ليلة دامية، عاشتها قرية أبوسليم بمحافظة بنى سويف، انتشرت فيها رائحة الدماء والخراب، وارتفع فيها صوت الرصاص، فى أجواء حرب، خلفت 4 قتلى على الأقل، وإصابة 12، من أبناء القرية، بالإضافة إلى حرق مبنى المحافظة، وعدد من سيارات الشرطة، فى واقعة اعتداء متبادل بين مجموعة من جنود الأمن المركزى، وعدد من شباب القرية، وسط تضارب الروايات، عن أسباب اندلاع الحادث. وقال محافظ بنى سويف ماهر بيبرس ل«الشروق» الواقعة أصبحت محل تحقيق من قبل النيابة العامة، والتى أجرت معاينة لمسرح الأحداث، موضحا أن التحقيقات ستكون هى الفيصل فى تحديد المخطئ، فى ظل تضارب الروايات حول أسباب الواقعة، التى لم يتم القبض فيها على أى شخص.
وطوقت مدرعات الجيش والشرطة العسكرية، القرية، وقطاع الأمن المركزى، المتواجد بها، خوفا من تجدد الاشتباكات مرة ثانية، بعد أن فشلت قوات الشرطة فى دخول البلدة.
وأكد العميد اشرف عمران مدير ادارة الازمات بالمحافظة، أن الاشتباكات وقعت قبل صلاة المغرب، باقتحام مبنى ديوان عام المحافظة وتحطيم النوافذ الزجاجية للدور الأول للمحافظة، وتحطيم معمل تدريب الحاسب الآلى الذى يحتوى على 200 جهاز كمبيوتر، وتحطيم قاعة المؤتمرات الكبرى للمحافظة، ومكتب المستشار العسكرى، والإذاعة، ومعرض المحافظة المقيم بمدخل الديوان العام، وحرق سجاد المحافظ وتحطيم 6 سيارات ملاكى تابعة لها، وكذلك تحطيم نقطة شرطة مستشفى عام المحافظة وإحراق 4 سيارات تابعين لشرطة المسطحات المائية. وأضاف أن الأهالى قاموا عقب صلاة العشاء بقطع طريق كورنيش النيل بالمحافظة، واشعلوا اطارات السيارات والأشجار على الطريق ومنعوا المرو عليه، أو دخول القرية.
فيما أوضح اللواء عطية مزروع مدير الأمن ل«الشروق» أن سبب الحادثة، يرجع إلى حدوث مشاجرة بين أحد المجندين، بمعسكر الأمن المركزى بالقرية، وأحد الأهالى، حيث قام الطرف الثانى باحتجاز المجند لديهم، وعندما ذهب زملاؤه، لإعادته بدأت الاشتباكات، وبعدها توجه أحد الضباط بسيارته لفض الاشتباك فوقع تبادل لإطلاق نار بين الجنود والأهالى، بعدما أشعل الأهالى النار فى سيارة الضابط.
رواية مدير الأمن، لم تصمد طويلا أمام روايات لأهالى القرية، وبعض الجنود، ففيما قال أحد أبناء القرية إن الواقعة التى حدثت بين الأهالى، وجنود معسكر الأمن المركزى لم تكن الأولى من نوعها، حيث وقعت اشتباكات أخرى ولكن تم احتواؤها سريعا، أكد أن جنود الأمن المركزى يقصدون استفزاز الأهالى بمجاهرتهم بالإفطار فى نهار رمضان والسير وسط القرية، وهو ما يثير حساسية عدد كبير من الأهالى.
وأضاف أحد أبناء القرية، الجنود لا يحترمون بنات القرية ويقومون بمغازلتهن بشكل يسىء إلينا جميعا، وأن هذه الوقائع تكررت فى السابق أكثر من مرة، إلى أن تدخل أقارب أحد الفتيات ومعه مجموعة من زملائه للهجوم على المعسكر بعد مضايقة أحد الجنود لشقيقته.
ورد أحد جنود المركزى ل«الشروق» على الروايات السابقة للحادث، وقال: «الخلاف بين الجنود وأهالى القرية راجع إلى قيام عدد من الأشقياء والمسجلين خطر بالاعتداء على الجنود خلال عودتهم من اجازاتهم الدورية، حيث يقومون بالاستيلاء على أموالهم والهواتف المحمولة التى بحوزتهم دون أن يتحرك أحد لحمايتهم خاصة أن قيادات المعسكر كانت ترفض دائما التدخل فى الموضوع على الرغم من تكرار الشكاوى أكثر من مرة خلال الشهور القليلة الماضية.
