«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صالون الأهرام الثقافي‏(1)‏..المفكر الكبير سمير أمين‏:‏ نهضة مصر خطر علي أمريكا واسرائيل والخليج

يقول الشاعر البحريني الكبير قاسم حداد في قصيدة له لاتقدم للسؤال الأجوبة قدم له الأسئلة سمير أمين سؤال كبير في زمن تفرض فيه الاجابات علي مذبح العولمة باسم انجيل السوق وقدرات الدولار يرفع راية العصيان بوجه الرأسمالية‏. ويرفض أن تكون نهاية التاريخ ولذلك صار علما علي الفكر الاقتصادي المناوئ لقوانين السوق وآلياته, وأحد الرافضين الكبار لسيطرة العولمة بإعتبارها نمطا من الأمركة, أو نمطا من سيطرة الشمال علي الجنوب, أو المركز علي ؟وسمير أمين اجابة أيضا للأسئلة أو فاتحة للإجابة فهو بما قدمه من فكر نقدي للنظرية الرأسمالية يبقي الحلم الاشتراكي علي قيد الحياة مستمرا في توجيه الأسئلة للنظريات البائسة التي يروح لها البعض للرأسمالية بإعتبارها التجلي الانساني الأخير, وأنها نمط يتماشي مع الطبيعة الإنسانية ويؤكد في ظل كتبه أنها الرأسمالية تمثل فوضي المصالح الكبري علي حساب الأطراف وبلغة بسيطة لاتناسب عمق أفكار سمير أمين تقول أنه رجل منحاز للفقراء والبسطاء وللإنسانية ضد فوضي الأثرياء وذوي النفوذ في المراكز الرأسمالية العالمية
سمير أمين: أود بالفعل أن أطرح أسئلة أكثر مما أقدم إجابات, صحيح أنني أمتلك مشروعات إجابات لهذه الأسئلة, لكني أدعو الي حوار مفتوح وعقلاني حول هذه الأسئلة.
وسؤالي الأساسي اليوم هو: ماهي البدائل المطروحة في مصر بشكل خاص, والجنوب بشكل عام لمواجهة العولمة؟
كيف يمكن أن نحل مشكلة الخيار بين الرأسمالية, والاشتراكية؟
وكيف نحل مشكلة الخيار بين الدولة المدنية الوطنية والدولة الدينية في المجال السياسي
.. في مشكلة الخيار بين الإشتراكية والرأسمالية, لابد من تبديد الوهم السائد بأن حرية السوق تنتج نوعا من التوازن بين القدرة علي التنمية, والعدالة الإجتماعية ومن ثم فإن الرأسمالية هي نهاية التاريخ, وأفضل نظام اقتصادي يمكن تصوره لأنه يتماشي مع الطبيعة الإنسانية, وهذه مقولات خاطئة تماما وتمثل نوعا من الأصولية الليبرالية أو أصولية السوق إن صح التعبير, لأن آليات السوق( والمصطلح لكارل ماركس تنتج اختلالا في التوازن بين التنمية والعدالة عندما ينتقل النظام من مرحلة إلي أخري بسبب صراع الطبقات, والصراع بين الإقتصادات الوطنية والرأسمالية).
وعلي مدي التاريخ كانت هناك محاولتان علميتان لإثبات مقولة أن آليات السوق تحقق التوازن هما محاولتا: بيرو سرانا(1898 1983 وماري ليون فالرس1834 1910 وقد فشلت المحاولتان في إثبات هذه الفرضية الخاطئة.
