«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صالون الاهرام الثقافى "2"سمير أمين‏:‏ النظام الرأسمالي دخل مرحلة الخريف

سمير امين احد المفكرين العالميين المناهضين للعولمة و الحالمين للان باشتراكية العدالة الاجتماعية التى تحقق التضامن الانسانى لا التنافس كما تدعو اليه العولمة فى صيغتها الامريكية. لسنا ندعو الى تبنى افكار سمير امين بل ندعو الى التعامل معها بجدية تليق بالرجل و بالافكار نفسها و ان نتحاور معها بجدية و صدق لانه يدعو الى الخروج من مازق التبعية السياسية و الاقتصادية لنظام لا انسانى .
و يدعو امين الى تشكيل دولة وطنية حديثة تقوم على المواطنة و المساواة و دمقرطة المجتمع بدلا عن الديموقراطية الشكلية التى تختصر العملية فى شرعية غريبة لصندوق الانتخابات
سمير امين المعروف عالميا , معروف للنخبة المصرية فقط ولا يعرفه المثقفون العامون ربما لانه متخصص فى مادة صعبة المراس هى الاقتصاد .
نبيل عبد الفتاح: يعد سمير أمين في طليعة المفكرين في الفكر الاشتراكي الحديث وأحد رواد مناهضة العولمة. لي عدة ملاحظات علي مجمل مداخلة المفكر سمير أمين وهي
أولها: هل يمكن عبور المرحلة الانتقالية في إطار ضوابط اجتماعية لتأسيس علاقة حقيقية من الليبرالية السياسية و الفردانية تحقق للفرد حريته دون إعاقة من تسلطية سياسية أو دينية. أري أن الإجابة علي مثل هذا التساؤل البدهي تبدأ من قراءة الأزمة التي نمر بها والتي تشهد تفكك الدولة القومية المصرية.
وأنا أرجع هذا التفكك إلي عدة أسباب من أهمها شيخوخة الدولة والنخبة المصرية وعدم تجديد هياكلها.
السبب الثاني: في رأيي أن المجتمع المصري في ظل الانفجار الديمقراطي بات أكبر من الدولة وإمكانياتها وهياكلها القديمة.
ثالثا: لعبت جماعات الإسلام السياسي وليس الإخوان فقط- دورا في تفكيك الدولة لأن الأخيرة في رأيهما شيطنة حداثية مرفوضة.
السبب الرابع: عسكرة الدولة التسلطية وخاصة في عهد مبارك فالعسكر كانوا يديرون مفاصل الدولة كلها بمنطق السمع والطاعة والانضباط وليس بمفهوم الحوار. وهذا أسهم بشكل كبير في خلق تسلطية سياسية عسكرية أدت بدورها إلي بروز تسلطية دينية.
سمير أمين: أوافقك الرأي تماما علي دور الإسلام السياسي في دعم فكرة تفكيك الدولة وربما تدميرها. وأوافق علي خطورة عسكرة الدولة ودورها في بروز التشدد الديني لجماعات الإسلام السياسي..
شفيع شلبي: أري أن الدولة المصرية الحقيقية غائبة منذ انهيار الدولة القديمة, لأن ما تم منذ ذلك التاريخ هو تشكل أنظمة تنتمي للحاكم أكثر مما تنتمي للشعب المصري, وإذا لم يتمكن الشعب من بناء دولته عبر إطلاق حقوقه في تنظيم وبناء مؤسساته فإننا سنظل ندور في مشروع هذا الحاكم وهذا النظام.
سمير أمين: أنا تحدثت عن مشروعات تحديثية تمت في التاريخ الحديث وحاولت قراءتها وفق جدل النهضة والسقوط, ولست بصدد تقييمها علي النحو الذي أشرت إليه. وما أدعو إليه من تكوين دولة وطنية يؤكد إنها دولة المساواة والمواطنة ودولة الشعب لا دولة الحاكم.
مجدي صبحي: فهمت وربما أكون مخطئا أنه يستحيل بناء دولة تستند إلي بورجوازية وطنية في الوقت الراهن, لأن البورجوازية الآن لا تملك إلا اللحاق بالغرب أو التبعية له, أي أن الدولة الآن تحاول تشكيل بورجوازبة( كمبرادورية تابعة للغرب),
سؤالي هو: ألا يمكن لهذه الدولة أن تكون منفتحة علي قاعدة بناء بورجوازية وطنية ؟ وهل هناك بورجوازية يمكنها بالفعل بناء نهضة اقتصادية في بلد ما؟
السؤال الثاني: هو أنكم أشرتم إلي أن هناك محاولتين نظريتين فقط حاولتا دراسة العلاقة بين النمو الرأسمالي والعدالة الاجتماعية وهما دراستا فالرس وسرافا, ولكني أري أن أوسكار لانجH مثلا قدم نظرية لإمكانية تعايش السوق مع سلطة اشتراكية, وهذا في تصوري ما يمكن أن يكون القاعدة التي استند إليها الصينيون في بناء نهضتهم الحالية. وأنا أري أن الصين تسعي لبناء بورجوازية.
