تنطلق 15 مايو.. جدول امتحانات الشهادة الإعدادية 2024 بالمنيا    ضمن مشروعات حياة كريمة.. محافظ قنا يفتتح وحدتى طب الاسرة بالقبيبة والكوم الأحمر بفرشوط    وضع حجر الأساس لنادي النيابة الإدارية في بيانكي غرب الإسكندرية (صور)    وزير الدفاع يلتقي قائد القيادة المركزية الأمريكية    مدبولي يتابع موقف التعديلات المقترحة على قانون المناطق الاقتصادية    ارتفاع أسعار الدواجن، وهذا سعر البيض في السوق اليوم الثلاثاء    بيلاروسيا تجري اختبارا مفاجئا لحاملات الأسلحة النووية    تعرف على حكم مباراة العودة بين الأهلي والترجي في نهائي دوري أبطال أفريقيا    النيابة تخلي سبيل مجدي شطة بكفالة مالية    سب والدته.. المشدد 10 سنوات للمتهم بقتل شقيقه في القليوبية    تجاوز 185 ألف جنيه.. تعرف على سعر إطلالة ياسمين عبدالعزيز في «صاحبة السعادة» (صور)    وائل كفوري ونوال الزغبي يحييان حفلًا غنائيًا بأمريكا في هذا الموعد (تفاصيل)    الصحة: نحرص على توفير الدورات بشكل دائم لصقل مهارات الأطقم الطبية والإدارية    الشامي: حسام حسن علمني الالتزام في الملعب.. وأخبرني أنني أذكره بنفسه وهو صغير    «زعيم الأغلبية» يدين الهجمات الوحشية للقوات الإسرائيلية على رفح الفلسطينية    غدا.. صحة المنيا تنظم قافلة طبية بقرية معصرة حجاج بمركز بني مزار ضمن مبادرة حياة كريمة    على طريقة الشيف عظيمة.. حضري بسكويت اليانسون في المنزل    9 أيام إجازة متواصلة.. موعد عيد الأضحى 2024    الرئيس الصيني يتعهد ب"عدم نيسان" قصف الناتو للسفارة الصينية في بلجراد    قبل بدء فصل الصيف.. موعد انخفاض أسعار الاجهزة الكهربائية وتوقعات السوق (الشعبة توضح)    نجمة البوب العالمية دوا ليبا تصدر ألبومها المنتظر "التفاؤل الجذري"    كيف يقوم العبد المسلم بشكر ربه على نعمِه الكثيرة؟..د.عصام الروبي يوضح    رئيس "دينية الشيوخ": تعليم وتعلم اللغات يمهد لمقاصد شرعية كريمة    البورصة المصرية تربح 11.9 مليار جنيه في ختام تعاملات الثلاثاء    بدء تطبيق نظام رقمنة أعمال شهادات الإيداع الدولية «GDR»    وزير الدفاع البريطاني يطلع البرلمان على الهجوم السيبراني على قاعدة بيانات أفراد القوات المسلحة    للأمهات.. أخطاء تجنبي فعلها إذا تعرض طفلك لحروق الجلد    وزير الري يتابع موقف المشروعات المائية وتدبير الأراضي لتنفيذ مشروعات خدمية بمراكز المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"    انطلاق الأعمال التحضيرية للدورة ال32 من اللجنة العليا المشتركة المصرية الأردنية    ضبط متهم بالاستيلاء على بيانات بطاقات الدفع الإلكتروني الخاصة بأهالي المنيا    نصائح مهمة لطلاب ثانوي قبل دخول الامتحان.. «التابلت مش هيفصل أبدا»    توقف حركة دخول شاحنات المساعدات إلى قطاع غزة    75 رغبة لطلاب الثانوية العامة.. هل يتغير عدد الرغبات بتنسيق الجامعات 2024؟    احتفالات القيامة بإيبارشية القوصية ومير بحضور المحافظ ومدير الأمن| صور    حفل met gala 2024..