ولكي لانغرق القاريء في تنظير مجرد حول الرأسمالية دعونا نثبت المقولة البسيطة التي تقول أن مايسود العالم هو مصالح الرأسمال وهذه المصالح مرتبطة بالمراكز الكبري, فماذا نفعل نحن في مصر, أو في دول النجوم, هل يمكن أن نندمج هكذا بالرأسمالية العالمية, وتصبح الولايات المتحدة( كما تروج بعض الكتابات غير العقلانية في مصر بكلام لاعلاقة له بالواقع وتحاول فقط تحسين التبعية وتبريرها علي أساس أن الرأسمالية هي المنطق الطبيعي للأشياء وأن الإشتراكة المناقضة لسيطرة الرأسمال مجرد قيم نبيلة جيدة, لكنها غير واقعية وغير عملية, وأنها فشلت في كل الدول التي تم تطبيقها فيها, وهذا كلام غير دقيق, مثله مثل الكلام عن أن الرأسمالية تجدد نفسها.. وهذه مقولة صحيحة لكن هذا التجديد يتم دائما لمصلحة المراكز الكبري وعلي حساب الاطراف.
قطع: اذا كانت الاشتراكية لاتزال حلما لماذا تفضلها؟
سمير أمين: أفضل الإشتراكية كخيار, لأنها قائمة علي مباديء انسانية رقيقة تعلي من قيمة التضامن الإنساني بدلا عن المنافسة التي ترتكز عليها الرأسمالية.
ولكن الاشتراكية ليست وصفة جاهزة يمكن تطبيقها وفق نموذج فكري..
وقد اشرت الي ذلك في كتابي اشتراكية القرن الحادي والعشرين الذي يرد علي تساؤلكم وقدمت فيه مباديء انسانية نطرحها للمناقشة هي:
أولا: بناء عالم علي أساس التضامن بين البشر لا التنافس أو بناء مايمكن تسميته بعملية التلاحم الإجتماعي علي قاعدة الديمقراطية لا السوق
ثانيا: محاولة بناء عالم يقوم علي الاعتراف بأن موارد الطبيعة والأراضي الزراعية ليست ذات طبيعة تجارية كما أن المعارف العلمية والتعلم والصحة والثقافة ليست موضوعات تجارية
ثالثا: دعم السياسات التي توفق العلاقات بين الديمقراطية المفتوحة بلا حدود والتقدم الإجتماعي, مع التأكد التام علي استقلال الأمم والدول والشعوب.
أما المبدأ الرابع فهو دعم التضامن بين شعوب الشمال والجنوب لبناء رابطة دولية لمناهضة الإمبريالية الرأسمالية.
وأنا أري أن التحول الي الاشتراكية لايستلزم المرور بمرحلة الرأسمالية لأن هذه المقولة خاطئة كلية لأن الرأسمالية الحالية الامبريالية تقوم علي أساس سيطرة المراكز الإبمريالية في أوروبا والولايات المتحدة واليابان علي العالم.
ولكي نحقق اشتراكية فضائية تحتاج الي نضال طويل يقوم علي دراسة واقعنا ومعرفة إمكانية التطور فيه, وادراك طبيعة الرأسمالية السائدة في بلادنا وهي رأسمالية المحاسيب المرتبطة بالغرب ومصالح الرأسمالي العالمي وعلينا أن نعرف ماذا نريد؟
ونحن في مصر نريد اقتصادا وطنيا, ودولة ديمقراطيا؟ فهل هل نحن في وضع يسمح لنا بذلك؟
لكي أجيب علي سؤالكم أعود الي رؤيتي للتاريخ المري والواقع الراهن و سأقتصر هنا علي التاريخ الحديث الذي يبدأ مطلع القرن العشرين ومستمر حتي الآن وأقسم هذا التاريخ الي أربع مراحل اثنتين منها تمثل المد أو محاولة النهضة, فيما تمثل اثنتان حالة( الجزر) أو الإنحطاط
المرحلة الأولي بدأت مع تولي محمد علي حكم مصر1800 وفيها نفذ مشروعا تحديثيا استمر60 عاما حتي جاء عصر اسماعيل(1863 1879) تآكل مشروع الدولة الحديثة وبدأ الإنحطاط في المرحلة الثانية.
والمرحلة الثالثة تبدأ مع ثورة19 ومستمر حتي نكسة يونيو67 أو وفاة عبد الناصر في العام.1970
البعض يري أن عصر اسماعيل يمثل نهضة تحديثية في تاريخ مصر؟
سمير أمين: ماحدث في عصر اسماعيل هو تفكيك مشروع الدولة الوطنية وإعادة هيكلة الاقتصاد المصري ومن ثم المجتمع كله, فتحولت مصر الي مزرعة القطن الخاصة لبريطانيا, تخدم الصناعة الإنجليزية, ودخلت مصر عهد الديون.
