الأوقاف تفتتح 25 مساجد.. اليوم الجمعة    بايدن: قرار ضرب روسيا بالأسلحة الأمريكية قد يجر الغرب إلى الحرب    الجيش الأمريكي يعلن تدمير 8 طائرات مسيرة للحوثيين    سيد معوض: هناك لاعبين لعبوا المباراة بقوة وبعد نصف ساعة كانوا بعيدين تمامًا    بعد ارتفاعها.. أسعار الفراخ والبيض في الشرقية اليوم الجمعة 7 يونيو 2024    «تعامل بشكل خاطئ».. عضو مجلس الزمالك ينتقد محمد الشناوي    بيان مهم بشأن الموجة الحارة وحالة الطقس اليوم الجمعة 7 يونيو 2024    بايدن: قرار ضرب روسيا بالأسلحة الأمريكية قد يجر الغرب إلى الحرب    شهيدان وإصابات جراء قصف إسرائيلي لمنزل بحي الصبرة جنوب مدينة غزة    خالد الجندي يحذر من ذبح الأضاحي في أفريقيا: نصب    الصيادلة: الدواء المصري حتى بعد الزيادة الأرخص في العالم    موعد مباراة كوت ديفوار والجابون في تصفيات إفريقيا المؤهلة لكأس العالم    بيسكوف: من الواضح أن الغرب سيتخلص من زيلنسكي    ترقبوا، محافظ المنوفية يكشف موعد إعلان نتيجة الشهادة الإعدادية 2024    إصابة 3 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ملاكي بأسوان    مصطفى قمر ومنى زكي وإيمي سمير غانم فى حفل زفاف جميلة عوض (صور)    بعد أولمبيا باريس.. هبة طوجي تفتتح فعاليات مهرجان موازين الموسيقي بالمغرب    بعد جدل أفشة.. تركي آل شيخ يعلن عن مفاجأة في برنامج إبراهيم فايق    رئيس معهد التخطيط يدعو للاستثمار بدلا من الاستدانة: القروض تخلف مخاطر كثيرة    انسحاب عاجل للاحتلال يرسم الطريق ل نجاح مقترح الهدنة في غزة (تفاصيل)    بيوصلوا رسالة لمصر، خبير يكشف بالأرقام أكذوبة إنتاج الكهرباء من سد النهضة (صور)    بعد تعاونهما في "باب الرضا".. "مصراوي" يًثمن ويُشيد بموسسة مصر الخير    وليال عشر، تعرف على أهمية ثالث يوم في الليالي العشر من ذي الحجة    تحديث تطبيق انستا باي الجديد.. تعرف على طريقة تحويل الأموال لحظيا    9 أيام راحة للموظفين.. تعرف على موعد وعدد أيام اجازة عيد الأضحى    هل يجوز محاكمة الموظف تأديبيًا بعد بلوغ سن المعاش؟.. التفاصيل    نصائح هامة للطلاب قبل الثانوية العامة "تعرف عليهم"    حالة يعفى فيها الموظف من مجازاته تأديبًا في قانون الخدمة المدنية    ما قانونية المكالمات الهاتفية لشركات التسويق العقاري؟ خبير يجيب (فيديو)    تفاصيل إصابة إمام عاشور في مباراة بوركينا فاسو    إنفوجراف لكلمة مصر نيابة عن «المجموعة العربية» في مؤتمر العمل الدولي بجنيف    تحرير 30 مخالفة في حملات لتموين الأقصر للتأكد من التزام أصحاب المخابز والتجار    حصول مصر على 820 مليون دولار من صندوق النقد الدولي    هتوصل لأرقام قياسية، رئيس شعبة الذهب يصدم المصريين بشأن الأسعار الفترة المقبلة (فيديو)    مجلس الزمالك يلبي طلب الطفل الفلسطيني خليل سامح    خالد جلال ينعي المخرج محمد لبيب مدير دار عرض مسرح الطليعة    بعد انخفاض الأخضر.. سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم الجمعة 7 يونيو 2024 في البنوك    متحدث الكهرباء: قبل انتهاء العام الحالي سينتهي تخفيف الأحمال    ساتر لجميع جسدها.. الإفتاء توضح الزي الشرعي للمرأة أثناء الحج    أمين الفتوى: إعداد الزوجة للطعام فضل منها وليس واجبا    السجن 7 أعوام على سفيرة ليبية في قضايا اختلاس    «صلاة