على الرغم أن مهام الفريق المساعد للرئيس محمد مرسي لم تتحد بعد إلا أن الدكتورة باكينام الشرقاوي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، والتي اختيرت مساعدا للرئيس للشؤن السياسية، تمتلك تصورا متكاملا عن طبيعة دورها في المرحلة الجديدة التي تصفها بنقطة تحول ديمقراطي في مصر تقوم على العمل المؤسسي ويمزج بين الدور السياسي والتخصص المهنى، في محاكاة تقترب من النموذج التركي الذى مزج الفكر الأكاديمى بالعمل السياسى والدبلوماسى، وفق ما أكدته في حوارها مع "الشروق". وتؤكد الشرقاوي أن الاستعانة بالأكاديميين في صناعة القرار السياسي يمثل أيضا ترسيخا للدولة المدنية بعد إبعاد المؤسسة العسكرية عن الحياة السياسية، ونفت الشرقاوي أن يكون منصبها امتداد لدور الدكتور أسامة الباز الذي عمل في منصب مشابه لسنوات مع الرئيس المخلوع، كما نفت أنها عضو في جماعة الإخوان المسلمين، لكنها قالت إن علاقتها بأعضاء الجماعة وبالرئيس محمد مرسي بدأت من خلال العمل والأنشطة الأكاديمية في الجامعة.
وترى الشرقاوي أن من بين مهام الفريق الرئاسي العاجلة إنهاء حالة الاستقطاب السياسي من أجل ترسيخ التحول الديمقراطي والبدء في مرحلة تنمية اقتصادية جديدة.
تقول الشرقاوي عن المبادرات التى ستطرحها مع بدء مهام المنصب الجديد. - المرحلة الحالية تحتاج إلى مبادرات وأفكار جديدة، وأعتقد أنه من الضروري العمل على مسارين؛ الأول يتعلق بالوعي السياسي المجتمعي والثاني يتعلق بتغيير مؤسسات الدولة، السياسية، والعمل على تفعيلها بشكل إيجابى لتكون قادرة على التنمية، كما سنعمل مع الدكتور سمير مرقص المعني بملف التحول الديمقراطي، فالملفات متداخلة وسنضع خطة للتنسيق فيما بيننا لترسيخ القيم الايجابية في المجتمع، ومن المهم تطوير أداء جهاز الدولة والشروع في التنمية الاقتصادية، وهو أمر يقع على عاتق الفريق الرئاسي وإذا كانت المهمة ثقيلة إلا أن الكل سيكون على قدر المسئولية.
الدكتور أسامة الباز عمل لسنوات مساعدا للرئيس المخلوع للشؤن السياسية، هل ثمة تشابه بين مهامك وعمله؟ - منصبى لم يكن موجودا فى مؤسسات الرئاسة فى العهود السابقة، واعتقد أن في هذه المرحلة سيتم تأسيس آلية جديدة لصناعة القرار داخل مؤسسة الرئاسة، وسيكون العمل جماعيا بقيادة الرئيس، وسنساعده على اتخاذ القرار، ولا اعتبر منصب مساعد الرئيس موازيا لمنصب الدكتور أسامة الباز، فالعمل سيكون فى منظومة مختلفة، واعتبر نفسى "ترسا" فى ماكينة هدفها تجويد وترشيد صناعة قرار الرئاسة تجاه العمل السياسى، فالشؤن السياسية عمل متعدد وملفاته تتداخل مع ملفات باقى المساعدين، وهو عمل يرتبط بحياة الناس، ومن ثم سنبدأ في وضع رؤية حول الموضوعات التى سنكلف بها لوضعها أمام الرئيس، فلن يكون هناك استحواذ على الملفات بين المساعدين، بل سيكون العمل متناغما وفى إطار روح الفريق.
