صور جيكا واسمه المرسوم على جدران شوارع عابدين تقودك وحدها إلى منزله، تقترب فتلمح علم مصر معلقاً في شرفة الدور الثاني، جدران سلم البيت تحمل صورته، وبجوارها عبارة « كل سنة وإنتي طيبة يا أمي .. جيكا». تطرق الباب فتدعوك الحاجة فاطمة برفق إلى الدخول دون أن تسألك عن هويتك، تبدو معتادة على استقبال الزيارات، تقودك إلى غرفة فقيدها جابر. «نطالب بالقصاص .. نطالب بتطهير الداخلية»، هكذا بدأت حديثها ل«بوابة الشروق»، معلقة على بيان وزارة الداخلية الذي صدر الأحد والذي قدمت فيه تعازيها لشهداء محمد محمود، «بأمارة إيه؟ بيقتلوا القتيل وبيمشوا في جنازته». سرير جيكا الذي جلست والدته عليه تحول إلى منضدة تحمل كل ما ذكر فيه اسمه من شهادات تقدير دراسية، وعدد من الكتب التي أصدرتها بعض المنظمات الحقوقية وطبعت فوق غلافها صورته، بالإضافة إلى جريدة مفتوحة على صفحة تحمل صورته، والعنوان العريض يتحدث عن «ملائكة دفعوا ثمن العدالة والحرية». «في ناس من الداخلية جم سألوا عليه مرتين.. مع إنه كان عيل صغير مبيشربش غير اللبن والعصير وحتى السجاير مبيشربهاش»... تشير الحاجة فاطمة بيدها إلى صورة جيكا في طفولته المعلقة على الحائط، تستقر بجوارها لوحات مرسومة أهداها أصدقاؤه إلى أهله بعد وفاته. تظاهر الفقيد في الذكرى الأولى لأحداث محمد محمود وعاد في الليل، وعندما استيقظ في اليوم التالي كان ذاهباً إلى مدرسته «الخديوي إسماعيل». قبل أن يخرج علم بخبر اعتقال صديقه الذي كان يدير معه صفحة «معا ضد الإخوان». تتذكر والدته قبل أن تضيف: قرر العودة إلى شارع محمد محمود، وهناك تلقى رصاصات الظابط الذي قتله. الإخوان كدابين وبيتاجروا باسم الدين. الأم واثقة من أن «جيكا كان مستهدف ومقصود اغتياله .. الثلاثة كانوا أدمن للصفحة، واتضربوا في يوم واحد ». صلاح جابر والد الشهيد جيكا يرى أن جزء من حق نجله عاد بعزل جماعة الإخوان المسلمين من الحكم. «دعوت إلى وقفة احتجاجية لإحياء ذكرى جيكا يوم 18 نوفمبر لأتجنب التواجد مع الإخوان في مكان واحد يوم 19 نوفمبر، يعني العريس مش هيروح الفرح». ويضيف الأب أن شباب الثورة وحدهم هم الذين لم تتلطخ أيديهم بالدماء، والجميع يتصارعون الآن لاستبداد الشعب وفرض معتقداتهم الدينية والسياسية عليه. تنازلت الأسرة عن التعويض لصالح مستشفى سرطان الأطفال 57357، والتي ستقوم بدورها بإنشاء غرفة تحمل اسم جيكا. مرة أخرى يعود الحديث عن تطهير الداخلية. السيدة فاطمة شبهت العملية «بالشجرة اللي فيها ورق أصفر ولازم يتشال»، أما خالد ياسين المتحدث الرسمي باسم حركة «جابر جيكا» فيضيف إلى التطهير مطلبين آخرين، هما إقالة اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية والقصاص للشهداء. ياسين برر امتناع الحركة عن الظهور في محمد محمود بأنهم «لا يريدون أن يكونوا طرف في لعبة سياسية بين العسكر والإخوان، لكن لو حصل اعتداء على المتظاهرين السلميين هنكون أول ناس موجودين».