اعرف مرشحك.. أسماء المرشحين في انتخابات الشيوخ 2025 بجميع المحافظات | مستند    طب قصر العيني يبحث مع مسؤول سنغالي تعزيز التعاون في التعليم الطبي بالفرنسية    ما مصير أسعار الذهب الفترة المقبلة؟ الشعبة توضح    Carry On.. مصر تقترب من إطلاق أكبر سلسلة تجارية لطرح السلع بأسعار مخفضة    وزير الكهرباء يبحث الموقف التنفيذي لتوفير التغذية لمشروعات الدلتا الجديدة    زيلينسكي: روسيا أطلقت أكثر من 300 غارة جوية على أوكرانيا    الإصلاح والنهضة: الشراكة الاستراتيجية بين مصر والسعودية حجر الزاوية لاستقرار المنطقة    لويس دياز يتمسك بالرحيل عن صفوف ليفربول    تصاعد كثيف للدخان.. حريق يلتهم مخزنًا في البدرشين | صور    الطقس غدا.. انخفاض الحرارة وارتفاع الرطوبة والعظمى بالقاهرة 35 درجة    الأوقاف في ذكرى اكتشاف حجر رشيد: شاهد على سبق الحضارة المصرية    ليلى علوي نجم الدورة 41 لمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط    بالصور.. نانسي عجرم تستعرض إطلالتها بحفل زفاف نجل إيلي صعب    إلهام شاهين وابنة شقيقتها تحضران حفل زفاف في لبنان (صور)    أسباب الشعور الدائم بالحر.. احذرها    أسيل أسامة تحصد ذهبية رمي الرمح بالبطولة الأفريقية في نيجيريا    محافظ المنيا يتفقد سير العمل بمحطة رفع صرف صحي بقرية بردنوها    طفل يقود تريلا.. الداخلية تكشف ملابسات فيديو صادم | فيديو    تعاون أكاديمي جديد.. بنها ولويفيل الأمريكية تطلقان مسار ماجستير في الهندسة    إصابة 20 شخصًا إثر حادث دهس بلوس أنجلوس    القاهرة الإخبارية: وقف الحرب لم يضع حدًا للاشتباكات في السويداء    الحكم على الرئيس البرازيلي السابق بوضع سوار مراقبة إلكتروني بالكاحل    رسالة مؤثرة وتحية ل"الكينج".. أنغام تتألق بافتتاح مهرجان العلمين الجديدة    محافظ البنك المركزي يشارك في الاجتماع الثالث لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين "G20"    وزارة الصحة": إجراء 2 مليون و783 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار منذ انطلاقها في يوليو 2018    "بائعة طيور تستغيث والداخلية تستجيب".. ماذا حدث في المعادي؟    الاستهدافات مستمرة.. غزة تدخل مرحلة الموت جوعًا    تحليق مكثف للطيران الإسرائيلي فوق النبطية والحدود الجنوبية للبنان    اندلاع حريق داخل مخزن فى البدرشين والأطفاء تحاول إخماده    الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات يُقر تعويضات إضافية لعملاء الإنترنت الثابت    التعليم: إتاحة الاختيار بين الثانوية والبكالوريا أمام طلاب الإعدادية قريبا    ضبط طن من زيت الطعام المستعمل داخل مصنع مخالف لإعادة تدوير زيوت الطعام ببنى سويف    إعادة الحركة المرورية بالطريق الزراعي بعد تصادم دون إصابات بالقليوبية    سلاح أبيض وخلافات زوجية.. إصابة شابين بطعنات في مشاجرة بقنا    ليفربول يعزز هجومه بهداف أينتراخت    "استعان بأصدقائه".. كيف يعمل رونالدو على إعادة النصر لمنصات التتويج؟    بعد فسخ عقده مع القادسية السعودي.. أوباميانج قريب من العودة لمارسيليا    إسرائيليون يعبرون إلى الأراضي السورية بعد اشتباكات مع جيش الاحتلال    توقيع اتفاقيات تعاون بين 12 جامعة مصرية ولويفيل الأمريكية    بسبب تشابه الأسماء.. موقف محرج للنجم "لي جون يونغ" في حفل "Blue Dragon"    الواعظة أسماء أحمد: ارحموا أولادكم صغارًا تنالوا برهم كبارًا.. والدين دين رحمة لا قسوة    عاوزه أوزع الميراث على البنات والأولاد بالتساوى؟.. أمين الفتوى يجيب    «سباكة ولحام ونجارة».. بدء الاختبارات العملية للمرشحين للعمل في الإمارات (تفاصيل)    هل خصم فيفا 9 نقاط من الإسماعيلي؟.. النادي يرد ببيان رسمي    الصحة: إجراء 2 مليون و783 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار    «الرعاية الصحية»: إنشاء مركز تميز لعلاج الأورام في محافظة أسوان    هل يُفسد معسكر إسبانيا مفاوضات بيراميدز مع حمدي فتحي؟    «350 من 9 جامعات».. وصول الطلاب المشاركين بملتقى إبداع لكليات التربية النوعية ببنها (صور)    شاهد أعمال تركيب القضبان بمشروع الخط الأول بشبكة القطار الكهربائى السريع    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 19-7-2025 في محافظة قنا    البطاطس ب9 جنيهات.. أسعار الخضروات والفاكهة اليوم السبت في سوق العبور للجملة    «مرض عمه يشعل معسكر الزمالك».. أحمد فتوح يظهر «متخفيًا» في حفل راغب علامة رفقة إمام عاشور (فيديو)    أول ظهور ل رزان مغربي بعد حادث سقوط السقف عليها.. ورسالة مؤثرة من مدير أعمالها    كل ما تريد معرفته عن مهرجان «كلاسيك أوبن إير» ببرلين    عميد طب جامعة أسيوط: لم نتوصل لتشخيص الحالة المرضية لوالد «أطفال دلجا»    داعية إسلامي يهاجم أحمد كريمة بسبب «الرقية الشرعية» (فيديو)    أحمد كريمة عن العلاج ب الحجامة: «كذب ودجل» (فيديو)    5 أبراج على موعد مع فرص مهنية مميزة: مجتهدون يجذبون اهتمام مدرائهم وأفكارهم غير تقليدية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مملكة السيراميك.. الشعب «المطحون» فى «مكن» أبوالعينين
نشر في الشروق الجديد يوم 12 - 07 - 2012

