احتضن قصر الثقافة، مساء أمس الأول، على هامش مهرجان الشارقة للشعر العربي أمسية شعرية شارك فيها كل من صلاح الدين الغزال - ليبيا، ومهدي منصور - لبنان، وسعيد المكتومي - سلطنة عمان، وحضرها جمهور لافت وكبير من الشعراء والكتاب والنقاد والإعلاميين ومتابعي الشعر. وقدم للأمسية الشاعر عاطف الفراية - الأردن.
وقرأ أول شعراء الأمسية صلاح الدين الغزال عددا من نصوصه التي استلهمها من معاناته الشخصية، حيث راحت قصيدته "عباءة الجمر" تتناول جوانب من تلك المعاناة، يقول فيها:
لاَ زَادَ يَسندُنِي مِما أُكَابِدُهُ أَطْوِي المَدَى ظَمِئاً وَالبِيدُ تُقْصِينِي مُمَزقَ الجِسْمِ مَنْهُوكَ الخُطَى وَجِلاً لاَ إِنْسَ يَسْمَعُنِي أَوْ ظِل يَأْوِينِي حَتى بَلَغْتُ زَعِيمَ الجَانِ مُعْتَقِداً أني سَأَبْلُغُ شَيْطَاناً مِنَ الطينِ وكان كالموت في الجدباء ملتحفاً عباءة الجمر مدسوساً على الدينِ فأوصدوا بابهُ دُوني وما علمُوا أني على اللهِ رزِقي وهو يكفيني
وتنوعت مناخات قصائد الشاعر مهدي منصور بين مجالات عدة، كان قاسمها المشترك شدّ الحضور إليها، معتمدا بذلك على قوة ملكة الإلقاء التي تميز بها، ناهيك عن بساطة لغته، وجمالية صوره التي راح يرسمها، بالطريقة التي مكنته من التجسير مع جمهور الأمسية الذي بلغ تفاعله معه الأوج يقول:
مري فلا ريح تمر عليا أو نجمة تغفو على جفنيا وجع الخريف على ضفاف دفاتري لم يُبق من سيف العزيمة شيا حتى القصيدة أنكرت صلتي بها كم جلت بين قصائدي منفيا والدهر بين يدي قلّب أدمعي مري ببالي كي أعود إليا أنت اليقين فكل بيت هارب للشك ساهٍ كنت منه رويا مري لأمنحني فمي ورعونتي ولأستعيد من العناق يديا
ووجد الشاعر سعيد المكتومي خلال قصيدته "بكائية أخرى للأميرة هند بنت حجر" في سلفه قصة امرئ القيس المادة المناسبة التي نهل منها، حيث حسم أمره للسفر، والثأر لدم أبيه الذي سفك، على أيدي قاتليه، بعد أن راحت ابنته تبكي الملك القتل، والملك الضائع، يقول:
أواه يالغة الأوجاع كم يرد في مفرداتك هذا الحزن والكمد ماتت حروفك ثكلى في مخارجها ماتت وبين يديك النار والبرد
وظلت نبرة الحزن والتحدي محافظة على نفسها، في القصيدة الثانية التي قرأها بعنوان "المشرقون بلون الماء" من خلال حوارية بين الراوي وابنه لم تخل من الإصرار والكبرياء والأنفة، بالرغم من التحديات القاهرة .