لا أعرف هل لاحظت جماعة الإخوان وأنصارها خصوصا الإعلاميين منهم أن غالبية القوى السياسية الداعمة لثورة 30 يونيو كانت هى رأس الحربة التى هاجمت مشروع قانون التظاهر الذى أقرته الحكومة ولم يصدق عليه الرئيس عدلى منصور تحت ضغط الشارع واعاده مرة للحكومة التى قبلت إجراء تعديلات عليه بعد نقاش مجتمعى؟!!. كل هؤلاء الليبراليين الذين عارضوا مشروع القانون خصوم ألداء لجماعة الإخوان، ويعرفون تمام المعرفة ان الجماعة ستكون المتضرر الأكبر من القانون، بل ويدركون انهم يمكنهم ان يجنوا بعض المكاسب السياسية السريعة إذا تم تمرير مثل هذا القانون تطبيقا للقاعدة السياسية الشهيرة «ان كل ضربة ضد خصمى السياسى سوف استفيد منها فورا». لا تمل جماعة الإخوان وأنصارها من وصف كل من أيد ثورة 30 يونيو بأنه انقلابى ويفضل حكم العسكر أو «عبد للبيادة» وأحيانا كاره للإسلام، وأعمى لم يستطع رؤية مشروع النهضة الإخوانى، إذن أليس واجبا أن «يشغل» بعض أنصار الجماعة «عقولهم»، ويسألون أنفسهم سؤالا بديهيا هو: «كيف لعبيد البيادة أن يعارضوا أسيادهم ويحتجوا على مشروع قانون سوف يكون المتضرر الأكبر منه هم الإخوان فى حين أنه سيعطى مزايا نسبية كبيرة لأجهزة الأمن باختلاف أشكالها وألوانها، وهى الأجهزة التى يقول الإخوان إنها تعطى الأوامر للكتاب والصحفيين؟!. أحد مشاكل بعض أنصار الإخوان انهم يفكرون بطريقة واحدة لا تتغير، طريقة نمطية مقولبة تضع كل من أيد عزل مرسى وجماعته فى خانة «لاعقى البيادة ومؤيدى الانقلاب». لا يريد بعض الإخوان رؤية التفاصيل واللون الرمادى الغالب على كثير من الصور والمشاهد. هم يريدون أن يكون الناس إما معهم أو ضدهم على طريقة بن لادن فى الفسطاطين. ينسى الإخوان أو يتناسوا أن غالبية القوى الليبرالية المتهمين الآن بأنهم «عبيد البيادة» كانوا هم الذين عارضوا سياسات المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى معظم فترات المرحلة الانتقالية من فبراير 2011 حتى أول يوليو 2012، فى وقت «كانت الجماعة تنام فى حصن العسكر الدافئ معظم فترات المرحلة الانتقالية الأولى». إذن الموضوعية والاستقامة والنزاهة كانت تحتم على الإخوان النظر بتبصر إلى مغزى معارضة غالبية القوى الليبرالية لقانون التظاهر، رغم إدراكهم ان الإخوان سيدفعون الجزء الأكبر من فاتورته إذا تم تطبيعه بصفته الحالية. نفس الموضوعية والأمانة كانت تحتم على أى إخوانى عاقل أن ينقر مجرد نقرة على «جوجل» ليقرأ مواد مشروع قانون التظاهر الذى أعدته الجماعة وكانت تنوى تمريره قبل خلع مرسى، ثم يقارن بين مواد المشروعين؟!. الخلاصة أن جماعة الإخوان لا تريد ان تصدق ان غالبية ممن تصفهم بأنهم «لاعقو البيادة» كانوا يخشون اختطاف الجماعة لمصر وهويتها وثاروا ضد حكمها وقبلوا بحسم الجيش لثورة 30 يونيو، مثلما قبلوا ومعهم الإخوان لحسم الجيش للامور فى ثورة 25 يناير ولم يقولوا وقتها إنها انقلاب، هؤلاء يخشون ان يتم سرقة 30 يونيو من قبل الدولة البوليسية مثلما تم سرقة ثورة 25 يناير. غالبية القوى الليبرالية تريد دولة مدينة فعلية لا دينية ولا عسكرية، لكن سوء حظ هذه القوى انها ضعيفة ومفككة وفقيرة ونخبوية. هذه القوى دعمت محمد مرسى وأوصلته للسلطة عبر الصناديق ثم فوجئت بالإخوان يركلونها خارج الحلبة. فثارت واستعانت بالجيش وكان ما كان.. وأخيرا قاتل الله النسيان والذاكرة الانتقالية أو المثقوبة.