عند بداية طريق القطامية العين السخنة، تعلن لافتة كبيرة عن بدء حدود مملكة سيراميكا كيلوبترا.. مبان كثيرة تضم مجموعة مصانع على مساحة 23 مليون متر مربع، خلفها مساحات شاسعة بها محاجر ومخازن.. تخرج منها منتجات واحدة من أشهر ماركات السيراميك وأطقم الحمامات فى الشرق الأوسط والعالم.

فى مملكة كليوباترا.. تدور وقائع أزمة نكاد نراها فى كل شبر فى مصر بين رجال أعمال يمتلكون سطوة ونفوذا وبين عمال تضغطهم الظروف وتحركهم الحاجة يرفعون الشعار المصرى الأصيل «أكل العيش مر».

أزمة عمال سيراميكا كليوباترا، البالغ عددهم 5 آلاف و600 عامل، إحدى القلاع الصناعية المملوكة لرجل الأعمال، ورئيس لجنة الصناعة بمجلس الشعب «المنحل» عن الحزب الوطنى «المنحل»، محمد أبوالعينين، وجدت صدى واسعا فى وسائل الإعلام والرأى العام خلال الأسابيع القليلة الماضية، خاصة بعدما صعد العمال احتجاجاتهم للمطالبة بصرف مرتباتهم المتأخرة، والحصول على نسبة من الأرباح بشكل تراكمى، وتحسين بدلات الغذاء والمخاطر.

لف العمال بشكواهم على مكاتب السادة المسئولين فى الدولة، بداية من وزير القوى العاملة والهجرة، فتحى فكرى، مرورا بمجلس الوزراء ورئيسه، كمال الجنزورى، وصولا إلى القصر الرئاسى، لمقابلة رئيس الجمهورية الجديد، محمد مرسى.

