بات من الواضح الآن أن العملية العسكرية التى أعلنت الولاياتالمتحدة أنها تنوى توجيهها إلى سوريا عقابا لنظام الرئيس بشار الأسد على استخدام السلاح الكيميائى ضد المتمردين، تفتقر إلى استراتيجية واضحة وإلى تأييد شعبى داخلى، كما أنها تفتقر إلى أى أهداف محدّدة تتطلع إلى إنجازها. بموازاة ذلك، فإن الرئيس الأمريكى باراك أوباما لم يكلف نفسه حتى عناء إقناع الرأى العام فى الولاياتالمتحدة وأعضاء الكونجرس بأن هذه العملية العسكرية ضرورية. وعادة، فإنه لدى قيام أى رئيس دولة بإقناع الرأى العام فى بلده بضرورة شن عملية عسكرية يختار واحدا من خيارين، إما إقناعه بأن هذه العملية العسكرية ضرورية لأمن البلد القومى ومصالحه الاستراتيجية الحيوية، أو أن الهدف منها إنسانى عام يمليه الواجب الأخلاقى للدولة. وعلى ما يبدو فإن أوباما غير مقتنع بهذين الخيارين. وربما يعود سبب عدم اقتناع أوباما إلى حقيقة أن المصالح الأمريكية فى الشرق الأوسط غير مهددة، بل قد تكون معرضة للخطر فى حال شن عملية عسكرية ضد سوريا. كما أن الموضوع الإنسانى والأخلاقى غير مدرج على جدول أعمال واشنطن فى الوقت الحالى، وهذا ما يثبته واقع أنها لم تتدخل حتى الآن فى الحرب الأهلية فى سوريا على الرغم من سقوط أكثر من 100,000 قتيل. وليس من المبالغة القول إن قرار عدم التدخل فى شئون الشرق الأوسط الداخلية يعتبر بالنسبة إلى أوباما بمثابة سياسة خارجية حكيمة وواقعية وموضوعية. مع ذلك، لا بد من القول إن الرئيس أوباما يواجه معضلة من جراء قيامه برسم خطوط حُمر أمام النظام السورى حدّد من خلالها أن قيام هذا النظام باستخدام سلاح كيميائى سيشكل تجاوزا لهذه الخطوط. وقد أضيفت الآن معضلة أخرى هى احتمال اضطراره إلى خوض حرب خارجية أخرى تفتقر إلى أى منطق أو هدف محدد، وهو الذى ضاق ذرعا بالحرب التى خاضتها الولاياتالمتحدة فى العراق وبتلك التى لا تزال تخوضها فى أفغانستان.