا الموسمية داخل المدارس    الدخان أخطر من النار.. تحذيرات لتفادى حرائق المنازل بعد مصرع نيفين مندور    بعد إدراج الكشري في اليونسكو.. التراث غير المادي مهدد بالاندثار دون توثيق    أبو الغيط: الاحتلال يُمعن في إفراغ وقف إطلاق النار بغزة من مضمونه    الصحة تكشف تفاصيل تجديد بروتوكول مواجهة الطوارئ الطبية لمدة 3 سنوات جديدة    مرونة الإسلام.. وخلافات الصحابة    اسعار الخضروات اليوم الاربعاء 17 ديسمبر 2025 فى اسواق المنيا    الآن.. سعر الجنيه الذهب اليوم الاربعاء 17-12-2025 في محافظة قنا    «كامل أبو علي»: أتمنى فتح صفحة جديدة وعودة العلاقات مع الأهلي    وفاة نيفين مندور بطلة فيلم "اللي بالي بالك"    وكيل صحة الإسماعيلية تُحيل المقصرين بوحدة «أبو جريش» للتحقيق    مسؤول إيرانى سابق من داخل السجن: بإمكان الشعب إنهاء الدولة الدينية في إيران    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حقيقة أزمة السفارات
نشر في الشروق الجديد يوم 10 - 12 - 2014

الحدث بذاته مقلق وتساؤلاته تضغط على الرأى العام طلبا للحقيقة دون أن تكون هناك إجابات تقنع.
التفسير الأمنى لإغلاق أبواب بعض السفارات الغربية على التوالى لا يمكن استبعاده أو التهوين من شأنه قبل التأكد من صحة ما لديها من معلومات دعتها إلى تحذير رعاياها من هجمات إرهابية محتملة.
إذا صحت المعلومات فإن القضية تأخذ مسارا جديدا يستدعى إجراءات أمنية مشددة تحمى السفارات الغربية وتصون المواقع الاستراتيجية والسياحية فى البلد كله.
فى مثل هذه الأمور لا يصح الاستبعاد قبل الفحص ولا التهوين قبل التأكد.
هذا احتمال أول فى أى اقتراب من الحدث المقلق.
وهناك احتمال ثان أن تكون الإجراءات «احترازية» قبل احتفالات أعياد الميلاد خشية أن يفضى التساهل فى الأمن إلى تهديد حياة رعاياها.
فى الإجراءات «الاحترازية» مبالغة على ما أكدت السلطات المصرية لكنها تظل فى إطار يمكن تفهم دوافعه، فكتل النار تتحرك فى المنطقة وهناك خشية من عمليات ما تستهدف رعايا الدول الغربية المشاركة فى التحالف الدولى بالحرب على «داعش».
من حق أية دولة أن تغلق سفاراتها وتعلق الأعمال القنصلية عندما ترى أنها مهددة غير أن الكلام المتواتر عن طلبها إغلاق الشوارع التى تحيط بالسفارة البريطانية على نحو يماثل ما تتمتع به «الأمريكية»، فهو خروج عن أية قواعد فى أى طلبات أمنية يقوض أية مساحة ثقة مفترضة ويضر بفداحة بموسم السياحة الشتوى مباشرة ويزعزع الثقة الدولية فى الاستقرار الأمنى اللازم لجذب الاستثمارات وحركة الاقتصاد قبل مؤتمر مارس الاقتصادى فى «شرم الشيخ».
بمعنى أوضح: هذا عمل عدوانى.
السؤال الرئيسى هنا:
لماذا انزعجت السفارة البريطانية ولم تبد سفارة الولايات المتحدة الانزعاج ذاته من عمليات إرهابية محتملة رغم أن السلطات الأمريكية المصدر الرئيسى والمرجع الأول فى أية معلومات من مثل هذا النوع فى المنطقة؟
هل هناك توزيع أدوار؟
وهل كان الأمر مقصودا ومخططا لأسباب استراتيجية قبل أن تكون أمنية؟
هناك فارق بين طلبات التأمين الإضافية واستضعاف الدولة المضيفة وبين الحذر الضرورى وإثارة الذعر.
يصعب تصور أن تقدم سفارات غربية على هذه الإجراءات الخشنة دون أن تكون الولايات المتحدة قد اطلعت وأقرت.
باليقين فإن السفارة الأمريكية ليست أقل عناية بسلامة رعاياها من السفارات البريطانية والكندية والاسترالية أو أية سفارة أخرى قد تشرع فى إغلاق مماثل، فالأمريكيون الذين يتواجدون فى المنطقة أكثر تعرضا من غيرهم للتقتيل على يد الجماعات المتشددة.
إن لم تكن هناك معلومات دقيقة وصحيحة استلزمت إجراءات احترازية مبكرة فإن التفسير الأمنى يتوقف عند حدود لا يتعداها.
فى التفسير السياسى فإن الأزمة اختبار دبلوماسى خشن لدولة لم تستكمل مقومات تعافيها.
بصراحة كاملة فإننا نتحمل المسئولية قبل غيرنا.
انفتحت القاهرة على فكرة التوازن فى العلاقات الدولية ومدت خطوط التفاهم مع موسكو لكنها توقفت فى منتصف الطريق.