ولماذا تجمع المرحلة الوفدية مع المرحلة الناصرية معا؟
سمير أمين: أري أن مرحلة المد الوطني الممتدة ممنذ1919 حتي1970 من فصلين أولهما الفصل الليبرالي الوفدي, وثانيهما الفصل القومي الناصري, وأري أن هناك وجه شبه بين الفصلين رغم إختلاف طبيعها, واللحظة التاريخية الخاصة بكل منهما, هذا الوجه هو نزوع الفصلين لإنشاء دولة معرفية حديثة مستقلة عن الارتباط بالمصالح العالمية, أنا مؤمن بهذا علي الرغم مما تروجه الأيديولوجية الناصرية بأن التاريخ المعاصر لمصر بدأ فقط مع ثورة يوليو1952, وهذا خطأ تاريخي فمشروع النهضة المصرية( المد) بدأ في هذه المرحلة مع ثورة19, واستمر بشكل آخر مع ثورة يوليو.52
أما المرحلة الرابعة( وهي مرحلة الثانية) فبدأت مع إنقلاب السادات علي المشروع الناصري(1971) وهي مستمرة حتي الوقت الراهن, وتقوم هذه المرحلة علي تفكيك المشروع الوطني اقتصاديا وسياسيا, والارتباط بالرأسمالية العالمية, ومصالحها وهذا الموقف مستمر للأسف حتي الآن رغم رفع شعارات الاسلام السياسي مثل اسلمة الدولة, لأن جوهر النظام منذ السادات واحد لم يتغير.
وعندما اتحدث عن نهضة أعني أن تقوم بها الدولة الوطنية, وليس البورجوازية الوطنية, لأنني أعرف أن العولمة في شكلها الحالي, والإستقطاب العالمي يحصلان من تكوين بورجوازيات وطنية أمرا صعبا.
وقد تبلور مشروع الدولة الوطنية مع ثورة19, وبروز مشروعات طلعت حرب 1867 1941) الاقتصادية مثل بنك مصر(1920) أي بعد عام واحد أي أنه كانت هناك بوادر تشير لإمكانية تدشين دولة وطنية, لكن التاريخ أثبت محدودية هذه الإمكانية, ويمكن القول أن ماحققته المرحلة الوفدية لم يكن غير ذي قيمة ولكنه كان محدودا بسبب الإختلال في التوازن في القوي من رأس المال بين البورجوازية المصرية والبورجوازية السائدة عالميا( وتمثلها بريطانيا) فلم تكتمل بوادر النهضة ومع مجيء الناصرية بعد1952 بمشروعها أو الفصل الثاني أدرك الضباط الأحرار بالتدريج( افتح قوسا لأقول أن هؤلاء الضباط لم يكن لديهم وعي ناضج في البداية, ولكن كانت لديهم ميول وطنية, وبعد باندونج أدرك عبد الناصر أن البورجوازية الوطنية لايمكن أن تكون القاعدة الأساسية والموضوعية لبناء المشروع الوطني التحديثي, ولذلك فكر في أن تكون الدولة( أو رأسمالية الدولة) هي قاعدة هذا المشروع.
ومن المهم أن تقارن بين فصلي.
