• المؤامرات موجودة دائمًا.. لكن مشاكلنا بسبب أخطائنا واستغلال الغير لها. • البرادعى صديقى والبعض حاول استخدام استقالته لكنها لم تؤثر على مجريات الأحداث. • اعتمدنا الحركة الدبلوماسية الأخيرة بعد التأكد أن مرسى لم يجبر كامل عمرو على شىء. فى الدور ال33 من مبنى وزارة الخارجية الشاهق والمطل على النيل كان اللقاء مع وزير الخارجية نبيل فهمى. اللقاء تم بدعوة كريمة من الوزير لمجموعة من رؤساء التحرير حضر منهم الاساتذة محمد حسن البنا «الأخبار» وعبدالناصر سلامة «الأهرام» وعادل حمودة «الفجر» ومجدى سرحان «الوفد» وكاتب هذه السطور بحضور السفير بدر عبدالعاطى المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية. اللقاء الذى جرى من الرابعة إلى السادسة مساء أمس الاول الخميس الماضى، لم يكن رسميا، بل هدفه التعارف الذى وصفه الوزير بأنه تأخر كثيرا بسبب التطورات المتلاحقة. أول سؤال كان عن استقالة البرادعى وحقيقة ما حدث، وكان رد الوزير أن إذاعة أو نشر أى حديث عن مداولات ومناقشات مجلس الدفاع الوطنى عمل ضد القانون، مضيفا أن البرادعى صديقه، والطبيعى أن البعض استخدم أو حاول استخدام استقالة البرادعى لمصلحته، لكن هذا الأمر لم يكن له تأثير حقيقى فى مجريات الأحداث. وكان طبيعيا أن تستحوذ الأزمة السورية على قدر كبير من النقاش. ونشرت «الشروق» فى طبعتها الثانية أمس الجمعة فى صفحتها الاولى أبرز تصريحات الوزير فى هذا الصدد، حيث أكد على معارضة مصر للتدخل العسكرى وإدانتها لاستخدام الأسلحة الكيميائية وأن الحل السلمى لن يتم إلا فى إطار صفقة دولية متكاملة يكون طرفاها الرئيسيان أمريكا وروسيا، مؤكدا أن الصراع فى سوريا صار فى جوهره صراعا على المنطقة، محملا النظام الحاكم المسئولية الأساسية لما وصلت إليه الأمور. وكشف الوزير عن وجود قدر كبير من التوافق داخل مجلس الوزراء المصرى للمرة الأولى منذ زمن بعيد طبقا لما لاحظه الوزراء القدامى. وعن الاستقطاب فى المجتمع قال فهمى ليس مهما أن يقول كل شخص رأيه حتى لو كان متطرفا، وليس هناك مشكلة فى وجود اختلاف بين الناس، المشكلة تكمن فى ضرورة إيجاد آلية شفافة للاختلاف. وعلى مائدة غذاء دائرية انتقل النقاش للحديث عن المواقف الدولية من الأزمة المصرية. وقال الوزير إن الغالبية العظمى من بلدان العالم كانت مواقفها إيجابية مع التعبير عن رغبتها فى وجود توافق سياسى وعدم وجود ضحايا، ثم هناك مجموعة من الدول عبرت عن موقف داعم لمصر بصورة واضحة مثل روسيا والصين، ثم مجموعة من الدول مثلت موقفا داعما بلا حدود مثل البلدان الخليجية باستثناء قطر وبالطبع تركيا. وعن الموقف الأمريكى قال فهمى إن مراكز صنع القرار هناك متعددة وبالتالى لا يصح أن نقول إنها تؤيد تماما أو تعارض تماما، مضيفا ان الرئيس الامريكى باراك اوباما سيقرر طبيعة العلاقة مع مصر خلال شهر سبتمر فى ضوء قرار مراجعة العلاقات لكن الوزير رفض الافصاح عن توقعه للقرار الامريكى المحتمل قائلا ان طبيعة اتخاذ القرار فى امريكا معقدة لكنه اشار ايضا إلى ان العلاقات بين البلدين متداخلة ويصعب تعرضها للاهتزاز فجأة. وردا على سؤال «الشروق» عن جوهر الموقف الروسى قال فهمى إنه كان إيجابيا طوال الوقت. وعن الموقف القطرى تحدث الوزير باستفاضة، مشيرا إلى أن قطر تمر بمرحلة انتقال سلطة ونحن كذلك فى مصر، والحركة هناك تستدعى المتابعة. وقال فهمى إنه هاتف نظيره القطرى خالد العطية عندما نسب إلى الأخير دعوته مجلس الأمن إلى الانعقاد لبحث الأوضاع فى مصر وأن المسئول القطرى نفى ان يكون فعل ذلك. وأكد الوزير أن هناك مواقف وتصريحات سلبية خرجت من الدوحة ضد الحكومة المصرية، مضيفا «نحن نتابع قطر بترقب وقلق»، وربما تكون قطر تفعل الأمر ذاته بالنسبة لنا. وكرر الوزير القول إن السياسة الخارجية لأى دولة تحكمها مصالحها المستقبلية مشيرا إلى المثل الأمريكى الشهير «لا تقل ماذا فعلت لى، قل ما الذى ستفعله فى المستقبل». وقال فهمى إن الخلافات العربية تصب فى مصلحة إسرائيل مستشهدا بقول وزير الخارجية الإسرائيلى الأسبق موشيه شاريت: «لسنا محتاجين لمحاربة العرب، لأنهم هم الذين سيحاربون أنفسهم». وعما تردد عن اجتماع دارمشتاد فى المانيا ضد مصر، لم ينف الوزير وجود مؤامرات، لكنه استدرك بالقول إن مشاكلنا ليست بسبب المؤامرات، بل بسبب أخطائنا، ثم استغلال الغير لها، وبالتالى علينا أن نحتاط وننوع خياراتنا وفى نفس الوقت لا نعزل أنفسنا عن الخارج، ولا نستعدى أى طرف مجانا. وكشف الوزير – الخبير بالشئون الأمريكية بحكم خدمته هناك حوالى سبع سنوات أن ستيف هادلى مستشار الأمن القومى الأمريكى الأسبق أخبره ذات يوم، عندما كان سفيرا فى واشنطن، أن بلاده ستوجه دعوة إلى القاهرة للحديث عن الشرق الأوسط الجديد، فرد عليه فهمى فورا نحن نرفض ذلك. فسأله هادلى: أليس مفترضا أن تعود إلى القاهرة لتسألها فى قبل أن ترد فورا الان؟، فقال له فهمى نحن لم نستطع حل مشاكل الشرق الأوسط القديم حتى الان، فهل نعمل شرق أوسط جديد؟!. وعن رأيه فى سياسة إدارة محمد مرسى الخارجية قال الوزير إن البعض سألنى من قبل عن هذا السؤال فأجبت: «لا أفهمها.. وهل هى سياسة أمة أم سياسة جماعة». «الشروق» سألت الوزير بشأن حقيقة ما تردد عن هيمنة الجماعة على الوزارة وعن تفاصيل الحركة الدبلوماسية التى أصدرها مرسى قبل عزله بساعات. رد الوزير بأن الإخوان وصلوا إلى السلطة للمرة الأولى وهم غير واثقين فى المؤسسة، ولم يشعروا بالارتياح لها لأنهم لا يعرفوها أيضا، كما أن وجود أيدلوجية لدى الجماعة، واستحداث وظائف جديدة وكثيرة وعدم وجود تعريفات واضحة للوظائف كان السبب فى وجود كل هذا اللغط. ونفى الوزير وجود ما يسمى بالأخونة فى الوزارة قائلا إن أحد عيوب وزارة الخارجية هو أهم مزاياها بمعنى «أنه لا يمكنك أن تدخلها إلا من أول السلم أو من آخره»، بمعنى أن هناك تدرجا وظيفيا حتميا للجميع، من أول الملحق إلى السفير والوزير. وكشف الوزير أنه خلال العشرين عاما الماضية لم يدخل الوزارة إلا خمسة أو ستة أشخاص من خارجها من غير الطريق الطبيعى، وجميعهم كانوا ضباطا وهؤلاء تم تكريمهم بعد أن أدوا خدمات عظيمة للوطن. أضاف الوزير أن ظاهرة «عصام الحداد» غير موجودة الآن فى إشارة إلى منصب الدكتور عصام الحداد مساعد محمد مرسى للشئون