كشفت دراسة حديثة قامت بها الجمعية المصرية المركزية لحماية المستهلك، عن تغير سلوك المستهلكين فى مواجهة ارتفاع الأسعار، بالإقلال من شراء السلع مرتفعة الثمن. شملت الدراسة ثلاث فئات هى المستهلكون والمصنعون والتجار، وراعى القائمون عليها تباين أفراد العينة فى العمر، والمستوى الاجتماعى والتعليمى بعينة إجمالية قوامها 2437 من المستهلكين، و151 تاجرا للجملة ونصف الجملة للسلع الغذائية الرئيسية، ونحو 50 مصنعا موزعة على عدة محافظات. وكشفت الدراسة أن 75,3% من المستهلكين قللوا من كميات شراء السلع مرتفعة السعر وعلى رأسها اللحوم الحية، وذكر المصنعون أن أعلى نسب تقليل الشراء كانت لسلعتى السكر والمكرونة، بينما ذكر التجار أن أعلى نسب تقليل الشراء كانت لسلع زيت الطعام، العدس، المكرونة، فيما اتبع 13% من المستهلكين سلوك الامتناع عن شراء بعض السلع مرتفعة السعر وعلى رأسها العدس واكتفى 24% من المستهلكين بالمقررات التموينية فى تغطية احتياجاتهم من السلع الغذائية الرئيسية. ورصدت الدراسة التى أجريت بتكليف من جهاز حماية المستهلك، متوسطات نسب ارتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية خلال الفترة من بداية 2007 إلى بداية الربع الثالث من عام 2008 «حتى نهاية مارس 2009» وأشارت إلى ترتيب السلع حسب ارتفاع نسب الزيادة، حيث احتل العدس المرتبة الأولى تليه اللحوم المجمدة والمصنعة، ثم الدقيق، البيض، الدواجن الحية، الأرز، المكرونة، الفول، الجبن الشيدر. وشمل الترتيب 22 سلعة لينتهى بالجبنة البيضاء فى مؤخرة القائمة. أشارت الدراسة فى مقدمتها إلى وجود ممارسات بغيضة توضح غياب الرقابة السلعية فى مصر، والتى من أبرزها أن المواطن عليه أن ينتظر طويلا حتى يستشعر انخفاض الأسعار، لأن التجار يصرون على بيع بضائعهم القديمة بأسعارها القديمة الأعلى سعرا، بينما عند ارتفاع سعر أى سلعة يشرع التجار فى البيع بالسعر الأعلى بمجرد تناقل وكالات الأنباء لارتفاعات جديدة فى أسعار السلع الغذائية دون أن تتأثر فعليا بضائعه الحالية بالتغيرات السعرية. أى أن سرعة تأثر السلع بالسوق العالمية تبلغ سرعتها القصوى، طالما فى مصلحة التاجر، بينما حقوق المستهلك فى الحصول على سلعة منخفضة السعر طبقا لما حدث فى السوق العالمية يتم تنفيذه فى تباطؤ غير مقبول. وأضافت الدراسة أن الأزمة المالية العالمية التى بدأت فى سبتمبر 2008 نتج عنها انخفاض كبير فى أسعار المواد الغذائية والبترولية وأسعار الطاقة والسيارات، لكن المواطن المصرى لم يستشعر هذا الانخفاض فى أسعار السلع الغذائية فى حينها، بل بدأت الأسعار تنخفض بعد مرور ثلاثة أشهر، بينما فى إنجلترا ومعظم بلدان أوروبا والولايات المتحدة بدأ انخفاض الأسعار يتضح فى الأسواق بمجرد حدوثه. والحكومة مسئولة سجلت الدراسة أسباب ارتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية فى مصر وفقا لاستطلاع رأى أطراف العينة الثلاث، حيث ذكر 69% من المستهلكين أن أسباب الارتفاع بسبب جشع التجار، 53% منهم ذكروا أن