نجمة في موقف محرج بسبب فستان الساعة الرملية (فيديو)    9 عروض مسرحية مجانية لقصور الثقافة بالغربية والبحيرة    المشاكل بيونايتد كبيرة.. تن هاج يعلق على مستوى فريقه بعد الهزيمة القاسية بالدوري    بحضور مجلس النقابة.. محمود بدر يعلن تخوفه من أي تعديلات بقانون الصحفيين    الضرائب: تخفيض الحد الأدنى لقيمة الفاتورة الإلكترونية ل25 ألف جنيه بدءًا من أغسطس المقبل    الأمم المتحدة: العمليات العسكرية المكثفة ستجلب مزيدا من الموت واليأس ل 700 ألف امرأة وفتاة في رفح    برلماني: الاستجابة للمقترح المصري طوق النجاة لوقف نزيف الدم    3 ظواهر جوية تضرب البلاد.. الأرصاد تكشف حالة الطقس على المحافظات    بكتيريا وتسمم ونزلة معوية حادة.. «الصحة» تحذر من أضرار الفسيخ والرنجة وتوجه رسالة مهمة للمواطنين (تفاصيل)    انطلاق فعاليات مهرجان المسرح الجامعي للعروض المسرحية الطويلة بجامعة القاهرة    ضبط نصف طن أسماك مملحة ولحوم ودواجن فاسدة بالمنيا    «تعليم القاهرة»: انتهاء طباعة امتحانات نهاية العام الدراسي لصفوف النقل.. وتبدأ غدًا    عادات وتقاليد.. أهل الطفلة جانيت يكشفون سر طباعة صورتها على تيشرتات (فيديو)    "تم عرضه".. ميدو يفجر مفاجأة بشأن رفض الزمالك التعاقد مع معلول    إيرادات «السرب» تتجاوز 16 مليون جنيه خلال 6 أيام في دور العرض    اقوى رد من محمود الهواري على منكرين وجود الله    المتحف القومي للحضارة يحتفل بعيد شم النسيم ضمن مبادرة «طبلية مصر»    تفاصيل نارية.. تدخل الكبار لحل أزمة أفشة ومارسيل كولر    كيفية صلاة الصبح لمن فاته الفجر وحكم أدائها بعد شروق الشمس    عبد الجليل: استمرارية الانتصارات مهمة للزمالك في الموسم الحالي    زعيم المعارضة الإسرائيلي: على نتنياهو إنجاز صفقة التبادل.. وسأضمن له منع انهيار حكومته    لاعب نهضة بركان السابق: نريد تعويض خسارة لقب الكونفدرالية أمام الزمالك    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    شكر خاص.. حسين لبيب يوجه رسالة للاعبات الطائرة بعد حصد بطولة أفريقيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صالون الأهرام الثقافي‏(1)‏..المفكر الكبير سمير أمين‏:‏ نهضة مصر خطر علي أمريكا واسرائيل والخليج

يقول الشاعر البحريني الكبير قاسم حداد في قصيدة له لاتقدم للسؤال الأجوبة قدم له الأسئلة سمير أمين سؤال كبير في زمن تفرض فيه الاجابات علي مذبح العولمة باسم انجيل السوق وقدرات الدولار يرفع راية العصيان بوجه الرأسمالية‏. ويرفض أن تكون نهاية التاريخ ولذلك صار علما علي الفكر الاقتصادي المناوئ لقوانين السوق وآلياته, وأحد الرافضين الكبار لسيطرة العولمة بإعتبارها نمطا من الأمركة, أو نمطا من سيطرة الشمال علي الجنوب, أو المركز علي ؟وسمير أمين اجابة أيضا للأسئلة أو فاتحة للإجابة فهو بما قدمه من فكر نقدي للنظرية الرأسمالية يبقي الحلم الاشتراكي علي قيد الحياة مستمرا في توجيه الأسئلة للنظريات البائسة التي يروح لها البعض للرأسمالية بإعتبارها التجلي الانساني الأخير, وأنها نمط يتماشي مع الطبيعة الإنسانية ويؤكد في ظل كتبه أنها الرأسمالية تمثل فوضي المصالح الكبري علي حساب الأطراف وبلغة بسيطة لاتناسب عمق أفكار سمير أمين تقول أنه رجل منحاز للفقراء والبسطاء وللإنسانية ضد فوضي الأثرياء وذوي النفوذ في المراكز الرأسمالية العالمية
سمير أمين: أود بالفعل أن أطرح أسئلة أكثر مما أقدم إجابات, صحيح أنني أمتلك مشروعات إجابات لهذه الأسئلة, لكني أدعو الي حوار مفتوح وعقلاني حول هذه الأسئلة.
