السفارات المصرية في 18 دولة تفتح أبوابها لاستقبال الناخبين في انتخابات مجلس النواب    أسعار السمك اليوم الأربعاء 24-12-2025 في محافظة الأقصر    عيار 21 الآن....تعرف على اسعار الذهب اليوم الأربعاء 24ديسمبر 2025 فى محال الصاغه بالمنيا    بزيادة 27% عن 2025| تركيا تقرر رفع الحد الأدنى للأجور الشهرية    أنقرة: طائرة رئيس الأركان الليبي أبلغت بوجود عطل كهربائي قبل سقوطها    دبابات الاحتلال الإسرائيلي تطلق النار بكثافة صوب منطقة المواصي جنوب غزة    غزة: أكثر من 70 ألف شهيد و171 ألف إصابة منذ السابع من أكتوبر 2023    السخيري: الهدف المئوي رمز لي.. والمنافسون الكبار في انتظارنا    أمم أفريقيا 2025| صراع بين الكاميرون والجابون بصافرة مصرية    فاركو يستضيف إنبي لحسم صدارة المجموعة في كأس عاصمة مصر    مصرع شابين وإصابة 6 أخرين في حادث تصادم تروسيكل وسيارة نقل ببني سويف    حالة الطقس اليوم الأربعاء 24ديسمبر 2025 فى المنيا    وزير الخارجية يتسلم وثائق ومستندات وخرائط تاريخية من دار الكتب بعد ترميمها    بدون أدوية| كيف تقلل مدة نزلات البرد؟    موعد مباراة الأهلي والمصرية للاتصالات    تايلاند تحدد شروطا قبل بدء محادثات الأمانة العامة للجنة الحدود مع كمبوديا اليوم    "العمل" تعلن عن وظائف برواتب تصل ل25 ألف جنيه لهذه المحافظة.. اعرف التفاصيل    بني سويف.. مصرع شخصين وإصابة 6 آخرين إثر تصادم تروسيكل مع سيارة نقل بطريق جرزا الواسطى    تعرف على درجات الحرارة اليوم الأربعاء في محافظة الغربية    محاكمة اللاعب علي غزال بتهمة النصب على رجل أعمال بالتجمع اليوم    نظر طعن مضيفة طيران تونسية على حكم حبسها 15 عامًا بتهمة إنهاء حياة ابنتها    اليوم.. نظر محاكمة المتهمة بسب وقذف الفنان محمد نور    القومي للطفولة والأمومة يناقش تعزيز حماية الأطفال من العنف والتحرش    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 24ديسمبر 2025 فى المنيا....اعرف مواقيت صلاتك بدقه    أسعار الأسمنت اليوم الأربعاء في محافظة الغربية    الليلة تدق الأجراس، قصة الاحتفال بعيد ميلاد المسيح ومتى احتفل به لأول مرة؟    سقوط الغرب وصعود الشرق، تنبؤات نوستراداموس لعام 2026 بعد فك شيفرة "السرب العظيم من النحل"    كاراكاس: مصالح الشركات النفطية الكبرى وراء التهديدات الأمريكية لفنزويلا    زفاف جيجي حديد وبرادلي كوبر في 2026    تنسيق مصري إماراتي لإطلاق برامج شبابية مشتركة وماراثون زايد الخيري في مصر    8.46 مليار مشاهدة في أسبوع، رقم قياسي جديد لمسلسل Stranger Things 5    شقيقة ميسي تتعرض لحادث سير خطير في الولايات المتحدة    أمريكا تحظر دخول 5 أشخاص بينهم قيادات ألمانية لمكافحة الإساءة عبر الإنترنت    قناة ON تستعد لعرض مسلسل «قسمة العدل»    تفجير جديد يهز العاصمة الروسية موسكو.. وشرطيان فى حالة حرجة    التعليم العالي: نعمل مع اليونسكو للاعتراف المتبادل بالشهادات المصرية دوليًا    بوتين يرفض أى خطط لتقسيم سوريا والانتهاكات الإسرائيلية    كفتة العدس بالشوفان في الفرن، بروتين نباتي صحي بدون دهون    بطولة ياسمين رئيس وأحمد فهمي.. نهى صالح تنضم لمسلسل «اسأل روحك»    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأربعاء 24 ديسمبر    يعرض 7 يناير.. نيللى كريم وشريف سلامة يتصدران بوستر «جوازة ولا جنازة»    عودة مسرحية "نور فى عالم البحور" إلى خشبة المسرح القومي للأطفال    إيران تنتقد الترويكا الأوروبية والولايات المتحدة لعدم التزامهم بالاتفاق النووي    فيديو | «ربنا كتبلي عمر جديد».. ناجية من