سمير أمين: أوافق معك علي أهمية دراسة أوسكار لانج لكني كنت أتحدث عن دراسة تحاول إثبات أن آلية السوق يمكنها أن تحقق التوازن, بينما لانج يحاول إثبات إمكانية التعايش. والرأسمالية في نظري دخلت مرحلة جديدة من حيث الكيف انطلاقا من منتصف عقد السبعينيات من القرن الماضي, وتبلورت هذه المرحلة خلال51 عاما, وأنا أسمي هذه المرحلة: رأسمالية الاحتكارات.
وقد يقول قائل إن هذا الوصف ليس جديدا فالرأسمالية احتكارية بطبعها, وأن الاحتكارية بدأت فعليا في أواخر القرن التاسع عشر, ولكن المرحلة الحالية نقلت الاحتكارية من مجرد ملكية رأس المال إلي الهيمنة عليه ومراقبته لدرجة أن المنظومات الانتاجية تخضع لاحتكار معمم سواء في المراكز أو في التخوم, أي أن الرأسمال صار احتكاريا ومعمما في آن, وأضيف إليه سمة ثالثة هي المحمول-financialization ولا يعني هذا صعود القطاع المالي أو البنوك, وإنما يعني أن الجانب المالي في القرار الاقتصادي يتحكم في كل الأنشطة الاقتصادية. فهل هذا النمط هو نهاية التاريخ, وأنه سيحقق السلام العالمي؟! أعتقد أن هذا حديث خرافة.. إذ أنني أري أننا نعيش عصر خريف الرأسمالية رغم كل ما يشاع عن ازدهار النموذج الرأسمالي خاصة بعد سقوط الاتحاد السوفييتي, ولكني أبني تصوري علي حدوث انفجارات هائلة في المنظومة الرأسمالية وهذه حدثت بالفعل في دول المركز وهناك انفجار اليورو, والتناقض الحاد بين احتياجات الfinancialization واستمرار قدر من النمو يؤدي إلي تصدع النظام وتسريع انفجاره من الداخل.
محمد حربي: وماذا بعد الانفجار أو ماذا بعد الخريف الرأسمالي ؟
سمير أمين: هذا الانفجار قد يفتح باب الاحتمال للدخول في اتجاه آخر هو الاشتراكية, ولا أعني أننا يمكن أن نحقق الاشتراكية غدا بل أقصد أن انفجار المنظومة الرأسمالية تفتح باب الاحتمال وليس أكثر. أما الطريق للاشتراكية فلا بد أن نخوضه عبر استراتيجية واضحة, والدخول في مراحل, وقد حدث بالفعل في مرحلة من المراحل تصور إمكانية التعايش بين الاشتراكية والسوق, مثلما أشار الأستاذ مجدي إلي أوسكار لانج الذي كان لديه تصور سليم( منذ حوالي80عاما) للنمو الحقيقي في بناء الاشتراكية, وربما يكون فعلا ما تصوره لانج هو ما تبني عليه الصين استراتيجيتها.واريد الدخول في الجدل حول طبيعة النظام في الصين, وهل هو رأسمالي أو اشتراكي, ما يعنيني هنا أنه ولو كان رأسماليا فإنه بالتأكيد ليس رأسمالية محاسيب كما حدث عندنا في مصر, وإنما رأسمالية دولة إلي حد كبير, رغم وجود قطاع خاص, واعتماد علي قوانين السوق ولكن بضوابط. وهذا جوهر النظام الصيني.. وجود ضوابط يجعله مشروعا لدولة وطنية أو مشروع له مضمون اجتماعي وطني لا أقول إنه اشتراكي, ولكنه نظام يسمح بصعود في التوزيع
الصين في تحد كبير لأنها أمام أمرين: أولهما أن تفقد نفسها تدريجيا تحت وطأة التناقض بين مصالحها الوطنية ومصالح الإمبريالية التقليدية, ولا تجد نفسها إلا مندرجة في نظام السوق العالمي, وتصبح جزءا من المنظومة الرأسمالية, والأمر الثاني أن تنجح في كبح آليات السوق, والتناقض مع الرأسمال العالمي وتتجه إلي شكل من أشكال الاشتراكية, وهذا التحدي ليس خافيا علي الوعي الجماعي لدي النخبة الطبيعية التي تبحث عن هوية ديمقراطية لتجربتها الاشتراكية.
