قفزة جديدة في الذهب اليوم.. أسعار الأعيرة المختلفة تشعل محلات الصاغة في مصر    عاجل - تفاصيل موعد صرف مرتبات شهر أكتوبر 2025 بعد قرار وزارة المالية    غزة: 80 خرقًا إسرائيليًا منذ وقف الحرب خلّفت 97 شهيدًا و230 مصابًا    وزير خارجية باكستان يرحب باتفاق وقف إطلاق النار مع أفغانستان    نتنياهو يسرق الجمهور    عاجل- ويتكوف: قدمنا التعازي لخليل الحية في فقدان أبنة بسبب القصف الإسرائيلي على قطر    تشكيل منتخب المغرب أمام الأرجنتين فى نهائى كأس العالم للشباب 2025    موعد التحقيق مع عمر عصر ونجل رئيس اتحاد تنس الطاولة.. تعرف على التفاصيل    ميلان يقفز لقمة الدوري الإيطالي من بوابة فيورنتينا    بيراميدز: مفاوضات الزمالك مع رمضان صبحي غير حقيقية.. ولا نعرف سببا لكثرة إصاباته    حارة نهارًا مائل للبرودة ليلًا.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم 20 أكتوبر    والد ضحية زميله بالإسماعيلية: صورة ابني لا تفارق خيالي بعد تقطيعه لأشلاء    توقف مفاجئ في حفل هاني شاكر بسبب انقطاع الكهرباء    عمرو أديب بعد سرقة اللوفر: بعتذر للمتحف المصري.. ومش هعمل كده ثاني    نجيب وسميح ساويرس يقبلان يد يسرا فى احتفالية 50 سنة على مشوارها الفنى    تدشين أول وحدة متكاملة للتخاطب والتأهيل النفسي والتكامل الحسي بجنوب سيناء داخل مجمع الفيروز الطبي    وفاة شابة عشرينية بسبب وشم قبل أسبوع من زفافها    تشكيل المغرب لمواجهة الأرجنتين في نهائي كأس العالم للشباب    منصّة صيد مشبوهة قرب مطار بالم بيتش تثير قلقًا حول أمن الرئيس الأمريكي ترامب    «سول» تحتجز جنديا من كوريا الشمالية بعد عبوره الحدود البرية    فريق بحث لتحديد المتهم بالتعدي على مدرسة لغات في إمبابة    الذكرى الثامنة لملحمة الواحات.. حين كتب رجال الشرطة بدمائهم صفحة جديدة في تاريخ الشرف المصري    قيادة التغيير    ضربه ب«مفك».. مصرع طالب على يد زميله في الدقهلية    ذكرى الأب تُنهي حياة الابن.. شاب ينهي خياته في الذكرى الخامسة لوفاة والده بالإسماعيلية    ليبيا.. حفتر يدعو إلى حراك شعبي واسع لتصحيح المسار السياسي    ثقافة إطسا تنظم ندوة بعنوان "الدروس المستفادة من حرب أكتوبر".. صور    المغرب يرفع ميزانية الصحة والتعليم بعد موجة الاحتجاجات    6 أبراج «نجمهم ساطع».. غامضون يملكون سحرا خاصا وطاقتهم مفعمة بالحيوية    هشام جمال: «فشلت أوقف ليلى عن العياط خلال الفرح»    د. أمل قنديل تكتب: السلوكيات والوعي الثقافي    أهم العوامل التي تؤثر على سوق العملات الرقمية    أسعار الفراخ البيضاء والبلدى وكرتونة البيض الأبيض والأحمر في الأسواق الاثنين 20 أكتوبر 2025    مضاعفاته قد تؤدي للوفاة.. أعراض وأسباب مرض «كاواساكي» بعد معاناة ابن حمزة نمرة    نحافة مقلقة أم رشاقة زائدة؟.. جدل واسع حول إطلالات هدى المفتي وتارا عماد في الجونة    سهام فودة تكتب: اللعب بالنار    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 20 أكتوبر 2025 في القاهرة والمحافظات    الداخلية السورية: القبض على عصابة متورطة بالسطو على البنك العربي في دمشق    محافظ الغربية يجوب طنطا سيرًا على الأقدام لمتابعة أعمال النظافة ورفع الإشغالات    حملات تفتيش وبرامج تدريبية.. أبرز حصاد مديريات «العمل» بالمحافظات    خبر في الجول – نهائي السوبر بتحكيم أجنبي.. وثنائي مصري لنصف النهائي    محمد رياض يتصدر التريند بعد إعلان نجله عن نية تقديم جزء ثانٍ من «لن أعيش في جلباب