يتحدث الدكتور محمد الشحات الجندى، عضو مجمع البحوث الاسلامية، عن أسباب الفتنة الموجودة حالياً بين أبناء الوطن، وكيفية حقن دماء المصريين التى اصبحت سائلة فى كافة بقاع الوطن. خرجت الفتاوى التى تدعو إلى الجهاد من اجل نصرة الاسلام وعودة الرئيس محمد مرسى.. فما رأيك فى تلك الفتاوى؟ للأسف الشديد نعانى فى عصرنا الحالى من سيل من الفتاوى التى تهدد سلامة المجتمع، وذلك بدعوتها التى الجهاد من أجل نصرة جماعة محددة أو فئة من المجتمع، فهذه الفتاوى المحرضة إلى العنف والجهاد لا وجود لها فى الاسلام، والدين بريء منها ومن أصحابها، لأنهم يتاجرون به لتوظيفه واستغلاله لنصرتهم وتحقيق اهدافهم الشخصية البعيدة عن مصلحة الوطن.
فالجهاد فى الاسلام يكون ضد أعداء الدين وأعداء الوطن، وليس داخل الوطن الواحد، وذلك مصداقا لحديث الرسول (صلى الله عليه وسلم): «من قاتل لتكون كلمة الله هى العليا فهو فى سبيل الله»، فهذا الجهاد إنما يكون ضد المشركين الذين يهاجمون الأوطان الاسلامية، أما الصراعات السياسية التى تودى بحياة ابناء الوطن الواحد فلم يطبق عليه أى من الفقهاء مسمى الجهاد، ولذلك يعد إرهاباً يجب على الدولة أن تتصدى له.
من بعض هذه الفتاوى عدم جواز الخروج عن الرئيس السابق مرسى.. ما هى شروط الخروج على الحاكم فى الاسلام؟ أكدنا كثيرا أن الاسلام يبيح الخروج على الحاكم ولكن بشروط، فالعلاقة بين الحاكم والمحكومين فى الاسلام قائمة على عقد اجتماعى بينهما، فإذا التزم به استمر، وإذا لم يلتزم به جاز الخروج عليه، لأن الخروج عليه هنا يكون من أجل ازالة مفسدة على الامة، و«افضل الجهاد كلمه حق فى وجه سلطان جائر»، وقوله تعالى «إنما الطاعة فى المعروف»، فكل هذه الامور تؤكد حتميه الخروج على الحاكم فى مفسدته.
يوماً بعد يوم نجد أحداث العنف تزداد فى الشارع والدماء تسيل.. فى رأيك ما دور الخطاب الدينى فى ايقافها؟ أولا التظاهر السلمى الذى يتضمن التعبير عن الرأى وبيان أوجه الانحراف والقصور فى الحاكم أو نظامه جائز شرعا، ولا يوجد فى ذلك شك، لأنه يتضمن طلب الاصلاح للشأن السياسى والمجتمعى، طبقا للقاعدة الشرعية حيثما تكون المصلحة فتم شرع الله، ولكن بشرط ألا تكون تلك المظاهرات مصحوبة بأعمال عنف أو تخريب أو احراق او التعدى على منشآت عامة أو ممتلكات عامة أو خاصة، وأن يكون المقصود بها المصلحة العامة للمجتمع، اما إذا كانت مصحوبة بعنف بدعوى نصرة الاسلام فهذا لا يجوز شرعاً ومرتكبوه أذنبوا بحق أنفسهم وبحق الدين، مهما كانت نيتهم التى خرجوا من أحلها.
فينبغى اعلاء مصلحة الوطن وتكريس مبدأ الحوار والوصول إلى التوافق حول ما تستلزمه المصلحة العليا فى غير تعصب أو اثارة العداوة بين أبناء الوطن.
وما رأيك فى الخطاب الدينى فى المساجد الذى يتطرق إلى الأمور السياسية ويروج لفصيل سياسى بعينه؟ الخطاب الدينى الآن فى أزمة حقيقة، فمعظم أئمة المساجد ومعتلى المنصات، يستخدمونها بحسب أهوائهم ولخدمة مصالحهم او للترويج لفصيل سياسى ينتمون إليه بحسب أفكارهم ومعتقداتهم.
وما هى آليه تطوير الخطاب الدينى والتحكم فى هؤلاء؟ لحل تلك الأزمة لابد أولا أن تكون المرجعية للأزهر الشريف، وان يتصدى لتلك المنابر فى المساجد، ومعرفة الخطاب الدينى بها، وذلك عبر مجمع البحوث الاسلامية، وهيئة كبار العلماء، حتى نستطيع مراقبة أداء هؤلاء الأئمة، فمن غير المعقول أن تكون المساجد تابعة لوزارة الاوقاف التى تخضع لرقابة الدولة ويعين وزيرها من رئيس الجمهورية، حتى لا تكون اداة للتعبير عن سياساته وأهدافه.