250 مصنعا و400 ورشة مهددة بالإغلاق بسبب ركود السياحة الحرفيون يستنكرون استيراد التماثيل الفرعونية من إيران وتركيا والصين تشهد صناعة الألباستر بمدينة الأقصر عزوفا من قِبل صناعها المهرة، رغم أنها من أهم الصناعات التى تروى حضارة الأجداد من وسط المعابد القديمة التى تشتهر بها المدينة السياحية، وانفردت بها الأقصر منذ أكثر من خمسين عاما. «الشروق» ترصد أسباب هجرة الحرفيين المصريين للمهنة التى تتميز بها مدينة الأقصر، وتعرّض الصناعة للخطر والانقراض بعدما هجرها صناعها المهرة. صناعة الألباستر عبارة عن نحت التماثيل الفرعونية وتقليد النسخ الأصلية على أيدى صناع مهرة من أبناء مدينة «القرن» بالتحديد بالبر الغربى، حيث يقوم الأطفال والسيدات والكبار بتلك الصناعة التى يجلبون أحجارها من جبال «القرنة» فى رحلة تستغرق ثلاثة أيام، محملة على ظهور الدواب، ليقوموا بعدها بتهذيب تلك الأحجار ونحتها بطريقة بدائية تشبه صناعتها أيام الفراعنة، كما هو مدون ومرسوم على بعض جدران المقابر ليبيعوها للسياح. قال أحمد بدير، أحد أصحاب مصانع الألباستر، إن أهل الأقصر، والبر الغربى خاصة تفردوا بتلك الصناعة اليدوية منذ أمد بعيد، فلا يوجد مدينة أو محافظة أخرى فى مصر تقوم بتلك الصناعة، فمصانع الألباستر تنتشر فى مدينة «القرن» بالأقصر دون غيرها من المحافظات، وعددها 250 مصنعا مليئا بالتحف والتماثيل التى ينحتها الصبية والعجائز، وهم فنانون بالفطرة لم يدخلوا مدارس أو أكاديميات علمية، بالإضافة إلى 400 ورشة لتلك الصناعة بخلاف السيدات والأطفال الذين يعملون بشكل غير منتظم فى منازلهم. وأضاف محمد مطاوع، أحد العاملين بمصانع الألباستر، أن تلك الصناعة النادرة التى يعمل بها معظم أبناء المدينة تتعرض للخطر والانقراض خاصة بعد ثورة يناير، فقد تركها أغلب الصناع وسافروا للخارج أو العمل فى المعمار أو الخرسانة لعدم وجود زبائن من السياح. وأشار مطاوع إلى كثرة النفقات التى تكلفها تلك الصناعة دون مقابل مجزٍ، حيث يقوم الصانع للتماثيل برحلة جبلية تستغرق ثلاث ليالٍ مصطحبا معه الدواب لعدم وجود طرق ممهدة بتلك الجبال، ويعود بعدها لينحت الأحجار التى جلبها، ويقوم أصحاب المصانع بشرائها بأثمان بخسة، فنجد عشرة جنيهات لتمثال استغرق نحته أكثر من خمسة أيام ثم نجد السائح اشتراه من صاحب المصنع بأكثر من 5 آلاف جنيه. واعترض داود أبوالصديق، أحد الصناع، على سياسة الشركات السياحية التى تقوم بها فى تجارة التحف والتماثيل حيث تجبر أصحاب المصانع على دفع مبلغ من المال فى البداية حتى تتوجه بزبائنها لذلك المصنع، مما يجبر أصحاب المصانع على عدم الاكتراث بجودة الخامة، وشراء التماثيل الصينية المقلدة، وترك أصحاب المهنة الأصلية مما أصابها بالركود وهددها بالانقراض، وحدث بالفعل أن هجرها الحرفيون والصناع المهرة، وبحثوا عن عمل آخر رغم أن تلك المهنة يأتى السياح من كل دول العالم للتمتع بمشاهدتها. وأبدى حسان شيمى، أحد أصحاب البازارات، تخوفه من انقراض المهنة بمصر، خاصة بعد استيراد مصر للتماثيل الفرعونية من دول تقوم بتصنيعها على الميكنة دون فن أو مهارة مثل إيران وتركيا والهند وغيرها، وهذه الدول تبيع التحف أرخص من التحف التى يقوم أبناء المدينة بنحتها رغم عدم جودة التحف المستوردة. وطالب أصحاب الورش والمصانع تدخل الحكومة للإشراف على تلك الصناعة التى تواجه الانقراض منذ ثورة يناير، وتعويض أصحاب الحرف عن فترة الركود السياحى حتى لا يهجروا تلك المهنة النادرة، ويذهبون للبحث عن عمل آخر، كذلك إنشاء جهة أو نقابة تقوم بحماية حقوقهم وتطالب بالاعتزاز بالمنتج المصرى الذى يعد رمزا للدولة يجب حمايته، لأن تاريخ المهنة طويل لا يعرف قيمته إلا أبناء تلك المدينة السياحية التى تدر دخلا قوميا لمصر لا يجب تجاهله.