مرحلة النهضة: الوفدي والناصرية لنري أن هناك تقدما في الجانب السياسي ففي هذا الفصل دخلتة المفاهيم السياسية الحديثة كالديمقراطية, والدستور الي الحياة السياسية المصرية. كما ظهرت فكرة دولة المواطنة التي لاتفرق بين مواطنيها علي أساس الدين, كما ظهرت العلمانية بشكل جزئي, من خلال الدعوات لفصل الدين عن الدولة, وليس الغاء الدين كما يروج الإسلام السياسي عن العلمانية لتشويهها وهو أمر لا علاقة له بالحقيقة, ففي مصر لم يدع أحد من الليبراليين أو الشيوعيين الي إلغاء الدين من الحياة بل دعا الجميع الي فصل الدين عن ممارسة السياسة وفي الجانب السياسي أيضا يمثل العهد الناصري ردة علي هذه المفاهيم الحديثة لأنه اهتم بالمشروع التنموي, والجانب الإجتماعي بالمشروع التنموي, والجانب الإجتماعي منه علي حساب الديمقراطية التي تفكر فيها, وكأنه كان يريد العودة الي محمد علي ومشروعه, ما أسهم في تآكل المشروع الوطني اذا أخذنا في الإعتبار الهجوم المعاكس للبورجوازية العالمية ماجعل المشروع يتهاوي مع نكسة.1976
ودخلت مصر بعدها مرحلة الأنحطاط أو الجزر الثانية مع مجيء السادات إلا أنه من الإنصاف أن نقول أن المشروع الناصري كان سباقا عن نظيره الوفدي فيما يتعلق بالعدالة الإجتماعية وظهر ذلك بشكل جلي في قوانين الإصلاح الزراعي, والقوانين الإشتراكية والتأميم
الاهرام: البعض قد يعارض ذلك التقسيم الخاص بفصل الناصرية عن السادات ومبارك؟
سمير أمين: لايمكن أن يكون نظام السادات استمرارا للناصرية, بل هو إنقلاب كامل عليها, فقد عمل علي تفكيك المشروع الوطني, وأعرف أن من يري أننا كنا نعيش في ظل ديكتاتورية عسكرية منذ52 حتي الوقت الراهن, وأعرف أن هذا القاسم المشترك بين نظام ناصر والسادات ومن بعدها مبارك صحيح للأسف, ولكني أضع معيار المشروع الوطني أساسا للمقارنة, وهنا لايمكن جمع ناصر والسادات ومبارك في سلة واحدة.
فقد أدعي السادات أن الإنفتاح علي الغرب, وفتح الباب لآليات السوق كفيلان بجذب الاستثمارات الي مصر, وأيضا من الإقتصاد المصري, ولكن التجربة أثبتت أن رءوس الأموال الأجنبية لم تأت, وكل ماجاء كان في معظمه خاصة الخليجي منه استثمارا في العقارات والمشروعات غير الإنتاجية وأفتح قوسا للتساؤل هنا لماذا لم تأت رءوس أموال ايضا, ولكنها ذهبت الي الصين الإشتراكية, والإجابة في عبارة حاسمة لأن لدي الصين مشروعا وطنيا للدولة والإقتصاد فلكي يأتي رأس المال لابد أن يكون لك مشروع وطنيا اقتصادي.
لماذا لم يتغير الوضع بعد ثورة25 يناير؟
أنا اميل لتسميتها انتفاضة شعبية وليس هذا تقليلا مما حدث ولكنه قراءة منطقية فما حدث هائل وعظيم.
اثبت شجاعة الشعب المصري, خاصة طبقاته الشعبية التي خرجت ورعت الثورة وقالت إنه لم يعد ممكنا استمرار نظرية ألاستقرار ممكنا من خلال القمع, وعلي الرغم من ضعف الحركة الثورية التي حدثت فقد أظهرت ميلا حقيقيا لتكوين الدولة الوطنية الحديثة القائمة علي دمرقطة المجتمع, أي تحقيق الديمقراطية بين فئات المجتمع بين الرجل والمرأة بين العمال ورؤسائهم في العمل بين الأغلبية المسلمة والأقلية من الأقباط.
هناك ميل ونزوع حقيقي نحو الديمقراطية, ودولة المواطنة التي توفر لأبنائها العمل والعدالة الاجتماعية والترقي المستمر في مستويات المعيشة, وتضمن علي المستوي السياسي استقلالا حقيقيا لمصر يجعلها دولة محترمة في إقليمها ولاعبا فاعلا في السياسة العالمية لا مجرد تابع للرأسمال.
