أدت الليبرالية الجديدة إلي فقدان 50 مليون عامل في العالم لوظائفهم لا بديل عن النضال العمالي الثوري من أجل الاشتراگية لم يحدث من قبل أن كانت الحاجة للثورة كبيرة وماسة جدا كما هي الآن وبدلا من نظام عالمي يستسلم كلية للكسب المالي، فإننا بحاجة لخلق مجتمع جديد موجه نحوالمساواة الحقيقية والواقعية والتنمية البشرية المستدامة.. أي اشتراكية تلائم القرن الحالي. يتوصل الباحث الهندي سوكال سن إلي هذه النتيجة عبر قراءته للنتائج الكارثية التي ترتبت علي سياسات الليبرالية الجديدة القائمة علي خصخصة المؤسسات العامة وانسحاب الدولة من ساحة الإنتاج وتقليص الانفاق الحكومي واعتماد الربح مبدأ وحيدا ، ومن ثم زيادة التفاوت الحاد أصلا من الأقلية الثرية والأغلبية التي تزداد فقرا. عمت الليبرالية الجديدة أو الرأسمالية المتوحشة برنامجها في غالبية بلدان العالم، ومثل هذا التعمييم عدوانا منظما علي الحقوق التي اكتسبتها الطبقة العاملة عبر نضال طويل خاصة منذ نشأة الرأسمالية. وقد اعطي رأس المال الخاص الحرية الفعلية للدوس تحت الاقدام علي القوانين الخاصة بالعمل 8 ساعات عمل في اليوم. ولم تعد المادة التي تتحدث عن 8 ساعات عمل في اليوم و16 ساعة بقية اليوم للراحة والاستجمام والاستمتاع بالحياة الأسرية وغيرها من النشاطات، تحكم الحياة الاجتماعية للمجتمع. واستناداً الي منظمة العمل الدولية والتقديرات الاخري من قبل الوكالات الدولية، فان حوالي 50 مليون عامل في العالم فقدوا وظائفهم بسبب العولمة النيوليبرالية والأزمة الرأسمالية العالمية المفجعة. الربح يحكم الحياة لقد غير مبدأ الربح الصورة الجانبية الكلية للمجتمع الانساني في النظام النيو - ليبرالي. لهذا السبب لا يوجد هناك أي اهتمام او حرص بالنسبة للثماني ساعات عمل في اليوم، ولا يوجد هناك عمل. ان النيو - ليبرالية، بصراحة، تشير الي المبدأ الذي يقول بأن الارباح يجب ان تحكم اكبر مساحة ممكنة من الحياة الاجتماعية وأن أي شيء يعترض طريق تحقيق الارباح مشتبه به ان لم يكن مدانا.المؤسسات التجارية جيدة، الحكومات سيئة، المؤسسات التجارية الكبيرة جيدة جداً، الحكومات الكبيرة سيئة جداً . الضرائب علي الأثرياء، سيئة، والانفاق الاجتماعي الموجه الي الفقراء والطبقة العاملة هو أكثر سوءاً. تولي بالرعاية والاهتمام الاثرياء واترك الآخرين كل واحد يكافح ويعول نفسه . وانه لا يوجد هناك شيء يدعي ب " المجتمع"، هناك فقط افراد يعيشون في منافسة ضارية فيما بينهم، وان اسرهم المباشرة - هم فقط من يسمح لهم ان يعيشوا عالة علي الغير، ان الظلم المفرط والمتنامي امر غير مقبول، انه الجزرة الضرورية لاعطاء الاثرياء حافزاً ليصبحوا اكثر ثراء، وعليه هم يستثمرون ويحفزون النمو، وهو كذلك العصا الضرورية للفقراء لكي يكونوا علي استعداد للعمل بكد واجتهاد بالغ وان يكونوا اكثر انتاجية. ان الاسواق معصومة ومنزهة عن الخطأ، وهي الطريق الافضل والذي لا يرقي اليه الشك لتنظيم الوجود الانساني والاساس لكل الحريات الاخري والتدخل الانساني عبر الحكومات اونقابات العمال، بغض النظر عن نبل قصده وهدفه، سيجعل