أبي» والجمهور بين الصدمة والحنين    ميلاد هلال شهر رجب 2025.. موعد غرة رجب 1447 هجريًا فلكيًا يوم الأحد 21 ديسمبر    تألق لافت لنجوم السينما فى العرض الخاص لفيلم «فرانكشتاين» بمهرجان الجونة    عمرو أديب: تجار السلاح مش عايزين اتفاق غزة يكمل    الذكاء الاصطناعي ضيفًا وحفلًا في جامعة القاهرة.. ختام مؤتمر مناقشة مستقبل التعليم العالي وتوصيات للدراسة والبحث العلمي    طارق العشرى: حرس الحدود خلال فترة قيادتى كان يشبه بيراميدز    لدغات عمر الأيوبى.. بيراميدز "يغرد" والقطبين كمان    بعد دعوة الرئيس السيسي.. عمرو أديب: التبرع لغزة مش بمزاجك.. دي في رقبتك ليوم الدين    «مشروع مربح» يقبل عليه شباب دمياط ..أسرار تربية الجمال: أفضلها المغربي (صور وفيديو)    «المؤسسة العلاجية» تنظم برنامجًا تدريبيًا حول التسويق الإلكتروني لخدمات المستشفيات    نادي قضاة مصر يهنئ المستشار عصام الدين فريد بمناسبة اختياره رئيسًا لمجلس الشيوخ    ندب المستشار أحمد محمد عبد الغنى لمنصب الأمين العام لمجلس الشيوخ    أزهر كفر الشيخ: مد فترة التسجيل بمسابقة الأزهر لحفظ القرآن إلى 30 أكتوبر    لجنة تطوير الإعلام تتلقى توصيات المؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين    هل زكاة الزروع على المستأجر أم المؤجر؟ عضو «الأزهر العالمي للفتوى» توضح    محافظ الشرقية يترأس اجتماع اللجنة العامة لحماية الطفل    بطرس الثانى وتيموثاوس الأول قصة أخوين توليا سدة الكرسى المرقسى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين الخضوع للعولمة ومقاومة ادعاءاتها
نشر في الشروق الجديد يوم 17 - 10 - 2013

ككل بلاد العالم التزمت أقطار الوطن العربى بكل متطلبات العولمة الاقتصادية، سواء الفكرية منها أو الإجرائية التى أملتها المؤسسات الدولية مثل البنك الدولى أو صندوق النقد الدولى وغيرهما. كانت روح العولمة فى شكل عباءة جديدة لرأسمالية قديمة ترفع شعاراً سياسياً جديداً : الليبرالية الجديدة. لقد زُفت العجوز الشَّمطاء على أنَّها صبيَّة عذراء، وكان شيخ وكاهن الزواج استاذ الاقتصاد الأمريكى ملتون فريدمان، عرَّاب مدرسة شيكاغو، وتابعه وتابعو التابعين من المنظّرين.
ما نريد التنبيه له، قبل الولوج فى موضوعنا الأساسى، هو أن عرّابى الرأسمالية العولمية التى تجتاح عالمنا قد غلفوها بادعاءات أثبتت الأيام عدم صحتها. ولذلك فليس بمستغرب صدور العشرات من الكتب الرَّصينة التى تفند تلك الادعاءات. ولعل من أكثرها صراحة وجرأة كتاب أستاذ الاقتصاد فى جامعة كامبريدج البريطانية، المؤمن بالرأسمالية المتوازنة، الدكتور هاجون شنغ، تحت عنوان « ثلاث وعشرون حقيقة عن الرأسمالية لا يتحدَّثون لك عنها».
وبالطبع فإن تلك الادعاءات عن الرأسمالية العولمية بدورها مبنية على ادعاء، يختلف الكثيرون بشأنه، يتعلق بمدى علمية ودقة وحتى تسمية ما يطلق عليه «علم الاقتصاد». نبرز تلك المقدمة وتلك الخلفية لنظهر مدى هشاشة وضعف الأرضية التى تقف عليها أقوال الاقتصاديين العولميين بشأن ما يجب أن تفعله الدول والمجتمعات فى الحقل الاقتصادى وبشأن ما يجب أن تتجنبه.
•••
الموضوع الذى نود مناقشته يتعلق بأحد أخطر ادعاءات العولمية الرأسمالية القائل بأنه فى عصرنا الحالى لا تحتاج الدول النامية، لكى تصبح دولاً صناعية متقدمة، أن تمارس سياسات وخطوات حمائية، تحمى بها مؤسساتها الصناعية والخدمية الوطنية الوليدة إلى أن تكبر ويشتدُّ عودها وتقف على رجلها فى الأسواق الدولية.