كيف تنظرين للمستقبل بعد انتخابات الرئاسة ومن قبلها مرحلة انتقالية صعبة؟ - لدينا تحفظات عدة على السياسة خلال المرحلة الانتقالية، فقد تميزت بنزعات التفرقة والاستقطاب، والخوف من هيمنة تيار معين، ولازلنا أسرى لما جرى، لكننا الآن أصبحنا نتكلم ونتحاور فى مجال مفتوح، وأصبحت كافة الأطراف السياسية تلعب دورا فى الحياة السياسية، في محاولة لتحقيق طموحاتها ضمن آلية كبيرة، ومن ميزات هذه المرحلة بدأ الوعي الديمقراطي، والشفافية، وهو الأمر الذى يخلق مواقفا متوازنة لكثير من القوى السياسية، وأصبحت لقوى المعارضة صوت يختلف مع الحزب الحاكم والرئيس، ما يعنى ترسيخ حرية التعبير التي تتشكل في الوعي المصري.
هل تعتقدين أن الثورة لم تكتمل؟ - ستستكمل ثورة مصر، فأنا أدرك تماما أنها عملية ممتدة ولها ايجابياتها وسلبياتها، لكنها فى النهاية قدمت نموذجا يحتذى به، ما نرجوه أن تتحرك عجلة السياسة حتى تدور عجلة الوطن بأكمله، وإذا كنت من غير المتشائمين، إلا أننا لا بد أن ننظر إلى الإرث الثقيل الذي تركه النظام السابق، إذ يجب علينا أن نتكلم عن جهاز دولة ممتد ومتشعب تم تقنين الفساد فيه، ومهمتنا أن نستنهض الهمم ونشحذ العزائم في هذا الجهاز لبناء دولة ديمقراطية حديثة يعيش فيها الجميع على قدم المساواة.
متى يمكن أن تعارضي الرئيس؟ لو شعرت أن ما يحدث هو عكس قناعاتى أو يعيق عملية التحول الديمقراطي، ساعتها سأنسحب من المنصب، أيضا سأترك دوري لو وجدت نفسي غير قادرة على أداء المهام الموكلة لي، وفى جميع الأحوال سنعمل في إطار الرأي والمشورة وسنحاول جميعا مساعدة الرئيس على اتخاذ القرار.
كيف استقبلت خبر اختيارك للمنصب؟ - أدرك أن البلد تمر بمرحلة خطيرة ورأيت ضرورة مد يد العون والمساهمة ولو بقدر صغير تجاه الوطن، بغض النظر عن الاختلافات، ولو مرت هذه المرحلة بنجاح ونحينا الصراعات والانقسامات سنكون قد استكملنا الثورة، وإذا كانت هذه المرحلة على قدر كبير من الحساسية والخطورة، إلا أن على الجميع أن يشارك ويبادر بالمحاولة، وألا نجلس على الحياد، بل علينا تقديم مبادرات لبناء هذا الوطن. وقد استشرت أسرتى وزملائى وأساتذتى قبل القبول بالمنصب، ورحبوا بالفكرة وشاركتني أسرتي الشعور بالمسؤولية، خاصة أولادي، وزوجى الذى لولاه، لما شاركت في أنشطة عامة، وعموما أرى أن من يقبل بمثل هذا المنصب هو فدائي، فبعد الثورة من الصعب إرضاء الجميع.
قيل أن اختيارك راجع لعلاقتك بالإخوان المسلمين، فما حقيقة انضمامك للجماعة؟ - لست عضوة فى جماعة الإخوان المسلمين، وعلاقاتي بحزب الحرية والعدالة والرئيس محمد مرسي جاءت من خلال الأنشطة العامة التي تقوم بها الجامعة، والتقينا الرئيس مرسي، قبل الانتخابات، فى لقاءات عامة خلال أنشطة نوعية تتم فى الكلية كونه أستاذا أكاديميا.
هل تحددت صلاحيات الفريق المساعد للرئيس؟ - ستشهد الأيام القادمة وضوحا أكثر لخريطة توزيع أدوار الفريق الرئاسي، والمهام التي سيكلف بها كل منا، والصلاحيات ستتحدد بشكل تفصيلي عقب عودة الرئيس محمد مرسي من زيارته الخارجية للصين وإيران، وستوكل للمساعدين والمستشارين ملفات معينة، يضاف إليها مهام متابعة التنفيذ بعد اتخاذ القرار.
