هل حسم الإخوان أمرهم وقرروا التصعيد ضد الحكومة والمجتمع بأسره بغض النظر عن الثمن الذى سيدفعونه ويدفعه معهم كل المجتمع؟! أغلب الظن ولسوء الحظ أن الإجابة هى نعم، والدليل هو سلوك أنصار الجماعة فى الأسابيع الأخيرة. عندما يذهب أنصار الإخوان ويحاصرون منزل القيادى فى حزب النور نادر بكار ويوجهون له هذه النوعية من السباب والشتائم فهذا اغتيال معنوى مكتمل الأركان، يسبق بخطوة بسيطة عملية الاغتيال الفعلى. كل ما فعله بكار وحزبه أنه اتخذ موقفا سياسيا معينا يخالف موقف الإخوان. ما حدث أمام منزل بكار فى حلوان لا يختلف كثيرا عن الحوادث الإرهابية، لأنه يعطى رخصة سياسية وربما «شرعية» لأى متطرف أن يرتكب اعتداء مباشرا ضد الرجل أو غيره من السياسيين المعارضين. نفس الأمر حدث يوم الجمعة الماضى حينما اعتدى بعض أنصار الإخوان على إمام مسجد العزيز بالله فى منطقة الزيتون ووجهوا له السباب، وحاولوا احتجازه داخل أروقة المسجد، لولا تدخل بعض المصلين لإنقاذه من بين أيديهم. إصرار بعض أنصار الإخوان على مهاجمة بعض نقاط ومراكز الشرطة فى أثناء مظاهراتهم، سيعطى حجة للقول بأنهم يستهدفون توصيل البلاد إلى حالة من الفوضى الشاملة عبر إرهاق الشرطة. وقد يعزز من الاتهامات الموجهة إليهم بأنهم كانوا وراء عمليات الهجوم المنظمة على مراكز الشرطة يوم 28 يناير 2011. سيقول قائل: ومن أدراكم أن الذين يفعلون ذلك من الإخوان؟! والإجابة بسيطة.. إذا كانوا ليسوا إخوانا فلماذا تشاركونهم هذه التظاهرات التى تنتهى دائما بصورة دموية أو تخريبية؟! ولماذا لا تبتعدون عن أى مظاهرة يتم فيها إحراق سيارة شرطة أو مهاجمة نقاط الشرطة كما يحدث أسبوعيا فى الطالبية بالهرم؟ ولماذا تحاصرون منزل نادر بكار، ولماذا تقبلون ان يندس وسطكم متظاهرون يحملون أسلحة بيضاء أو خرطوشا أو أى نوع من الأسلحة أو حتى أفراد يرتدون الأقنعة؟! لماذا تسمحون أساسا لخصومكم أن يحولوكم إلى مشتبه بهم بأعمال العنف دائما؟! مستوى ونوعية التصريحات الصادرة عن بعض أنصار الإخوان أو ما يسمى ب«تحالف دعم الشرعية» والداعية إلى حصار لجان الاستفتاء على الدستور يمكن أن ترقى إلى التحريض المباشر على العنف وسفك الدماء، وهى تتناقض تماما مع الحديث الإخوانى المكرر عن «السلمية». من حق الإخوان أن يقاطعوا الاستفتاء أو يدعوا أنصارهم إلى مقاطعته، ويمكن لهم أن يشاركوا فيه ويقولوا لا، لكن ليس من حقهم الدعوة إلى محاصرة اللجان، وعليهم تذكر أن جبهة الإنقاذ التى رأت فى دستور 2012 تهديدا لهوية البلاد لم تدع أنصارها لمحاصرة اللجان بل دعتهم فقط للمشاركة والتصويت ب«لا». لا يريد الإخوان إدراك أن التظاهر المستمر قد يزعج الحكومة نعم، لكنه يجعل البسطاء يكرهونهم أكثر ويحملونهم مسئولية كل المشكلات بدلا من تحميلها للحكومة. الرهان الإخوانى على إسقاط الحكومة بالتظاهر والتخريب واستدراج الدماء قد يعطيهم قوة مؤقتة، كما حدث مع حالة شهيد الهندسة الطالب محمد رضا، لكنها استراتيجية قصيرة المدى. الناس قد تغضب من حكومة الببلاوى لأسباب كثيرة، لكنها لن تتعاطف مع جماعة الإخوان لأسباب أكثر.