وفى كل مكتب من مكاتب هؤلاء المسئولين يكتب لهذه الأزمة الحل، ويأخذ العمال حقوقهم كاملة كما يريدون.. لكن على الورق فقط.. أبوالعينين لا يُنفذ اتفاقاته ولا يتلزم بوعوده للعمال والمسئولين، الذين يعتبرون أن دورهم انتهى عند كتابة الاتفاق على الورق.

«الشروق» قضت ساعات فى مجموعة مصانع أبوالعينين «سيراميكا كليوباترا» مع العمال تتحدث عن أزمتهم العالقة.. وترصد العالم الذى يجاور قناة السويس فى مملكة السيراميك.. جمهورية أبوالعينين.


هگذا تهدر الحقوق العمال يستحملوا ولاّ المصنع يتقفل؟!





«مفيش فلوس ومش عاجبكم ولعوا فى المصنع»، و«أنا إيه إلى جابرنى على القرف ده، أنا أقفل المصنع وأصفيه أحسن»، نموذجان من جمل كثيرة أصبح العمال يسمعونها أخيرا بشكل متكرر، على لسان أصحاب الأعمال إذا ما طالب العمال بحقوقهم وصعدوا المطالبة بالاحتجاج السلمى والقانونى بالاعتصام أو الإضراب، حتى أصبح لدى العمال يقين بأن هناك «تكتلا من قبل رجال الأعمال ضد العمال»، و«تهديد رجال الأعمال للحكومات والتلويح بقطع عيش آلاف العمال وتشريد أسرهم». هذا الكلام أكده مجموعة من عمال مصانع سيراميكا كليوباترا العين السخنة، مشيرين إلى أن تهنئة رجل الأعمال محمد أبوالعينين، لرئيس الجمهورية محمد مرسى، جاءت معبئة برائحة التهديد، من خلال التلويح بأن «أسرة سيراميكا كليوباترا 25 ألف عامل تهنئ الرئيس».

وفى هذا الصدد تحدثت الناشطة العمالية والنقابية وإحدى مؤسسى الاتحاد المستقل للعمال، فاطمة رمضان، قائلة: «لا يمكن الجزم بوجود تكتل من رجال الأعمال ضد الاستقرار، ولكن هناك شواهد على مثل هذه الممارسات، لأنه غالبا ما يرتبط رجال الأعمال بالنظام الحاكم، مثلما كان يحدث فى حكومة الحزب الوطنى التى كان يطلق عليها حكومة رجال الأعمال».

رمضان تابعت حديثها «الأنظمة السياسية تسعى لإرضاء رجال الأعمال حتى لو على حساب العمال وحقوقهم، وهذا ما يدفع رجال الأعمال للتعامل مع العمال باعتبارهم عبيدا، ليس من حقهم المطالبة بحقوقهم»، وإذا ما حدث أن طالب العمال بهذه الحقوق بالطرق المشروعة، «يبدأ رجال الأعمال فى لى ذراع الحكومة بالتهديد والتلويح بإغلاق المصانع والشركات وتصفية العمال».

ولأن اتحاد نقابات عمال مصر، كان الذراع العمالية للحزب الوطنى والعهد البائد، حيث كان رئيسه حسين مجاور، عضو مجلس الشعب عن الحزب الوطنى فى المعادى، وتهاون كثيرا فى حقوق العمال، فقد نشأ اتحاد العمال المستقل، لمحاولة إعادة التوازن بين طرفى العمل، من خلال الوقوف بجانب العمال والدفاع عن حقوقهم المشروعة، «التى طالما اعترفت بها الحكومة مرفقة بعبارة: ما باليد حيلة، العمال يستحملوا بدل ما المصنع يتقفل»، بحسب رمضان.

وعن مهام اتحاد العمال المستقل، قالت رمضان: «نتضامن مع العمال من خلال نقابيين تابعين لنا فى أغلب المواقع العمالية، وننظم زيارات دورية للمواقع العمالية، ونتواصل مع وسائل الإعلام لتوصيل صوت العمال فى إطار السعى نحو استعادة حقوقهم والدفاع عنهم».

دور الاتحاد المستقل يدور أيضا فى إطار «تصعيد القضايا العمالية للرأى العام، واجتذاب التضامن الحقوقى مع القضايا العمالية، والتواصل مع المحامين فى حالة وجود قضايا عمالية فى المحاكم، والتفاوض طوال الوقت باسم العمال مع الحكومة والوزارات المعنية».



