قبول دفعة جديدة من الأطباء البشريين الحاصلين على الماجستير والدكتوراه للعمل كضباط مكلفين بالقوات المسلحة    تنسيق الجامعات.. تفاصيل الدراسة ببرنامج الهندسة الإنشائية ب"هندسة حلوان"    حفل جماهيري حاشد بالشرقية لدعم مرشح حزب الجبهة بالشرقية    استراتيجية الفوضى المعلوماتية.. مخطط إخواني لضرب استقرار مصر واستهداف مؤسسات الدولة    انتخابات مجلس الشيوخ.. الآليات والضوابط المنظمة لتصويت المصريين فى الخارج    "الزراعة" تنفيذ 286 ندوة إرشادية والتعامل مع 5300 شكوى للمزارعين    وزارة التموين تنتهى من صرف مقررات شهر يوليو 2025 للبقالين    ميناء سفاجا ركيزة أساسية في الممر التجاري الإقليمي الجديد    عبدالغفار التحول الرقمي ركيزة أساسية لتطوير المنظومة الصحية    وزير الإسكان يُصدر قرارًا بإزالة 89 حالة تعد ومخالفة بناء بمدينة الشروق    إدارة الطوارئ في ولاية هاواي الأمريكية: إغلاق جميع المواني التجارية بسبب تسونامي    1000 طن مساعدات غذائية إلى غزة في اليوم الرابع لقوافل «زاد العزة»    محمد السادس: مستعدون لحوار صريح ومسؤول مع الجزائر    تحليل جديد: رسوم ترامب الجمركية سترفع نفقات المصانع الأمريكية بنسبة 4.5%    الخارجية الأمريكية: قمنا بتقييم عواقب العقوبات الجديدة ضد روسيا علينا    33 لاعبا فى معسكر منتخب 20 سنة استعدادا لكأس العالم    لم نؤلف اللائحة.. ثروت سويلم يرد على انتقاد عضو الزمالك    إصابة طفل نتيجة هجوم كلب في مدينة الشيخ زايد    انخفاض تدريجي في الحرارة.. والأرصاد تحذر من شبورة ورياح نشطة    جدول امتحانات الشهادة الإعداية 2025 الدور الثاني في محافظة البحيرة    البترول: السيطرة على حريق سفينة حاويات قرب «جنوب شرق الحمد»    التصريح بدفن جثة طفل لقى مصرعه غرقا بإحدى الترع بمركز سوهاج    ليلى علوي تعيد ذكريات «حب البنات» بصور نادرة من الكواليس    فقد الوعي بشكل جزئي، آخر تطورات الحالة الصحية للفنان لطفي لبيب    عزاء شقيق المخرج خالد جلال في الحامدية الشاذلية اليوم    وفري في الميزانية، طريقة عمل الآيس كوفي في البيت زي الكافيهات    قافلة طبية توقع الكشف على 1586 مواطنا في "المستعمرة الشرقية" بالدقهلية (صور)    محافظ الدقهلية:1586 مواطن استفادوا من القافلة الطبية المجانية بقرية المستعمرة الشرقية بلقاس    فتح باب التقدم لاختبارات الدبلومات والمعاهد الفنية للقبول بكلية الهندسة    توقعات الأبراج وحظك اليوم الأربعاء 30 يوليو 2025.. انفراجة مالية قوية تنتظر هذا البرج    السيد أمين شلبي يقدم «كبسولة فكرية» في الأدب والسياسة    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 1447-2026    جدول مباريات بيراميدز في الدوري المصري الممتاز الموسم الجديد 2025-2026    البنك العربى الإفريقى يقود إصدار سندات توريق ب 4.7 مليار جنيه ل«تساهيل»    "البترول" تتلقى إخطارًا باندلاع حريق في غرفة ماكينات مركب الحاويات PUMBA    وزير الثقافة: جوائز الدولة هذا العام ضمت نخبة عظيمة.. ونقدم برنامجا متكاملا بمهرجان العلمين    متابعة تطورات حركة جماعة الإخوان الإرهابية مع الإعلامية آلاء شتا.. فيديو    الدقيقة بتفرق في إنقاذ حياة .. أعراض السكتة الدماغية    يسمح ب«تقسيط المصروفات».. حكاية معهد السياحة والفنادق بعد قضية تزوير رمضان صبحي    تنسيق الجامعات 2025 .. تفاصيل برامج كلية التجارة جامعة عين شمس (مصروفات)    منافسة غنائية مثيرة في استاد الإسكندرية بين ريهام عبد الحكيم ونجوم الموسيقى العربية.. صور    الخارجية الباكستانية تعلن عن مساعدات إنسانية طارئة لقطاع غزة    إنجاز غير مسبوق.. إجراء 52 عملية جراحية في يوم واحد بمستشفى نجع حمادي    مصرع عامل اختل توازنه وسقط من أعلى سطح المنزل في شبين