وفى زيارة الرئيس «عبدالفتاح السيسى» لمنتجع «سوتشى» اجتمع بحسب معلومات مؤكدة مع الرئيس الروسى «فلاديمير بوتين» لعشر ساعات متصلة.
لفت هذا إلى مستوى الرهانات الروسية سياسيا واستراتيجيا واقتصاديا إلى أقصى حد تطلبه القاهرة.
وهذه رهانات تتسق مع مصالحها، والدول تحكمها المصالح قبل أى شىء آخر. تحركت آلة التفاهمات لكنها تباطأت بلا مبرر مقنع وعادت الأحاديث الدبلوماسية القديمة عن الحوار الاستراتيجى مع الولايات المتحدة رغم وقف شحنات السلاح.
لا يدعو عاقل واحد إلى قطيعة مع واشنطن وكل ما هو مطلوب أن نتقدم بثقة إلى سياسات دولية أكثر توازنا تحفظ المصالح المصرية العليا.
بحسب ما هو متاح من معلومات بدأت موسكو تتساءل وتقلق وتخفض بدرجة ما مستوى رهاناتها.
وهذا خطأ فادح فى توقيت حرج دعا أطرافا غربية إلى وضع مصر أمام اختبار دبلوماسى خشن تبدى فى أزمة السفارات.
بأى معنى سياسى فإن الهدف من إثارة الأزمة على هذا النحو غير المقنع وغير المبرر إثبات عدم قدرة مصر على حفظ أمنها ورهن أى احتمال لتعافى اقتصادها بقدر ارتباطها بالاستراتيجيات الغربية فى المنطقة.
بتلخيص آخر فإنه التطويع قبل التدخل البرى المحتمل بقوة الآن فى الحرب على «داعش»، وهذه مسألة معقدة تتقاطع فيها حسابات إقليمية متعارضة.
ومن غير المستبعد أن يكون المطلوب هو وقف النزوع المصرى لاستقلال قرارها فى إدارة الأزمة السورية.
بحسب المعلومات المتاحة فإن الخارجية السعودية استمعت لما طرحته عليها نظيرتها المصرية، غير أن زيارة الأمير «سعود الفيصل» إلى موسكو أخفقت فى إزالة الجليد المتراكم بين البلدين.
وفيما دعت مصر إلى شراكة الخليج وإيران وروسيا والولايات المتحدة والدول الغربية الرئيسية فى تفاهمات لا تستبعد الرئيس السورى الحالى «بشار الأسد» من أية تسوية سياسية فإنها لم تتحمس أن تكون تركيا طرفا فى التفاهمات المقترحة لكنها لم تضع خطا أحمر على مثل تلك المشاركة بصيغة يمكن تلخيصها فى عبارة واحدة: «إيران مقابل تركيا».
ورغم أن المسئولين الفرنسيين والإيطاليين دعوا الرئيس «السيسى» لدور أكبر فى الأزمة السورية، غير أن المشكلة هنا طبيعة الدور وحجمه.
وفى السياق نفسه فإنه لا يمكن استبعاد أن يكون من بين أهداف الاختبار الدبلوماسى الخشن قطع الطريق على أى اقتراب أكبر محتمل مع موسكو أو اقتراب آخر مع الصين التى انتزعت أو توشك أن تنتزع المركز الاقتصادى الأول فى العالم يتجاوز ما درج عليه الرئيس الأسبق «حسنى مبارك».
بحسب مصادر دبلوماسية صينية فإن الولايات المتحدة حاولت أن تجر بلادها إلى سباق تسلح يوقف تقدمها الاقتصادى غير أنهم لم يقعوا فى الفخ الأمريكى وعقدوا اتفاقا عسكريا مع الروس ضخوا بمقتضاه أموالا لتحريك الآلة الصناعية العسكرية الروسية مقابل ما يحصلونه من سلاح أكثر تقدما وضخوا أموالا أخرى لاستثمارها فى الشرق الأسيوى عبر رجال أعمال صينيون يعملون بأموال الدولة. وهكذا قطعوا الطريق على أية عرقلة أمريكية فى محيطها الحيوى يهدد تقدمها الاقتصادى.
من غير المستبعد أن يلجأ البيت الأبيض إلى انتهاج سياسة احتواء جديدة فى الشرق الأوسط على النحو الذى اتبع مع الاتحاد السوفيتى السابق وحاولت اتباعه مع الصين بلا جدوى.
إنه الاحتواء ب«الخنق» لكنه هنا بلا مضمون سياسى أو اقتصادى ورهان على الخراب دون تدبر للعواقب بتعبير الكاتب اللبنانى المعروف «سعد محيو» فى حوار طال بيننا.
بغض النظر عن الأسباب الحقيقية لأزمة السفارات فإن الاختبار الدبلوماسى الخشن حاضر فى المشهد وماثل بأكثر من ملف.
إذا أردنا أن نواجه أنفسنا بالحقائق فإن الأداء العام لا يقنع أحدا أنه أمام بلد يثق فى نفسه وفى مستقبله.
وهذا هو مكمن الخطر الحقيقى قبل وبعد الاختبارات الدبلوماسية الخشنة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.