تحتفل القوات البحرية المصرية في يوم 21 أكتوبر من كل عام بعيدها السنوي، تمجيدًا لذكرى تدمير أكبر الوحدات البحرية الإسرائيلية "إيلات" عام 1967 عن طريق لانشات الصواريخ المصرية التي تمكنت من إصابتها وإغراقها، بعدما حاولت إسرائيل في ذلك الوقت اختراق المياه الإقليمية المصرية، استكمالا للمخطط العدواني بعد احتلال شبه جزيرة سيناء في يونيو 1967 . وأكد اللواء بحري أركان حرب أسامة الجندي، قائد القوات البحرية، أن المدمرة إيلات كانت تعتبر من أحدث الوحدات البحرية الإسرائيلية وكانت تقوم باختراق المياه الإقليمية المصرية كنوع من الغطرسة والاستفزاز الإسرائيلي للقوات المسلحة المصرية، وصدرت الأوامر إلى لنشات الصواريخ المصرية يوم 21 أكتوبر1967 باعتراض المدمرة وقصفها بالصواريخ حال دخولها المياه الإقليمية، وتمكن بالفعل اثنان من لنشات الصواريخ من إصابة المدمرة إيلات وتدميرها وإغراقها باستخدام الصواريخ البحرية سطح/سطح لأول مرة في تاريخ بحريات العالم، وكان لهذا الحدث أكبر الأثر في تغيير الفكر الاستراتيجي العسكري العالمي، من حيث أسلوب الاستخدام لوحدات بحرية صغيرة الحجم لإصابة أو تدمير وحدات بحرية كبيرة مثل المدمرات، والتي كانت تعتبر في هذا الوقت السلاح الرئيسي لمختلف بحريات العالم.
وبناء على هذا الحدث فقد تم اختيار يوم 21 أكتوبر ليكون عيدًا للقوات البحرية المصرية، لأنها نُفذت بعد حرب 67 بحوالي 3 أشهر والتي احتلت بعدها إسرائيل سيناء، وكانت من أعنف الأزمات التي مرت على مصر بل والعالم العربي، وكانت هذه الفترة مليئة بالأحزان مع إحساس شديد باليأس، وكان لابد من القيام بعمل بطولي يرفع من الروح المعنوية للقوات المسلحة، ويعيد ثقة الشعب في قواته المسلحة .
وأضاف اللواء أسامة الجندي، في مؤتمر صحفي عقد مع المحررين العسكريين، أن عملية إغراق المدمرة إيلات تعتبر من أهم التطورات في مجال الحرب البحرية الحديثة التي وقعت خلال النصف الأخير من القرن العشرين، فقد كانت هذه العملية رائدة في استخدام الصواريخ سطح/سطح في الحرب البحرية، وقد نتج عن استخدام هذه الصواريخ في الصراع البحري تغيير شامل لمفاهيم التكتيك البحري في العالم.
وأضاف اللواء الجندي، أن القوات البحرية قامت بمهام كبيرة في حرب أكتوبر بمعاونة أعمال قتال الجيوش الميدانية في سيناء، سواء بالنيران أو حماية جانب القوات البرية المتقدمة بمحاذاة الساحل، وتم تنفيذ هذه المهمة بعناصر المدفعية الساحلية التي استطاعت قصف الأهداف القوية التي تواجهها بنجاح، أو أثناء التمهيد النيراني للعبور وخلال مراحل العمليات التالية، كما قامت الوحدات البحرية بتنفيذ المعاونة بالإبرار البحري لعناصر القوات الخاصة على الساحل الشمالي لسيناء، وقصف الأهداف الساحلية الحيوية المعادية من البحر، وسيطرت على مضيق "باب المندب" - في جنوب البحر الأحمر- بواسطة المدمرات والغواصات من خلال مباشرة حق الزيارة والتفتيش واعتراض السفن التجارية، ومنعها من الوصول إلى ميناء "إيلات"، مما أفقد الميناء قيمته وتم تعطيله عن العمل تمامًا، ومن ثم حرمان إسرائيل من كافة إمداداتها من البحر الأحمر، بالإضافة إلى تنفيذ مهمة التعرض لخطوط المواصلات البحرية الإسرائيلية في البحر المتوسط والأحمر بكفاءة تامة، أدت إلى تحقيق آثار سلبية عسكرية واقتصادية ومعنوية على إسرائيل وقواتها المسلحة.