فقط الامور اسوأ علي المدي الطويل، لانه سيقود الي اتباعه بدون تفكير من حل السوق الخالص. ففي مجتمع حر يجب علي الدولة ان تقوم فقط بتعزيز وتوسيع سلطة السوق، وعليها ان لا تتدخل اطلاقاً في أمر السعي لتحقيق الربح إلا في أندر الحالات، مثل دعارة الاطفال والمخدرات. فانت حر في زيادة ملكيتك بأي وسيلة، نظيفة كانت ام قذرة. ولنضع الأمر علي هذا النحو : النيو- ليبرالية هي ببساطة الرأسمالية الجاهزة للقتال. ريجان وتاتشر لقد اصبحت النيو- ليبرالية مهيمنة في ثمانينيات القرن الماضي وترافقت مع فترة ريجان وتاتشر. وبدت وكأنها تعززت مع هزيمة الأنظمة الشيوعية مع مطلع تسعينيات القرن الماضي، ومع فكرة أننا وصلنا الي "نهاية التاريخ". وكانت ترنيمة مارجريت تاتشر الشهيرة - ليس هناك من بديل. في هذه البيئة كان الاقتصاد السياسي لوسائل الاعلام قد ألقي في حالة من الفوضي والاضطراب. فماذا كان غرضه، اذا كانت كل المجتمعات تدار بشكل أفضل من خلال السوق؟ وما نقطة الدراسة والنقد لوسائل الاعلام التجارية إذا كان هذا هو النظام الوحيد الجدير بالتصديق، والنظام الذي تتقدم نحوه كل الامم والدول بسرعة وعناد؟. لقد كانت النيو - ليبرالية المبدأ المرشد خلف العولمة الرأسمالية، والفكرة القائلة بأن الاسواق الحرة يمكنها جلب الازدهار والسلام للعالم اذا ما قامت علي اساس عالمي مع الحد الأدني من تدخل الحكومة الوطنية. في مثل هكذا سياق، فان التأكيد التقليدي للاقتصاد السياسي لوسائل الاعلام علي صنع السياسة الوطنية بدأ من طراز عتيق، ان لم يكن رجعيا ً. ان افضل مبدأ وسائل اعلام ممكن سواء للأمم او العالم يتمثل في ذلك الذي يسمح لشركات الاعلام الكبيرة ان تطلب الثمن عبر العالم، ساعية وراء مضاعفة الارباح في الوقت الذي تزعم فيه انها "تعطي الناس ما يريدونه". وليس هناك حاجة بالنسبة للناس ان يدرسوا الاقتصاد السياسي لوسائل الاعلام ما لم يكن ذاك فقط للترحيب والابتهاج بهذه العملية. ايديولوجيتها وسجونها كانت النيو - ليبرالية علي الدوام حجة ايديولوجية لتبرير المزيد من انتقال السلطة للأثرياء وبعيداً عن الفقراء، ولم تكن علي الاطلاق وصفاً دقيقاً لما يحدث في الاقتصاد. وعلي نحو متعارض مع مبدأ النيو - ليبرالية كانت الحكومات لا تنكمش او تتضاءل قيمتها، لقد كانت ببساطة تعمل بكد واجتهاد لمساعدة رأس المال وتوفير خدمات قليلة جداً لكل شخص آخر، وبخاصة الفقراء والطبقة العاملة. وكان نظام السجون يكبر ويستحوذ علي الاهتمام في الوقت الذي كانت المدارس في انحدار. وكان هذا علي وجه الخصوص حقيقة في عالم وسائل الاعلام حيث مجمل النظام كان يستند علي امتيازات الاحتكار الممنوحة من الحكومة، والمعونات المالية المباشرة وغير المباشرة الاستثنائية، وأيضاً علي اطلاق العنان لممارسات الفساد. لقد كان هناك بصعوبة نظام اعلام السوق الحر حيث تدخلت الحكومات بعد ان ابتدع السوق الحر النظام. لقد كشفت نهاية التسعينيات افلاس وتناقضات النيو - ليبرالية. واتحدت الحركة المناهضة للعولمة مع الرفض الواسع الانتشار للسياسات النيوليبرالية في الانتخابات الديمقراطية عبر