فى الوقت الذى تحتدم فيه الحرب بين النظام السورى ومعارضيه، معركة أخرى تجرى فى عالم وسائل الإعلام بين قناتى العربية والجزيرة، وهو ما كان موضوع مقال كتبه الإماراتى سلطان القاسمى ونشرته مجلة فورين بوليسى الأمريكية. فالقناتان الخليجيتان اللتان «تسيطران على صناعة الأخبار العربية» بحسب القاسمى، نقلتا المشهد فى سوريا بصورة مضادة لما ينقله الإعلام السورى الرسمى ولكن وصل الأمر بالقناتين إلى أن أصبحتا تمارسان نفس ما يمارسه الإعلام السورى الرسمى من الاعتماد على مراسلين غير أكفاء ومكالمات من مجهولين وفيديوهات غير موثوق بها.
كلا القناتين أسستهما الأسرة الحاكمة فى قطر والسعودية، وبالتالى فتغطيتهما للأحداث تعكس التوجه الأساسى لمؤسسيهما فى البلدين.
وتغطية الأحداث فى سوريا تستنزف موارد القناتين حيث اختفت الإعلانات من القناتين أو كادت، وبدل من التقارير المعدة بعناية نجد أن العديد من نشرات الأخبار أصبحت تعتمد على شهود العيان وفيديوهات اليوتيوب.
وبعيدا عن الأخطاء المهنية فالقناتان، فى رأى القاسمى، تقدمان أسوأ ما عندهما عندما يكون الأثر السياسى لتغطيتهما للأحداث أكبر. فعندما انشق العميد مناف طلاس، الصديق المقرب سابقا لبشار الأسد، عن الجيش وغادر سوريا، عاد إلى الظهور بعد فترة وجيزة عبر الإعلام السعودى وهو يؤدى مناسك العمرة ويطرح نفسه كموحد لفصائل المعارضة فى الخارج، وهو سيناريو من المستحيل أن يقبله السوريون الذين ضحوا بدمائهم، أن يأتى أحد رجال النظام ليخلف الأسد.
هذا السيناريو تدعمه كل من الجزيرة والعربية بقوة، حيث غطت القناتان حدث انشقاقه بكثافة. ووصفت العربية انشقاقه بالضربة المؤلمة لنظام الأسد وأخذت تذكر أفراد عائلته الذين عارضوا النظام ونست أو تناست العماد طلال طلاس الذى يشغل حاليا منصب نائب وزير دفاع الأسد. واختتم القاسمى مقاله بتأكيده أن تغطية الأخبار من داخل سوريا أمر محفوف بالمخاطر بل وأن سوريا الآن هى أخطر مكان على وجه الأرض بالنسبة للمراسلين، طبقا للجنة حماية الصحفيين، حيث تكرر اعتقال الصحفيين والمدونيين منذ اندلاع الثورة فى العام الماضى كما لقى نحو 18 صحفيا مصرعهم منذ نوفمبر الماضى.