وأشار الجندي، إلى أن مهمة القوات البحرية لم تنته إلى هذا الحد، بل شنت غارات بالنيران على الموانئ والمراسي والأهداف الساحلية بإسرائيل، بتسديد ضربات بالصواريخ والمدفعية ضدها بأسلوب متطور اعتمد على خفة الحركة وسرعة المناورة مع توفير قوة نيران عالية، كما قامت أيضًا بتأمين النطاق التعبوي للقواعد البحرية في البحرين المتوسط والأحمر، مما كان له أكبر الأثر في إحباط جميع محاولات العدو للتدخل ضد قواتنا البحرية العاملة على المحاور الساحلية، وساعد على استمرار خطوط المواصلات البحرية من وإلى الموانئ المصرية دون أي تأثير وطوال فترة العملية.
وأوضح، أن القوات البحرية المصرية تحرص على تنفيذ التدريبات المشتركة مع الدول الصديقة والشقيقة، للتأكيد على حرص القوات المسلحة على تأمين السواحل والمياه الإقليمية والاقتصادية لمصر، واستعادة الكفاءة القتالية والتعرف على الأساليب المختلفة والتكنولوجيا المستخدمة لدى تلك الدول، والتي قد تكون غير متوفرة لدى مصر، وتدريب الضباط على أحدث الوحدات البحرية في العالم، والتعرف على أساليب التدريب القتالي بالبحر، مع إمكانية التعرف من خلال هذه التدريبات ومن خلال زيارات السفن الأجنبية للموانئ المصرية على أحدث ما وصل إليه العالم من تكنولوجيا ونظريات التسليح وتكتيكات استخدام هذه السفن، بما يعود بالفائدة الكبيرة عند تقدير الموقف لاختيار سلاح جديد أو معدات لتنضم للقوات البحرية.
وأكد الجندي، أن القوات البحرية تتصدى لعمليات تهريب ضخمة تتم من داخل مصر إلى الخارج، من خلال السواحل حيث يتم تهريب كميات كبيرة من السولار والمواد البترولية المدعمة، وبيعها للمراكب الأجنبية، ويتم القبض على هؤلاء المهربين بشكل يومي .
وأشار إلى أن القوات البحرية تشترك في تدريبات مع الولاياتالمتحدةالأمريكية – فرنسا – السعودية – تركيا – اليونان، وتم تنفيذ التدريب البحري المشترك المصري الأمريكي (تحية النسر-2012) في الفترة من 6-10 مايو 2012 في البحر الأحمر بمصر، وكذلك التدريب المشترك مع اليونان (إسكندرية-2012) في الفترة ما بين 26 أغسطس إلى 1سبتمبر 2012 بالبحر المتوسط، بالإضافة إلى العديد من التدريبات المشتركة الأخرى مع السعودية وتركيا وفرنسا.
وبين قائد القوات البحرية، أن هناك مجالات تعاون مع بعض الدول الأجنبية لتزويد مصر بوحدات بحرية متقدمة خلال الفترة المقبلة، وكذلك التعاون في مجال التصنيع البحري المشترك، في ظل التطور في مجال الأسلحة والوحدات البحرية، في إطار التواكب مع التطور العالمي في بحريات دول العالم وخاصة دول الجوار وخطط التسليح الشاملة للقوات المسلحة، لافتًا إلى أن القوات البحرية المصرية في تطور مستمر خلال السنوات الأخيرة، خاصة مع الدعم المستمر للقيادة العامة، مشيرًا إلى أن هناك خطط تطوير مستمرة، تعتمد على الاستراتيجية الرأسية التي تركز على تحديث وتطوير الوحدات ومنظومات القتال المتوفرة، والاستراتيجية الأفقية التي تستهدف الحصول على وحدات بحرية جديدة تم التعاقد عليها لتنضم إلى البحرية، حتى تغطي مطالبها في تنفيذ المهام المكلفة بها، بالتعاون مع الدول الأجنبية المختلفة، وكذلك التصنيع المشترك، مع بعض الدول الصديقة كنواة للاعتماد على التصنيع المحلي .
وكشف قائد القوات البحرية، أن قواته تمتلك وحدات ذات تقنية تكنولوجية عالية للعمل في كافة المجالات، إلى جانب المهام القتالية المكلفة بها لحماية وتأمين مياه مصر الإقليمية والأهداف الحيوية والاقتصادية بالبحر، من خلال دعم أجهزة الدولة والاشتراك في أعمال الإنقاذ ومكافحة التلوث البحري وعمليات الإخلاء، وتقديم المعاونة بالإنقاذ للسفن السياحية التي تتعرض للمحن في حالات الطقس الردئ، خاصة بمنطقة البحر الأحمر وشرم الشيخ ومكافحة أعمال تهريب البضائع بالبحر كالسولار والسجائر والأدوية ذات الطبيعة الخطرة، بالإضافة إلى مجهوداتها في مكافحة الهجرة غير الشرعية، وإنقاذ العديد من المواطنين خلال قيام البعض بتنفيذ أعمال هجرة غير شرعية على متن سفن صغيرة .