الخارجية الذى تردد أنه كان يتدخل فى سياسة وزارة الخارجية. والسبب هو وجود تناغم بين الوزارة والرئاسة وسائر مؤسسات الدولة الان. وكشف الوزير ايضا أن كل طلبات محمد مرسى من الخارجية لم تتعد طلب تعيين المستشار محمود مكى سفيرا فى الفاتيكان وهو لم يتم كما هو معلوم. وبشأن الحركة الدبلوماسية كشف نبيل فهمى أنه تلقى العديد من الشكاوى بشأنها بأن النظام السابق عين أناسا من دون وجه حق، وبعد فحصها تبين أن كل هذه القضايا تمت فى أواخر عهد حسنى مبارك أو أثناء فترة حكم المجلس العسكرى. أضاف فهمى أن الحركة التى عينها مرسى لم تتسلم مهام مناصبها، ثم إنها كانت جميعها من داخل الوزارة، واستطرد فهمى قائلا إنه بمجرد تعيينه وزيرا عاهد نفسه أن يكون مهنيا، ولذلك استمع بانصات إلى كل الشكاوى على الحركة. أضاف فهمى أن الوزير السابق محمد كامل عمرو – وفى تقليد محترم – جاءه ثانى يوم لتعيينه وقال له جئت أسلمك الوزارة، واستقبلنى بطريقة طيبة والتقطنا الصور التذكارية، ثم جلس معى يوما كاملا. وكشف فهمى أنه سأل عمرو سؤالا محددا هو: أخبرنى لو أنك اتخذت أى قرار من دون إرادتك سوف نغيره فورا، أما إذا كان هناك أى قرار اتخذته بنفسك سأحترمه بشأن الحركة، فرد عليه عمرو بأن الأمر كان طبقا للمعايير الطبيعية فقام فهمى باعتماد الحركة كما هى. وكشف الوزير بانه لم يتم التعديل إلا فى خمس حالات أربع منها لأسباب غير سياسية مثل المرض أو ظروف إنسانية قاهرة.. والحالة الخامسة لها ظروفها. وكشف الوزير أنه تلقى شكاوى كثيرة بأن السفير الفلانى «إخوانى» وبعد أن تم استقصاء الأمر تبين أن الشخص المقصود تلقى لفت نظر من مؤسسة الرئاسة أثناء حكم مرسى. وعن أفريقيا وحوض النيل قال وزير الخارجية إن أول زياراته كانت للسودان وجنوب السودان، وأول اتصالاته كانت مع نظيره الأثيوبى وأنه اتفق معه على اللقاء على هامش اجتماعات الأممالمتحدة فى نيويورك خلال ايام فى سبتمبر. وعن سد النهضة الاثيوبى قال فهمى إنه لابد من حل يضمن حقوقنا المستقبلية وليس فقط حقوقنا الراهنة. وفى نفس الوقت يراعى حقوق الآخرين فى التنمية. وكشف الوزير عن حفاوة الاستقبال للوفد المصرى فى جنوب السودان وأن رئيس جنوب السودان سيلفا كير أخجله باهتمامه الزائد، وأنه قصد الذهاب إلى جوبا لأن مصالحنا الاستراتيجية موجودة فى هذه المنطقة. وردا على سؤال «الشروق» عن الفرق الذى لمسه بين جوباوالخرطوم قال فهمى: «فى جوبا شعرنا بدفء الحرارة السياسية، وفى الخرطوم شعرنا بدفء الحرارة المناخية»، مستدركا أن وزير الخارجية السودانى حرص على التأكيد خلال اللقاء وأمام الصحفيين أن السودان لا يتدخل فى الشئون الداخلية لمصر.، مضيفا أنه لم يسمع فى الخرطوم ما يدعو إلى الانزعاج. وعن المصالحة الفلسطينية قال وزير الخارجية إنها لن تأتى بسهولة، كاشفا أنه لا يؤيد الأنفاق على حدود غزة لكن فى نفس الوقت لا يؤيد الحصار على القطاع، وأن الانقسام الفلسطينى لا تستفيد منه سوى إسرائيل، وأكد الوزير أن زيارته إلى رام الله مؤخرا كانت مهمة للإشارة إلى عودة الدور المصرى وأن استقبال السلطة الفلسطينية للوفد المصرى كان ممتازا.