لكل عامل حكاية.. لحظات حلوة وسنين عذاب




فى مساحات المصانع الواسعة، وخلال جولة سريعة بين العمال، رصدت «الشروق» حياة مليئة بصخب الماكينات وحرارة الأفران والعمل المتفانى فى سلسلة مراحل تصنيعية تشبه خلية النحل، تبدأ من المحاجر، وتنتهى بتصدير المنتج أو عرضه فى فاترينات فاخرة، تحمل اسم واحدة من أشهر ماركات السيراميك فى الشرق الأوسط والعالم.

وسط الحر والضوضاء، ت العمال من صياغة حياة خاصة بهم، تعبر عن أفراحهم وأحزانهم، ترجمتها ملصقات على الجدران تحمل دعوات لأفراح، أو برقيات تعازى، كما تعبر عن فكرهم وانتماءاتهم السياسية، أو لحظات روحانية تعين على تحمل مشقة وعناء الجهد، بكتابة بعض آيات القرآن الكريم على الحوائط، أو عبارات مثل «لا تنس ذكر الله»، وعبارات أخرى تعبر عن مدى الانتماء بالعمل مثل «إلى رايموند.. مصنع الرجال».

ينحنى لعمله ولا يطلب إلا مرتبه

داخل أحد مصانع مجموعة سيراميكا كليوباترا، التقت «الشروق» بعض العمال فى عدد من الأقسام والوحدات المختلفة، اختلفوا فى بعض جزئيات الحديث عن ظروف العمل ومشاكله، ولكنهم اتفقوا على التفافهم خلف لجنتهم النقابية، التى تدافع عنهم وتتحدث باسمهم جميعا، كما اتفقوا على شدة انتمائهم للمكان، الذى يعملون فيه منذ سنوات والذى كبر على أيديهم.

وفى قسم الفرز، تحدثت «الشروق» مع أحد عماله، عم أشرف، الذى كان يجلس منحنيا أمام صفوف طويلة من الكراتين المطوية، يقوم بفردها وإغلاقها بعناية، لتكون جاهزة لتعبئة بلاطات السيراميك.

أشرف لم يكن معنيا بالخلاف والنزاع الدائر بين رجل الأعمال محمد أبوالعينين، والعمال، ووصوله لأبواب وزارة القوى العاملة ورئاسة الوزراء، وحتى للقصر الجمهورى، ولكنه معنى فقط بعمله الذى لا يتوقف إلا إذا أصدر أبوالعينين قرارا بعدم إرسال أتوبيسات العمال التى تنقلهم للمصانع.

«ظروف الشغل مافيهاش مشاكل الحمد لله، إحنا بس عاوزين نقبض فلوسنا»، قالها أشرف قبل يومين من تقاضيه مرتب شهر يونيو الذى تأخر لما يقرب من 10 أيام، مضيفا «باقى المطالب الخاصة بالبدلات والحوافز وكده، بتوع اللجنة النقابية الله يسترهم هما إلى بيسعوا لنا فيها».

«لما بيكون فيه اعتصام كلنا بنشارك فيه، وردية بتمشى الشغل، وورديتين بيعتصموا بره المصنع، ومحدش بيعترض، لأننا ما يرضيناش الشغل يقف»، هكذا تحدث عم أشرف، المتزوج ولديه ابن واحد، عن أيام الاعتصامات خارج مجموعة المصانع، والتى كانت إحدى وسائل الضغط للحصول على مستحقاتهم المالية.

رغم الغضروف بيشتغل

كان يعمل فى قسم الفرز اليدوى، وينحنى على تصنيف بلاطات السيراميك للفرز الأول أو الثانى أو الثالث، حتى أصيب الريس صلاح بالغضروف، فى الفقرات الخامسة والسادسة والسابعة من العمود الفقرى، أجرى على إثرها عملية جراحية لاستئصال فقرتين من الغضروف وتثبيت فقرة.

