الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر تحدث عن أسباب ما آلت إليه الأوضاع فى مصر من خلال تصدى غير المؤهلين سواء للخطاب الدينى أو الفتوى وتأثير هذا على إثارة الفتن. • كيف ترى دور الخطاب الدينى فى مصر وتأثيره على الواقع السياسى؟ الخطاب الدينى الحقيقى ليس موجود بالقدر الكافى، فالخطاب الدينى بمعناه الأصيل هو ذلك المستند إلى صحيح الإسلام من التفسير السليم للنصوص الشرعية، وفهم الدلالات والمقاصد.
هذا المفهوم للأسف غير موجود حتى لدى المؤسسات المعتمدة على أكابر العلماء الراسخين، لذا لابد من التفرقة بين الخطاب الدينى والخطاب الذى يوجه لعامة المسلمين، فالأخير يعتمد فى الأساس على التوجه المذهبى والسياسى الذى يتخذه صاحب الخطاب، وهو ما يسبب الفرقة وانقسام المجتمع.
• وتأثيره على المجتمع؟ ربما يؤدى إلى إثارة الفتن كما نرى الآن، لأن الكثير من الناس لا يحسنون فهم الدين ولا يحسنون عرضه.
• كيف يتم تحسين الخطاب الدينى؟ الخطاب الدينى غير موجود بالأساس حتى يتم تحسينه، فالخطاب الدينى المتوازن يحتاج للبحث والتدقيق فى صحيح الدين والشرع تحقيقا للمقاصد الإسلامية المتوازنة، التى يضعها كبار العلماء والدعاة المشهود لهم بالعلم والورع.
• فى زمن فوضى الفتاوى الذى نعيشه.. ما تأثير ذلك على المجتمع؟ العملية الدعوية تحولت إلى مهنة العاطلين، ونتيجة لتصدى غير المؤهلين للفتوى اختلط الدخيل بالأصيل والخبيث بالنفيس.
ولعلى أرى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحقق حين قال «سيأتى على الناس سنوات خداعات، يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة، قيل: ما الرويبضة يا رسول الله؟! قال: الرجل التافه وفى لفظ: الرجل السفيه يتكلم فى أمر العامة».
• وما الحلول لمشكلة فوضى الفتاوي؟ لابد من إعمال نصوص القرآن الكريم، وتطبيق ما قاله رب العزة فى الآيات الكريمة بسورة النحل «وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ»، فضلا على ضرورة تجرد القنوات الدينية كلها من الإفتاء، وباقى القنوات أيضا، وأن يسند الإفتاء إلى اللجان فى الأزهر ودار الإفتاء من علماء الفقه الإسلامى.
ودون ذلك ستظل إثارة الفتن وإلقاء الفتاوى حسب المصالح والأهواء الشخصية.
• اختلاط الفتاوى والأحكام وصل إلى حد الاختلاف على حكم الخروج على الحاكم، وبات كل فصيل سياسى يفسره حسب هواه.. ما رأيك؟ لابد من التفرقة بين نوعين من الحكام، فهناك الحاكم العدل الرشيد وهذا الذى له شرعية معتبرة من الكفاءة والصلاحية والقدرة على فهم السياسيات المعاصرة، بمشاركة مجموعة من الخبراء فى المجالات المختلفة، وهو الذى يحكم بالعدل، على أن يطلبه الناس من أجل الحكم ولا يسعى إليه. وهذا تجب طاعته، وفقا للنصوص الشرعية فى طاعة ولاة الأمور.
أما الحاكم الظالم، فقال الإمام مالك بن أنس «الحاكم الظالم لا يعان دعمه وما يراد منه»، مستدلا بحديث سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، «صنفان من أمتى لا ينال شفاعتى إمام ظلوم غشوم خير من فتنه تدوم»، وقال رسول الله: «من ولى أمر من أمور المسلمين فلم يعدل فعليه لعنه الله».
وهذا الحاكم الظالم لا يُعان بل يخرج عليه. وقد خرج أبو ذر الغفارى على سيدنا عثمان بسبب العدالة الاجتماعية وخرج أهل البيت الأطهار على بنى أمية.
وهنا يحضرنى قول الرسول الكريم «من قاتل تحت راية عمية يغضب لغضبه أو يدعو إلى عصب وينصر عصب، فقتل، فقتلته، جاهلية»