القناطر    نبيل الكوكي يقيم مأدبة عشاء للاعبى وأفراد بعثة المصرى بمعسكر تونس    الجنايني يتحدث عن مفاوضات عبد القادر.. وعرض نيوم "الكوبري" وصدمة الجفالي    وزير الخارجية يتوجه إلى واشنطن في زيارة ثنائية    عاجل- ترمب: زوجتي ميلانيا شاهدت الصور المروعة من غزة والوضع هناك قاس ويجب إدخال المساعدات    عمرو الجناينى: تفاجأت باعتزال شيكابالا.. ولم أتفاوض مع أحمد عبد القادر    عيار 21 الآن يسجل رقمًا جديدًا.. سعر الذهب اليوم الأربعاء 30 يوليو بعد الانخفاض بالصاغة    تنسيق المرحلة الثانية 2025.. موعد الانطلاق والمؤشرات الأولية المتوقعة للقبول    التفاصيل الكاملة لسيدة تدعي أنها "ابنة مبارك" واتهمت مشاهير بجرائم خطيرة    سبب غياب كريم فؤاد عن ودية الأهلي وإنبي وموعد عودته    الجنايني عن شروط عبدالله السعيد للتجديد مع الزمالك: "سيب اللي يفتي يفتي"    هل يُحاسب الطفل على الحسنات والسيئات قبل البلوغ؟.. واعظة تجيب    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر يرد في هذه الحالة    ما الذي يُفِيدُه حديث النبي: (أفضل الأعمال الصلاة على وقتها)؟.. الإفتاء توضح    أمين الفتوى: مخالفات المرور الجسيمة إثم شرعي وليست مجرد تجاوز قانوني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفاشية فى الجنوب المعاصر
نشر في الشروق الجديد يوم 29 - 08 - 2014

اعتمد اندماج أمريكا اللاتينية فى الرأسمالية المعولمة فى القرن التاسع عشر على استغلال الفلاحين، الذين تراجعت مكانتهم إلى مستوى عمال السخرة، وتعرضوا لممارسات وحشية من كبار ملاك الأراضى. ونجم عن تعزيز هذا التكامل فى القرن العشرين ظاهرة «تحديث الفقر». كما أدت الهجرة السريعة من الريف إلى أشكال جديدة من الفقر فى الأحياء الحضرية الفقيرة المعاصرة، جاءت لتحل محل الأشكال القديمة من الفقر الريفى. وفى نفس الوقت، تم تحديث أشكال السيطرة السياسية على الجماهير عبر إقامة الديكتاتوريات، وإلغاء الديمقراطية الانتخابية، وحظر الأحزاب والنقابات، ومنح المؤسسات الأمنية «الحديثة» جميع حقوق الاعتقال والتعذيب، من خلال أساليبهم الاستخبارية. وخدمت دكتاتوريات أمريكا اللاتينية فى القرن العشرين الكتلة الرجعية المحلية (كبار ملاك الأراضى، البرجوازية الكومبرادورية، والطبقات المتوسطة أحيانا التى استفادت من هذا النوع من التنمية الرثة)، ولكنها خدمت، قبل كل شيء، رأس المال الأجنبى المسيطر، وتحديدا رأس المال الأمريكى، الذى، لهذا السبب، قام بدعم هذه الدكتاتوريات، إلى أن أطيح بها خلال تفجر الحركات الشعبية، مؤخرا.
•••
وبداية من الثمانينيات، حلت التنمية الرثة كإحدى سمات انتشار الرأسمالية الاحتكارية، محل النظم الوطنية الشعبوية فى عصر باندونج (19551980) فى آسيا وأفريقيا. واتخذت هذه التنمية الرثة أيضا أشكال أقرب إلى كل من تحديث الفقر وتحديث العنف القمعى. وتقدم تجاوزات نظم ما بعد الناصرية والبعثية فى العالم العربى أمثلة جيدة على ذلك. ولا ينبغى لنا أن نجمع فى خانة واحدة بين الأنظمة الشعبوية القومية فى عصر باندونج، والأنظمة التى خلفتها وقفزت إلى قطار النيوليبرالية المعولمة، بدعوى أنها جميعا نظم «غير ديمقراطية». فعلى الرغم من الممارسات السياسية الاستبدادية، استفادت نظم عصر عدم الانحياز، من الشرعية الشعبية التى تحققت لها بسبب كل من إنجازاتها الفعلية، التى أفادت غالبية العمال، وكذلك مواقفها المعادية للامبريالية. وسرعان ما فقدت الديكتاتوريات، التى خلفتها، هذه الشرعية عندما قبلت الخضوع للنموذج النيوليبرالى المعولم وما صاحبها من تنمية رثة. وأتاحت السلطة الشعبية والوطنية، وإن لم تكن ديمقراطية، الفرصة لعنف الشرطة كذلك، فى خدمة المشروع النيوليبرالى، ومكافحة المشروع الشعبى، والمشروع الوطنى.
