ظهرت كثير من المصطلحات للتعبير عن هذه الظاهرة، فقيل: "ظاهرة فوضى الفتاوى"، و"صراع الفتاوى"، و"قطار الفتاوى الجامحة"، و"تضارب الفتاوى" وغير ذلك. والحق أن كثيرا مما ذكر في هذه الفتاوى هو تهييج إعلامي وتحريف للكلم عن مواضعه، وفي بعض الأحيان تصفية حسابات إعلامية أو سياسية أو شخصية مع هذا الاتجاه أو ذاك. بصعود الاسلام السياسي تدخل معركة الهوية مرحلة جديدة وتواجه تحديا صعبا حيث ان هناك من يري ضرورة العودة الي الاصول والسلف الصالح وتطبيق الشريعة الاسلامية من اجل استعادة الهوية المفقودة والحفاظ عليها وتنقيتها من الشوائب التي لحقت بها من جراء تقليد انماط الحياة الغربية والاقتباس من الحضارة الغربية الحديثة امام الهوية العربية طريقان الاول منها طريق الانتخاب والانغلاق والعودة للماضي والأصول الموهومة اما الثاني فهو طريق التجدد والانفتاح علي الاخرين والتكيف مع واقع العالم الجديد في ظل العولمة واختيار اي من هذين الطريقين يتطلب وعيا نقديا بحدود الاقتباس والانفتاح.
ان الاختلاف في وجهات النظر بدل ان تكون ظاهرة صحة تغني العقل المسلم بخصوبة في الرأي والإطلاع علي عدد من وجهات النظر ورؤية الامور من ابعادها وزواياها كلها وإضافة عقول الي عقل انقلب عندها المصريون في هذا الوقت عصر الاختلاف والخلاف وكانت وسلة للتآكل الداخلي والانهماك وفرصة للاقتتال حتى وصلت الدعوة من التيار الاسلامي في الاستشهاد حتى النصر والتصفية الجسدية والي الاستنصار والفتوى بأعداء الدين علي صاحب الرأي المخالف ان ازمتنا ازمة فكر ومشكلتنا في عدم صدق الانتماء والأمة المصرية عندما سلم لها عالم افكارها كانت المشروعية العليا الاساسية في حياتها وسطية ومرجعية الازهر الشريف استطاعت ان تحمل رسالة وتقيم حضارة علي الرغم من شظف العيش وقسوة الظروف المادية وكان مع العسر يسر ذلك الحيدة عن الكتاب والسنة موقع في التنازع والفشل قال الله تعالي ( وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ) الانفال 46 فهل نعتبر هذا الاختلاف اضطرابا ومفسدة نسعى لإزالته بتوحيد الفتوى ولو بتشكيل مجلس أعلى للفتوى في جميع أنحاء العالم الإسلامي أم نفهم الفرد العادي أن هذا الاختلاف في مسائل اجتهادية لكل قول حظه من الصواب وننشر في الأمة فقه الخلاف وكيفية التعامل مع المسائل الاجتهادية؟
لقد هان الرجال الذين يحمون بيضة الدين فهان علي الناس دينهم فصار ذلك شأن المفتين من الذين هدموا جدار الهوية وأباحوا للانفسهم الافتاء بما يستجيب لهوي النفوس فالعقيدة خاملة وإيمان الكثيرين مزعزع واليقين لم يعد يقينا والسلوك منحرف والاستقامة معدومة والفكر جامد والاجتهاد معطل والفقه مفقود والبدع قائمة والسنة نائمة والوعي غائب ان اثارة الخلاف السياسي بين ابناء الوطن الواحد او تنمية اسبابة خيانة عظمي للأهداف الاسلام وتدمير لهذه الثورة المباركة التي احيت الامل في النفوس وتعويق مسيرة الديمقراطية وتشتيت لجهود العاملين المخلصين ولا يرضي الله جل شأنه ولذلك فان من اكثر واهم الوجبات علي النخبة السياسية والدينية والإعلامية حاليا العمل علي توحيد فصائل الثورة المصرية بكل فئاتها وفصائلها والقضاء علي كل عوامل الخلاف بينهم فان كان لا محالة فليكن الاختلاف والخلاف في اضيق الحدود وضمن اداب سلفنا الصالح ولا يمنع اختلاف الاراء من التقاء القلوب فالمجتهد السياسي او القانوني او الاسلامي ليس له غرض سوي الحق وقد سلك طريقة وأما متبع الهوي المحض فهو من يعلم الحق ويعانفه ثم قسم اخر وهو غالب الناس وهو ان تكون له هوي وله في الامر الذي قصد الية شبهة الشهوة والشبهة .