وسؤالي الأساسي اليوم هو: ماهي البدائل المطروحة في مصر بشكل خاص, والجنوب بشكل عام لمواجهة العولمة؟
كيف يمكن أن نحل مشكلة الخيار بين الرأسمالية, والاشتراكية؟
وكيف نحل مشكلة الخيار بين الدولة المدنية الوطنية والدولة الدينية في المجال السياسي
.. في مشكلة الخيار بين الإشتراكية والرأسمالية, لابد من تبديد الوهم السائد بأن حرية السوق تنتج نوعا من التوازن بين القدرة علي التنمية, والعدالة الإجتماعية ومن ثم فإن الرأسمالية هي نهاية التاريخ, وأفضل نظام اقتصادي يمكن تصوره لأنه يتماشي مع الطبيعة الإنسانية, وهذه مقولات خاطئة تماما وتمثل نوعا من الأصولية الليبرالية أو أصولية السوق إن صح التعبير, لأن آليات السوق( والمصطلح لكارل ماركس تنتج اختلالا في التوازن بين التنمية والعدالة عندما ينتقل النظام من مرحلة إلي أخري بسبب صراع الطبقات, والصراع بين الإقتصادات الوطنية والرأسمالية).
وعلي مدي التاريخ كانت هناك محاولتان علميتان لإثبات مقولة أن آليات السوق تحقق التوازن هما محاولتا: بيرو سرانا(1898 1983 وماري ليون فالرس1834 1910 وقد فشلت المحاولتان في إثبات هذه الفرضية الخاطئة.
ولكي لانغرق القاريء في تنظير مجرد حول الرأسمالية دعونا نثبت المقولة البسيطة التي تقول أن مايسود العالم هو مصالح الرأسمال وهذه المصالح مرتبطة بالمراكز الكبري, فماذا نفعل نحن في مصر, أو في دول النجوم, هل يمكن أن نندمج هكذا بالرأسمالية العالمية, وتصبح الولايات المتحدة( كما تروج بعض الكتابات غير العقلانية في مصر بكلام لاعلاقة له بالواقع وتحاول فقط تحسين التبعية وتبريرها علي أساس أن الرأسمالية هي المنطق الطبيعي للأشياء وأن الإشتراكة المناقضة لسيطرة الرأسمال مجرد قيم نبيلة جيدة, لكنها غير واقعية وغير عملية, وأنها فشلت في كل الدول التي تم تطبيقها فيها, وهذا كلام غير دقيق, مثله مثل الكلام عن أن الرأسمالية تجدد نفسها.. وهذه مقولة صحيحة لكن هذا التجديد يتم دائما لمصلحة المراكز الكبري وعلي حساب الاطراف.
قطع: اذا كانت الاشتراكية لاتزال حلما لماذا تفضلها؟
سمير أمين: أفضل الإشتراكية كخيار, لأنها قائمة علي مباديء انسانية رقيقة تعلي من قيمة التضامن الإنساني بدلا عن المنافسة التي ترتكز عليها الرأسمالية.
ولكن الاشتراكية ليست وصفة جاهزة يمكن تطبيقها وفق نموذج فكري..
وقد اشرت الي ذلك في كتابي اشتراكية القرن الحادي والعشرين الذي يرد علي تساؤلكم وقدمت فيه مباديء انسانية نطرحها للمناقشة هي:
أولا: بناء عالم علي أساس التضامن بين البشر لا التنافس أو بناء مايمكن تسميته بعملية التلاحم الإجتماعي علي قاعدة الديمقراطية لا السوق
ثانيا: محاولة بناء عالم يقوم علي الاعتراف بأن موارد الطبيعة والأراضي الزراعية ليست ذات طبيعة تجارية كما أن المعارف العلمية والتعلم والصحة والثقافة ليست موضوعات تجارية
ثالثا: دعم السياسات التي توفق العلاقات بين الديمقراطية المفتوحة بلا حدود والتقدم الإجتماعي, مع التأكد التام علي استقلال الأمم والدول والشعوب.
أما المبدأ الرابع فهو دعم التضامن بين شعوب الشمال والجنوب لبناء رابطة دولية لمناهضة الإمبريالية الرأسمالية.
وأنا أري أن التحول الي الاشتراكية لايستلزم المرور بمرحلة الرأسمالية لأن هذه المقولة خاطئة كلية لأن الرأسمالية الحالية الامبريالية تقوم علي أساس سيطرة المراكز الإبمريالية في أوروبا والولايات المتحدة واليابان علي العالم.
