بعد أن اختلفت الحكومتان المصرية والقطرية على تحديد سعر محدد؛ تسدد به مصر لقطر ثمن شحنات الغاز التي ستشتريها القاهرة من حصة شركات الغاز الأجنبية العاملة بها، فإنهما توصلا إلى معاملة كل شحنة على حدة، وعدم تحديد سعر موحد لكل الشحنات، بحسب مصدر شارك في المفاوضات بين القاهرةوالدوحة. كانت «الشروق»، قد انفردت بنشر مطالبة مصر لقطر دفع ثمن شرائها لحصة شركات الغاز الأجنبية العاملة بها، بما يضمن تقليل حدة انقطاع الكهرباء، وعلى أن تقوم قطر بتصدير الغاز القطري لعملاء الشركات الأجنبية التي تلتزم معهم تلك الشركات بعقود تصديرية، لتعوض الدوحة هؤلاء العملاء عن غاز الشركات الذى يعتمدون عليه، لكن سيتم توجيهه إلى مصر.
وتبعًا للمصدر، بينما كانت تريد مصر أن تسدد لقطر بسعر يتراوح ما بين 7 إلى 9 دولارات للمتر مكعب، وهو نفس المبلغ الذي كانت ستدفعه للشريك الأجنبي إذا كانت لديها سيولة وستشتري منه مباشرة، فإن قطر كانت تريد أن يتراوح سعر التسديد ما بين 13 إلى 15 دولارًا، «وفى النهاية توصلت الحكومتان لاتفاق يقضي بمحاسبة كل شحنة على حدة، وذلك بعد أن حصلت الدوحة على بيانات بجميع الأسعار، التي يصدر بها الشركاء الأجانب للخارج». ويقول مصدر رسمي آخر، إن مصر المدينة بالفعل للشركات الأجنبية، والتي كانت قد قامت بتسديد جزء من هذه المديونية بالعملة المحلية قبل شهور قليلة، فشلت في إقناع الشركات المعنية بتوفير ما يكفى لاستخدام شهرين دون اللجوء للصفقة القطرية.
واتفقت الحكومة المصرية مع الجانب القطري على توريد نحو 18 شحنة من الغاز إلى عملاء شركتي بيرتش جاز وبتروناس في الخارج، وهما الشركتان العاملتان بمصر وتم الاتفاق معهما على الدخول في الاتفاق المصري القطري، تبعًا للمصدر، الذي أشار أيضًا إلى أنه جارٍ التفاوض مع حكومتين أوروبيتين، لتضمين شركتين أوروبيتين في الاتفاق.
وبينما طالبت مصر قطر بتسهيلات في السداد تقضي بالسماح لها بالسداد بعد 9 أشهر من التوريد، إلا أن الحكومة القطرية رفضت، مشيرة إلى أنها من الممكن أن تمنح مصر فترة سماح تتراوح ما بين 3 إلى 5 أشهر فقط، بحسب المسئول، موضحًا أن السوق المحلي يحتاج إلى كميات إضافية من الغاز تصل إلى 400 مليون قدم مكعب يوميًا، خلال الفترة من أول يونيو إلى نهاية سبتمبر المقبل.
وتقول مصادر حكومية ومستقلة، إن مصر تواجه اليوم معضلة كبرى، فهي إما تقبل بالسعر القطري، بعد الاتفاق عليه فيما يعني تضخم المديونية المصرية لقطر ورفع كبير في الدين الخارجي لمصر، أو أن تقبل باستمرار حالات انقطاع الكهرباء مما ينبئ بصيف كارثي، ليس فقط بالنسبة للاستخدامات المنزلية والتجارية، لكن أيضًا بالنسبة للخدمات الطبية واستخدامات تخزين الطعام بل وربما تشغيل محركات المياه وتشغيل المصانع.
وأكد مصدر حكومي، أن التغلب على أزمة الكهرباء الأسبوع الماضي، كان من خلال توفير غاز لمحطات الكهرباء بعد اختصامه مع عدد من المصانع، وبحسب مصدر صناعي، فإن ما يزيد على عشرة مصانع أغلقت أبوابها لأكثر من أسبوع؛ جراء نقص إمدادات الغاز «وهذه كارثة صناعية لو استمرت وشملت مصانع أخرى، لأننا في النهاية سنقلل العمالة بشدة في وقت تبحث فيه الناس عن فرصة عمل».
من ناحية أخرى، قال مصدر حكومي، إن مصر قد تسعى أيضًا لمواجهة الأزمة من خلال ايجاد تمويل بديل يسهم في تمكين مصر من شراء الغاز مباشرة من الشريك الأجنبي، رافضًا نفي أو تأكيد ما إذا كان المبلغ المطلوب الحصول عليه هو نحو 1.5 مليار دولار، بحسب تقدير أحد المصادر الاقتصادية المستقلة، أو ما إذا كانت تركيا هي الجهة المستهدفة للاقتراض، ومكتفيًا بالقول «نبحث عن بدائل بحيث لا يكون الصيف هذا العام اسوأ كثيرًا من العام السابق».