فى حضن جبل غرب الأقصر ترتمى قرية «القرنة» حيث يعيش أحفاد الفراعنة، جيناتهم تعشق الفنون التى ورثوها عن أجدادهم، النقوش على جدران المنازل تمثل عزفاً منفرداً على آلة الإبداع، الأهالى يعزفون النحت بأدوات المائدة البسيطة، كأسلوب حياة مفعمة بالجمال، رغم الحرارة الشديدة. الأهالى لا يعرفون غير لغة أناملهم وهى ترسم أشكالاً متناغمة على ألواح الألباستر، وينحتون تماثيلهم من أحجار البازلت، حتى الأطفال بأناملهم الصغيرة يشاركون الكبار حركات السيمفونية الممتدة إيقاعها منذ سبعة آلاف عام، «سمبوزيوم» طوال العام، والفنانون يبهرون العالم. «سبعون مصنعاً يعمل بها أهالى القرنة، ينحتون فيها التماثيل يدوياً، انتاجهم يتهافت عليه السائحون»، هكذا يقول عبده أبو عيش، صاحب مصنع، مضيفاً: ومع نحت التماثيل يدوياً هناك الحفر على الأطباق واللوحات، ولكل خامة استخدامها، والأسعار تختلف من منتج إلى آخر، فالخامات متنوعة، من حجر بودة التلك والجير الأصفر والجرانيت الأسود والبازلت والألباستر والرخام والمرمر البلدي، وأشهر عائلات هذه الصناعة العطيات وأبو عرابى وعبد الله. «أعمل بالمهنة منذ عام 0791، والمهنة تلقى رواجاً نظراً لطبيعة الأقصر السياحية» بهذا يقول العزب محمد سعيد «نحات - 74عاماً» مضيفاً: تنفرد «القرنة» بالمهنة التى ورثناها عن أجدادنا الفراعنة، وقضيت عمرى كله فى النحت، إلا أن المعدات متهالكة، وهى المشكلة التى تؤرقنى. الجهلان محمود محمد «52عاماً» يضيف عبئاً آخر بقوله: نقوم بجلب الأحجار المستخدمة فى صناعة التماثيل من مناطق بعيدة فى جوف الصحراء، ثمانون كيلو متراً تقطعها الجمال والحمير فى نقل الأحجار، الرحلة تستغرق ثلاثة أيام، لكننا ننسى إرهاق الرحلة بالعزف على الصخور لنبدع تماثيل ولوحات يضعها السائحون فى بيوتهم، يزهون بها على ذويهم وجيرانهم، لكن محمد يوسف «74عاماً» يفتح طاقة نور بقوله: مهنتنا أكثر ربحاً من العمل بالسياحة أو الوظائف الحكومية، وأقوم بصنع أكثر من 05 تمثالاً من الألباستر، ناصحاً: اخلص لمهنتك تخلص لك.