المعمورة، والاكثر اثارة ودراماتيكية في امريكا اللاتينية، مدمرة لهالة "نهاية التاريخ". وقد فهمت الآن وبشكل أفضل كثيراً ان النظام الرأسمالي عموماً ، والنظام الاعلامي بشكل خاص يعتمد أكثر من أي وقت مضي علي لعب الدولة دوراً كبيراً جداً. ان النيوليبرالية لم تكن ذلك الجهد الهادف الي تقليص دور الدولة، انما هي الجهد الهادف لجعل الدولة تعمل بكل معني الكلمة لما فيه مصلحة رأس المال أو الشركات الاعلامية الكبري. ان الاقتصاد السياسي لوسائل الاعلام متسلحاً بهذه الرؤية استعاد شبابه . وتبعاً لذلك، كان هناك زيادة هائلة في النشاط الشعبي لصياغة سياسات اعلامية في الولاياتالمتحدة وعلي امتداد العالم. لقد كان ذلك بالنسبة للمواطنين والناشطين وطلبة الاعلام احد التطورات المذهلة في أيامنا هذه. إعلام الليبرالية الجديدة ربما كان الضرر الاعظم الذي حدث بواسطة النيوليبرالية، ليس فقط للاقتصاد السياسي للاعلام ولكن للثقافة النقدية والنشاط الديمقراطي بشكل عام، يتمثل في محاولتها تدمير الرغبة الانسانية القديمة في أن التغيير الاجتماعي نحو الافضل - الذي قد يتجاور ويسمو فوق الوضع الراهن للنظام الرأسمالي القائم فعلاً - كان ممكناً، هذا فضلاً عن كونه مرغوباً فيه. ان وسائل الاعلام العامة في المجتمع النيو- ليبرالي تجعل الناس يصدقون أنه لمن المستحيل استبدال النظام الرأسمالي بشيء ما أفضل. وان شرطي افساد الاخلاق وتثبيط الهمم بجانب اخراج الناس من نطاق السياسة هما شرطان ضروريان لمجتمع نيوليبرالي "صحي". لذلك السبب فانهم يدمغون بالراديكالية الشخص الذي يقف فقط الي جانب الممارسات والمبادئ الديمقراطية الاساسية. وبالنسبة للناس الذين يشكون في اهمية وسائل الاعلام، والصحافة، وثقافة التسلية، والاتصال عموماً لصياغة العالم الذي نحيا فيه. علاوة علي ذلك، ان وسائل الاعلام هي جزء مركزي في الاقتصاد السياسي الرأسمالي، وهي مركز نظام التسويق ومصدر ربح هائل . ومع الهزة العنيفة التي تعرضت لها النيوليبرالية وبداية الأزمة الاقتصادية العالمية، بدأ الطلبة والناشطون في اعادة التفكير في فكرة تخيل نظام اجتماعي أكثر انسانية وديمقراطية ، نظام حيث الارباح للقلة لا تبقي علي قمة الأولوية الاجتماعية، حتي ولو أنه مازال هناك درب طويل للوصول الي هذا الهدف. ممزوجاً مع اعادة دراسة وتفحص النموذج الشيوعي القديم "كبديل" للنظام الرأسمالي المعاصر، فإن الانسانية في الوقت الحاضر بدأت عملية التجريب في هياكل اجتماعية ديمقراطية مع هدف تحقيق مجتمع علي اساس الاشتراكية العلمية، وبخاصة في امريكا اللاتينية. ان اهمية هذا العمل لا يمكن المبالغة فيها . وهناك معضلة اخري ظاهرة للاقتصاد السياسي لوسائل الاعلام وهي ثورة الاتصالات الرقمية، تجسدت من خلال الانترنت وانظمة الاتصالات اللاسلكية. هذه التقنيات هي ضمن عملية تدمير نظام وسائل الاعلام المفتوح بأسلوب غير مألوف الي حد كبير، ان لم يكن جديداً ولم يسبق له مثيل. والكثير من التفكير التقليدي حول الاتصالات لا بد من ان يحسب من جديد، في عصر صارت فيه الاتصالات والمعلومات في متناول اليد اكثر من