وكما يشترط للإبداء الرأي القدرة علي ذلك والتأهل له واستناده لما يعضده فأنة يشترط فيه ايضا ارادة الحق والخير وهذا من معني الاخلاص وحسن الارادة التي هي مناط خيرية العمل وصلاحه وقبوله يبدوا اننا حتى الان غير قادرين علي استيعاب كل هذه المتغيرات الجديدة للان بعضنا اما واع لهذه المتغيرات او معترف يوجدوها وآخرين فقط يحاولون فقط ان يخفضوا رؤؤسهم حتى تمر العاطفة والعاصفة تزمجر من حولنا بقوة وبعنف ان اداب التناقض السياسي ظاهرة جلي في حياتنا المصرية ففي الوقت الذي ننادي بسيادة الدولة من خلال مؤسساتها القانونية والتشريعية والتنفيذية والحكم بينها وأداء اتزانها مؤسسة الرئاسة يظهر اداب التناقض السياسي في الافعال والأقوال والشعارات المرفوعة والممارسات السياسية الناتجة عن تلك الشعارات ان الافكار تفقد علاقتها بالواقع وكذلك اللغة السياسية والقانونية والحوارية ان التحدي الحقيقي الذي يواجهنا كمصريين مقاومة هذه الاوهام وإسقاطها ونبذ الخلاف والتنازل بين كافة الفصائل السياسية المتناحرة من اجل قيادة دولة ديمقراطية حقيقية تسير بنا من خلال سفينة النجاة الي دولة عصرية حديثة شعارها الحرية والكرامة الانسانية والصبر والمحبة لا يتناقضان بل يتراضيان بل علة الصبر في الحقيقة المناقضة للمحبة المزاحمة للتوحيد ان يكون الباعث علية غير ارادة رضا الله بل اراده غيرة او مزاحمته بالرادة غيرة هذه هي وحشية الصبر ونكاراته فالجهاد الاسلامي ليس عدونا علي الناس ولا استرقاقا للشعوب ولا جريا وراء المغانم والإطماع وليس الغرض من الجهاد هو ارقاه الدماء وإزهاق النفوس عبثا وبغير حق ليس الغرض منه ارغام الناس علي اعتناق فكرة معينة دون حجة او برهان سديد وليس الغرض منه اقامة نظام عالمي متخلف يخاصم المدنية ويريد ظهره للحياة وليس الغرض منه تكوين حكومة دينية بالمعني المفهوم لدي الغرب في العصور الوسطي عصور الظلام والانحطاط عندهم ليس الغرض منه تحقيق سلطة رجال الدين وإبعادهم ونفي اصحاب الثقافات المدنية والعلوم العصرية ليس الغرض منة العودة الي عصر الحريم حيث يفرض علي المرأة التقييد والتجهيل ان الجهاد الاسلامي هو ثورة علي كل الاوضاع الفاسدة والمعايير الخاطئة والموازين الجائرة ثورة علي التفرقة العنصرية وعدم الاعتراف بالمواطنة وحقها الداخلي ان الاسلامي لا يتعسف الامور ولا يكلف المسلمين اكراه غيرهم علي اعتناق عقيدتهم وإنما شرع الجهاد في سبيل الله لحماية المؤمنين وكافة المواطنين في وطن واحد حتى لا يفتنوا في دينهم ولا يقف الغرض من الجهاد علي مجرد رد العدوان وترك الناس في هجيتهم يعمهون
وإنما شرع الجهاد ايضا لكفالة حريته في الاعتناق والاعتقاد والدعوة والذي يقف في وجهة المجتمع ومنطقة السائد وعرفة العام وقيمة واعتباراته وأفكاره وتصوراته وانحرافاته ونزواته يشعر بالغربة كما يشعر بالوهن مالم يكن يستند الي سند اقوي من الناس واثبت من الارض وأكرم من الحياة كم هي بالية تلك الخيوط التي نتعلق بها والتي نسميها الحياة انها لا تعدوا لحظات زائفة قصيرة وأياما قليلة بل لا تعدوا كونها سحابة زائفة في يوم صائف ماذا نال طالبوها وماذا ادرك عبادها لقد عادوا صفر اليدين بعد ان عكرتهم تحرك الوحي بسفالتها وانقلبوا بمذمة الاولين والآخرين ماذا اعطتهم مما امهلوه وماذا وهبتهم مما طلبوه وماذا قدمت لخطابها البائس لقد قتلتهم جميعا ولم ينح احد من قضائها المبرم وقدرها المحتوم
ان هذه الحياة الدنيا برغم زينتها وبهائها وزخرفها ومتاعها وليلها ونهارها مصيرها العدم والغناء اللهم الام اقدم الانسان من عمل صالح ابتغاء وجه الله ان القلوب اذا كلت عميت فلا تعد تفرق بين ذكر الله وبين لغوا الكلام قد يظن ان الطاقة الانسانية لا حدود لها وان الانسان قد يستطيع ان يصل الي درجة يستغني فيها تماما عن كل خطوط نفسه وكل مراد من مرادتها وهذا وهم وشطط التفكير ان نفسك كنفوس الاخرين بالنسبة لك تماما بل هي اولي بالرعاية والتلطف للانها الاقرب اليك ان الانانية المرفوضة هي التي تعني التعدي علي حقوق الاخرين وإيثار النفس بما هو حق للآخرين ولا يعني هذا اننا ضد الايثار وتقديم الغير علي النفس في بعض المواطنين ولكن بشكل لا يضر بحقوق النفس ومطالبها ان الاحجاف بحق النفس حرام كما الاحجاف بحقوق الاخرين وتعامل مع نفسك بالعدل وتعامل بالفضل مع الاخرين لذلك ان الاقصاء السياسي ليس من حق اي انسان وعلينا ان تعود جسدا واحد للانتا امة واحدة من يوم ان خلق الله الناس ونحن امه عزيزة علية ولا يليق مطلقا ان يري تصرف بالهوى انما التصرف يكون بالحق ان المشهد الحاضر الذي تعيشه الامة في حاجه ماسه الي اعادة تنظيم العلاقات الانسانية بين جميع الافراد علي اساس المحبة الانسانية والإسلامية مصر فوق الجميع وليس تناحر بين افرادها وغنيمة بين سياستها وليست ساحة قتال بين مواطنيها ولا مباحة للاعدائها مصر القوية ببسالة وقوة شعبها وترابطها الوطني وتماسكها الاجتماعي
خبير في القانون العام ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية