كتب مايكل بيل مقالا بجريدة فاينانشيال تايمز جاء فيه: يصر الأمير السعودى الوليد ابن طلال على أنه سوف يحقق حلمه فى أن يشهد أعلى بناية فى العالم بارتفاع كيلومتر فوق جدة على الرغم من أن المشروع تحت الأرض حاليا وليس فوقها. ويقول الملياردير ابن شقيق الملك عبدالله إن المقاولين يستغرقون شهورا فى الحفر تحت أرض المدينة الساحلية الشهيرة المعرضة للمد البحرى لدعم المبنى الذى سيفوق فى ارتفاعه ذات يوم برج خليفة فى دبى البالغ ارتفاعه 828 مترا. وأن الأمير الذى تمتلك شركته «المملكة القابضة للاستثمار» حصة غير مباشرة فى المشروع قال فى حديث له: «للأسف عليك أن تهبط مائة متر لوضع الأساسات قبل أن ترتفع ألف متر فوق الأرض».
ويرى بيل أن حجم هذا الطموح، وما ينطوى عليه من تعقيدات، يبدو ملائما لرجل سوف يجد هذا الأسبوع استثماراته العالمية ووضعه الجرىء داخل بلاده تحت دائرة الضوء. فقد اختلف اختلافا كبيرا مع مجلة فوربس بشأن ما اعتبره تقليلا من شأن ثروته فى قائمة الأثرياء حيث قدرت المجلة ثروته بنحو 20 مليارا فحسب بدلا من 29.6 مليار دولار مثلما يقول.
ويقول إن الخلاف أثار، مثله مثل البرج، جدلا بشأن ما إذا كان سليل أسرة مالكة يمثل جسرا للشركات متعددة الجنسيات إلى العالم العربى يسعى لتحقيق نفوذ فى مجال الأعمال أو سلطة سياسية أو مجرد إرضاء الذات أو ربما الثلاثة فى وقت واحد! ويحكى أن مستشارا على معرفة بالأمير قال عنه: «هو يريد أن يكون لديه الأكبر والأطول وهو ما يميز شخصيته».
•••
ينتقل بيل فى مقاله إلى نقطة أخرى وهى مشكلة فوربس فيقول إنه عندما أعلن الأمير أنه «بصدد قطع علاقاته» مع المجلة قبل ساعات من نشرها تحقيقا تفصيليا عن ثروته. وقالت فوربس إن تقديراتها تعكس اعتقادها أن القيمة الحقيقية لحصة الأمير البالغة 95 فى المائة من شركته الرئيسية «المملكة القابضة» أقل كثيرا مما يظهره سعرها فى سوق الأسهم السعودية. وذكرت المجلة أنها تشككت لأن السهم ظل لعدة سنوات يحقق ارتفاعا حادا خلال الفترة التى تجمع فيها فوربس بياناتها حول الأغنياء.
وردت المملكة ببيان اعتراض تفصيلى وصفت فيه مزاعم التلاعب فى سعر السهم بأنها «منحازة تماما ولا يوجد ما يدعمها» وإهانة موجهة للهيئات المنظمة لسوق الأسهم السعودية. ورفض الأمير ما أسماه «انتقام شخصي». وهو يقول إنه لم ينزعج لأن ذاته جرحت ولكن لأن التشكيك فى تقييم شركة المملكة يمكن أن يضر بموقفها التجارى وبسبب ما زعمه من أن المجلة أبدت عدم احترام للسعودية. وقال «نحن فى مجموعة العشرين!».
ويرى بيل أن الأمير، رغم كل ما أظهره من غضب للقومية، ليس نموذجا يمثل المؤسسة السعودية. فوالده، الأمير طلال، ترأس فى السابق حركة الأمراء الأحرار المعارضة التى كانت تطالب بالإصلاح فى السعودية.