«معرفتش أعملها إصابة عمل، فعملتها مرضى، والتأمين الصحى دفعلى ثمن العمليات، وكنت بقبض مرتبى فى أجازتى المرضية»، هذا ما كان متاحا للريس صلاح بعد إصابته، ولم يت من الحصول على بدل إصابة، وانقضت أجازته المرضية، وعاود الريس صلاح العمل فى نفس القسم، مضيفا «معظم إصابات الغضروف فى قسم الفرز اليدوى، لأننا بنميل على الشغل ساعات طويلة، نصيبنا كده هنعمل إيه».. تصل خطوط الإنتاج الخاصة بجميع مصانع المجموعة إلى 40 خط إنتاج، وهو رقم كبير مقارنة بعدد العاملين فى أقسام الفرز، ويضيف الريس صلاح «الشغل كتير علينا لأن مفيش ماكينات ممكن تعمل شغلنا».

المكابس كثير من المخاطر وقليل من الأمن

«التزم بتعليمات الأمن الصناعى»، «ارتدى ملابس الأمن الصناعى حرصا على سلامتك»، لافتات معلقة فى أماكن متفرقة من وحدة المكابس بأحد مصانع سيراميكا كليوباترا، واحدة منهم مرسوم عليها أطراف يد مقطوعة وتنزف دما، ومكتوب «احذر».

«مهمات الوقاية» والمقصود بها الملابس الأمنية التى يجب أن تمنح للعامل فى مثل هذه الوحدات عبارة عن «جونتى وخوذة وأفارول وكمامة ونظارة واقية وسدادة أذن وسيفتى وكوزلك».


كثير من الاتفاقات دون تنفيذ 3 اتفاقيات تتحول إلى «حبر على ورق».. ورجل الأعمال يتهرب وساطة «القوى العاملة» و«الجيش» لم تفلح مع ملك السيراميك

سلسلة من الوعود، تنتهى إلى سلسلة أخرى من الاتفاقيات.. ولكن من ينفذ ويلتزم؟.. رجل الأعمال يتجاهل ويماطل ويعتمد على سياسة النفس الطويل.. من يقدر على الاستمرار فى المعركة يكسب، وبهذه السياسية تتحول مطالب العمال التى سطرتها اتفاقيات ومحاضر مفاوضات إلى «حبر على ورق».

وزارة القوى العاملة والهجرة والحاكم العسكرى، أشرفا على العديد من الاتفاقيات المبرمة بين عمال شركات ومصانع مجموعة سيراميكا كليوباترا، تاريخ إبرام الاتفاقية الأولى التى صيغت فيما يعرف ب«محضر اجتماع» يعود إلى منتصف شهر مارس الماضى، وكانت بين رجل الأعمال محمد أبوالعينين، ومجموعة من ممثلى العمال، وبحضور وزير القوى العاملة والهجرة السابق، فتحى فكرى، واللواء حمدى بدين، عضو المجلس العسكرى، الذى حضرها فى وقت متأخر من الليل.

اتفاقية أو محضر ..لم نتفق على شىء

الاتفاقية التى تحمل ختم النسر الخاص بوزارة القوى العاملة والهجرة والموقعة من الطرفين تنص على «بمناقشة مطالب العمال، تم الاتفاق بين الطرفين على، أولا: حصول العمال على بدل الورادى 10 جنيهات للوردية الثانية على أيام العمل الفعلية، و15 جنيها للوردية الثالثة على أيام العمل الفعلية، وثانيا: حصول العمال على قيمة الوجبة العينية 10 جنيهات عن يوم العمل الفعلى، ثالثا: صرف بدل مخاطر العاملين على ثلاث مستويات 300 جنيه، و200 جنيه، و150 جنيها، على أن تزداد بمبلغ 50 لكل المستويات اعتبارا من أول يناير 2013».

وفى بندها الرابع نصت على أنه «بالنسبة للأرباح فقد تمت التسوية النهائية لحساب أرباح جميع العاملين فى المصنع، بحصول العمال على شهرين من الأجر الشامل عن كل سنة من السنوات الثلاث الأخيرة، 2009، 2010، 2011، بحد أدنى 3 آلاف جنيه وبحد أقصى 5 آلاف جنيه عن كل سنة، على أن يتم صرف الدفعة الأولى بما يعادل شهرين بشكل نقدى أو عينى خلال أسبوع من التوقيع، والدفعة الثانية فى 15 مارس 2013، والثالثة 15 يوليو 2013».