أي وقت مضي، وانهار فيه الزمن والمسافة، وهذه التقنيات أيضاً، هي مركزية بالنسبة لنشوء دور شيطاني وشرير لوسائل الاعلام العامة لافساد شريحة من الجماهير في الاتجاه اليميني والرجعي ولمعارضة أيديولوجية اليسار. وليس هناك شك في أن الثورة الرقمية حولت وبشكل جذري وسائل الاعلام والاتصالات والمجتمع. وان بيئة اعلامنا في الوقت الحاضر تختلف وبشكل مثير عن بيئتنا قبل أربعة عقود، وعن البيئة التي يشك المرء في أنها ستكون مرة ثانية غير ممكن تمييزها أو ادراكها لأربعة عقود قادمة. لكن الشيء المؤكد هو أن التوجه الكلي لوسائل الاعلام العامة العالمية معاد -للثوري ومعاد- للديمقراطي مستهدفا تخدير واخماد الجموع لخدمة مصلحة الاستغلال المفرط الرأسمالي واليميني والسائد في الوقت الراهن. معونات آم الية ان النظام الاعلامي في الولاياتالمتحدة كان علي الدوام المستفيد من المعونات المالية الحكومية الهائلة .منذ أيام المعونات التي دفعت للطباعة الضخمة والبطاقات البريدية أيام الجمهورية الأولي. في الوقت الحاضر تتلقي كبريات المؤسسات الاعلامية معونات مالية حكومية استثنائية تتراوح ما بين رخص الاحتكارات الي ترددات التلفزيون والراديو والي احتكارات انظمة التلفزة الكيبلية والتلفزة عبر الاقمار الصناعية وحقوق النشر وأمور كثيرة أخري. وقد تأثرت الانترنت بتلك السياسات والمعونات المالية، وبما يشابه كثيراً الطريقة التي تأثرت بها الولاياتالمتحدة من خلال مؤسسة العبودية بعيد عام 1863، وسيكون لها تأثير طويل الأمد. ان مزودي خدمة الانترنت المهيمنين ما هم الا حفنة من شركات الهواتف والكوابل، والشركات التي كان هناك من تنبأ بأن نجاحها لن يعتمد علي خدمة الجمهور في منافسة سوق حر ولكن علي تلقي رخص احتكارية مربحة من الحكومة. هذه " الافضلية النسبية" للشركات تأتي من قدرتها الفذة علي شراء السياسيين والمنظمين، وهي في السوق عموماً مكروهة من العملاء من اجل خصخصة الانترنت والتحكم في امكانية وصول مستخدمي مواقع الشبكة بسرعة وسهولة. وفي الوقت الحاضر، لم يعد هذا الأمر محصوراً في الولاياتالمتحدة فقد انتشر علي امتداد العالم. والهند مثال للفساد والرشوة المفرطين في وسائل الاعلام. باختصار، يعمل النيوليبراليون وبتهور علي رشوة تكنولوجيا وسائل الاعلام المتفجرة لخدمة رأس المال العالمي. تمويل التراكم يتعذر فصل النيوليبرالية عن تمويل تراكم رأس المال. وعندما وقع حادث الأول من أيار في شيكاغو عام 1886، وأدت المواجهة بين العمال والشرطة لسقوط ضحايا وأصبح الأول من مايو عيدا للعمال، كان هناك عالم مختلف من الرأسمالية. وقد تغيرت الرأسمالية منذ ذلك الحين. وفي العصر الحاضر صارت النيوليبرالية من المفترض انها اكثر صور الرأسمالية تطرفاً. هذا التحليل للكيفية التي عمق فيها التمويل التفاوتات في الدخل والثورة والنفوذ يساعدنا علي أن نضع في منظورنا وجهة النظر التي اصبحت مشتركة بالنسبة لليسار، والتي تقول بأن النيوليبرالية، أو مجيء أيديولوجية السوق الحرة المتطرفة، هو المصدر الرئيس للمشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وبدلاً