عقار إمبابة المنهار تروي لحظات الرعب    الصحة: نجاح عملية استبدال صمام قلب لمسن فوق 90 عاما بمبرة مصر القديمة    رئيس شعبة المصورين: ما حدث في جنازة سمية الألفي إساءة إنسانية    وزير التعليم: البكالوريا شبيهة بالنظم العالمية.. وستقلل من الدروس الخصوصية    د. القس رفعت فتحي يكتب: المسيحية الصهيونية.. موقف الكنيسة المشيخية    ب"احتفالية ومعرض".. تعليم الأقصر تحيي فعاليات اليوم العالمي لذوي الهمم| صور    إغلاق الأسهم الأمريكية عند مستوى قياسي جديد    فايزر تحقق في حادث خلال تجربة علاج جديد لمرضى سيولة الدم    بشرى ل 7 محافظات، الصحة تحدد موعد التشغيل التجريبي للمرحلة الثانية من التأمين الصحي الشامل    خالد مرتجي: نبحث تطوير كرة القدم داخل الملعب وخارجه    بعد اتهامه النادي بالعنصرية.. تفاصيل انتهاء أزمة الإسماعيلي مع الكولومبي كارميلو    هل أكل لحم الإبل ينقض الوضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    ما هو مقام المراقبة؟.. خالد الجندي يشرح طريق السالكين إلى الله    البحوث الفلكية تكشف موعد ميلاد شهر شعبان وأول أيامه فلكيا    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 23ديسمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة البحث عن (منافس)
نشر في الشروق الجديد يوم 15 - 02 - 2009

من يتأمل ما آلت إليه الحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية)، وشقيقاتها في تونس وسوريا من تراجع يعتريه الحزن علي ضياع إحدى فرص التحول الديمقراطي في المجتمع المصري خاصة، والمجتمع العربي عامة.
فقد بدأت حركة (كفاية) فتية، زاعقة، اختارت أن يكون الشارع هو المجال الحيوي بالنسبة لها، في رد فعل لنظام حزبي غير فعال تعمل فيه الأحزاب خلف الجدران. لا تعرف شيئا عما يموج به المجتمع من تحولات، ولا يعرف المجتمع ما يجري داخل هذه الأحزاب، ولا حتي أسماء الكثير منها. ولكن ما أن توارت الأضواء عن كفاية حتى بدأ التيبس يدب في أطرافها، وتحولت إلي إحدى الفعاليات السياسية التي تعاني من أمراض الأحزاب، من تفسخ، وتنازع علي الزعامة، وإتهامات بالعمالة والخيانة عند الاختلاف، وأخيرا حالة من حالات "الغضب العشوائي" بتسلم قيادة راديكالية مقاليد السلطة فيها، تراهن علي تحالف قومي إسلامي، لم يعد لليسار مكان فيه.
وما حدث في الواقع لا يمثل مفاجأة. فقد توقع كثيرون أن حركات التغيير الديمقراطي في المحيط العربي التي نشأت ما بين عامي 2004 و2005 سوف تزبل، وتتراجع سريعا. بدأت هذه الحركات، وفي مقدمتها حركة (كفاية) في أجواء دعاوي أمريكية بإصلاح ودمقرطة المنطقة العربية. وربما كان هناك رهان في البداية أن تكرر هذه الحركات ما قامت به حركات التغيير الديمقراطي في أوربا الشرقية، من صربيا إلي أوكرانيا مرورا بجورجيا. ولكن سرعان ما تبدد هذا الاعتقاد، خاصة بعد أن ظهر واضحا أن الأوضاع السيوسيو-ثقافية مختلفة بين أوربا الشرقية من ناحية، والمنطقة العربية من ناحية أخري.
حركات التغيير الديمقراطي في أوربا الشرقية لم يكن لديها تساؤلات هاجسية عن العلاقة بين الدين والدولة، فهي نشأت في مجتمعات علمانية، استفادت من البني الصناعية والتعليمية التي أرستها الأنظمة الشيوعية، وتحولت في السنوات الأخيرة منذ تفكك الاتحاد السوفيتي إلي أنظمة مهجنة- وفق تعبير عالم السياسة الأمريكي لاري دايموند- تجمع بين بعض سمات الأنظمة السلطوية وبعض سمات الأنظمة الديمقراطية في آن واحد مما سمح بوجود مساحات للحركة السياسية، أدت في النهاية إلي حدوث تحول ديمقراطي سلمي في إطار ما سمي بالموجة الرابعة للتحول الديمقراطي.
