تطور جديد في اتهامه طبيبة كفر الدوار للإعلامي عمرو أديب    محافظ سوهاج يفتتح مسجد " الشيخ وحشي " بجهينة على مساحة600 متر | صور    "أطباء الجيزة" تكرم استشاري تخدير باحتفالية "يوم الطبيب 2025"    السعودية تدعو إلى اتخاذ إجراءات فعالة لمواجهة تحديات الأمن الغذائي العالمي    الرئيس الفلسطيني ونظيره الفرنسي يبحثان هاتفيا ترتيبات عقد مؤتمر نيويورك للسلام    الدويري: غياب الإرادة السياسية في فتح وحماس يعوق التقدم في المصالحة الفلسطينية    العراق "يستقبل" 47 فرنسيا منتمين ل "داعش" لمحاكمتهم بتهم إرهاب    الأهلي يخطف تعادلا مثيرا من الهلال 3 - 3 في كلاسيكو الدوري السعودي    خبير شؤون إسرائيلية: تل أبيب ترى المواجهة مع الحوثيين أكثر صعوبة من غزة    رياضة ½ الليل| فوز أحمر مثير.. بشريات بالاهلي.. احتجاج على التحكيم.. بطولة دولية للحمامي    مديرية الشباب والرياضة بالبحيرة تحتفل بالعيد القومي للمحافظة| صور    وزير الرياضة يهنئ المواي تاي بحصده 6 ميداليات في بطولة العالم للشباب    إصابة 5 أشخاص في حريق شقة سكنية بمنطقة الظاهر    عمرو أديب عن سرقة أسورة المتحف المصري: المتهمة لم تبذل أي مجهود لتنفيذ الجريمة    لو متردد.. اعرف تفاصيل تحديث تليفونك ب iOS 26 وأنواع أيفون المناسبة    بورسعيد تحتضن حلمها بانطلاق الدورة الأولى لمهرجانها السينمائى    محمد فضل شاكر يكشف سبب ارتدائه نظارات.. «بتخفي دموع»    لبلبة تطمئن محبي الزعيم عادل إمام على صحته    أهم الأخبار الفنية على مدار الساعة.. إيناس الدغيدى: قررت إلغاء الاحتفال بفرحى ونكتفى بالعائلة.. لقطة من أمام المرآة تكشف أحدث ظهور للفنانة القديرة بوسى.. أحمد فتحى: أهل العراق بيسألونى عن عادل إمام فى الشوارع    هيئة العمل الأهلى الفلسطينى: أسلحة غير مسبوقة تستخدم فى غزة وسط صمت دولى    "أبطال كرداسة".. خبير أمنى: الشرطة لم تمس أى مواطن آمن فى عملية كرداسة    أشرف زكي يزور عيد أبو الحمد ويطمئن على حالته الصحية    رئيس جامعة الأزهر: الدعاء ليس مجرد طلب أو رجاء بل هو جوهر العبادة وروحها    هل رفع الصوت بالقراءة في الصلاة لتنبيه شخص آخر يبطلها؟.. أمين الفتوى يجيب    موعد صلاة العشاء.. ودعاء عند ختم الصلاة    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفى قلين التخصصي ويشدد على رفع كفاءة الخدمات    وزارة الصحة تطلق خطة شاملة لتعزيز الصحة المدرسية بالتعاون مع التعليم والأزهر    عودة المدارس 2025.. إليك 7 خطوات لجعل حقيبة ظهر طفلك فى وضع صحي    بتكلفة 17.2 مليون جنيه.. وضع حجر أساس مدرسة الوليدية الابتدائية الحديثة في أسيوط    عمرو دياب يحيي أضخم حفلاته بسفح الأهرامات (صور)    التشكيل - سالم الدوسري يقود هجوم الهلال.. وكيسيه في وسط أهلي جدة    منتخب مصر للشابات يخسر أمام غينيا الاستوائية في تصفيات كأس العالم    فوز الداخلية وتعادل بلدية المحلة والقناة بدوري المحترفين    لجنة المنشآت الآيلة للسقوط في الإسكندرية تتابع درجة ميل العقار المائل بالمندرة    غرق شاب في بوغاز رشيد وجهود مكثفة لانتشال جثمانه بكفر الشيخ    "شينخوا" تكشف تفاصيل الاتصال الهاتفي بين الرئيسين الصيني والأمريكي    وزير المالية الألماني: برلين تتابع أزمة الديون الفرنسية بقلق    علامات تكشف وجود مشكلات في القولون العصبي    دمج ذوي الهمم في بطولة الشركات لأول مرة    ضبط 10 تجار سجائر بالغربية يقومون بالبيع بأزيد من التسعيرة الرسمية    وزير الزراعة يبحث سبل تعزيز التعاون الثنائي بين مصر والمملكة المتحدة    الزمالك يجهز دفعة من المستحقات المتأخرة لتحفيز اللاعبين (خاص)    محافظ أسوان: غرامة 50 ألف جنيه لمُنتهكي حرم الطريق بالحواجز الحديدية أو «الإستندات»    تداول 