السبب هو عدم قدرة الحكومة على السيطرة على الأسعار، بينما اختلفت وجهة نظر المصنعين، حيث أرجع 60% منهم ارتفاع الأسعار إلى ارتفاع الأسعار العالمية، و46% إلى ارتفاع تكاليف زراعة المحاصيل الغذائية بينما رأى 36% أن السبب هو ارتفاع تكاليف الإنتاج والتعبئة، و34% أرجعوا السبب إلى ارتفاع تكاليف النقل. وكشفت الدراسة عن اتفاق 59% من التجار مع 60% من الصناع على التأثر بارتفاع الأسعار العالمية، بينما 38% قالوا إنه بسبب طمع المصنعين ،20% أكدوا عدم وجود مسئول عن ضبط الأسعار، 41% أشاروا إلى عدم قدرة الحكومة على السيطرة على الأسعار، كذلك اتفق كل من فئات العينة الثلاث فى أعلى التقديرات على أن الحكومة هى التى تتحمل مسئولية السيطرة على أسعار السلع الغذائية الأساسية ليأتى التجار، والمستوردون وجهاز حماية المستهلك فى المراتب التالية لها من وجهة نظرهم. وحول ممارسات التجار المسببة لارتفاع أسعار السلع ذكر 61،2% من المستهلكين أن التجار يحتكرون السلع، بالإضافة إلى عدم مواكبة أسعار البيع لديهم للأسعار الفعلية، بينما ذكر 70% من المصنعين أن السبب هو تخزينهم للسلع عند رخصها لرفع الأسعار. 26% قالوا إنهم يستغلون مواسم ارتفاع الطلب على بعض السلع، 16 % أشاروا إلى ترويج الشائعات بقرب ارتفاع الأسعار، وأكدت الدراسة أن 82% من المستهلكين أكدوا أن سلبيتهم وشراءهم سلعا مرتفعة الثمن هى أحد أسباب ارتفاع الأسعار، بينما ذكر 65% أن التسارع على الشراء وارتفاع معدلات الاستهلاك هما السبب، بينما ماذكره 38% من المصنعين هو المبالغة فى الاستهلاك وشراء السلع رغم ارتفاع أسعارها، وتصديق الشائعات، فيما ذكر 56% من التجار أن السبب شراء المستهلكين كميات تفوق احتياجاتهم. وحول تغير معدلات الاستهلاك لدى المستهلكين خلال العامين الأخيرين وحتى الآن ذكر 44% من المستهلكين أن هناك ثباتا للكميات المستهلكة خلال تلك الفترة، و42% أشاروا إلى حدوث انخفاض فى معدلات الاستهلاك بسبب ارتفاع الأسعار، بينما أقر 13،5% بزيادة كميات الاستهلاك. وأوضحت الدراسة مدى تأثير ارتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية على بنود واحتياجات الأسرة الأخرى، حيث كانت أعلى العينات تأثرا فى محافظة بورسعيد بنسبة 98% وفقا لما ذكره المستهلكون، بينما كانت أقل عينات الأسر تأثرا هى محافظة الدقهلية بنسبة 81% وكانت أكثر البنود الحياتية تأثرا هى بند الملبس بنسبة 90% يليه بند الترفيه ثم الرعاية الصحية، لأفراد الأسرة يليه بند تعليم الأبناء. من جهتها أكدت المهندسة عنان هلال مدير الجمعية المصرية المركزية لحماية المستهلك أن الدراسة التى أجرتها الجمعية تهدف إلى التعرف على أهم الممارسات والأسباب المسببة لارتفاع أسعار السلع الأساسية مع تحديد المسئولين عن دفع الأسعار نحو الارتفاع، وكذلك الحلول المقترحة من قبل المجتمع للتصدى لارتفاع الأسعار، حيث تعاملت الدراسة مع أضلاع مثلث التعامل مع السلع من المصنعين والتجار وجمهور المستهلكين بهدف الوصول لرؤية متكاملة لعناصر المشكلة.