الجمعة».. مواقيت الصلاة اليوم في محافظات مصر    طريقة عمل البسبوسة بالسميد، مثل الجاهزة وأحلى    غانا تعاقب مالي في الوقت القاتل بتصفيات كأس العالم 2026    حظ عاثر للأهلي.. إصابة ثنائي دولي في ساعات    ملخص وأهداف مباراة هولندا ضد كندا قبل يورو 2024    عضو اتحاد المنتجين: استقرار في أسعار الدواجن خلال 10 أيام    بعد ثبوت رؤية الهلال .. إليك أفضل أدعية العشر الأوائل من ذي الحجة    في عيد تأسيسها الأول.. الأنبا مرقس يكرس إيبارشية القوصية لقلب يسوع الأقدس    السنغال تسقط في فخ الكونغو الديمقراطية    حسين حمودة بعد حصوله على جائزة الدولة في الأدب: "حاسس إن في حاجة أقدر أقدمها لبنتي"    بمكون سحري وفي دقيقة واحدة .. طريقة تنظيف الممبار استعدادًا ل عيد الأضحى    عيد ميلاده ال89.. أحمد عبد المعطي حجازي أحد رواد القصيدة الحديثة    بينهم 3 أطفال.. إصابة 4 أشخاص إثر تصادم "لودر" الحي بسيارة أجرة ببورسعيد    مصرع سيدة صعقا بالكهرباء في منزلها بالدقهلية    حظك اليوم| برج الحوت الجمعة 7 يونيو.. «القمر مازال موجود في برج الحوت المائي ويدعم كل المواليد المائية»    نجل فؤاد المهندس: والدي كان يحب هؤلاء النجوم وهذا ما فعله بعد وفاة الضيف أحمد    نجاح أول تجربة لعلاج جيني يعمل على إعادة السمع للأطفال.. النتائج مبشرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين الخضوع للعولمة ومقاومة ادعاءاتها
نشر في الشروق الجديد يوم 17 - 10 - 2013

ككل بلاد العالم التزمت أقطار الوطن العربى بكل متطلبات العولمة الاقتصادية، سواء الفكرية منها أو الإجرائية التى أملتها المؤسسات الدولية مثل البنك الدولى أو صندوق النقد الدولى وغيرهما. كانت روح العولمة فى شكل عباءة جديدة لرأسمالية قديمة ترفع شعاراً سياسياً جديداً : الليبرالية الجديدة. لقد زُفت العجوز الشَّمطاء على أنَّها صبيَّة عذراء، وكان شيخ وكاهن الزواج استاذ الاقتصاد الأمريكى ملتون فريدمان، عرَّاب مدرسة شيكاغو، وتابعه وتابعو التابعين من المنظّرين.
ما نريد التنبيه له، قبل الولوج فى موضوعنا الأساسى، هو أن عرّابى الرأسمالية العولمية التى تجتاح عالمنا قد غلفوها بادعاءات أثبتت الأيام عدم صحتها. ولذلك فليس بمستغرب صدور العشرات من الكتب الرَّصينة التى تفند تلك الادعاءات. ولعل من أكثرها صراحة وجرأة كتاب أستاذ الاقتصاد فى جامعة كامبريدج البريطانية، المؤمن بالرأسمالية المتوازنة، الدكتور هاجون شنغ، تحت عنوان « ثلاث وعشرون حقيقة عن الرأسمالية لا يتحدَّثون لك عنها».
وبالطبع فإن تلك الادعاءات عن الرأسمالية العولمية بدورها مبنية على ادعاء، يختلف الكثيرون بشأنه، يتعلق بمدى علمية ودقة وحتى تسمية ما يطلق عليه «علم الاقتصاد». نبرز تلك المقدمة وتلك الخلفية لنظهر مدى هشاشة وضعف الأرضية التى تقف عليها أقوال الاقتصاديين العولميين بشأن ما يجب أن تفعله الدول والمجتمعات فى الحقل الاقتصادى وبشأن ما يجب أن تتجنبه.
•••
الموضوع الذى نود مناقشته يتعلق بأحد أخطر ادعاءات العولمية الرأسمالية القائل بأنه فى عصرنا الحالى لا تحتاج الدول النامية، لكى تصبح دولاً صناعية متقدمة، أن تمارس سياسات وخطوات حمائية، تحمى بها مؤسساتها الصناعية والخدمية الوطنية الوليدة إلى أن تكبر ويشتدُّ عودها وتقف على رجلها فى الأسواق الدولية.
