ما فجر الثورة في نفوس الشعب المصري أن الحكومة كان صماء لا تسمع أناتهم .. كان الكثيرون يعانون من الإهمال . لا يجد صاحب الشكوى أي اهتمام من المسئول كبر أو صغر ..ضرب الجفاء عروق الجميع فأصبح كل منهم يتعامل باستهتار مع ما يعانيه أخيه المواطن. و ظهرت وترسخت الكثير من الأمراض المجتمعية الواسطة والرشوة وغيرها في كل المصالح والمرافق منذ أكثر من نصف قرن فلم تعد تجد الخدمة المناسبة إلا إّذا استخدمت أحدى الوسائل السابقة في إنجاز ما تطلبه. لقد كان الكثير من الموظفين يعتبرون أن قيامهم بعملهم الذي يحصلون عنه على رواتبهم هو من قبيل التفضل على المواطن وليس من قبيل الواجب..وأنه لا بد أن ينال نظير هذا الفضل ما يرضيه سواء ماديا أو معنويا . هذه الصورة المُقرفة كانت الغالبة على المشهد العام في مصر في الكثير من المصالح الحكومية و المصيبة الأكبر أنه لم يكن هناك أحد يستجيب لأي شكوى إلا إذا عرضت في التلفزيون بصورة مثيرة للرأي العام وقتها من الممكن أن يتحرك أحد المسئولين ويعد بالحل . ونحن ندخل مرحلة جديدة من عمر مصر..ومع ظهور روح شبابية وثابة لديها الإيمان والطاقة والقدرة والعزيمة على تغيير تلك الصورة ..وما قدموه في سبيل أثبات حُسن توجهاتهم بحملات التنظيف التي بدءوها في ميدان التحرير وغيره من المناطق فأنني أرى أنه لابد أن نستثمر هذه الطاقة في وزارة جديدة . تختص بتلبية مطالب الناس تكون الملجأ والملاذ لكل من يعاني من ظلم أو مشاكل مع أي هيئة من الهيئات.. يمكن استغلال العديد من الشباب الذين ساهموا في الثورة لكي يعملوا في هذه الوزارة لكي يكونوا هم الجسر الذي يعبر عليه المجتمع إلي الحياة الجديدة فالذين ضحوا وخرجوا غاضبين من إهمال سنين تتبلور سيكون لهم في هذه الوزارة ما يحقق أهدافهم في خدمة بلدهم وأن يظهروا مدى قدرتهم على حل مشاكل أبناء مصر . أتصور أن هذه الوزارة سيكون لديها خطوط اتصال مفتوحة ومعروفة للجميع ولديها مكاتب في مختلف المحافظات والمدن لكي تكون في خدمة الناس كل الناس لا فارق بين كبير أو صغير أي مواطن مهما كانت وظيفته يمكن إن وجد أي تعنت من مسئول في الحصول على حقه أن يشكوه شريطة أن يقدم ما يثبت حقه . ستجتذب هذه الوزارة عدد غير قليل من الشباب المؤهل الذي لا يجد عملا مناسبا ..وستوفر الوقت والجهد وتساهم في دفع عجلة الانجاز والإنتاج فالمواطن الذي كان يضطر لأن يتردد على الوزارة أو الهيئة الحكومية أيام وشهور ليحصل على حقه سيعرف حدوده وواجباته والزمن الذي ستنتهي فيه مطالبه وأي تأخير يقدم عنه شكوى إلي وزارة الاتصال الجماهيري لكي تعيد له حقه وتلزم الجهة المهملة أو المتراخية أن تعوضه التعويض المناسب نظير ما تكبده من تعطيل. ولا ينتظر شباب هذه الوزارة من الحقوقيين والتجاريين والاجتماعيين من خريجي الجامعات أن تصلهم شكاوي بل يبحثون عن كل ما يهم المواطنين عبر وسائل الإعلام المختلفة فلا يتركوا شاردة أو وارده تساهم في بناء مصر من أي وجه من الوجوه إلا وأعدوا بها تقريرا إلي الجهات المعنية ليتم تحقيقها أو تنفيذ تطلعات المجتمع في كل مناحي الحياة أي كانت سواء سياسية أو اجتماعية أو رياضية أو فنية . أن استثمار طاقة شباب 25 يناير يجب أن تبدأ في الانصهار في المسئولية المجتمعية من خلال هذه الوزارة التي ستجعل الدولة على صلة وتواصل دائم مع كل مواطن من أبناء المجتمع أي كانت وظيفتهم أو ثقفتهم أو مكان إقامتهم. سيكون كل واحد من العاملين في خدمة المواطنين في هذه الوزارة ممثلا لرئيس الجمهورية أو لرئيس الوزراء يستمع إلي شكواه ويحل مشاكله طالما أن هناك من تحجرت عقولهم وقلوبهم وليس فيهم أمل في العمل إلا بالرقابة الصارمة والمتابعة الدائمة..وهذا دور الشباب الذي حرك الصخر . الوزارة التي أتطلع لأن تكون في الحكومة المصرية ستكون عين المجتمع وآذانه وسيفه ودرعه واليد الحانية التي تمسح عن المساكين غلظة البعض منا..وهي في نفس الوقت التي تعيد الحقوق لأي مواطن أي كان يتعرض للظلم أو للافتراء. دعونا نتواصل ونعمل معا لكي نكون مجتمع منتج لا يعطل بعضه بعض نتيجة أمراض أصابتنا منذ أكثر من نصف قرن.