19 آلاف طن و952 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بمواني البحر الأحمر    بالصور - جامعة أسوان تُكرم 200 حافظًا للقرآن الكريم في احتفالية روحانية    برامج مميزة ومدن جامعية محدثة.. جامعة قناة السويس تبدأ عامها الجديد    مديرية أمن الشرقية تنظم حملة للتبرع بالدم لصالح المرضى    الداخلية تضبط عنصرًا جنائيًا بالمنوفية غسل 12 مليون جنيه من نشاط الهجرة غير الشرعية    رسمياً.. إعلان نتائج تنسيق الشهادات المعادلة العربية والأجنبية    ارتفاع عالمي جديد.. سعر الذهب اليوم الجمعة 19-9-2025 وعيار 21 بالمصنعية الآن    من ميدان الحرية برشيد.. إيقاد الشعلة إيذانًا ببدء احتفالات البحيرة بعيدها القومي    الداخلية: ضبط 98665 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    "ليكن نور".. المؤتمر الأول لذوي الهمم بإيبارشية حلوان والمعصرة    "نور بين الجمعتين" كيف تستثمر يوم الجمعة بقراءة سورة الكهف والأدعية المباركة؟    وظائف الأزهر الشريف 2025 .. فتح باب التقديم لوظائف معلم مساعد ب9 آلاف فرصة    أسعار الدولار في البنوك المصرية اليوم الجمعة 19 سبتمبر 2025    زلزال بقوة 7.8 درجة يهز منطقة كامتشاتكا الروسية    سعر الفراخ البيضاء والبلدي وطبق البيض بالأسواق اليوم الجمعة 19 سبتمبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل ما زال لدى التاريخ ما يقوله؟
نشر في الشروق الجديد يوم 15 - 03 - 2014

تعجب الكثير من البشر من الموقف الأمريكى تجاه الأقليات فى الشرق الأوسط وكيف أنهم أقاموا الدنيا ولم يقعدوها فى عصر مبارك عندما أحرقت منازل فى سوهاج لأناس يؤمنون بالبهائية، وأيضاً عندما كانت تقع حوادث طائفية ضد المسيحيين أو الشيعة... إلا أنه بعد ثورة 25 يناير ووصول الإخوان للحكم ابتلعوا ألسنتهم عندما أُغتيل الشيخ حسن شحاتة الشيعى وزملاؤه ومثّل بأجسادهم، وكذلك عندما أحرقت 65 كنيسة بعد فض اعتصام رابعة والسؤال هو لماذا غيّر الأمريكان موقفهم من حقوق الإنسان؟
أجاب البعض إنها المصلحة وهى إجابة ساذجة بالنسبة لدولة فى حجم أمريكا، لأن السياسة الأمريكية توضع على أساس رؤية كاملة للحاضر والمستقبل فى زمن محدد مبنية على نظرية ما، ففي كل مرحلة من مراحل التاريخ الأمريكى كانت القيادة الأمريكية تسير طبقا لنظرية سياسية فلسفية دينية يقوم بالتنظير لها فلاسفة ولاهوتيون وعلماء وساسة، ففى مرحلة تكوين الدولة كانت النظرية «الانغلاق على الذات للبناء» أى بناء الدولة من الداخل قبل أن يكون لها رسالة إلى الخارج وكان ذلك منذ تأسيس الدولة حتى القرن التاسع عشر وبعد بناء الدولة جاء وقت مرحلة الإرسالية نحو الخارج لأنه فى التأسيس للدولة وفى النص الدستورى للأباء المؤسسين أن الأمة الأمريكية «أمه لها رسالة» من نحو العالم، وعليها أن تقوم بتصدير القيم الأخلاقية والدينية والعلمية الأمريكية للعالم أجمع وكان ذلك منذ منتصف القرن التاسع والعشرين وحتى بداية القرن الحادى والعشرين وفى هذه المرحلة قامت الدولة الأمريكية بتصدير الفكر الأمريكى من استنارة وديمقراطية وحقوق الإنسان، حيث عضدت تحرير دول العالم الثالث من الاستعمار التقليدى (الأوروبي) وكان العالم حينئذ ثنائى القطبية أى يتحكم فيه الاتحاد السوفييتى من ناحية والولايات المتحدة من الناحية الأخرى. وهذا أعطى لدول العالم الثالث مساحة لحرية الحركة بين القطبين، لكن بعد سقوط الإتحاد السوفييتى عام 1989، أصبحت أمريكا فى حاجة إلى نظرية جديدة.
وهنا ظهرت نظرية صدام الحضارات عام 1993 لصموئيل هيتنجتون ومن خلالها يشدد على أن صدام الحضارات يمثل التهديد الأكبر للسلم العالمى والتوصل إلى نظام عالمى يستند إلى الحضارات لا إلى الدول يوفر الوسيلة المثلى لمنع نشوب حرب عالمية.