وقال أحمد أبوالمعاطى أحد سكان القرية ل«الشروق» إنهم فوجئوا بقوات الأمن المركزى تقوم بالهجوم عليهم بشكل غير مبرر، موضحا أنهم قاموا بإطلاق الأعيرة النارية فى الهواء وقنابل الغاز المسيلة للدموع بشكل كبير مما أدى إلى إصابة عدد من أبناء القرية باختناق بالإضافة إلى حالات الوفاة، وأكد أن قنابل الغاز المسيل للدموع لايزال الأطفال والسيدات يعانون منها حتى الان بسبب كثرة القنابل التى تم إطلاقها موضحا أنهم يحتفظون بعدد من المقذوفات الخاصة بها لتقديمها للنيابة عندما تأتى للتحقيق.
وقال اللواء عطية مزروع مدير الأمن «إنه تم رفع طلب للجهات المسئولة بوزارة الداخلية من أجل نقل معسكر قوات الأمن من القرية باعتبارها أصبحت منطقة سكنية مع التعجيل فى اتخاذ هذه الخطوة، مشيرا إلى ان هذا الأمر يتطلب العديد من الأمور من بينها تخصيص أرض بديلة وبناء الإنشاءات عليها وغيرها من التجهيزات التى تستغرق بعض الوقت».
مؤكدا أن هناك عددا من المجندين أصيبوا بإصابات متفاوتة نتيجة الاشتباكات، فيما تم تدمير 3 سيارات شرطة تابعة لقسم شرطة المسطحات المائية المواجهة لمبنى المستشفى العام بعد علم الأهالى بحدوث حالات الوفيات، كما تم الاعتداء على قسم المسطحات المائية وإحداث تلفيات به فضلا عن إشعال النار فى إحدى سيارات الشرطة التى تصادف مرورها بالطريق.
«الشروق» قضت ليلتها، وسط مسرح الأحداث، ورصدت مدى الخراب الذى لحق بالمنشآت العامة، كما التقت العديد من الأهالى، وشهود العيان على الواقعة، التى جاءت هى الأخرى تحمل تباينا واضحا.
وليد سليم، أحد شباب القرية، قال: «إن عساكر الأمن المركزى يهربون يوميا من سور المعسكر، ويتجولون داخل القرية ويقومون بشرب المخدرات ومعاكسة فتيات القرية، مما دفع أهالى القرية للاعتداء عليهم، فما كان من الجنود إلا أنهم رجعوا مرة ثانية للقرية يحملون الشوم والأسلحة البيضاء، وبدأوا فى الاعتداء على كل من يقابلونه داخل شوارع القرية، كما قاموا بتحطيم المحال التجارية، واصابة طالب، يدعى عمر محمد 18 سنة بكلية الهندسة، بطلق نارى، وتم نقله إلى المستشفى العام.
وأشار وليد اثناء الاشتباكات توجهت إلى عساكر قوات الأمن المركزى اطالبهم بالحد من اطلاق النار لان هناك عددا كبيرا سقط من الضحايا والمصابين فقاموا باختطافى وسطهم وانهالوا على بالضرب والسب، واستولوا على هاتفى المحمول ومبلغ مالى 2000 جنيه ثم قاموا بعدها بوضعى داخل مدرعة يديرها من الداخل 4 لواءات يعطون الأوامر لعساكر الأمن المركزى، وقاموا بتشغيل، السخن، عليا داخلها فتدخل عمى النائب السابق على البكرى سليم وأنقذنى من بين أيديهم وانتقلت قوات الجيش والشرطة إلى القرية.
وحكى شاهد عيان ل«الشروق» شهادة مختلفة تماما عما سبق، وقال: «سبب الاحداث يعود إلى قيام 2 من عساكر قوات الأمن المركزى بالتجول داخل شوارع القرية لشراء بعض المستلزمات، فقام عدد من البلطجية بإجبارهم على الوقوف والحصول على أموالهم وامتعتهم الخاصة تحت تهديد السلاح، وفى اليوم الثانى قام عساكر الأمن المركزى بالهجوم على القرية واجبار أصحاب المحلات التجارية على اغلاقها والقيام بأعمال بلطجة داخل القرية، مما ادى إلى قيام شباب القرية بالهجوم على مقر قوات الامن بالمركز بالطوب والحجارة فردت عليهم قوات الأمن المركزى بالذخيرة الحية».