فاتورة صغيرة من الصيدلية، كانت خيطا رفيعا وصلت من خلاله أسرة شهيد أحداث محمد محمود، عادل إمام، لسبب نزول ابنهم إلى ميدان التحرير وقتها رغم أنه لم يسبق له النزول. الفاتورة التى كانت تحتوى على مجموعة من أدوات الإسعافات الأولية كالشاش والقطن، اشتراها إمام قبل أن يغادر منطقته عزبة الوسيمى بحدائق القبة، متجها للتحرير لمساعدة المصابين فى أحداث محمد محمود بعد أن طلب منه عدد من زملائه ذلك.
توجه إمام إلى التحرير فى السابعة من مساء أول يوم فى الأحداث 19 نوفمبر إلى ميدان التحرير، «خرج قبل أن يقول لأحد أين ذهب»، تتذكر والدة إمام بداية اليوم الذى لا تنساه أبدا، مضيفة «إمام راح إلى المستشفى الميدانى فى عمر مكرم وأعطاهم الأدوية، وراح يشوف فيه إيه فى شارع محمد محمود».
تضيف والدته «أول ما دخل إلى الشارع، لقى مصاب فحاول أن يحمله علشان يخرج به إلى المستشفى الميدانى، لكن الرصاصة كانت أسبق منه وأصابته فى رأسه من اليمين وخرجت من الشمال».
المصاب الذى كان إمام يريد أن ينقذه التقى والدته بعد أن عرف أنه مات فى الأحداث وقال لها «وهو بيموت قالى قول لأمى تسامحنى».
تقرير الطب الشرعى الخاص بإمام، الذى كان يعمل فى صنع الأدوات النحاسية، يقول «إصابة نارية بالرأس أدت إلى كسور بالجمجمة وتهتك بالمخ أدى إلى هبوط حاد بالدورة الدموية والتنفس».
بعد ساعات من الانتظار نزلت والدة إمام لتبحث عنه لكنها لم تجده، «نزلت أدور عليه حوالينا ملقتهوش، رجعت للبيت وقعدت اتفرج على إللى بيحصل فى التليفزيون، لقيت جدع بيجروه على الزبالة كان ابنى وأنا معرفش».
مر وقت قصير حتى علمت أسرة إمام أن ابنها قد مات وعليهم التوجه للمشرحة لاستلام جثته «روحنا المشرحة أنا وأبوه وأخوه، وتعرفنا عليه، كانوا فى المشرحة عايزينا نمضى على أنه مات بالسكتة القلبية وناخد 500 جنيه».
مداولات عديدة تمت بين أسرة الشهيد عادل والمسئولين فى مشرحة زينهم، «منى سيف، هى إللى قالت لنا ما تسيبوش حق ابنكم وهما عايزين يعملوا كده علشان ما يكنش فيه قضية».
تحكى أم إمام على معاناتهم بعد موت ابنها قائلة «خلال تلك الفترة وصلتنى اتصالات من امرأة تقول لى اتنازلوا عن القضية المرفوعة على وزارة الداخلية وخدى تعويض بدل عنه لكنى رفضت».
تضيف أم إمام والدموع تملأ عينيها «كانت أسود سنة فى حياتى، يا ريتنى كنت أنا إللى مت، لأن إللى ضربه ما اتحاسبش ولا حقه رجع تانى، ابنى كان بيقولولى فيها إيه لو نزلت التحرير ومت شهيد».
لا تزال الفاتورة الطبية فى أيادى أسرة إمام، تذكرهم بأن هناك حقا لم يحصلوا عليه بعد وأن «سنة عدت ومفيش حد اتحاسب ولا أخد جزاءه».