ولفت الجندي، إلى أن الفرد والمعدة في القوات البحرية لا يمكن الاعتماد على أحدهما دون الآخر، حيث يجب الاهتمام بكلا العاملين في نفس الوقت، وقد حرصت القيادة العامة للقوات المسلحة على تطوير البحرية وتزويدها بأحدث ما يمكن الحصول عليه من الأسلحة والمعدات، وكذلك يتم تأهيل الفرد المقاتل منذ دخوله القوات البحرية، عن طريق الانتقاء الجيد للطلبة التي تلتحق بالكلية البحرية، لإعدادهم عمليًا ونفسيًا وصحيًا وبدنيًا حتى مشروع التخرج والاشتراك في التدريبات المشتركة العملية بمسرحي البحر المتوسط والأحمر، وتبادل الزيارات مع الكليات البحرية والأجنبية وتبادل اشتراك الطلبة في السنوات النهائية في الرحلات التدريبية لطلبة الكليات البحرية الأجنبية، كما يتم تأهيل الضابط فور تخرجه وانضمامه إلى الوحدات البحرية، حيث يتم عقد دورات تدريبية للضباط الجدد كل في سلاحه للتعرف على إمكانيات وقدرات الوحدات التي سيقومون بالخدمة عليها، ويتم تنظيم دورات دراسية لهم في الرتب المختلفة لصقل ما لديهم من معلومات وخبرات، مثل الدورات المتقدمة والدورات الراقية بالإضافة إلى دورات أركان حرب وقادة الألوية، ختامًا بالانضمام إلى أكاديمية ناصر للعلوم العسكرية، وبالتالي نجد الضابط البحري ملمًا دائمًا بكافة الموضوعات، ويتم إعداد الجنود والصف من خلال تطبيق مفاهيم الانتقاء والتوزيع الحديث، كما يتم توزيع الطلاب في مراحل التأهيل والتعليم الأساسي على المدارس البحرية والمنشآت التعليمية المطورة طبقًا لقدراتهم الشخصية ويتم التركيز خلالها على التدريب النظري والعملي .
وأوضح، أن سواحل مصر تمتد لمسافة (2376كم) بالبحر المتوسط والبحر الأحمر، مع وجود الكثير من الأهداف الحيوية ذات أهمية استراتيجية للدولة تتمثل في العديد من الموانئ البحرية، ووجود عدد كبير من مصادر الدخل القومي بالبحر من منصات الغاز الطبيعي والبترول يبلغ عددها حوالي (98) منصة بالبحر المتوسط وخليج السويس والبحر الأحمر، وتأمين الثروة السمكية والمحميات الطبيعية والثروة المعدنية بالبحر، بالإضافة إلى قناة السويس كأهم مجرى ملاحي والتي تعتبر شريان التجارة العالمية .
وأضاف، "تقوم القوات البحرية بحماية سواحل مصر وحماية المياه الإقليمية المصرية، وتكثيف أعمال التأمين بالبحر على مدار 24 ساعة يوميًا لتأمين حدود الدولة البحرية وفرض سيادتها على المياه الإقليمية المصرية، وتأمين جميع الموانئ البحرية العامة والتخصصية، كذا تأمين عبور السفن لقناة السويس في الاتجاهين الشمالي والجنوبي باستخدام الوحدات البحرية، والقيام بمكافحة عمليات تهريب المخدرات بكل من البحر الأحمر والبحر المتوسط، وتهريب السولار للسفن التجارية في بورسعيد والبحر الأحمر التي يمكن أن تتم من جهة البحر .
وأكد اللواء أسامة الجندي، أن القوات البحرية تحرص على تطوير سبل الإعاشة والترفيه لرجالها، من خلال تحسين أماكن الإعاشة و"ميسات" الطعام داخل الوحدات، وتزويدها بأحدث وسائل الإعاشة والترفيه تنفيذًا لتوجيهات القيادة العامة للقوات المسلحة، مع الاهتمام بالزي العسكري اللائق للأفراد، لافتًا إلى أنه سوف يتم تطوير الزي العسكري لأفراد البحرية، اعتبارًا من شهر يناير 2013 طبقًا للمهام المكلفة بها الوحدات، إلى جانب توفير مساعدات مالية للأفراد المجندين الذين انخفض دخلهم الاجتماعي بسبب فترة التجنيد.
وفي نهاية اللقاء توجه قائد القوات البحرية اللواء بحري أركان حرب أسامة الجندي، بالشكر والتقدير للدكتور محمد مرسي، رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، على دعمه الكامل للقوات البحرية قائلا :"نعاهده ونعاهد القيادة العامة للقوات المسلحة وشعب مصر العظيم، أن تكون القوات البحرية دائمًا على أهبة الاستعداد لحماية سواحل مصر الغالية بالبحر المتوسط و البحر الأحمر من السلوم غربًا إلى حلايب جنوبًا" .