وعليه فإن المؤسسات العولمية، ومن ورائها جيش من المنظرين والإعلاميين والزُّبونيين المستفيدين، لا يرون حاجة لفرض ضرائب جمركية عالية، ولا لتقديم دعم مباشر أو غير مباشر للشركات الوطنية الناشئة، ولا لسن تشريعات تعطى أية أفضلية أو حماية أو إسناد للصناعات الوطنية. فالمنطلق عند هؤلاء هو عدم التدخُّل التام فى حرية الأسواق وفى التنافس، حتى لو كان الأخير متوحشاً استئصالياً، إذ الداروينية فى الإقتصاد هى أيضاً بدورها تؤكد أن البقاء للأقوى والأفضل دون الالتفات لأية عوامل مؤثرة أخرى مثل التاريخ الاستعمارى وضعف القاعدة العلمية والبحثية والظروف الإجتماعية والثقافية المتخلفة.
لكن من حسن الحظ أن تاريخ نشأة وتطوُّر الاقتصاد الإنتاجى الصناعى فى البلدان التى تعتبر اليوم متطورة ومتقدمة، هذا التاريخ يردُّ على هذا الادعاء وهذه الأكذوبة. فمراجعة تاريخ بلدان صناعية فى الغرب والشرق، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وانجلترا وفرنسا وألمانيا ودول أوروبية أخرى كثيرة وفى الشرق مثل اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان، تؤكد أنهم جميعاً، منذ القرن الثامن عشر وحتى عصرنا الذى نعيش، مارسوا كل أنواع الحماية الجمركية والدعم اللوجستى بشتى أنواعه وسن القوانين الحمائية، وذلك من أجل الدفاع عن صناعاتهم ومؤسساتهم الوليدة. ولم يتوقًّف أى منهم عن ذلك الدعم إلا بعد وصول تلك الصناعات والمؤسَّسات فى بلدانهم إلى مرحلة النضج والوقوف على الأرجل فى مواجهة منافسة الآخرين على المستوى العالمى.
لقد مارست تلك الدول عكس ما تريد فرضه على الدول النامية فى الحاضر. ولو قيض لقادة تلك الدول، الذين مارسوا الحماية لأسباب وطنية، أن يخرجوا من قبورهم لصعقوا مما يريد أحفادهم أن يفعلوه بالآخرين.
•••
لنعد إلى وطننا العربى ولنطرح الأسئلة على أنظمة الحكم العربية. ولنطرحها على الأخص على بلدان ثروات البترول والغاز التى يأمل الجميع أن تكون فى المستقبل قاطرة التنمية الاقتصادية العربية من خلال استثمار عائداتها الهائلة لبناء أقتصاد عربى إنتاجى صناعى يرفده اقتصاد خدمى ومعرفى حديث متطور.
الأسئلة الملحة هى: هل ما زلتم تصدقون أكذوبة السوق الحرة التى لا يخضع إلا لمنطقه وحاجاته، مع أنه لا توجد سوق فى أى بلد تتمتع بحرية مطلقة؟
متى ستستعيدون إرادتكم وتقررون البدء، فرادى أو كتكتُّل عربى بأشكاله المختلفة، باتخاذ الخطوات الضرورية لحماية صناعاتكم ومؤسسات اقتصادكم الإنتاجى والخدمى، وذلك على ضوء ما تثبته الأيام، من خلال تجارب الكثير من الدول، من أن الاقتصاد الخدمى، حتى ولو كان متطوراً، لا يسدُّ مكان الاقتصاد الإنتاجى السلعى بما فيه الصناعى؟
متى ستدركون أن كل أنواع التنمية ستحتاج لدعم وتدخُّل الدولة فى مراحلها الأولى على الأخص؟ وبالتالى ترفضون مقولة أن الاقتصاد والخدمات الاجتماعية يجب أن يتركوا للقطاع الخاص، فهو الأقدر والأكفأ؟
متى ستدركون أن الدول الرأسمالية الغنية، التى تلقى عليكم يومياً المحاضرات الطويلة بشأن تحرير الأسواق العالمية، هى أول من يتخلى عن الاتفاقيات ويكسر القواعد عندما تتعرُّض مصالحها الاقتصادية لأى خطر؟
الأسئلة كثيرة جداً، وهى ليست رفضاً للعولمة، وإنُّما تشكيكاً فى بعض مقولاتها، ومناشدةًّ ألا تنحر محاولات النهضة الاقتصادية العربية، التى بدأت منذ الاستقلال الوطنى، تنحر ككبش فداء لرأسمالية عولمية أنانية متوحشة. للمرة الألف نذكُّر بأن فترة فوائض ثروات البترول والغاز الحالية هى فرصة تاريخية يجب ألا تضيع. إن إحدى وظائفها هى مساعدة النفس فى تخطًّى بعض الأكاذيب التى تنشر باسم العولمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.