•••
وتتلخص النظرية فى أن هناك ثمانى حضارات، هم الحضارة الغربية والكونفوشوسية واليابانية والإسلامية والهندية والأمريكية اللاتينية والسلافية الأرثوذكسية والأفريقية، وأن كل حضارة من هذه الحضارات سوف تعود إلى أصولها وجذورها، وهذا سيمكنها من التخلص من تأثير الحضارة الغربية، فتصبح الهند أكثر ارتباطاً وتواصلاً مع أصولها الهندية، كما تزدهر الأصولية الإسلامية فى بلاد العرب والمسلمين وهكذا، وقد اعتبر البعض من مثقفين وساسة أمريكا أن هذه النظرية غير واقعية لكن جاءت أحداث سبتمبر 2001 لتصيب الأمريكيين بالهلع والفزع فبدأت أمريكا فعلياً فى تبنى النظرية، وذلك بتواصلها مع الأصوليين الإسلاميين لأنهم إن آجلاً أو عاجلاً سوف يكونون هم المسيطرون على دولهم وهكذا تواصلت أمريكا مع الإخوان والجماعات الإسلامية بمصر وفى باقى دول الربيع العربى مثل تونس وليبيا وسوريا، وشجعتهم على الوصول للحكم بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة، لكن هذه النظرية تلقت عدة صدمات أوضحت أن فيها ضعفاً فى ذاتها نلخصها فى عدة نقاط من أهمها أننا لا نعرف الأسس التى صنف على أساسها هيتنجتون قائمة حضاراته فهناك حضارتان من الثمانية تنتميان إلى الحضارة الغربية؛ وهما السلاف الارثوذكسية وحضارة أمريكا اللاتينية ثم ما هى العناصر التى يعتقد المفكر الأمريكى أنها تمكننا من وضع الحدود الفاصلة بين الحضارات هل هى اللغة أم التاريخ أم الدين أم العادات أم المؤسسات؟
والحقيقة أن جميع الحضارات تتشارك فى أكثر من عنصر من هذه العناصر وبالتالى فالتقسيم خاطئ. أما الأمر الآخر فهو أن التاريخ يخبرنا إن أعتى الصراعات التى إندلعت فى التاريخ كانت داخل حدود الحضارات نفسها وليس فيما بينها، والحربان العالميتان الأولى والثانية كانتا بين دول فى إطار حضارة واحدة هى الغربية وكذلك فى الحضارة الإسلامية تشن الأصولية الإسلامية حربها على الحكام والحكومات الإسلامية التى لا تطبق الشريعة، وترتب أعداؤها بأن العدو الأول هم الحكام المسلمون الذين لا يطبقون شرع الله ثم إسرائيل وأخيرا أمريكا والغرب.
و الأمر الثالث أن نفور الحضارات من الحضارة الغربية لا يقل فى الدرجة عن الانجذاب لها حيث إنها تأثرت بها فى مفهوم الحداثة وليست على استعداد للتنازل عن الحداثة فى سبيل العودة إلى الأصول بل إنها تحاول الجمع بين الاثنين حتى فى أكثر المجموعات أصولية، أما الأمر الأخير فهو أن القول بتصادم الحضارات وكذلك القول بنهاية التاريخ حسب فوكوياما يعلنان انتصار الحضارة الغربية لكن الحقيقة هى عكس ذلك تماماً، فقولهما هذا يكشف عن أن الغرب يعيش لحظة خوف من المستقبل وانعدام الثقة بأنه لن يكون المسيطر كما كان فى القرون السابقة فلقد صارت معظم الحضارات غير الغربية محركة وصانعة للتاريخ مثل الحضارة اليابانية والكونفوشوسية (الصين) والأمريكية اللاتينية بل والإسلامية... إلخ، والسؤال الكاشف لذلك هو إذا كانت هذه الحضارات موجودة لسنين هذا عددها فلماذا اعتبر هيتنجتون أنها أصبحت تمثل تهديداً الآن ؟
•••
إن رفض الولايات المتحدة الأمريكية الاعتراف بثورة 30 يونيو على الحاكم والحكم الأصولى بمصر إنما يرجع إلى تمسكها بهذه النظرية وليس لمجرد مصلحتها كما يقول كثيرون فهى ترفض وبشدة أن تفشل نظرية تصادم الحضارات ونهاية التاريخ أى (انتصار الحضارة الغربية) لكن الحقيقة التى يجب أن تعيها أمريكا والعالم أجمع اليوم هى أن التاريخ لم ينته بعد وما زال لديه الكثير ليقوله من خلال الحضارات غير الغربية وما خروج الشعب المصرى فى30 يونيو والذى صدم كل من يؤمن بهذه النظرية إلا شهاب يعلن من خلاله إفراغ النظرية من مضمونها وعلى أمريكا والغرب أن يعيدوا حساباتهم بطريقة مختلفة بدءاً من الموقعة المصرية ولا يأخذهم الغرور أو الاعتزاز بالإثم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.