ولكي نحقق اشتراكية فضائية تحتاج الي نضال طويل يقوم علي دراسة واقعنا ومعرفة إمكانية التطور فيه, وادراك طبيعة الرأسمالية السائدة في بلادنا وهي رأسمالية المحاسيب المرتبطة بالغرب ومصالح الرأسمالي العالمي وعلينا أن نعرف ماذا نريد؟
ونحن في مصر نريد اقتصادا وطنيا, ودولة ديمقراطيا؟ فهل هل نحن في وضع يسمح لنا بذلك؟
لكي أجيب علي سؤالكم أعود الي رؤيتي للتاريخ المري والواقع الراهن و سأقتصر هنا علي التاريخ الحديث الذي يبدأ مطلع القرن العشرين ومستمر حتي الآن وأقسم هذا التاريخ الي أربع مراحل اثنتين منها تمثل المد أو محاولة النهضة, فيما تمثل اثنتان حالة( الجزر) أو الإنحطاط
المرحلة الأولي بدأت مع تولي محمد علي حكم مصر1800 وفيها نفذ مشروعا تحديثيا استمر60 عاما حتي جاء عصر اسماعيل(1863 1879) تآكل مشروع الدولة الحديثة وبدأ الإنحطاط في المرحلة الثانية.
والمرحلة الثالثة تبدأ مع ثورة19 ومستمر حتي نكسة يونيو67 أو وفاة عبد الناصر في العام.1970
البعض يري أن عصر اسماعيل يمثل نهضة تحديثية في تاريخ مصر؟
سمير أمين: ماحدث في عصر اسماعيل هو تفكيك مشروع الدولة الوطنية وإعادة هيكلة الاقتصاد المصري ومن ثم المجتمع كله, فتحولت مصر الي مزرعة القطن الخاصة لبريطانيا, تخدم الصناعة الإنجليزية, ودخلت مصر عهد الديون.
ولماذا تجمع المرحلة الوفدية مع المرحلة الناصرية معا؟
سمير أمين: أري أن مرحلة المد الوطني الممتدة ممنذ1919 حتي1970 من فصلين أولهما الفصل الليبرالي الوفدي, وثانيهما الفصل القومي الناصري, وأري أن هناك وجه شبه بين الفصلين رغم إختلاف طبيعها, واللحظة التاريخية الخاصة بكل منهما, هذا الوجه هو نزوع الفصلين لإنشاء دولة معرفية حديثة مستقلة عن الارتباط بالمصالح العالمية, أنا مؤمن بهذا علي الرغم مما تروجه الأيديولوجية الناصرية بأن التاريخ المعاصر لمصر بدأ فقط مع ثورة يوليو1952, وهذا خطأ تاريخي فمشروع النهضة المصرية( المد) بدأ في هذه المرحلة مع ثورة19, واستمر بشكل آخر مع ثورة يوليو.52
أما المرحلة الرابعة( وهي مرحلة الثانية) فبدأت مع إنقلاب السادات علي المشروع الناصري(1971) وهي مستمرة حتي الوقت الراهن, وتقوم هذه المرحلة علي تفكيك المشروع الوطني اقتصاديا وسياسيا, والارتباط بالرأسمالية العالمية, ومصالحها وهذا الموقف مستمر للأسف حتي الآن رغم رفع شعارات الاسلام السياسي مثل اسلمة الدولة, لأن جوهر النظام منذ السادات واحد لم يتغير.
وعندما اتحدث عن نهضة أعني أن تقوم بها الدولة الوطنية, وليس البورجوازية الوطنية, لأنني أعرف أن العولمة في شكلها الحالي, والإستقطاب العالمي يحصلان من تكوين بورجوازيات وطنية أمرا صعبا.
وقد تبلور مشروع الدولة الوطنية مع ثورة19, وبروز مشروعات طلعت حرب 1867 1941) الاقتصادية مثل بنك مصر(1920) أي بعد عام واحد أي أنه كانت هناك بوادر تشير لإمكانية تدشين دولة وطنية, لكن التاريخ أثبت محدودية هذه الإمكانية, ويمكن القول أن ماحققته المرحلة الوفدية لم يكن غير ذي قيمة ولكنه كان محدودا بسبب الإختلال في التوازن في القوي من رأس المال بين البورجوازية المصرية والبورجوازية السائدة عالميا( وتمثلها بريطانيا) فلم تكتمل بوادر النهضة ومع مجيء الناصرية بعد1952 بمشروعها أو الفصل الثاني أدرك الضباط الأحرار بالتدريج( افتح قوسا لأقول أن هؤلاء الضباط لم يكن لديهم وعي ناضج في البداية, ولكن كانت لديهم ميول وطنية, وبعد باندونج أدرك عبد الناصر أن البورجوازية الوطنية لايمكن أن تكون القاعدة الأساسية والموضوعية لبناء المشروع الوطني التحديثي, ولذلك فكر في أن تكون الدولة( أو رأسمالية الدولة) هي قاعدة هذا المشروع.