ولماذا لم تستمر الثورة؟
هناك ثلاثة أطراف لا يهمها نهضة مصر واستمرار ثورتها هي: واشنطن وإسرائيل, ودول الخليج, فواشنطن تري أن نهضة حقيقية في مصر تمثل لها مشكلة, لأن مصر دولة قائدة في المنطقة ومن شأن أي مشروع وطني مصري أن تكون له تأثيرات كبري علي المنطقة قد يهدد مصالح أمريكا.
ومن شأن المشروع الوطني المصري أن يهدد أو يحد من طبيعة التوسع في المشروع الصهيوني الإسرائيلي ومن ثم وضع حل أفضل لمشكلة فلسطين.
أما دول الخليج فقد امتلكت النفوذ في الشرق الأوسط فقط بسبب غياب مصر, ومن شأن عودة مصر أن يتقزم دور دول الخليج, وعندما حدثت الثورة سارعت الولايات المتحدة بالضغط باسم الديمقراطية لاجهاض الديمقراطية.. وهنا لا أجب أن يفهم كلامي علي أنه تطبيق لنظرية المؤامرة, بل أفضل أن استخدم مفهوم الاستراتيجية فهناك استراتيجية أمريكية للسيطرة علي المنطقة والعالم, وقد سارعت لمواجهة خطر الربيع العربي ووقف الحركة الثورية بالدفع باتجاه الديمقراطية الشكلية التي تعطي الشرعية فقط لصناديق الاقتراع وبالتالي وقف شرعية الثورة وهذا ما حدث مع وصول الإخوان للحكم والإخوان يؤيدون العولمة وليس لديهم مشروع مناهض لقوانين السوق وآلياته وليس لديهم شيء ضد قبول الرأسمالية العالمية, أو ضد الملكية الخاصة, وهم يؤيدون التعاون وربما الاعتماد علي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
ومع موافقتهم علي العولمة في شكلها الأمريكي القبول بالسيطرة العسكرية الأمريكية علي العالم, الأمر الذي يشكل خطورة علي الاستقلال الوطني المصري, وعلي القضية الفلسطينية لأن قبول العولمة الأمريكية يعني تصفية الوجود الفلسطيني.
هذا هو رأيي حول المراحل التاريخية والتي أري أن حكم الإخوان فيها استمرار لنظام السادات, والمسألة لا تتعلق بإيمان الإخوان أولا, ولكنها تتعلق باستغلال اليافطات الدينية بتأويل يميني رجعي لا يمثل لحسن الحظ القيم الأصلية للإسلام ولا يحقق صحوة إسلامية.
ما القاسم المشترك بين ثورتي19 و25 يناير؟
نعرف بالطبع أن الظرف التاريخي بين الثورتين مختلف جذريا, لكننا إذا امعنا النظر سنري أن هناك مشتركا بين الثورتين يتمثل في الميل الوطني إلي تشكيل دولة مدنية حديثة, دولة وطنية تقوم علي المساواة والمواطنة.
موقفك من عبدالناصر الآن يختلف عن حدة موقفك في الستينيات عندما أصدرت كتابك؟
موقفي من عبدالناصر كان نقديا ولا يزال, ولكن لا أستطيع أن أضع ناصر والسادات ومبارك في موقف واحد, ناصر في رأيي احد تجليات البرجوازية الوطنية, ولكن افتقار مشروع ناصر للديمقراطية جعل إنجازاته محدودة, وكنا كمواطنين مصريين ننتظر منه الكثير لكنه اخفق وأدخل النظام في أزمة منتصف الستينيات, حرك القوي العالمية واستعد لهجوم معاكس, اجهض المشروع الذي كان قائما علي القسم الوطني للبورجوازية المصرية, وليس القسم الخائن المتعلق بالفرد ولذلك استطيع القول إن رأسمالية الدولة في عهد عبدالناصر كان وراءها مشروع تنموي أما رأسمالية السادات ومبارك فهي رأسمالية المحاسيب المرتبطة بالسوق العالمية, والمصالح الرأسمالية الكبري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.