عن ذلك، النيوليبرالية هي افضل شكل للتعبير السياسي عن استجابة رأس المال لفخ التمويل - الركود،وقد اصبح توجه الهيمنة النيوليبرالية أو المؤيدة للسوق الخاص برأس المال المالي الاحتكاري في الوقت الحاضر مفرطة جداً بحيث، حتي بالمقارنة لسياق الأزمة الاقتصادية الأعظم منذ ثلاثينيات القرن الماضي، ان الدولة هي غير قادرة علي الاستجابة بفعالية. لهذا السبب، فإن حافز مجمل الانفاق الحكومي في الولاياتالمتحدة في السنتين الاخيرتين هو لا شيء تقريباً، مع الحافز الفيدرالي الهزيل في ظل أوباما والذي جري ابطاله من خلال الاقتطاعات في انفاق الدولة والانفاق المحلي. وتبدو الدولة علي كل المستويات وقد توقفت في مساراتها من خلا ل ايديولوجية مؤيدة للسوق، والهجمات علي العجوزات المالية الحكومية والمخاوف من التضخم، ولم يحقق أي من هذا أي معني او فهم عملي سليم. وعلي مستوي العالم الاستعماري هناك ما يمكن أن يطلق عليه "مرحلة جديدة من الامبريالية المالية"، في سياق النمو الراكد أو البطيء في مركز النظام، حيث معدلات مفرطة في الاستغلال تجذرت في الأجور المتدنية في المحيط ذو التوجه - التصديري، بما في ذلك "الاقتصادات الناشئة" ، ان صادرات مثل هذه الاقتصادات تعتمد علي استهلاك الاقتصادات الثرية، وبشكل خاص الولاياتالمتحدة، مع العجز الهائل في حسابها الجاري. وفي نفس الوقت، ان الصادرات الضخمة الفائضة المتوالدة في هذه الاقتصادات التصديرية "الناشئة" هي جذابة لأسواق رأس المال عالية القوة والنفوذ في شمال الكرة الأرضية، حيث تخدم مثل هذه الفوائض في اعادة تعزيز تمويل عملية التراكم المتمركزة في الاقتصادات الغنية. لذلك فإن النمو الوهمي، المترافق مع التمويل، يخفي جذر مشكلة التراكم علي مستوي العالم، "الارتفاع في تفاوتات الدخل عبر العالم" و "ميل عالمي نحو رفع الفائض". وبالرغم من نظريات "عالم راكد" التي تتوالد من خلال كبار شخصيات المؤسسة مثل توماس فريدمان، فان القطاعات الامبريالية تصبح، وبطرق كثيرة، أكثر صرامة وقسوة، والتفاوتات داخل البلدان تتفاقم، الي جانب اشتداد حدة التناقضات بين البلدان / الاقاليم الغنية والفقيرة. واذا كانت نسبة التفاوت للفرد الواحد من الناتج المحلي العام بين اقاليم العالم الغنية والفقيرة قد تناقصت من 1:15 الي 1:13 في " العصر الذهبي" للنظام الرأسمالي الاحتكاري من عام 1950 الي عام 1973 ، فان هذا الاتجاه انعكس في عصر رأس المال المالي الاحتكاري، مع تنامي الفجوة ثانية الي 1:19 مع نهاية القرن الماضي. ثراء وإفقار ولذلك يتضح لماذا الطبقة العاملة، في الوقت الحاضر وعلي امتداد العالم، عبارة عن مجموعة تواجه حرماناً واحتيالاً كبيرين، ولماذا ضحية الاكراه والقهر الأسوأ هو العامل من اجل المزيد والمزيد من الربح للأثرياء. وهكذا تتسع الهوة بين شريحتي المجتمع الطبقي - الاغنياء والفقراء. وبهذه الطريقة يخسر العمال الفقراء وظائفهم واجبروا علي العمل لفترة اطول كما حدث في العصر الذي سبق الأول من أيار 1886. ان تمويل التراكم في مركز النظام ، المدعوم من قبل السياسة النيوليبرالية ولد المزيد والمزيد