لسنوات طويلة ظل اهتمام الطب بعنصر الحديد فى جسم الإنسان منصبا على دوره المهم واللازم لعملية التنفس. فمعدن الحديد معدن نادر لا يستغنى عنه الإنسان إذ يدخل فى تركيب أهم مكونات خلايا الدم الحمراء: الهيموجلوبين والذى يلعب دور الوسيط فى التقاط ثانى أكسيد الكربون وإحلال ذرات الاكسجين بسلام فى الرئة فيتحول الدم الأزرق المحمل بثانى أكسيد الكربون إلى دم أحمر محمل بالأكسجين يعود مرة أخرى للقلب ليضخه عبر شريان الأورطى وشبكة الشرايين المتصلة به حاملا الحياة والغذاء إلى أجزاء الجسم المختلفة. ونظرا لأهمية الحديد لخلايا الدم فإن نقصه سرعان ما يعلن عن نفسه بأعراض أنيميا فقر الدم التى تبدو فيها خلايا الدم الحمراء أقل عددا وأصغر حجما تحمل نسبة أقل من عنصر الهيمجلوبين. يكون العلاج المنطقى هو توفير النسبة اللازمة من الحديد إما بتناولها فى الطعام بمصادره المختلفة النباتية والحيوانية أو بتناول مكملات الغذاء من مستحضرات الحديد المختلفة أو العناصر التى تحث على تعافى الخلايا الحمراء مثل فيتامين ب6، ب12، حامض الفوليك وقد يستدعى الأمر نقل الخلايا الحمراء إذا ما كان الأمر جد خطير. من المعروف أن الجسد له القدرة على إحداث التوازن اللازم لامتصاص الحديد وتخزينه لوقت الحاجة له كفترات الحمل ونمو الأطفال أو الحوادث والتعرض للنزف لكنه فى الحالات العادية يمتص من 20 25٪ فقط من كمية الحديد التى يتناولها الإنسان فى غذائه وقد يساعد عامل أو أكثر على زيادة الامتصاص أو العكس لكن الأمر يظل فى حدود تلك النسبة التى غالبا ما تفى بحاجة الإنسان من الحديد. فماذا يحدث إذا ما انقلبت الآية واختل الميزان؟ أى امتص الجسد الحديد فى شراهة فزادت نسبته على الحدود اللازمة واحتار الدم أين يذهب بتلك الدفعات المتتالية من الحديد؟ الواقع أن الجسد لا يمتلك وسيلة طبيعية تمكنه من التخلص من كمية الحديد الزائدة عند الحاجة خصوصا إذا ما كان السبب فى عدم قدرته هو مرض أو خلل جينى يجعل الأنسجة قادرة على امتصاص أربعة أضعاف ما تمتصه الأنسجة العادية فى الإنسان السليم. يترسب الحديد على جدران الأوعية الدموية وداخل أنسجة الأعضاء الحيوية والمهمة مثل القلب والكبد والبنكرياس والمخ والغدة النخامية بل والعظام أيضا. يترسب الحديد باطراد فى نسب عالية وسامة تفتك بالأعضاء المختلفة فينتج عنها أمراض عدة وعوارض خطيرة. قد تحدث هبوطا بعضلة القلب أو ينتج عنها أخطر أنواع مرض السكر نتيجة لإصابة البنكرياس أو فقدان الذاكرة أو تغيرات جذرية فى شخصية الإنسان إذا ما طال المخ أما إصابة الغدد المختلفة فإنه يخل تماما بوظائفها الحيوية مما يترك أثره على حياة الإنسان بكاملها كإصابته بالاكتئاب والعزوف عن الحياة وانهيار العلاقة الحميمية وربما العقم بل والموت المبكر إذا لم ينتبه الإنسان لما يحدث فى جسده. علامات الخطر وطرق التشخيص إذا ما كان الخلل فى امتصاص الحديد ناشئا عن خلل جينى فالتشخيص أمر تتيحه المعامل إذ إن الأعراض يمكن رصدها بصورة أوضح وفى وقت مبكر أما إذا كان الخلل ناشئا عن أمر عارض أو أحد أمراض الدم أو أمراض القلب والجهاز الدورى الخلقية فتشخيص المرض يشير بالطبع إلى صورة الدم ونسبة الحديد فيها. رغم أن الهيموجلوبين ونسبته وقياسه فى الخلايا الحمراء هو حجر الزاوية فى التشخيص فإن قياس نسبة الفيرتين والترانسفيرين أيضا تحمل قدرا مهما من المعلومات التى تتيح اختيار وسيلة العلاج وتحدد نوع الخلل Haemoglobin Serum Ferritin and transferrin هل من علاج؟ علاج زيادة نسبة الحديد فى خلايا الدم يختلف من إنسان لآخر وفقا لطبيعة الخلل الموجود وتأثر صورة دم الإنسان به. وان كانت وسائل العلاج تنحصر فى التخلص بانتظام وبطريقة محسوبة من كمية من الدم تريحه من عبء الحديد الزائد إنها فى الواقع لا تختلف كثيرا عما يحدث فى التبرع بالدم إلا فى انتظامها ومتابعة حالة المريض بصفة دورية. وفى حالات أخرى تستخدم أدوية تنتزع الحديد من الدم وتتحد به ليتم التخلص منه بطرق الإخراج الطبيعية. وأهم تلك العقاقير الدسفاريل Desferal أو فيرى بروكس (Ferriprox) اتباع نظام غذائى تقل فيه مصادر الحديد وإن توازنت العناصر الأخرى يظل سندا قويا فى مواجهة الصدأ إذا صح التعبير. عوامل تساعد على امتصاص الحديد فيتامين ج فى الخضروات والموالح الكحوليات البيتاكاروتين فى كل الخضراوات الملونة الحامض المعدى اللحوم الحمراء السكر النيكوتين مركب EDTA عوامل تقلل من امتصاص الحديد الشاى والقهوة الشيكولاتة التفاح الألياف البيض الكالسيوم الفوسفات فى منتجات الألبان الدهون بمختلف أنواعها الجيدة