فيما يتعلق بالجدل حول البورجوازية الوطنية أجد أن أرجع إلي كتابات المفكر
الراحل فؤاد مرسي(1925-1990) التي تشير إلي وجود بورجوازية وطنية وأخري كومبرادورية قابلة للتبعية.. والاستاذ مجدي صبحي تحدث عن ان الدولة بحاجة إلي قاعدة موضوعية طبقية, وهذا يبدو تعبيرا ماركسيا كلاسيكيا, وماو تسي تونج عرف هذه المشكلة ولكنه أشار إلي أن البورجوازية الوطنية في التخوم ليست فقط ضعيفة بل إنها تقبل الوجهين, الوطني والكومبرادوريHHH, وذلك بحسب الظروف المحيطة. فلو تراجع ضغط الإمبريالية عليها صارت بورجوازية وطنية وإن حدث العكس سيكون قبولها للتبعية أكبر.
ولتقريب الفكرة سأضرب مثلا بالتجربة الناصرية التي أسهم دعم الاتحاد السوفييتي لها في منحها هامشا معقولا للتحرك باتجاه الوطنية لأن قدرة الإمبريالية علي ضربها صارت محدودة. ولكن مع تغير الظروف الدولية, وانكسار النموذج الناصري بالهزيمة في1967, صار تدخل الإمبريالية عسكريا ممكنا, تحولت البورجوازية المصرية بعد رحيل ناصر إلي الوجهة الكومبرادورية, وظهرت رأسمالية المحاسيب التي تقبل التبعية والخضوع للإمبريالية والعمل لحسابها. ومعني هذا أن الموقف يتحدد بالظروف. فرأسمالية الدولة في عهد ناصر كانت رأسمالية تنموية, بينما كانت في عهد السادات ومبارك رأسمالية محاسيب.
أحمد النجار: لدي ملاحظات حول طبيعة النظام الرأسمالي الذي يعاني من دورات ركود حيث يثبت التاريخ العالمي أنه منذ نشأة النظام الرأسمالي حتي الآن توجد فترات دورية للركود الاقتصادي. وقد حدث هذا في بداية الثمانينات, وفي1997 في المكسيك, و1997-98في جنوب شرق آسيا, ثم حدث الانفجار الكبير عام2008 وهذه الدورات تنشأ بسبب طبيعة وجوهر النظام الرأسمالي, جزء منه سوء توزيع الدخل واتئثار الطبقة الرأسمالية بجزء كبير من القيمة المضافة التي تخلق في العملية الإنتاجية, وبسبب تناقض مصالح الطبقة العاملة والرأسمال يتراكم نوع من زيادة العرض علي الطلب, ويتم التحايل علي ذلك عبر ما أنشأه النظام المصرفي من عمليات اقتراض بضمان الدخول المستقبلية لعدة سنوات, وعند الفشل في السداد تبدأ المنظومة في الانهيار.
الملاحظة الثانية أنه تم تجاهل جون كينزHH فيما يتعلق بالتنظير للفكر الرأسمالي. فمنذ الثلاثينات حتي السبعينات كانت الاقتصادات الغربية تقوم علي أساس النموذج الكينزي القائم علي استعارة القيم الاشتراكية وبالتحديد فيما يتعلق بتدخل الدولة في الاقتصاد لتحقيق التوازن ورفع كفاءة التشغيل.
وفيما يتعلق بالصين فانها تعتمد علي الطلب الداخلي منذ عام1949( مع الثورة الثقافية) حتي1979, وكانت تحقق نموا قدره9.8%. ومنذ عام1980تعتمد علي زيادة الطلب الخارجي, وحققت نموا قدره10%, والذي ارتفع في بعض السنوات إلي14%.
الملاحظة الثالثة تتعلق برأسمالية الدولة المحكوم عليها بالتفكك الحتمي والتحول إلي الرأسمالية البيروقراطية. ورأسمالية الدولة تعني وجود طبقة تدير الأصول العامة للدولة لمصلحة الشعب مقابل رواتب أو مزايا. ولكن عندما تغيب الديمقراطية والرقابة تتحول المسألة إلي رأسمالية بيروقراطية تدير فيها طبقة الأصل العام لمصلحتها بدلا عن مصالح الأمة, وتتحول هذه الطبقة إلي جماعة مغلقة تتوارث المناصب والسيطرة علي الاقتصاد.
