تفاصيل الجلسة العامة لمجلس الشيوخ اليوم بحضور وزيرة البيئة.. صور    رئيس الشيوخ يهنئ الرئيس والشعب المصري بحلول عيد الأضحى المبارك    إرتفاع أسعار الذهب في مصر بقيمة 75 جنيهًا    رئيس جامعة أسيوط التكنولوجية يشارك في ورشة عمل الفضاء والتنمية المستدامة    مواعيد عمل البنوك بعد عيد الأضحى المبارك    دبلوماسي إيراني: طهران سترفض المقترح النووي الأمريكي    يديعوت أحرونوت: وفد إسرائيل لن يذهب إلى الدوحة للتفاوض    فليك يتوج بجائزة أفضل مدرب في الدوري الإسباني    مجدي عبد العاطي يعلن استقالته من تدريب الاتحاد    بعثة الحج السياحي تواصل معاينة وتجهيز مخيمات منى وعرفات    وزيرة التنمية المحلية توجه برفع درجة الاستعداد بالمحافظات لاستقبال عيد الأضحى    هنو في مناقشات أزمة بيوت الثقافة: بعض الموظفين لا يذهبون لعملهم منذ 7 سنوات.. ومسلم يرد: مسئولية الحكومات المتعاقبة    وزير الصحة يستقبل الرئيس التنفيذي لجهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة لبحث الفرص الاستثمارية وتطويرها    رد حاسم من لامين يامال بشأن انتقاله إلى ريال مدريد    ارتفاع أسهم شركات الصلب بعد مضاعفة ترامب الرسوم الجمركية على المعادن إلى 50 %    محلل سياسي: انتخاب نافروتسكي رئيسا لبولندا قد ينتهي بانتخابات برلمانية مبكرة    صدمتهما سيارة «نقل ثقيل».. إصابة سائحين بولنديين في حادث بطريق سفاجا - الغردقة    تسرب 27 ألف متر غاز.. لجنة فنية: مقاول الواحات لم ينسق مع الجهات المختصة (خاص)    برواتب تصل إلى 350 دينارا أردنيا.. وظائف خالية اليوم    تخفي الحقيقة خلف قناع.. 3 أبراج تكذب بشأن مشاعرها    وزير الثقافة ينفي إغلاق قصور ثقافية: ما أُغلق شقق مستأجرة ولا ضرر على الموظفين    دعاء السادس من ذي الحجة.. اغتنم هذه الأيام المباركة    في أول أيام تشغيله بالركاب.. «المصري اليوم» داخل الأتوبيس الترددي (تفاصيل)    الأرض تنهار تحت أقدام الانقلاب.. 3 هزات أرضية تضرب الغردقة والجيزة ومطروح    السجن 3 سنوات لصيدلى بتهمة الاتجار فى الأقراص المخدرة بالإسكندرية.. فيديو    أسعار النفط ترتفع 3.7%.. وبرنت يسجل 65.16 دولاراً للبرميل    الهيئة العامة للأوقاف بالسعودية تطلق حملتها التوعوية لموسم حج 1446    ريوس يبرر خسارة وايتكابس الثقيلة أمام كروز أزول    بوستيكوجلو يطالب توتنهام بعدم الاكتفاء بلقب الدوري الأوروبي    للمشاركة في المونديال.. الوداد المغربي يطلب التعاقد مع لاعب الزمالك رسميا    عاجل| "أزمة غزة" تصعيد متزايد وموقف بريطاني صارم.. ستارمر يحذر من كارثة إنسانية ولندن تعلّق اتفاقية التجارة مع إسرائيل    تخريج 100 شركة ناشئة من برنامج «أورانج كورنرز» في دلتا مصر    دنيا سامي: مصطفى غريب بيقول عليا إني أوحش بنت شافها في حياته    السيسي: ضرورة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط    وزير الخارجية: هناك تفهم مشترك بين مصر وواشنطن حول الأولوية الكبرى للحلول السياسية السلمية    حزب السادات: فكر الإخوان ظلامي.. و30 يونيو ملحمة شعب وجيش أنقذت مصر    مصمم بوستر "في عز الضهر" يكشف كواليس تصميمه    «تعليم الجيزة» : حرمان 4 طلاب من استكمال امتحانات الشهادة الاعدادية    الشيوخ يبدأ جلسته لمناقشة بعض الملفات المتعلقة بقطاع البيئة    مدير المساحة: افتتاح مشروع حدائق تلال الفسطاط قريبا    "الأونروا": لا أحد أمنا أو بمنأى عن الخطر في قطاع غزة    التضامن الاجتماعي تطلق معسكرات «أنا وبابا» للشيوخ والكهنة    بى بى سى توقف بث مقابلة مع محمد صلاح خوفا من دعم غزة    كي حرارى بالميكرويف لأورام الكبد مجانا ب«حميات