وقد أثارت الانتفاضات الشعبية الأخيرة، ابتداء من عام 2011، المطاعن والشكوك فى الديكتاتوريات. ولن يتمكن أى بديل من تحقيق الاستقرار إلا إذا نجح فى الجمع بين الأهداف الثلاثة التى اندلعت من أجلها الثورات: استمرار تطبيق الديمقراطية فى المجتمع والسياسة، واتخاذ خطوات اجتماعية تقدمية، وتأكيد السيادة الوطنية.
ونحن لا نزال بعيدين عن ذلك. ولهذا السبب، هناك بدائل متعددة ممكنة منظورة على المدى القصير. فهل يمكن أن تكون هناك إمكانية لعودة نموذج وطنى شعبوى كما كان الحال فى عهد باندونج، ربما مع لمحة ديمقراطية؟ أو تبلور أكثر وضوحا للجبهة الديمقراطية، والشعبية، والوطنية؟ أو الانغماس فى الوهم المتخلف، الذى يتخذ فى هذا السياق، شكل «أسلمة» السياسة والمجتمع؟
•••
وفى إطار الصراع المشوش إلى حد كبير حول الاستجابات الثلاث الممكنة لهذا التحدى، كان اختيار القوى الغربية، الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون، هو تقديم الدعم التفضيلى إلى جماعة الإخوان المسلمين و/أو غيرها من منظمات الإسلام السياسى. ولا شك أن السبب فى ذلك بسيط وواضح وهو أن هذه القوى السياسية الرجعية تقبل ممارسة السلطة فى إطار النيوليبرالية المعولمة (وبالتالى التخلى عن أى احتمال لتحقيق العدالة الاجتماعية والاستقلال الوطنى). وهذا هو الهدف الوحيد الذى تسعى إليه قوى الإمبريالية.
وبالتالى ينتمى برنامج الإسلام السياسى إلى نوع الفاشية الموجود فى المجتمعات التابعة. وهو يشترك مع جميع أشكال الفاشية فى اثنتين من الخصائص الأساسية:
عدم تحدى جوانب أساسية من النظام الرأسمالى (وفى هذا السياق لا يرقى إلى تحدى نموذج التنمية الرثة المرتبط بانتشار الرأسمالية النيوليبرالية المعولمة).
اختيار أشكال الدولة البوليسية المناهضة للديمقرطية، فى الإدارة السياسية (مثل حظر الأحزاب والتنظبمات، وفرض الأسلمة القسرية على القيم الأخلاقية).
وهنا يتقبل خيار معاداة الديمقراطية الذى تتخذه القوى الإمبريالية (بينما تطرح كذبا الخطاب المؤيد للديمقراطية، وسط طوفان الدعاية التى نتعرض لها) «التجاوزات» المحتملة من الأنظمة الإسلامية. وهذه التجاوزات محفورة فى «جينات» وسائط تفكير هذه النظم، مثلها مثل غيرها من أنواع الفاشية، وذلك للأسباب نفسها: الطاعة العمياء للقادة، والالتزام المتعصب بدين الدولة، وتشكيل قوات قمع تستخدم لإخضاع المواطنين.
ففى الواقع، وهذا يمكن ملاحظته بالفعل، لا يحقق برنامج «الإسلاميين» تقدما إلا فى سياق حرب أهلية (بين، السنة والشيعة، على سبيل المثال) ولا ينجم عن ذلك غير الفوضى الدائمة. من ثم، فهذا النوع من السلطة الاسلامية، ضمانة لأن تظل المجتمعات المعنية عاجزة تماما عن إثبات نفسها على الساحة العالمية. فمن الواضح أن الولايات المتحدة تخلت عن سعيها للحصول على شىء أفضل «حكومة محلية مستقرة وخاضعة لها» لصالح «ثانى أفضل الخيارات».
وتجرى هناك تطورات وخيارات مماثلة، خارج العالم العربى المسلم، كما هو الحال فى الهند على سبيل المثال مع الحكومة الجديدة المنتمية لحزب بهاراتيا جاناتا.
•••
والخلاصة، أن الفاشية عادت إلى الغرب والشرق، والجنوب؛ ومن الطبيعى أن ترتبط هذه العودة بانتشار الأزمة النظامية للرأسمالية الاحتكارية. ويستلزم لجوء المراكز المهيمنة على هذا النظام المعرض للضغط، لخدمات الحركة الفاشية سواء كان اللجوء فعليا أو محتملا قدرا أعظم من اليقظة، من جانبنا. ومن المتوقع أن تتفاقم هذه الأزمة، وبالتالى، يصبح التهديد باللجوء إلى الحلول الفاشية خطرا حقيقيا. كما أن تأييد هيلارى كلينتون لدعوات الحرب الأمريكية لا يبشر بالخير بالنسبة للمستقبل القريب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.