الإخوان تنظيم براجماتى يحمل لافتة دينية ولا يتصدى لأمور الدين.. وهو موازٍ لفكرة الدولة أمام كل أنشطة مسلحى وطلاب وإعلاميى ومناصرى الإخوان وما يقابلها من تصريحات لرئيس الدولة وكثير من السياسيين نجد أن هناك أسئلة بديهية يجب أن نطرحها على أنفسنا ونحدد إجاباتها بالإجابات الصحيحة والكاملة قبل أن نعجل بالتصريحات ويأتى على رأسها أسئلة أساسية هى: ما هو تنظيم الإخوان؟ ما هى أفكارهم؟ ما هو الأساس الذى قام عليه التنظيم؟ ما هى أهداف التنظيم؟ ما هو هيكل هذا التنظيم؟ ما هى أقوالهم وأفعالهم منذ نشأتهم؟. وهذا كى نحدد موقفنا منهم كما حددوا هم موقفهم منا ومن مصر.. وأقر بأن كل أسئلتى قد أجابها الإخوان أنفسهم بما قالوا وما فعلوا منذ نشأتهم وحتى تاريخ نشر هذه السطور. فقد أقروا وقرروا بما قدموا من أفعال وما أعلنوا من أقوال بأنهم تنظيم يحمل لافتة دينية ولا يتصدى لأمور الدين ولا يبحث فيها بل ويلتبس مسلكهم وانتماءاتهم وعلاقاتهم بالسنة والشيعة فى وقائع تاريخية وحديثة وأيضا قرروا وأقروا بأنهم (كما يزعمون) هيئة جامعة فيها ذراعها السياسية وذراعها الاقتصادية وذراعها الدعوية وباقى الأذرع التى لا تتوافر فى كيان تنظيمى إلا للدولة مما يجعل هذا التنظيم هو تنظيم موازٍ لفكرة الدولة وهو ما يتفق مع مسلكهم ورأيهم فى الدولة ومؤسساتها بل وفكرة الوطن فى حد ذاتها ويحضرنى فى ذلك ما قرره مرشدهم الأعنف مهدى عاكف فيما قاله من مثل أحمق وقح حيث تطاول فقال «طظ فى مصر». وهم كما أقروا وقرروا يسعون إلى الحكم كتنظيم سياسى ولا أدل على ذلك من اتجاههم إلى الانتخابات البرلمانية والمحلية بل والرئاسية منذ ثلاثينيات القرن الماضى وحتى الآن وهم كما أقروا وقرروا بأفعالهم تنظيم براجماتى يعتبر الصحيح والمشروع من الأقوال والأفعال هو ما يصل بهم إلى الأهداف فيقبلون التحالف مع الفاسدين فى انتخابات 2005 ويقبلون تزييف إرادة الناس بابتزاز مشاعرهم الدينية ويقبلون التحالف مع الغرب وأمريكا (الشيطان الأعظم) ويقبلون التحالف مع إيران البلد الشيعى الأكبر فى العالم إلى مستصغر ذلك من تحالفات وانقلابات مع اليسار وضده ومع اليمين وضده بل ومع المجلس العسكرى وضده والأفظع مع الثوار من الشعب ثم ضدهم وضد الشعب بأكمله وتسود الآن على ألسنتهم تعليمات بحالة مرضية من سب المصريين عموما وسب مصر والترويج لكل ما هو سلبى. وهم كما قرروا وأقروا بأفعالهم تنظيم يقوم على الإيمان بوجوب الكذب عند الحاجة ويغنينى عن تقديم المثال على ذلك ما قالوا وما فعلوا فى السنوات الثلاث الأخيرة ومن قبلها حتى تاريخ نشأة التنظيم، هذا التنظيم لم يكن يوما حريصا على إظهار قدراته أكثر من اليوم سواء لتأكيد قدرته على التأثير فى المنتمين إليه وقدرته المالية العظيمة وقدرته على التواصل والتنسيق والتحالف مع جهات عدة منها دول ومنها تنظيمات مسلحة وسياسية كما يفعل الآن بل إن التظاهرات الخاطفة التى ينفذها عناصر الإخوان فى يوم الجمعة من كل أسبوع أو فى المناسبات تقطع بأن العصب التنظيمى للإخوان لا يزال حيا ينبض فيستطيع أن يتصل بالأعضاء وأن يصل إليهم بالأوامر وأن يوفر أدوات وتكاليف التنفيذ بل وأن يؤمن انسحابهم بعد تحقق الغرض ويجرى عليها التحليل السياسى ويخضعها لتحليلات نفسية ثم ينتج منها أفلام الفيديو الحقيقية فى غير السياق أو المفبركة ورسومات الكارتون والكاريكاتير والأغانى والشعارات والنكات التى يستخدمها ضد خصومه كما يفعل الآن فى مصر كما يملك أدوات إعلامية لنشر هذا الإنتاج القذر فى الفضائيات والصحف وعبر شبكة الاتصالات الدولية.. وهم بذلك يضغطون على صانع القرار كى يقبل أو حتى يطلب الهدنة.. وإذا كانت الفكرة الأساسية للتنظيم ضد وجود الدولة فإن الهدنة ستكون فقط ليعيدوا صياغة عروضهم وتحالفاتهم. واليوم تقوم الأجهزة فى الدولة بالفعل بجهود أمنية مشهود بها لمقاومة جرائم التنظيم فى الداخل وفروعه وحلفائه من التنظيمات المسلحة والسياسية.. كما تنتفض التيارات السياسية والأحزاب لتأييد المواجهة ضد