دمياط »    آن ناصف تكتب: "ريستارت" تجربة كوميدية لتصحيح وعي هوس التريند    تحكي تاريخ المحافظة.. «القليوبية والجامعة» تبحثان إنشاء أول حديقة متحفية وجدارية على نهر النيل ببنها    توريد 169 ألفا و864 طنا من محصول القمح لصوامع وشون سوهاج    مصادر طبية فلسطينية: 35 قتيلا بنيران إسرائيلية قرب مراكز المساعدات خلال الساعات ال 24 الأخيرة    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر مايو الماضي    تعليم دمياط يطلق رابط التقديم للمدارس الرسمية والرسمية لغات    «الإصلاح والنهضة»: نطلق سلسلة من الصالونات السياسية لصياغة برنامج انتخابي يعكس أولويات المواطن    موسم رحمة وبهجة لا تعوض.. كيفية إحياء يوم النحر وأيام التشريق    هيئة الشراء الموحد: إطلاق منظومة ذكية لتتبع الدواء من الإنتاج للاستهلاك    وزير الصحة: 74% من الوفيات عالميًا بسبب الإصابة بالأمراض غير المعدية    تكريم الفائزين بمسابقة «أسرة قرآنية» بأسيوط    لطيفة توجه رسالة مؤثرة لعلي معلول بعد رحيله عن الأهلي    «من حقك تعرف».. ما إجراءات رد الزوجة خلال فترة عِدة الخُلع؟    أمين الفتوى: صلاة الجمعة لا تتعارض مع العيد ونستطيع أن نجمع بينهما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل ما زال لدى التاريخ ما يقوله؟
نشر في الشروق الجديد يوم 15 - 03 - 2014

تعجب الكثير من البشر من الموقف الأمريكى تجاه الأقليات فى الشرق الأوسط وكيف أنهم أقاموا الدنيا ولم يقعدوها فى عصر مبارك عندما أحرقت منازل فى سوهاج لأناس يؤمنون بالبهائية، وأيضاً عندما كانت تقع حوادث طائفية ضد المسيحيين أو الشيعة... إلا أنه بعد ثورة 25 يناير ووصول الإخوان للحكم ابتلعوا ألسنتهم عندما أُغتيل الشيخ حسن شحاتة الشيعى وزملاؤه ومثّل بأجسادهم، وكذلك عندما أحرقت 65 كنيسة بعد فض اعتصام رابعة والسؤال هو لماذا غيّر الأمريكان موقفهم من حقوق الإنسان؟
أجاب البعض إنها المصلحة وهى إجابة ساذجة بالنسبة لدولة فى حجم أمريكا، لأن السياسة الأمريكية توضع على أساس رؤية كاملة للحاضر والمستقبل فى زمن محدد مبنية على نظرية ما، ففي كل مرحلة من مراحل التاريخ الأمريكى كانت القيادة الأمريكية تسير طبقا لنظرية سياسية فلسفية دينية يقوم بالتنظير لها فلاسفة ولاهوتيون وعلماء وساسة، ففى مرحلة تكوين الدولة كانت النظرية «الانغلاق على الذات للبناء» أى بناء الدولة من الداخل قبل أن يكون لها رسالة إلى الخارج وكان ذلك منذ تأسيس الدولة حتى القرن التاسع عشر وبعد بناء الدولة جاء وقت مرحلة الإرسالية نحو الخارج لأنه فى التأسيس للدولة وفى النص الدستورى للأباء المؤسسين أن الأمة الأمريكية «أمه لها رسالة» من نحو العالم، وعليها أن تقوم بتصدير القيم الأخلاقية والدينية والعلمية الأمريكية للعالم أجمع وكان ذلك منذ منتصف القرن التاسع والعشرين وحتى بداية القرن الحادى والعشرين وفى هذه المرحلة قامت الدولة الأمريكية بتصدير الفكر الأمريكى من استنارة وديمقراطية وحقوق الإنسان، حيث عضدت تحرير دول العالم الثالث من الاستعمار التقليدى (الأوروبي) وكان العالم حينئذ ثنائى القطبية أى يتحكم فيه الاتحاد السوفييتى من ناحية والولايات المتحدة من الناحية الأخرى. وهذا أعطى لدول العالم الثالث مساحة لحرية الحركة بين القطبين، لكن بعد سقوط الإتحاد السوفييتى عام 1989، أصبحت أمريكا فى حاجة إلى نظرية جديدة.
وهنا ظهرت نظرية صدام الحضارات عام 1993 لصموئيل هيتنجتون ومن خلالها يشدد على أن صدام الحضارات يمثل التهديد الأكبر للسلم العالمى والتوصل إلى نظام عالمى يستند إلى الحضارات لا إلى الدول يوفر الوسيلة المثلى لمنع نشوب حرب عالمية.
