فى الوقت الذى تبحث فيه الإدارة الأمريكية ردا عسكريا على استخدام مزمع للأسلحة الكيمياوية فى سوريا الأربعاء الماضى، نشرت مجلة فورين بوليسى الأمريكية أمس، تحقيقا عن امتلاك واشنطن لأدلة دامغة تثبت شن العراق هجمات كيميائية إبان حربه مع إيران، ولم تحرك ساكنا منذ أكثر من عقدين. واستندت «فورين بولسي» فى تحقيقها لعدد من وثائق وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سى آى إيه) التى أفرج عنها مؤخرا، وعدد من اللقاءات التى عقدتها مع مسئولين سابقين فى المخابرات الأمريكية، من بينهم الملحق العسكرى فى بغداد إبان الحرب، ريك فرانكونا. وقالت المجلة إن «الولاياتالمتحدة علمت خلال الأيام الأخيرة للحرب العراقية الإيرانية، فى عام 1988 على وجه التحديد، من خلال صور الأقمار الصناعية أن إيران على وشك اكتساب ميزة استراتيجية كبرى من خلال استغلال ثغرة فى الدفاعات العراقية». وبحسب المجلة، نقل المسئولون الأمريكيون تلك المعلومات للجانب العراقى مدعومة بتفاصيل عن مواقع القوات الإيرانية وهم على دراية كاملة بأن بغداد ستشن هجوما بالأسلحة الكيمياوية، بما فى ذلك غاز السارين؛ الذى يعد غاز أعصاب مميت. وأكدت فورين بولسى، نقلا عن وثائق المخابرات الأمريكية، أن «العراقيين استخدموا غاز السارين فى أربع هجمات كبرى فى وقت مبكر من عام 1988 معتمدين على صور الأقمار الصناعية والخرائط والمعلومات المخابراتية التى قدمتها لهم الولاياتالمتحدة»، وأن «تلك الهجمات ساعدت فى إمالة الكفة لصالح بغداد واجبار إيران على اللجوء للمفاوضات». وأشارت المجلة إلى أن «إيران حاولت اللجوء للأمم المتحدة بشأن استخدام تلك الأسلحة غير القانونية ضد قواتها، إلا أنها لم تكن تملك أدلة دامغة تدين العراق، فى حين أن المخابرات الأمريكية كانت تمتلك تلك الأدلة ولم تكشف عنها». وأكدت المجلة أن الإدارة الأمريكية فى ذلك الوقت، التى كان يترأسها رونالد ريجان، قررت أن تستمر تلك الهجمات مادام يمكنها تغيير مجرى الحرب».