الإرهاب.. ويقف المواطن قلقا على حياته ومستقبله مؤيدا للرئيس الذى يمثل له الأمل ومؤيدا لكل مشروعات وتصريحات وتوجيهات الرئيس بما يقطع بأننا أمام حالة اصطفاف على ضرورة انتهاء ظاهرة الإخوان كتنظيم سياسى مسلح غير وطنى ومسىء للإسلام. وفى الوقت ذاته تجد من المخلصين والمغرضين من يرتدون ثوب الحكمة والعقل بالدعوة لوقف العنف وضرورة المصالحة وأهمية التفريق بين من تورط فى العنف ومن لم يفعل وغير ذلك من الدعاوى تحت مظلة إنهاء الصراع بين الدولة والإخوان أو بالأحرى تأجيله. فنعود لنسأل فى ضوء ما قدمنا عنهم.. هل يجوز الاتفاق مع الإخوان على أى أساس سياسى؟ هل يجوز أن تدخل الدولة فى اتفاق مع تنظيم؟ هل يجوز أن تدخل الدولة فى اتفاق مع تنظيم فكرته تتضاد مع فكرة وأساس الدولة؟ هل سيكون الاتفاق قابلا للتنفيذ أو لن يحترم؟ هل يصح الحديث عن أنهم فصيل سياسى وطنى؟ ثم هل الاتفاق معهم بأى صورة يمنع غيرهم من التنظيمات أن يستهدفوا ويضغطوا ويرتكبوا الجرائم للوصول إلى اتفاقات مماثلة؟. والإجابة التى سطرها الإخوان بأنفسهم أنهم تنظيم متسلل لا عهد له ولا يقبل أن يحكمه إطار قانونى أو اتفاقى ولو كان إطار الدولة وأنهم يرون فى تنظيمهم الدولة التى يجب أن تحكم وأن كل الأفكار الوطنية المصرية أو القومية العربية لا تعنيهم بل لا يقبلونها لأنها لا تحقق لهم الخلط المعتاد بين الدين والرأى وبين مصالح الوطن ومصالح التنظيم وأنهم يعتقدون أن لهم الحق فى نقض عهودهم والحنث باليمين والقسم تحت شعارات التقية والأهداف الأكبر والأهم للتنظيم بل يروجون لأن التنظيم هو الدين فى حد ذاته. على مؤسسات الدولة أن تعى أن المصدر الأول الذى يمد هذه الجماعات بالعنصر البشرى هو مخزون البطالة من العاطلين الباحثين عن القوت والمأوى ومن يجعل لهم قيمة كبشر بما يبث فى عقولهم من دين مغلوط وأكاذيب وتهويل وتعظيم لأهمية ما يطلب منهم من جرائم.. كما يتعين أن نهيئ الفرصة للشباب أن يجدوا البدائل الفكرية الوطنية لأن سن الشباب بطبيعته يسعى إلى استيعاب الأفكار وتبنى ما يناسبه منها وهذا ما تراهن عليه جماعات الضلال فى ظل فساد النخب السياسية وانشغال الدولة عن دورها التنويرى بالثقافة والفن والعلوم.. خاصة وأن مصاعب ومشكلات الحياة تدفع الناس وعلى رأسهم الشباب للهرب من الدنيا إلى ما يعتقدون أنه الآخرة.. فاحذروا أن تتركوا ساحة الفكر والمبادئ لهذه الجماعات وأفسحوا المجال لكل الأفكار لأنها بطبيعتها ستتجه اتجاها وطنيا وستكون هى السد الذى يمنع جماعات الظلام من حقن عقول الشباب بأفكار مخلقة ومصطنعة تهدف إلى نشر الكراهية والصراع وتدمير المجتمع تحت زعم إعادة بنائه على أساس دينى. وأمام هذا المشهد الواضح للتنظيم منذ نشأته وبما كشف عنه من وجه قبيح لا أرى فرقا بينه وبين الأفعى من الخمس المؤذيات وإنهاء وجود هذه الأفعى يكون بالقضاء على الرأس وأما الجسد من المواطنين السذج فسوف يتحلل بالوقت ويصبح جزءا من البيئة المحيطة به. اقطعوا رأس الأفعى التى تتمثل فى العصب التنظيمى للجماعة الذى يستطيع التواصل مع العضوية وتنظيم حركتهم واحرموها من مواردها المالية المتمثلة فى مشروعاتها الاقتصادية فى البلاد العربية ومسارات التمويل من الخارج وآلياتها الإعلامية التى تنشر بها الشائعات وتمرر من خلالها الأوامر وتستخدمها لتأليب العالم ضد الوطن. وإذا جاز الاقتراح لمن قد يقرأ أرى أن خطر أفعى الإخوان وروافدهم يستدعى أن يوجد كيان سياسى يتولى دراسة وتحليل الوقائع والأحداث ورسم سياسات المقاومة وأن ينسق هذا الكيان مع الأجهزة الأخرى بما فيها المعنية بالأمن والثقافة والتعليم والرياضة والمحليات لأن جهود الأمن لا تحقق مقاومة ما فى العقول ولا تواجه الكلمة المزيفة ولا تنتج الكلمة الصحيحة ولا تكتشف وتقاوم الاتفاقات والصفقات السياسية أو تنتج منها ما هو مطلوب للمقاومة ولا تستطيع أن تقرأ المعنى السياسى والتنظيمى للأحداث والمواقف.. وأخيرا أقول لكل من يتحدث عن المصالحة راجع نفسك ولا تطلب هدنة مع الأفعى.