كتب جى تشازان مقالا بجريدة الفايننشيال تايمز جاء فيه: لا تكاد توجد أماكن فى العالم بعيدة عن مرمى شركات البترول الكبرى، التى تذهب إلى أى مكان بحثا عن الخام. ولكن إيران تمثل استثناء كبيرا، فقد أصبحت خارج حدود هذه الشركات بسبب العقوبات الأمريكية والأوروبية. وربما يكون هذا الوضع الآن على وشك التغيير. فقد أثار موقف الرئيس الايرانى حسن روحانى الأخير، أملا فى تقارب دبلوماسى بين طهرانوواشنطن، وتخفيف العقوبات. وعلاوة على ذلك، وعدت إيران الآن بأنها يمكن أن تقدم عقودا أكثر ربحية لشركات أجنبية مستعدة للاستثمار فى حقولها البترولية. ويشير تشازان إلى حوار مع مهدى الحسينى، مستشار وزير البترول الإيرانى، بجريدة فايننشيال تايمز، حيث قال، إن حكومته تعمل على إلغاء نظام «إعادة الشراء» الحالى - وهو نوع من التعاملات تبين أنه الأكثر إثارة للمشاكل فى صناعة النفط - والاستعاضة عنه بنوع جديد من التعاقدات. وهذا جزء من حملة لجذب مائة مليار دولار على الأقل من الاستثمارات إلى إيران على مدى السنوات الثلاث المقبلة. ومن حيث المبدأ، يمكن أن يجذب ذلك الكثير من الاهتمام. فعلى أى حال تمثل إيران رابع أكبر احتياطيات للنفط فى العالم وأكبر وقف فى العالم من الغاز الطبيعى. ويعتبر حقل بارس الجنوبى للغاز الطبيعى الأكبر فى العالم، وكان فى السابق الأبرز فى صناعة البترول العالمية. ويشير الكاتب إلى قول أليكس مونتون، من شركة وود ماكينزى للاستشارات «مازال لدى إيران عدد من الفرص الجذابة للغاية». واستشهد بحقل بارس الجنوبى والمكاسب المحتملة الهائلة من استخدام التكنولوجيا الغربية الحديثة لتعزيز الانتعاش من حقول البترول الإيرانية الضخمة، التى بلغت ذروتها فى السبعينيات من القرن الماضى و هى تشهد الآن تراجعا حادا. ولكن الشركات الكبرى تتشكك فى ذلك؛ حيث يجب أن تتغير أشياء كثيرة قبل أن تفكر فى الاستثمار فى إيران - ليس أقلها وقف العقوبات. وحتى بعد ذلك، لن يكون النجاح مضمونا. ويقول أحد كبار المسئولين التنفيذيين فى شركة بترول كبرى: «أمام شركات البترول فرص الآن أكثر مما كانت عليه حتى قبل 10 سنوات» وأضاف «لقد تغير العالم - هناك أفريقيا وأمريكا اللاتينية، والصخر الزيتى فى الولاياتالمتحدة. وسيكون على إيران تقديم شروط أكثر تنافسية بكثير إذا أرادت جذب شركات مثل شركتنا». ومع ذلك، جلب انتخاب السيد روحانى شعاعا نادرا من الأمل. وأثلج صدور خبراء صناعة البترول بتعيينه بيجان نمدار- زانجانه وزيرا للبترول. وهو وزير تكنوقراطى شغل نفس المنصب بين عامى 1997 و 2005، فى عهد الرئيس الإصلاحى محمد خاتمى، وكان له دور فعال فى جذب مليارات الدولارات من الاستثمارات الأجنبية إلى قطاع البترول. ومع ذلك، يواجه تحديات كبيرة فى إحياء ذلك الاهتمام الأجنبى بالاستثمار فى بلاده.
ويضيف تشازان، تعتبر عمليات إعادة الشراء أكبر المشكلات، وهى نوع من التعاقدات ظهر لأول مرة فى أوائل التسعينيات، تدفع الشركات الأجنبية بموجبه جميع التكاليف الأولية لتطوير حقل البترول، وخلال عدد محدد من السنوات، يسمح لها باسترداد تكاليفها مع هامش صغير من الربح – ولكن بنسبة معينة من العائدات. وفى البداية، كانت العقود مغرية جدا، وحققت شركات مثل توتال وبتروناس معدلات معقولة من العائدات. ولكن بعد تأميم الموارد فى طهران، تدخل البرلمان الإيرانى للحد من معدلات الربح. وعلى الرغم من تراجع الشروط، اجتذب مشروعات مثل حقل بارس الجنوبى الايرانى وغيرها، شركات مثل رويال داتش شل. ومع ذلك، حقق قانون العقوبات ضد ايران وليبيا، الذى فرضته واشنطن لإبعاد الشركات الأجنبية عن إيران، الغرض منه. وفى عام 2008، تراجعت شركة توتال، احدى أواخر المجموعات الأجنبية التى ظلت تعمل فى إيران. ومن الناحية المثالية، يود المستثمرون الاستعاضة عن عمليات اعادة الشراء بنوع من انواع اتفاقات تقاسم الإنتاج، والمشاريع المشتركة والامتيازات القائمة فى البلدان المنتجة للبترول الأكثر ملاءمة للمستثمرين. ولكن ذلك يتعارض مع الحظر الدستورى الذى تفرضه إيران على تملك الأجانب موارد النفط والغاز. ويشير تشازان إلى قول مريم آل شمة، محللة شئون الشرق الأوسط فى شركة بى اف سى لاستشارات الطاقة، إن جهود الإصلاح التى قام بها السيد الحسينى ربما ينتج عنها شكل من أشكال تعاقد الخدمة «مع معدل عائد مرتفع بما فيه الكفاية لجذب شركات البترول العالمية». وتضيف: هناك أيضا «احتمال بعيد» لسن تشريعات تسمح للشركات بحجز احتياطيات البترول - مما يعكس القيمة المحتملة للبترول أو حقول الغاز فى حساباتها – من دون امتلاكها فعليا.
ويختتم تشازان المقال قائلا، يعتمد الأمل فى إحياء صناعة البترول الإيرانية على قدرتها على جذب الاستثمار الأجنبية، ويقول شابور سابا من شركة وود ماكينزى «إذا لم يكن هناك تدخل أجنبى فى الاستثمار فى المنبع، سوف يظل انتاج إيران من البترول والغاز ثابتا، ويمكن أن يبدأ فى الانخفاض على المدى المتوسط والطويل». ومع وجود هذا العدد الكبير من أماكن العمل الأخرى، سوف تحتاج شركات البترول إلى الكثير من الإقناع للعودة إلى ايران. وكما يقول سالار مرادى، محلل سوق البترول فى شركة اف جى إى «إذا كنت تريد أن تنافس للاستثمار عليك أن تقدم عقودا جذابة للغاية».