بقيت أيام قليلة على انتخابات الرئاسة فى إيران، والتى سيجرى فيها انتخاب رئيس جديد لهذا البلد سيحل محل الرئيس الحالى محمود أحمدى نجاد الذى شغل هذا المنصب طوال الأعوام الثمانية الفائتة. وبرأيى، يتعين على إسرائيل أن تشكر نجاد على فترته الرئاسية التى استمرت ولايتين، كونه قد كشف خلالها عن الوجه الحقيقى للنظام الإيرانى، ولا سيما فى كل ما يتعلق بموقفه إزاء وجود إسرائيل، وبالنيات الحقيقية القائمة لديه.
ولا شك فى أن أداء نجاد فى هذا الشأن تسبب بإيقاظ العالم من غفوته، وتعزيز إدراكه أن ثمة مشكلة عويصة فى إيران، وأنه لا بد من معالجتها على وجه السرعة.
ما زلنا نذكر أن نجاد منح فى سنة 2006 رعايته ل«المؤتمر الدولى لأبحاث المحرقة النازية» الذى عقد فى طهران، وأتاح لكثيرين من منكرى وقوع المحرقة إمكان الاشتراك فيه، مساهما بذلك فى فتح عيون كثير من القوى فى الغرب على حقيقة وجود صلة وثيقة بين سعى إيران لامتلاك أسلحة نووية وبين احتمال أن يؤدى امتلاكها أسلحة كهذه إلى ارتكاب محرقة نووية.
كما أنه فى إثر ذلك المؤتمر تعزز لدى كثيرين من زعماء العالم الإدراك بضرورة كبح البرنامج النووى الإيرانى. فى الوقت نفسه، فإن إصرار الرئيس الإيرانى على المضى قدما ببرنامج طهران النووى أدى إلى قيام الأسرة الدولية بتشديد وطأة العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية المفروضة على نظام طهران، والتى ألحقت أضرارا فادحة باقتصاد هذا البلد.
وأدت عملية تزييف الانتخابات الرئاسية الإيرانية التى قام بها نجاد فى سنة 2009 إلى اندلاع انتفاضة شعبية فى إيران شكلت دليلا على أن أغلبية الشعب الإيرانى غير معنية باستمرار سلطة آيات الله. وليس من المبالغة القول إنه منذ تلك الانتفاضة انخفضت أسهم نجاد لدى قادة المؤسسة الدينية الإيرانية، ولدى الزعيم الروحى على خامنئى.
بنظرة إلى الوراء، نستطيع القول إن نجاد كان أفضل رئيس إيرانى يمكن أن تتمناه إسرائيل، ذلك بأنه خدم مصالحها الاستراتيجية العليا، وفى مقدمتها إضعاف مكانة إيران الدولية، وتراجع قوة النظام فى الداخل وشعبيته.