وأختم مداخلتي بالإشارة إلي أن الولايات المتحدة طبقت مبدأ تدخل الدولة للحفاظ علي التوازن الاقتصادي, وأضرب مثلا بما فعله الرئيس الأمريكي جورج بوش بإطلاق برنامج يتكلف700مليار دولار لشراء الشركات المتداعية. وقبل هذا البرنامج تم تنفيذ برنامج إنقاذ لشركتين كانتا معرضتين للإفلاس, وهما تضمان رهونا عقارية قدرها35تريليون دولار. وكان إفلاسهما يعني انهيارا للنظام الرأسمالي كله.
خالد السرجاني: سأطرح ملاحظة وسؤالا حول تأثير الديموغرافيا علي تفكك الدولة, وهنا أشير إلي دراسة لأحد الباحثين المصريين أكد فيها أن الهرم السكاني في مصر يشبه القلة الفخار, من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين18 و35عاما, وهم غالبية المشاركين في الثورة, أما السؤال فيدور حول نقد المركزية الأوروبية. فهل لو مددنا فكرة نقد هذه المركزية, هل نصل إلي نتيجة تقول إن كتابات مفكري نقد المركزية تغذي موقف التيارات الأصولية التي ترفض الغرب والمركزية الأوروبية, فهل تمنح هذه الأفكار شرعية للأصوليات الدينية؟
وهل يمكن في ظل الظروف الدولية الراهنة أن تقوم دولة دينية في مصر؟
علي مبروك: لي عدة ملاحظات.. أولها: أتفق مع الدكتور سمير أمين فيما طرحه حول التفسير الرجعي للإسلام من قبل الإخوان أو التيارات الدينية الأخري, وأري أنه بات مطلوبا الآن تحرير الإسلام من الأدلجة السياسية, أيا كان شكلها ومصدرها, لأنها أدخلت النخبة في حروب لا حوار حول المستقبل.
الملاحظة الثانية: فيما يتعلق بالدولة المصرية, أري أن أزمة هذه الدولة ليست مرتبطة بالحقبة الناصرية, بل تمتد إلي طبيعة تشكل الدولة نفسها, التي تتبع نظام التحديث الذي يقف عند حدود شكل الحداثة وشكل الديمقراطية, ومن ثم تتحول الدولة إلي صورة شائهة للحداثة تستند إلي المضمون القمعي الذي يتناقض كلية مع قيم الحداثة نفسها.
سمير أمين: أود الإشارة إلي أن سيادة الكينزية في الفكر الاقتصادي أمر ناتج عن إطار اجتماعي يتسم بنوع من التوازن بين القوي الاجتماعية المختلفة, وبصورة أساسية بين الطبقة العاملة( بالمعني الواسع للكلمة) ورأس المال. هذا الإطار خلق ظروفا فرضت المفاهيم الكينزية. ولكن عندما حدث الاختلال في العلاقة بين العمال ورأس المال لصالح الأخير تم نسيان كينز ومفاهيمه.
فيما يتعلق بالصين لا أحبذ ما يسود في الموضات الاقتصادية من تعبيرات مثل الاقتصادات البازغة وأفضل المصطلح القديم المجتمعات الصاعدة وهي صاعدة ليس في الاقتصاد فقط بل في كل مناحي الحياة لأنها أحدثت تغييرات في الهيكل الاجتماعي في الدولة الوحيدة في العالم التي حدث فيها تفاوت متزايد في توزيع الدخل مصحوب بصعود في مستويات الدخول كلها أو معظمها. فبحسب الاحصاءات الدولية يتمتع90% من سكان الصين بمستويات دخول أفضل مما كان عليه الوضع قبل30عاما.
أحمد النجار: كان846 مليونا كانوا تحت خط الفقر في عام1980, وانخفض هذا العدد ليصبح150مليونا فقط..
محمد حربي: وماذا عن النمط المصري؟
سمير أمين: هناك نمط التنمية الصاعدة وتمثله الصين, وهناك نمط التنمية الرثة القائم علي تفاوت واضح في توزيع الدخول بين الطبقات, ولكن هذا التفاوت مصحوب بإفقار الطبقات الفقيرة. فلدينا عدد هائل من المليارديرات وفي المقابل هناك إفقار للشعب لا يظهر فقط في الطبقات الشعبية الفقيرة بل امتد ليشمل قطاعات واسعة من الطبقة الوسطي.
أما النمط الثالث من التنمية فيبرز في الهند وبها سمات للصعود مثل وجود منظومة إنتاجية. وتمتع الاقتصاد الهندي بقوة تنافسية وبالتالي ارتفع نصيب الهند في التجارة العالمية, وفي المقابل هناك مظاهر للإفقار في القطاعات الريفية.
فيما يتعلق بسؤال المركزية الأوروبية, وأنا كنت من الذين كتبوا في نقد هذه المركزية وأري أن هناك مركزية أوروبية معكوسة تظهر في المسألة الثقافوية في الإسلام السياسي, وفي الهندوسية بالهند, والقبائيلية والإثنية في إفريقيا, أو النظر من خلال الخصوصيات الثقافية التي تعمل علي تثبيت التاريخ ومنح الدول والمجتمعات سمات ثابتة عابرة للتاريخ ومتجاوزة له. وللأسف هذا فهم خاطئ للإسلام مثلا. إذ تري جماعات الاسلام السياسي أن الإسلام هو الإسلام كما هو وكما تشكل عبر التاريخ وصار ثابتا, وهذا تفسير يتجاهل أن الإسلام مثله مثل أي ظاهرة اجتماعية دينية كانت أو غير دينية له تاريخ لا يمكن تجاوزه, وهو يتكيف مع أو لا يتكيف مع ظروف عصره بحسب المراحل التاريخية التي يمر بها.
وأقول بحسم إن مقولة المركزية الأوروبية لا تعطي مشروعية للدولة الدينية والأصولية التي أراها مركزية أوروبية معكوسة.
فيما يتعلق بفكرة الدورات الخاصة بالنظام الرأسمالي التي طرحها الأستاذ النجار, أري أن استمرار سيادة رأسمالية الاحتكارات المعممة والمعولمة لصالح الثالوث غير المقدس: أمريكا وأوروبا واليابان, مشروع لا يمكن أن يستمر.
وعندما طرح فرانسيس فوكوياما أطروحته حول نهاية التاريخ ضحكت منها وقلت إن المشروع الرأسمالي في صورته الاحتكارية لن يستمر أكثر من30 عاما وسيدخل في مرحلة الانفجار, وقد حدث بالفعل في2008ولم يخرج النظام الرأسمالي من أزمته حتي الآن.
وتوصيفي للأزمات المتكررة في النظام الرأسمالي أنها أزمة هيكلية وأزمة حضارية لأنني لا أنظر للرأسمالية باعتبارها منظومة اقتصادية فقط بل باعتبارها مرحلة من مراحل الحضارة الإنسانية, كما أنظر للاشتراكية باعتبارها مرحلة أعلي للحضارة.
ولكي تستمر هذه السياسة الرأسمالية الاحتكارية, فإنها وضعت استراتيجية تقوم علي تشجيع نماذج الدول الدينية أو الدول الإثنية لتجعل هذه الدول عاجزة عن أن تكون دولة وطنية. وأعتقد أن الغرب مرتاح تماما لصعود الإسلام السياسي بل ويدعمه.
ودعونا نعود لنماذج الدول الدينية التي تشكلت في القرن الماضي, ونبدأ بباكستان التي نراها دولة ساقطة أو فاشلة إذا ما قورنت بجارتها الهند. وهناك السودان ونموذجه الفريد في الأسلمة والذي ابتكره حسن الترابي. ماذا كانت نتيجة هذا النموذج سوي تفكيك الدولة وانقسامها والذي بدأ بانفصال الجنوب وسيتبعه ربما انفصال دارفور وربما انفصال النوبة في الشمال أيضا. وهكذا يتم تدمير الدولة, وهذا هدف من أهداف الاستراتيجية الغربية.
محمد حربي: هل هذه نظرية مؤامرة؟
سمير أمين: لا أميل لتفسير الأمور وفق نظريات المؤامرة ولكن هناك استراتيجية للغرب تقوم علي تفكيك الدول لضمان ضعفها وتبعيتها
محمد حربي: هل تخاف من تكرار نموذجي السودان والصومال في مصر.