وشرح أن الأمير المولود فى 1955 تلقى تعليمه فى السعودية ولبنان، ثم الأكاديمية العسكرية فى الرياض، التى وصفها بأنها «إحدى نقاط التحول فى حياتى». وأنه حصل على بكالوريوس إدارة الأعمال من كلية ميلنو بكاليفورنيا عام 1979، قبل أن يبدأ بداية غير ناجحة حياته فى مجال الأعمال بمبلغ 330 ألف دولار أخذه كهدية من والده. وقال إن الأمير أكد أنه لم يبدأ فى تحقيق النجاح إلا بعد أن رهن منزلا قيمته 600 ألف دولار، منحه إياه والده أيضا، واستثمر العائد فى صناعة البناء السعودية التى كانت تشهد ازدهارا فى الثمانينيات.
ويكمل فيقول أنه بعد استثمارات الأمير فى قطاعات سعودية من البتروكيماويات إلى المحال التجارية، حقق طفرة فى الاستثمار العالمى بحصة قيمتها 590 مليون دولا فى سيتى جروب عام 1991، وتضاعف قيمة سهمها أكثر من عشرة أضعاف بحلول 2005. وشملت أسهمه الأخرى شركات أبل وبروكتل آند جامبل، واعلن فى 2011 عن استثمار 300 مليون دولار فى موقع تويتر.
ويرى أن الامير يتمتع بالفرصة التى تتيحها له مكانته فى الاختلاط بدوائر النخبة. ويقول إنه يعرض إرسال صور فوتوغرافية عن لقائه العام الماضى مع رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون وقوائم بأفراد العائلات المالكة ورؤساء الوزارات الذين التقاهم. وأنه وهو رجل أعمال بالأساس، ولا يعتبر مرشحا للعرش، يصف نفسه بأنه «منغمس ضمنيا» فى السياسة وأن وضعه الاستثمارى يمثل «نقطة انطلاق إلى جوانب أخرى من الحياة والمجتمع».
يقول الكاتب الذى وصف الوليد بالأمير الذى تزوج أربع مرات، أن أكثر تصريحاته السياسية صراحة هى معارضته لتقليد الحجاب والتمييز ضد المرأة. فهو يستقبل كبار الشخصيات وبجانبه زوجته الأميرة ذات ال29 ربيعا حاسرة الرأس كما أنه يسمح للعاملين لديه فى برج الرياض أن يرتدوا ما يروق لهم. ويتذكر أحد المتعاملين فى استثمارات شركة المملكة «هناك نساء بتنورات قصيرة، بدلا من مرتديات البرقع».
وقد أثار ذلك إدانة المحافظين ومن بينهم أخوه الأمير خالد كما أثار تساؤلات من الإصلاحيين عما إذا كان ذلك من قبيل التمكين أو التشيؤ. وهو يرد على ذلك بحسم أنه يرعى مشاركة المرأة فى سوق العمل؛ فتشكل النساء 60 فى المائة من العاملين بالمملكة. ويقول «أفعل ذلك باعتباره مسئولية وواجبا»، مضيفا أن نفس الشيء ينطبق على أعمال الخير التى يقدمها للأقزام وغيرهم من حاشيته التى ينتقيها فى المجمع الذى يضم 420 غرفة من مكاتبه وقصوره هو وولديه.
•••
ولم يكتفِ الكاتب بذلك وإنما شرح أيضا أن الأمير يقوم الأمير بأعمال الخير فى مجالات القضاء على الأمراض والتبرع للجامعات على الرغم من أن البعض لا يعجبه الدعاية المصاحبة لذلك ويقول آخرون انه كان باستطاعته أن يستثمر فى مجالات أكثر إلحاحا تحتاجها السعودية. ويستشهد بمقولة لأحد رجال الأعمال فى جدة: «من المضحك أن يكون لدينا أعلى بناية فى العالم، فى بلد طرقه سيئة، ولا يتمتع معظم السكان بصرف صحى».
ويختتم مقاله قائلا إنه رغم ذلك لا يبالى الأمير وليد بمثل هذه التعليقات، منذ سنوات. وفى حين يرى البعض غرورا وراء كل من العاصفة التى أثارها بشأن فوربس ومشروع البرج، يرى الوليد دوافع أفضل. فهو يقول «ونحن نفعل ذلك لأنه يجعل للاستثمار معنى بالنسبة لنا»، ويقول عن مبنى جدة، المتوقع أن يستغرق استكماله أربع سنوات أخرى «وإذا كان هذا سوف يحقق تقدما للمملكة العربية السعودية، فليكن ذلك».