ومن المهم أن تقارن بين فصلي.
مرحلة النهضة: الوفدي والناصرية لنري أن هناك تقدما في الجانب السياسي ففي هذا الفصل دخلتة المفاهيم السياسية الحديثة كالديمقراطية, والدستور الي الحياة السياسية المصرية. كما ظهرت فكرة دولة المواطنة التي لاتفرق بين مواطنيها علي أساس الدين, كما ظهرت العلمانية بشكل جزئي, من خلال الدعوات لفصل الدين عن الدولة, وليس الغاء الدين كما يروج الإسلام السياسي عن العلمانية لتشويهها وهو أمر لا علاقة له بالحقيقة, ففي مصر لم يدع أحد من الليبراليين أو الشيوعيين الي إلغاء الدين من الحياة بل دعا الجميع الي فصل الدين عن ممارسة السياسة وفي الجانب السياسي أيضا يمثل العهد الناصري ردة علي هذه المفاهيم الحديثة لأنه اهتم بالمشروع التنموي, والجانب الإجتماعي بالمشروع التنموي, والجانب الإجتماعي منه علي حساب الديمقراطية التي تفكر فيها, وكأنه كان يريد العودة الي محمد علي ومشروعه, ما أسهم في تآكل المشروع الوطني اذا أخذنا في الإعتبار الهجوم المعاكس للبورجوازية العالمية ماجعل المشروع يتهاوي مع نكسة.1976
ودخلت مصر بعدها مرحلة الأنحطاط أو الجزر الثانية مع مجيء السادات إلا أنه من الإنصاف أن نقول أن المشروع الناصري كان سباقا عن نظيره الوفدي فيما يتعلق بالعدالة الإجتماعية وظهر ذلك بشكل جلي في قوانين الإصلاح الزراعي, والقوانين الإشتراكية والتأميم
الاهرام: البعض قد يعارض ذلك التقسيم الخاص بفصل الناصرية عن السادات ومبارك؟
سمير أمين: لايمكن أن يكون نظام السادات استمرارا للناصرية, بل هو إنقلاب كامل عليها, فقد عمل علي تفكيك المشروع الوطني, وأعرف أن من يري أننا كنا نعيش في ظل ديكتاتورية عسكرية منذ52 حتي الوقت الراهن, وأعرف أن هذا القاسم المشترك بين نظام ناصر والسادات ومن بعدها مبارك صحيح للأسف, ولكني أضع معيار المشروع الوطني أساسا للمقارنة, وهنا لايمكن جمع ناصر والسادات ومبارك في سلة واحدة.
فقد أدعي السادات أن الإنفتاح علي الغرب, وفتح الباب لآليات السوق كفيلان بجذب الاستثمارات الي مصر, وأيضا من الإقتصاد المصري, ولكن التجربة أثبتت أن رءوس الأموال الأجنبية لم تأت, وكل ماجاء كان في معظمه خاصة الخليجي منه استثمارا في العقارات والمشروعات غير الإنتاجية وأفتح قوسا للتساؤل هنا لماذا لم تأت رءوس أموال ايضا, ولكنها ذهبت الي الصين الإشتراكية, والإجابة في عبارة حاسمة لأن لدي الصين مشروعا وطنيا للدولة والإقتصاد فلكي يأتي رأس المال لابد أن يكون لك مشروع وطنيا اقتصادي.
لماذا لم يتغير الوضع بعد ثورة25 يناير؟
أنا اميل لتسميتها انتفاضة شعبية وليس هذا تقليلا مما حدث ولكنه قراءة منطقية فما حدث هائل وعظيم.
اثبت شجاعة الشعب المصري, خاصة طبقاته الشعبية التي خرجت ورعت الثورة وقالت إنه لم يعد ممكنا استمرار نظرية ألاستقرار ممكنا من خلال القمع, وعلي الرغم من ضعف الحركة الثورية التي حدثت فقد أظهرت ميلا حقيقيا لتكوين الدولة الوطنية الحديثة القائمة علي دمرقطة المجتمع, أي تحقيق الديمقراطية بين فئات المجتمع بين الرجل والمرأة بين العمال ورؤسائهم في العمل بين الأغلبية المسلمة والأقلية من الأقباط.