من نظام " مداواة الصدمة" العالمي. مفضلاً ذلك عن مبدأ كنز "الموت الرحيم للمستأجر"، ونحن نشاهد الموت الرحيم المهدد لكل شيء آخر تقريبا ًفي المجتمع والطبيعة. وان عواقب هذا، كما قالت نعومي كلاين في كتابها "مبدأ الصدمة" تمتد الي ما بعد تمويل التراكم الاساسي المترافق مع عصر النيوليبرالية، الي مجموعة اكبر اتساعاً من العواقب التي يمكن ان توصف ب "النظام الرأسمالي الكارثي"، والواضحة جداً في اتساع التفاوت الاجتماعي والتفاوت الاقتصادي، وتعميق عدم الاستقرار، ونشر العسكرة والحروب ، والتدمير البيئي العالمي والذي لا يمكن وقفه او منعه علي ما يبدو. ولم يحدث من قبل ان كان الصدام بين الاستيلاء او الاستحواذ الخاص وحاجات الانسانية الاجتماعية (حتي البقاء) صارخاً تماماً. وبالتالي، لم يحدث من قبل ان كانت الحاجة للثورة كبيرة وماسة جداً. وبدلاً من نظام عالمي يستسلم كلية للكسب المالي، فإننا بحاجة لخلق مجتمع جديد موجه نحو المساواة الحقيقية والواقعية والتنمية البشرية المستدامة :اشتراكية تلائم القرن الحالي. تآكل العمل هذا الوضع من الازمة النظامية والهيكلية مع انفجار الاعلام وتلوث عقول وقوة تفكير الناس له مكون مركزي آخر ... تآكل العمل. فبعد ان صارت الأزمة اكثر سوءاً في الولاياتالمتحدة والبلدان الرأسمالية الكبيرة الأخري، شاهدنا ارتداداً عميقاً علي مستوي العالم في مجال العمل. ووسط الاعصار الذي يضرب في الوقت الحاضر بقوة قلب النظام الرأسمالي، نري تآكل وتعرية العمل المنظم والتعاقد نسبياً، الوريث للعهدين التايلوري والفوردي، والذي كان النموذج في القرن العشرين - النتيجة لقرن من نضالات العمال من اجل الحقوق الاجتماعية. وقد استبدل هذا بصيغ متعددة من "المقاولاتية" و "التعاونية" و"العمل التطوعي" و"العمل الشاذ وغير القياسي". هذه الصيغ والوصفات من الاستغلال المفرط للعمل الي الاستغلال الذاتي، هي دائما باتجاه عدم استقرار هيكلي اكبر في قوة العمل علي مستوي العالم. وبالطبع ، هناك انفجار في البطالة يؤثر علي اعداد ضخمة من العمال، رجالاً ونساء ، الدائمين والمؤقتين، الرسميين وغير الرسميين، المواطنين والمهاجرين، المهاجرون هم اول من يتلقون العقوبة وبقسوة . ان المشكلة الاكثر صعوبة هي النتيجة المنطقية لتآكل العمل، مع البطالة الهائلة، وفقدان الوظيفة، وساعات العمل الأطول، وغياب الأمن الوظيفي، ونظام التعاقد في التوظيف، وانتهاك قوانين العمل التي تحققت بواسطة العمال من خلال سنوات من النضالات والتضحيات البطولية. الاشتراكية بديلا في ظروف الأزمة فان الراديكالية التي تتطور لا تتصاعد فقط ضد عنف الدولة والترهيب الايديولوجي، فهي تتصاعد ايضاً ضد النشر المنهجي لافكار الاصلاحيين والانتهازيين التي تؤدي لتشويه الوعي وتجزئته والتلاعب به. وما هو واضح وجلي في الوقت الحاضر، ويشكل عاملاً جديداً نسبياً، ان النظام الرأسمالي علي المستوي الوطني والاقليمي والعالمي يمتلك حيزاً محدوداً جداً للمناورة في ادارة الأزمة مقارنة مع الماضي، بسبب المنافسة، والفوضي المطردة الاعظم في ظل تحرير حركة رأس المال، والزيادة في