سمير أمين:أعرف أن لكل مجتمع طبيعة خاصة, لكن استراتيجية تفكيك الدولة الوطنية في مصر ستأخذ شكلا آخر غير ما حدث في السودان أو الصومال. وأخشي ما أخشاه أن يكون الخطر المحدق بسيناء جزء من هذه الاستراتيجية
أنور عبد اللطيف:هل يمكن أن تنهار الدولة المصرية بعد الثورة التي تراها انتفاضة ؟ وكيف يمكن أن نحقق أهداف الثورة؟
سمير أمين:قلت من قبل أن ما حدث في يناير انتفاضة شعبية هائلة ومقدمة لثورة أثبتت شجاعة الشعب المصري وقدرته علي كسر حاجز الخوف. وأري أن انتفاضة الشعب المصري كله خطوة هائلة لا يجب أن تتوقف. ومن مكاسب52 يناير أنها أثبتت أن الأقلية يمكنها أن تجر الأغلبية إلي تغيير هيكل الدولة. فكما نجح مئات الآلاف في دفع الملايين للمشاركة في الثورة فإن الأمل لا يزال قائما في التحول إلي الثورة رغم ما فعلته الرأسمالية العالمية من دعم للإسلام السياسي لوقف ما يمكن تسميته بشرعية الاحتجاج.
ولعل استعادة ما حدث في ثورة1919 مجددا مهم في هذا السياق للانتقال من الديمقراطية الشكلية التي تعطي الشرعية للصندوق إلي الديمقراطية الاجتماعية التي نادي بها طه حسين عبر مجانية التعليم, والتي تسهم في إعادة الشرعية إلي الشعب.
صلاح سالم:لم تكن هناك في مصر طبقة اجتماعية بالمعني الحقيقي لكلمة طبقة, ولم تكن هناك كتلة تاريخية تستطيع حمل المضامين الأساسية للتطور المصري, وتمثل تيارا سياسيا مثلما حدث في معظم البورجوازيات في التاريخ الأوروبي
وقد شهد التطور المصري نمطين من التطور. الأول: نمط التحديث الوطني ذو المشروع الاجتماعي وتمثله ثلاث لحظات أساسية هي لحظة محمد علي المؤسس للحداثة المصرية أيا كان رأينا في مشروعه الذي حمله الجيش علي عاتقه.
واللحظة الثانية هي لحظة عرابي, وهي لحظة إلهام رمزي لم تؤسس ولكنها ألهمت روح الاستقلال. واللحظة الثالثة هي لحظة عبد الناصر ومشروعه الوطني للتحديث والاستعلاء الوطني.
أما النمط الثاني فهو نمط تحديث بلا مشروع وطني أو مشروع اجتماعي وبه ثلاث لحظات أساسية. الأولي لحظة اسماعيل باشا وتحديثه الشكلي. ولحظة الوفد الليبرالي, ولحظة أنور السادات ومن بعده مبارك. وهذا النمط ارتضي أن يكون تابعا للغرب وأن يكون علي هامش العالم.
محمد عيد ابراهيم:بعد مقتل السادات بدأ حلم الإخوان المسلمين في السيطرة علي مقاليد الأمور في النقابات المهنية, ومع ثورة يناير2011جاءتهم الفرصة للتمكين فهل سننتظر طويلا لبدء مرحلة جديدة من تاريخنا أم أن الإخوان يمثلون ردة علي مشروع الدولة الوطنية؟
سمير أمين:قلت إن الإخوان امتداد لمرحلة الانحطاط التي بدأت مع السادات وهي مرحلة بلا مشروع وطني.
محمد عيد إبراهيم:هل يمكن ملاحظة ترابط نسبي بين الإبداع الثقافي بشكل عام والنمو الاقتصادي؟
سمير أمين: أعتقد أن الإبداع الثقافي والفني بشكل عام يرتبط بالنهضة الاقتصادية, والنهضة أكبر من مجرد النمو. وعندما ينهض مجتمع ما اقتصاديا واجتماعيا فإنه بالضرورة سيشهد تطورا تطورا نوعيا في الإبداع الثقافي.
.............................
أوسكار لانج: مفكر اقتصادي ودبلوماسي بولندي(1904-1965)
جون كينز: مفكر اقتصادي إنجليزي(1883-1946) مؤسس ما يمكن تسميته الليبرالية الاشتراكية التي تقوم علي وجود دور للحكومة في العملية الاقتصادية.
الكومبرادورية.. كلمة برتغالية تعني المشتري وأصبحت مصطلحا سياسيا في الأدبيات الاشتراكية يعني البرجوازية التي تتحالف مع الإمبريالية لتحقيق مصالحها علي حساب المصلحة الوطنية لبلادها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.