وعليه فإن المؤسسات العولمية، ومن ورائها جيش من المنظرين والإعلاميين والزُّبونيين المستفيدين، لا يرون حاجة لفرض ضرائب جمركية عالية، ولا لتقديم دعم مباشر أو غير مباشر للشركات الوطنية الناشئة، ولا لسن تشريعات تعطى أية أفضلية أو حماية أو إسناد للصناعات الوطنية. فالمنطلق عند هؤلاء هو عدم التدخُّل التام فى حرية الأسواق وفى التنافس، حتى لو كان الأخير متوحشاً استئصالياً، إذ الداروينية فى الإقتصاد هى أيضاً بدورها تؤكد أن البقاء للأقوى والأفضل دون الالتفات لأية عوامل مؤثرة أخرى مثل التاريخ الاستعمارى وضعف القاعدة العلمية والبحثية والظروف الإجتماعية والثقافية المتخلفة.
لكن من حسن الحظ أن تاريخ نشأة وتطوُّر الاقتصاد الإنتاجى الصناعى فى البلدان التى تعتبر اليوم متطورة ومتقدمة، هذا التاريخ يردُّ على هذا الادعاء وهذه الأكذوبة. فمراجعة تاريخ بلدان صناعية فى الغرب والشرق، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وانجلترا وفرنسا وألمانيا ودول أوروبية أخرى كثيرة وفى الشرق مثل اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان، تؤكد أنهم جميعاً، منذ القرن الثامن عشر وحتى عصرنا الذى نعيش، مارسوا كل أنواع الحماية الجمركية والدعم اللوجستى بشتى أنواعه وسن القوانين الحمائية، وذلك من أجل الدفاع عن صناعاتهم ومؤسساتهم الوليدة. ولم يتوقًّف أى منهم عن ذلك الدعم إلا بعد وصول تلك الصناعات والمؤسَّسات فى بلدانهم إلى مرحلة النضج والوقوف على الأرجل فى مواجهة منافسة الآخرين على المستوى العالمى.
لقد مارست تلك الدول عكس ما تريد فرضه على الدول النامية فى الحاضر. ولو قيض لقادة تلك الدول، الذين مارسوا الحماية لأسباب وطنية، أن يخرجوا من قبورهم لصعقوا مما يريد أحفادهم أن يفعلوه بالآخرين.
•••
لنعد إلى وطننا العربى ولنطرح الأسئلة على أنظمة الحكم العربية. ولنطرحها على الأخص على بلدان ثروات البترول والغاز التى يأمل الجميع أن تكون فى المستقبل قاطرة التنمية الاقتصادية العربية من خلال استثمار عائداتها الهائلة لبناء أقتصاد عربى إنتاجى صناعى يرفده اقتصاد خدمى ومعرفى حديث متطور.
الأسئلة الملحة هى: هل ما زلتم تصدقون أكذوبة السوق الحرة التى لا يخضع إلا لمنطقه وحاجاته، مع أنه لا توجد سوق فى أى بلد تتمتع بحرية مطلقة؟
متى ستستعيدون إرادتكم وتقررون البدء، فرادى أو كتكتُّل عربى بأشكاله المختلفة، باتخاذ الخطوات الضرورية لحماية صناعاتكم ومؤسسات اقتصادكم الإنتاجى والخدمى، وذلك على ضوء ما تثبته الأيام، من خلال تجارب الكثير من الدول، من أن الاقتصاد الخدمى، حتى ولو كان متطوراً، لا يسدُّ مكان الاقتصاد الإنتاجى السلعى بما فيه الصناعى؟
متى ستدركون أن كل أنواع التنمية ستحتاج لدعم وتدخُّل الدولة فى مراحلها الأولى على الأخص؟ وبالتالى ترفضون مقولة أن الاقتصاد والخدمات الاجتماعية يجب أن يتركوا للقطاع الخاص، فهو الأقدر والأكفأ؟
متى ستدركون أن الدول الرأسمالية الغنية، التى تلقى عليكم يومياً المحاضرات الطويلة بشأن تحرير الأسواق العالمية، هى أول من يتخلى عن الاتفاقيات ويكسر القواعد عندما تتعرُّض مصالحها الاقتصادية لأى خطر؟
الأسئلة كثيرة جداً، وهى ليست رفضاً للعولمة، وإنُّما تشكيكاً فى بعض مقولاتها، ومناشدةًّ ألا تنحر محاولات النهضة الاقتصادية العربية، التى بدأت منذ الاستقلال الوطنى، تنحر ككبش فداء لرأسمالية عولمية أنانية متوحشة. للمرة الألف نذكُّر بأن فترة فوائض ثروات البترول والغاز الحالية هى فرصة تاريخية يجب ألا تضيع. إن إحدى وظائفها هى مساعدة النفس فى تخطًّى بعض الأكاذيب التى تنشر باسم العولمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.