•••
وتتلخص النظرية فى أن هناك ثمانى حضارات، هم الحضارة الغربية والكونفوشوسية واليابانية والإسلامية والهندية والأمريكية اللاتينية والسلافية الأرثوذكسية والأفريقية، وأن كل حضارة من هذه الحضارات سوف تعود إلى أصولها وجذورها، وهذا سيمكنها من التخلص من تأثير الحضارة الغربية، فتصبح الهند أكثر ارتباطاً وتواصلاً مع أصولها الهندية، كما تزدهر الأصولية الإسلامية فى بلاد العرب والمسلمين وهكذا، وقد اعتبر البعض من مثقفين وساسة أمريكا أن هذه النظرية غير واقعية لكن جاءت أحداث سبتمبر 2001 لتصيب الأمريكيين بالهلع والفزع فبدأت أمريكا فعلياً فى تبنى النظرية، وذلك بتواصلها مع الأصوليين الإسلاميين لأنهم إن آجلاً أو عاجلاً سوف يكونون هم المسيطرون على دولهم وهكذا تواصلت أمريكا مع الإخوان والجماعات الإسلامية بمصر وفى باقى دول الربيع العربى مثل تونس وليبيا وسوريا، وشجعتهم على الوصول للحكم بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة، لكن هذه النظرية تلقت عدة صدمات أوضحت أن فيها ضعفاً فى ذاتها نلخصها فى عدة نقاط من أهمها أننا لا نعرف الأسس التى صنف على أساسها هيتنجتون قائمة حضاراته فهناك حضارتان من الثمانية تنتميان إلى الحضارة الغربية؛ وهما السلاف الارثوذكسية وحضارة أمريكا اللاتينية ثم ما هى العناصر التى يعتقد المفكر الأمريكى أنها تمكننا من وضع الحدود الفاصلة بين الحضارات هل هى اللغة أم التاريخ أم الدين أم العادات أم المؤسسات؟
والحقيقة أن جميع الحضارات تتشارك فى أكثر من عنصر من هذه العناصر وبالتالى فالتقسيم خاطئ. أما الأمر الآخر فهو أن التاريخ يخبرنا إن أعتى الصراعات التى إندلعت فى التاريخ كانت داخل حدود الحضارات نفسها وليس فيما بينها، والحربان العالميتان الأولى والثانية كانتا بين دول فى إطار حضارة واحدة هى الغربية وكذلك فى الحضارة الإسلامية تشن الأصولية الإسلامية حربها على الحكام والحكومات الإسلامية التى لا تطبق الشريعة، وترتب أعداؤها بأن العدو الأول هم الحكام المسلمون الذين لا يطبقون شرع الله ثم إسرائيل وأخيرا أمريكا والغرب.
و الأمر الثالث أن نفور الحضارات من الحضارة الغربية لا يقل فى الدرجة عن الانجذاب لها حيث إنها تأثرت بها فى مفهوم الحداثة وليست على استعداد للتنازل عن الحداثة فى سبيل العودة إلى الأصول بل إنها تحاول الجمع بين الاثنين حتى فى أكثر المجموعات أصولية، أما الأمر الأخير فهو أن القول بتصادم الحضارات وكذلك القول بنهاية التاريخ حسب فوكوياما يعلنان انتصار الحضارة الغربية لكن الحقيقة هى عكس ذلك تماماً، فقولهما هذا يكشف عن أن الغرب يعيش لحظة خوف من المستقبل وانعدام الثقة بأنه لن يكون المسيطر كما كان فى القرون السابقة فلقد صارت معظم الحضارات غير الغربية محركة وصانعة للتاريخ مثل الحضارة اليابانية والكونفوشوسية (الصين) والأمريكية اللاتينية بل والإسلامية... إلخ، والسؤال الكاشف لذلك هو إذا كانت هذه الحضارات موجودة لسنين هذا عددها فلماذا اعتبر هيتنجتون أنها أصبحت تمثل تهديداً الآن ؟
•••
إن رفض الولايات المتحدة الأمريكية الاعتراف بثورة 30 يونيو على الحاكم والحكم الأصولى بمصر إنما يرجع إلى تمسكها بهذه النظرية وليس لمجرد مصلحتها كما يقول كثيرون فهى ترفض وبشدة أن تفشل نظرية تصادم الحضارات ونهاية التاريخ أى (انتصار الحضارة الغربية) لكن الحقيقة التى يجب أن تعيها أمريكا والعالم أجمع اليوم هى أن التاريخ لم ينته بعد وما زال لديه الكثير ليقوله من خلال الحضارات غير الغربية وما خروج الشعب المصرى فى30 يونيو والذى صدم كل من يؤمن بهذه النظرية إلا شهاب يعلن من خلاله إفراغ النظرية من مضمونها وعلى أمريكا والغرب أن يعيدوا حساباتهم بطريقة مختلفة بدءاً من الموقعة المصرية ولا يأخذهم الغرور أو الاعتزاز بالإثم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.