أما البند الخامس فنص على أن «يصرف للعمال شهرين منحة من الراتب الشامل سنويا، يتم صرفها بواقع نصف شهر كل ثلاثة أشهر بحد أقصى 6 آلاف جنيه»، فيما نص البند السادس على أن «يلتزم صاحب العمل بتسليم جميع العمال نسخة من عقد العمل الفردى المبرم مع الشركة فى موعد أقصاه 31 مارس 2012».

«إلغاء جميع الجزاءات الموقعة على المديرين ورؤساء الأقسام والعمال الموقعة بتاريخ سابق فى 6 مارس 2012، ويتم وقف الخصومات المترتبة عليها والمترتبة على ما يسمى بتخفيض الإنتاج وخصومات التكاليف»، كان هذا هو نص البند السابع.. أما البند الثامن فنص على «إعداد لائحة نظام أساسى ولائحة جزاءات جديدة وفقا لقانون العمل رقم 12 لسنة 2003، ويتم إصدارها من تاريخ توقيع الاتفاق»، وتاسعا «يتم توفيق واحتساب الأوضاع التأمينية للعمال وفقا لتاريخ الالتحاق الفعلى بالشركة».

وجاء البند العاشر ب«يمتنع صاحب العمل عن اتخاذ أية إجراءات انتقامية ضد أى عامل بالشركة».

تم إبرام هذه الاتفاقية فى أجواء وظروف خاصة، بعدما حاصر المئات من عمال مصانع سيراميكا كليوباترا بالعين السخنة، ديوان عام وزارة القوى العاملة والهجرة منذ الساعات الأولى من ظهر يوم 15 مارس الماضى، أثناء وجود أبوالعينين، داخل الوزارة، للتفاوض حول مطالب العمال، وأغلق أمن الوزارة كل الأبواب، واستمرت المفاوضات حتى ساعة متأخرة من الليل، بعد تدخل اللواء حمدى بدين، لفض الاعتصام، وإنهاء أزمة العمال مع المالك.

لم يلتزم رجل الأعمال محمد أبوالعينين بتنفيذ هذه الاتفاقية وفق الجدول الزمنى الذى حددته بنودها، واعتبرها «مجرد محضر اجتماع، أجبر على التوقيع عليه بسبب تهديد العمال ومحاصرتهم للوزارة، وأنه غير ملزَم بالتنفيذ»، بحسب عمال المصنع.

فرح بوت..اتفاقية نيلية كالكتابة على الماء

لم تمض سوى أيام معدودة على توقيع اتفاقية وزارة القوى العاملة بين أبوالعينين والعمال، فى منتصف مارس الماضى، حتى دعا أبوالعينين عماله واعضاء اللجنة النقابية بالمصانع والشركة، لاحتفالية ب«فرح بوت» أو مركب فرح، المطعم المملوك لأبوالعينين.

ما حدث بحسب عمال المصنع، وعضوى اللجنة النقابية بالمصنع، محمد أنور وسيد غريب أن «سعود عمر ووائل راتب، وهما ناشطان عماليان اتصلا بنا وقالا: الاتفاقية صعب تتنفذ بشكل كامل، واستجيبوا لدعوة أبوالعينين واجتمعوا معاه بشكل ودى»، وبالفعل توجه ممثلو العمال للاجتماع مع أبوالعينين فى مركبه الخاص «وقسمنا أو قسطنا حقوقنا المادية على جدول زمنى أريح لأبوالعينين، واعترف بلجنتنا النقابية».

«الشروق» حصلت على نسخة من محضر الاتفاق المعروف لدى العمال ب«اتفاقية فرح بوت»، والتى نصت على «صرف 6 ملايين جنيه بتاريخ 22 مارس كجزء من قيمة أرباح عام 2011 على أن توزع على جميع العاملين وفقا لكشوفهم، وتوزع باقى الأرباح عن عام 2011 مناصفة على شهرين، الجزء الأول يتم صرفه فى الأسبوع الأخير من أبريل 2012، والجزء الثانى يتم صرفه فى الأسبوع الأخير من مايو 2012».