عدد المراكز الامبريالية التي تقاتل من اجل اعادة تقسيم الاسواق.... الخ. ان الحدود التاريخية للنظام الرأسمالي اصبحت واضحة ومرئية في الوقت الحاضر اكثر مما كانت عليه اثناء أزمة 1929 - 1933 وحتي اثناء سبعينيات القرن الماضي. وتبدو النضالات التي تقتصر علي مطالب مجزأة، والتي تهدف الي تلطيف عواقب الازمة عديمة الفعالية. كما أن الحكومات لا تستطيع تقديم التنازلات التي قدمتها في الماضي. وهذا لا يعني ان هناك قيداً مقرراً سلفاً للصراع الطبقي، والعكس هو الصحيح، فالواقعية تظهر بوضوح ان حركة يمكن ان تستنزف بسرعة، والتي يمكن ان يتم استيعابها او ترويضها، عندما تكون مقصورة استراتيجياً علي النضال من اجل مطالب صغيرة دفاعية، في فترة تبدو فيها المكاسب الحقيقية علي اختلافها والتي تحققت او جري التسليم بها قد جري العدوان عليها. بهذا الاسلوب، فان الحركة النقابية العمالية اما ان تكون في خطر او أنه جري اقتيادها لتكون موضع ازدراء وسمعة مشوهة او تفتقد تدريجياً ميزتها النضالية لتصبح فاسدة ومتردية تماماً كما حدث علي نحو مؤسف في الولاياتالمتحدة . إن الحركة النقابية تعيش في خطر ان تصبح مستوعبة وفاقدة لفاعليتها تماماً، كما في العديد من البلدان الاوروبية. لأن قضية السلطة السياسية للطبقة العاملة وحلفائها يجب ان تكون محور عمل الحركة العمالية ذاتها، ليس عرضياً او من خلال الشعارات فقط، ولكن بأسلوب مخطط له، يأخذ في الحسبان خبرة وتجربة الجماهير. انه الصحيح في الوقت الحاضر ان علي الطبقة العاملة ان تكون مقتنعة بتجربتها. وبالنسبة لهذه التجربة ولكي تتحول الي نضج سياسي، فهي بحاجة الي استراتيجية وتكتيكات ثورية صحيحة، وبخلاف ذلك فان تجربة الجماهير ستتشكل ليس علي اساس مشكلاتهم ولكن علي نفايات أيديولوجية البرجوازية والاصلاح والانتهازية. ان النظام الرأسمالي لا يمكن اصلاحه او تحديثه لما فيه خير العمال. وليس هناك من ترجمة او صورة معدلة بديلة لادارة النظام تستطيع ان تبطل وحشية الاستغلال الطبقي. ويمتلك النظام الرأسمالي قوي احتياطية معينة لتشكيل حكومة تحالفات مع القوي الاصلاحية والانتهازية، وتشكيلات الحفاظ علي البيئة...الخ . ولكن هذا لا يغير حقيقة ان الناس يواجهون حكومة برجوازية تدعم النظام الرأسمالي بحزم وتناغم. وهناك قضية خطيرة بشكل استثنائي وهي موقف الحركة العمالية فيما يتعلق بالحرب الامبريالية وأي صورة من صور التدخل. وعليه، يجب القيام بعملية تنوير واسعة للشعوب أكثر جرأة وانفتاحاً، الي جانب اجراءات عملية، من اجل تعزيز الموقف السياسي الداعي الي عدم اصطفاف أي شعب الي جانب الطبقة البرجوازية في بلادها في المنافسة الامبريالية البينية، في محاولة للفوز بحصة من الغنيمة المستمدة من الاستغلال الطبقي والاضطهاد الامبريالي. هناك حاجة لأن تأخذ الطبقة العاملة في حسبانها مجمل الوضع وتصل الي النتيجة التي تقول لا بديل عن النضال الثوري من أجل الاشتراكية والوصول اليها. وهذه ستكون المهمة المناسبة واللائقة الوحيدة للطبقة العاملة. الناطق باسم الحزب الشيوعي الهندي الماركسي نقلا عن جريدة الجماهير الأردنية