كل هذا يتطلب أن نبذل جهودا مضاعفة لبناء مصر الجديدة التي يتطلع إليها الشرفاء وعلينا مساعدة الرئيس الذي أصبح بمجرد فوزه في الانتخابات رمزا يمثل كل المصريين، وعلينا أن نعمل من أجل تقوية وتهيئة مؤسسات الدولة لأداء أكثر فاعلية في هذا العصر الجديد، ومن ايجابيات استحداث مناصب مساعدين ومستشارين للرئيس أن هناك إعلاء لقيمة التخصص، والمزج بين السياسى والتخصص المهني، وهو ما يقترب من محاكاة النموذج التركي، الذي مزج الفكر الأكاديمي بالعمل السياسي والدبلوماسي، كما أن إيجابيات هذه المناصب الجديدة هو تحييد المؤسسة العكسرية وإبعادها عن العمل السياسي، بعد أن كان مستشاري الرئيس من تلك المؤسسة وهوما يعني التحول إلى مدنية الدولة.
ألا تشعرين بالقلق من الابتعاد عن العمل الأكاديمي والتفرغ لمهام فريق الرئاسة؟ - سأتفرغ للعمل داخل مؤسسة الرئاسة، وفق متطلبات المنصب، وسأترك التدريس الجامعي لفترة مؤقتة، لكن عملي كمساعدة للرئيس للشؤن السياسية سيزيد من صلتي بالقوى المجتمعية والحزبية، حتى انتهاء المهمة التي لم يحدد الرئيس مدتها، المهم عندي هو التأسيس لفكرة العمل المؤسسي في القرار الرئاسي، وفريقنا هو أول من يدخل القصر الرئاسي ويعمل فى إطار جماعي مدني مع رئيس منتخب جاء من فصيل المعارضة، لذلك أرى أن العمل معه سيتم فى سياق أكثر ديمقراطية.
واجهت انتقادات عدة بسبب موقفك من المرأة بعد الثورة وزادت حدتها بعد قبولك المنصب، ما تعليقك؟ - اختياري مساعدة للرئيس كان على أساس التخصص والقدرات، أما بالنسبة لدور المرأة بعد ثورة يناير فأراه يحتاج إلى تطوير، هذا لا يعني أنه تراجع بالقدر الذى يتباكى عليه البعض، فنحن نركز فقط على مشاركة المرأة على المستوى السياسي الفوقي، إذ ننظر إلى عدد المقاعد التي حصلت عليها في مجلس الوزراء أو مجلس الشعب، وعلى الرغم من أنها مؤشرات هامة، إلا أنها ليست المؤشر الوحيد على أهمية تواجد المرأة في هذه المستويات، فمثلا كان عدد مقاعد السيدات فى برلمان 2010 معقولا، لكنه جاء بالتزوير من النظام السابق، الذي كان يستخدم المرأة كديكور لمخاطبة العالم، حتى يقول كذبا أن لدينا تعددية وحرية رأي، لذا ظهر دورها ضعيفا للغاية لبعدها عن التنافس الحقيقي واستخدمت كواجهة دون فاعلية أو النظر إلى كفاءتها وتخصصها. وبعد الثورة يجب أن تنظر المرأة لنفسها من خلال معيار قدراتها على المنافسة، وأن تعمل على التواجد فى الحياة السياسية والبرلمانية من خلال تنافس حقيقي وعلى كافة شرائح المجتمع مساعدتها. -------------------------------- سيرة ذاتية
أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة مواليد بورسعيد عام 1966 حصلت على الماجستير والدكتوراة فى نظم الحكم والتنمية شغلت منصب مدير مركز الدراسات الحضارية وحوار الثقافات بجامعة القاهرة مهتمة بالمجال البحثى فى الشؤن الايرانية والتركية والعلاقات مع الغرب والسياسات الغربية مقارنة بالنظام السياسى المصرى. متزوجة من أمجد مهران رئيس محكمة باستئناف القاهرة