باقى المستحقات المالية التى تم الاتفاق على صرفها فى اتفاقية الوزارة 15 مارس، تم تأجيلها وترحيل مواعيدها وتقسيمها على دفعات، ولكن من الجدير بالذكر أن أبوالعينين قد التزم بتنفيذ جزء واحد فقط من الاتفاقية، حيث تقاضى العمال الدفعة الأولى من نسبة أرباحهم عن سنة من السنوات الثلاث المستحقة، بحسب عمال الشركة.

اتفاق على عهدة الجيش الثالث

فى 21 مايو الماضى، وبعد اعتصامات وتظاهرات عدة نظمها العمال أمام مقر محافظة السويس، وقطع طريق العين السخنة من أجل الضغط لتنفيذ مطالبهم، تدخلت قوات الجيش الثالث الميدانى بالسويس لفض اعتصامات العمال وتظاهراتهم، وأبرموا معهم الاتفاقية الثالثة خلال شهرين.

اجتماع ممثلى العمال مع قيادات الجيش الميدانى الثالث استمر أكثر من 10 ساعات وتم الاتفاق فيه على إبرام «قرار إدارى» بجدول زمنى لتنفيذه، ينص على أن يكون التاريخ الأول وفقا للجدول الزمنى أن يتقاضى العمال جزءا من مستحقاتهم المالية فى 31 مايو، ولكن أبوالعينين لم يلتزم بتنفيذ الاتفاقية الثالثة، ولأن الجيش كان الوسيط بين الطرفين العمال والمالك فقط لجأ العمال للجيش مرة أخرى فكان الرد «هو مش هيقدر يدفع دلوقتى قسط الفلوس وبيطلب تأجيل».


حمامات كليوباترا.. ليست للبشر




خلف مجموعة مصانع سيراميكا كليوباترا، يوجد مبنى طولى صغير كان لونه فى يوم ما أبيض، وبداخله مجموعة أحواض متهالكة، تتسرب المياه من حنفياتها الصدئة، والمحاطة بخرقات من قماش لتمنع تسرب المياه، وبجوار الأحواض يوجد 5 حمامات أبوابها الخشبية متكسرة، تفصلها حوائط أسمنتية قصيرة، لتخفى خلفها 4 أطقم حمامات «بلدى» وواحد «أفرنجى»، وبداخل كل حمام حنفية مياه تنتهى بخرطوم قصير بصل بالكاد لقاعدة الحمام.

هذه الحمامات التى يتوجه إليها العمال من خلال أبواب المصانع الخلفية، والتى من المفترض أن تكفى حجم العمالة فى المصانع والمقدرة ب5 آلاف و600 عامل، وبالمناسبة يحتوى مبنى الحمامات على سخان مياه واحد، اشتراه العمال من حسابهم الخاص.

يقول أحد عمال المصنع والذى يعمل أمام أفران حرق السيراميك «فى رمضان بنبقى صايمين وحر وصهد الأفران طالع علينا، وبنروح الحمام نصب ميه علينا من الحنفيات وإحنا بلبسنا علشان مفيش دش الواحد ينزل تحته يهون عليه بالحر والصيام».

يضيف آخر «الحمامات النهارده وبالمنظر ده تعتبر نضيفة، لأن المصانع مش شغالة بكل طاقتها، بس فيه أيام الواحد ما بيقدرش يدخل الحمامات أصلا، وفيه أيام تانية الحمامات بتتنضَف لما يكون فيه زيارات ومرور».

العمال اشتروا لأنفسهم سخانا، يدفئ لهم المياه فى برد الشتاء القارص، كما اشتروا مكبر صوت «ميكروفون» للمسجد المجاور لمبنى الحمامات يصل مداه ل 2 كيلومتر، ويستمر العمال بالتعاون مع لجنتهم النقابية فى محاولة تحسين أوضاع عملهم قدر المستطاع.

الوضع هناك فى حمامات العمال يختلف تماما عن الوضع فى المبنى الإدارى للشركة، ذى القاعات والمكاتب الفخمة والمكيفة، كما يختلف تماما عن واجهة المجموعة بحدائقها المنسقة والمنمقة ونظافتها البالغة، والتى تغطى بظلالها ومساحاتها الواسعة واقع سيئ وغير آدمى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.