كانت لدي هذه المجتمعات عشية التحول الديمقراطي قضاء مستقل، وإعلام خاص، وتحالف عريض يجمع عناصر نافذة في جهاز الدولة، وأحزاب سياسية، ورجال دين، ورجال أعمال، وقيادات سياسية لديها مصداقية لم تتلوث بتهم الفساد والقهر السياسي، وقواعد انتخابية تكفل حدا أدني من النزاهة. عبأت قواها علي مدار سنوات، مستفيدة من زخم التأييد الشبابي لها، والقدرة علي الحشد الجماهيري، وما أن آتت اللحظة الانتخابية حتى استطاعت أن تحرز الفوز، وخرجت الجماهير إلي الشارع بمئات الآلاف لحماية صوتها الانتخابي من السرقة. كل ذلك جعل الأنظمة القمعية تتهاوي سريعا بعد أن تبين لها أن استخدام القمع الأمني مستحيل، خاصة في ظل تراجع الأجهزة الأمنية عن الدخول في صدام مفتوح مع جماهير هادرة، يراقب المجتمع الدولي تحركها، ويقدم لها الدعم معنويا ولوجستيا، ويغل يد الأنظمة الحاكمة عن اللجوء إلي السلاح في مواجهتها.
لم يكن الحال كذلك بالنسبة لحركة كفاية. فقد بدأت بتحالف ضم يسارا وقوميين وإسلاميين، سعت من خلاله إلي الربط الكلاسيكي بين المسألة الديمقراطية وبين مواجهة ما سمي بالتحالف الصهيو-أمريكي، كما ظهر في بيانها التأسيسي.
هنا وقعت كفاية في خطأ استراتيجي، فقد أعادت انتاج المقولات الخاصة بالانظمة العربية التي تؤجل الديمقراطية حتى تحرر الأرض العربية المحتلة. ولا يوجد إرتباط حقيقي بين الأمرين، فلم يكن يوما إهدار حريات المواطن العربي سبيلا لتحرير القدس أو الجولان أو الضفة الغربية، ولم تكن الديمقراطية شرطا لازما لمقاومة الاحتلال.
علي أية حال، فقد بدأت كفاية بتحالف أثبت فشله في مراحل سابقة، لم تجب خلاله عن الأسئلة الإشكالية التي تتعلق بشكل النظام السياسي، أو العلاقة بين الدين والدولة، أو مستقبل الهندسة السياسية في ظل وجود بديل إسلامي في نظام شبه علماني. لم تنجح كفاية في بناء تحالفات انتخابية، ولم ترق إلي المستوي الذي تشكل فيه منافسة حقيقية أمام صندوق انتخاب تحاصره الاتهامات بغياب النزاهة الكاملة. حدث ذلك، في الوقت الذي استطاع فيه النظام الحاكم توسيع قاعدة المؤيدين له من شرائح التكنوقراط، والأقباط، والمهنيين، ورجال الأعمال. وشعرت قيادات احزاب المعارضة، رغم ضعفها الواضح، بتهديد من كفاية، فكان النظام أقرب لها. وما أن أتت الانتخابات الرئاسية ثم البرلمانية عام 2005م حتى خفت بريق كفاية، بعد أن قررت المقاطعة، وبذلك خرجت من المشهد. وكان شعارها "لا للتمديد ولا للتوريث"، عنوانا مبكرا علي فشلها بعد أن رغبت في تغيير رأس النظام الحاكم بمظاهرات لم تتجاوز بضع مئات من الوجوه المألوفة في الفعاليات الاحتجاجية منذ سنوات.
بالطبع لا أحد ينكر أن كفاية حركت مياه راكدة في الحياة السياسية. ساعدت المواطن علي الاحتجاج، والتظاهر، والاعتصام. لكنها لم تصمد أمام نيران النظام، والنيران الصديقة. تهاوت سريعا، مخلفة ورائها خبرة فشل إحدي الحركات التغيير في المنطقة العربية. راهن عليها القوميون والإسلاميون، من منهم له الغلبة؟ وآلت في النهاية- بعد أن تراجعت- إلي العناصر الراديكالية علي الجانبين نتيجة تسرب العناصر اليسارية منها بعد أن شعرت أن التيار السائد فيها يمضي عكس الاتجاه. ضعفت كفاية، وظلت أحزاب المعارضة علي ضعفها، وتراجع بشدة أداء، وربما مصداقية الإخوان المسلمين. باختصار المشهد السياسي مكشوف، والحزب الوطني ليس بحاجة إلي جهد يبذله قبل الانتخابات البرلمانية عام 2010، والانتخابات الرئاسية عام 2011، بل علي العكس، فإن معضلته الآن هي في البحث عن شريك معارض، قادر علي إضفاء صورة المنافسة علي الانتخابات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.