هناك ميل ونزوع حقيقي نحو الديمقراطية, ودولة المواطنة التي توفر لأبنائها العمل والعدالة الاجتماعية والترقي المستمر في مستويات المعيشة, وتضمن علي المستوي السياسي استقلالا حقيقيا لمصر يجعلها دولة محترمة في إقليمها ولاعبا فاعلا في السياسة العالمية لا مجرد تابع للرأسمال.
ولماذا لم تستمر الثورة؟
هناك ثلاثة أطراف لا يهمها نهضة مصر واستمرار ثورتها هي: واشنطن وإسرائيل, ودول الخليج, فواشنطن تري أن نهضة حقيقية في مصر تمثل لها مشكلة, لأن مصر دولة قائدة في المنطقة ومن شأن أي مشروع وطني مصري أن تكون له تأثيرات كبري علي المنطقة قد يهدد مصالح أمريكا.
ومن شأن المشروع الوطني المصري أن يهدد أو يحد من طبيعة التوسع في المشروع الصهيوني الإسرائيلي ومن ثم وضع حل أفضل لمشكلة فلسطين.
أما دول الخليج فقد امتلكت النفوذ في الشرق الأوسط فقط بسبب غياب مصر, ومن شأن عودة مصر أن يتقزم دور دول الخليج, وعندما حدثت الثورة سارعت الولايات المتحدة بالضغط باسم الديمقراطية لاجهاض الديمقراطية.. وهنا لا أجب أن يفهم كلامي علي أنه تطبيق لنظرية المؤامرة, بل أفضل أن استخدم مفهوم الاستراتيجية فهناك استراتيجية أمريكية للسيطرة علي المنطقة والعالم, وقد سارعت لمواجهة خطر الربيع العربي ووقف الحركة الثورية بالدفع باتجاه الديمقراطية الشكلية التي تعطي الشرعية فقط لصناديق الاقتراع وبالتالي وقف شرعية الثورة وهذا ما حدث مع وصول الإخوان للحكم والإخوان يؤيدون العولمة وليس لديهم مشروع مناهض لقوانين السوق وآلياته وليس لديهم شيء ضد قبول الرأسمالية العالمية, أو ضد الملكية الخاصة, وهم يؤيدون التعاون وربما الاعتماد علي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
ومع موافقتهم علي العولمة في شكلها الأمريكي القبول بالسيطرة العسكرية الأمريكية علي العالم, الأمر الذي يشكل خطورة علي الاستقلال الوطني المصري, وعلي القضية الفلسطينية لأن قبول العولمة الأمريكية يعني تصفية الوجود الفلسطيني.
هذا هو رأيي حول المراحل التاريخية والتي أري أن حكم الإخوان فيها استمرار لنظام السادات, والمسألة لا تتعلق بإيمان الإخوان أولا, ولكنها تتعلق باستغلال اليافطات الدينية بتأويل يميني رجعي لا يمثل لحسن الحظ القيم الأصلية للإسلام ولا يحقق صحوة إسلامية.
ما القاسم المشترك بين ثورتي19 و25 يناير؟
نعرف بالطبع أن الظرف التاريخي بين الثورتين مختلف جذريا, لكننا إذا امعنا النظر سنري أن هناك مشتركا بين الثورتين يتمثل في الميل الوطني إلي تشكيل دولة مدنية حديثة, دولة وطنية تقوم علي المساواة والمواطنة.
موقفك من عبدالناصر الآن يختلف عن حدة موقفك في الستينيات عندما أصدرت كتابك؟
موقفي من عبدالناصر كان نقديا ولا يزال, ولكن لا أستطيع أن أضع ناصر والسادات ومبارك في موقف واحد, ناصر في رأيي احد تجليات البرجوازية الوطنية, ولكن افتقار مشروع ناصر للديمقراطية جعل إنجازاته محدودة, وكنا كمواطنين مصريين ننتظر منه الكثير لكنه اخفق وأدخل النظام في أزمة منتصف الستينيات, حرك القوي العالمية واستعد لهجوم معاكس, اجهض المشروع الذي كان قائما علي القسم الوطني للبورجوازية المصرية, وليس القسم الخائن المتعلق بالفرد ولذلك استطيع القول إن رأسمالية الدولة في عهد عبدالناصر كان وراءها مشروع تنموي أما رأسمالية السادات ومبارك فهي رأسمالية المحاسيب المرتبطة بالسوق العالمية, والمصالح الرأسمالية الكبري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.