رسميا.. اعتماد جداول امتحانات النقل والشهادة الإعدادية للفصل الدراسي الثاني 2025 ببني سويف    بعد شكاوى المواطنين.. الحكومة: توجيه وزير البترول ببحث حقيقة أزمة البنزين    إستونيا تمنع الرحلات المتجهة إلى موسكو في 9 مايو من استخدام مجالها الجوي    ميرتس وماكرون يدعوان الهند وباكستان إلى التهدئة    تفاؤل في مران ريال مدريد بعد سقوط برشلونة الأوروبي    الأرصاد تكشف موعد ذروة الموجة الحارة    شارك الحجيج فرحتهم.. محافظ القليوبية يُسلِم ملابس الإحرام لحجاج الجمعيات الأهلية (صور)    «ضربوه لأن رجله بتوجعه ومقدرش يجري».. القبض على والدَي تلميذ اعتديا على زميل ابنهما داخل ملعب المرج    نقل والدة «أوس أوس» للعناية المركزة بعد تعرضها لوعكة صحية (تفاصيل)    آيساب روكي يكشف سبب حمل ريهانا المتكرر    محافظ أسوان ينيب السكرتير العام لحضور ختام فعاليات مهرجان أفلام المرأة    إنقاذ حياة طفل.. فريق جراحى بأورام المنوفية ينجح فى إجراء عملية استئصال ورم ضخم    رأس المال السوقي يخسر 25 مليار جنيه.. مؤشرات البورصة تهبط بختام جلسة اليوم    رئيس مسار بعد التتويج بدوري السيدات: هدفنا المساهمة في تطوير كرة القدم المصرية    جوندوجان يحلم بأن يكون مساعدًا ل "الفيلسوف"    بالصور.. ملك أحمد زاهر تتألق في أحدث ظهور لها    ضبط 3507 قضية سرقة تيار كهربائى خلال 24 ساعة    بينها «أخبار اليوم» .. تكريم رموز الصحافة والإعلام في عيد العمال    عدوان الاحتلال الإسرائيلي على طولكرم ومخيميها يدخل يومه 101    "الشباب في قلب المشهد السياسي".. ندوة تثقيفية بالهيئة الوطنية للانتخابات | صور    "التعليم" تعلن إطلاق مسابقة للمواهب في مدارس التعليم الفني    5 أبراج تُعرف بالكسل وتفضّل الراحة في الصيف.. هل أنت منهم؟    خلافات مالية تشعل مشاجرة بين مجموعة من الأشخاص بالوراق    جوتي ساخرًا من برشلونة: أبتلعوا الأهداف مثل كل عام    الهلال الأحمر المصري يشارك في النسخة الرابعة من منتدى «اسمع واتكلم»    وزير البترول: التوسع الخارجي لشركة "صان مصر"على رأس الأولويات خلال الفترة المقبلة    البابا تواضروس يستقبل وكيل أبروشية الأرثوذكس الرومانيين في صربيا    تعرف على وضع صلاح بين منافسيه في الدوري الإنجليزي بعد 35 جولة    عمر طلعت مصطفى: العمل الاحترافي يجذب 400 ألف سائح جولف لمصر سنويًا    محافظ الدقهلية يلتقي المزارعين بحقول القمح ويؤكد توفير كل أوجه الدعم للفلاحين    أوبرا الإسكندرية تقيم حفل ختام العام الدراسي لطلبة ستوديو الباليه آنا بافلوفا    كندة علوش: دوري في «إخواتي» مغامرة من المخرج    قطاع الفنون التشكيلية يعلن أسماء المشاركين في المعرض العام في دورته 45    ب12 هاتفًا.. عصابة تخترق حساب سيدة من ذوي الاحتياجات وتنهب أموالها    إطلاق صندوق لتحسين الخدمة في الصحة النفسية وعلاج الإدمان    حزنا على زواج عمتها.. طالبة تنهي حياتها شنقا في قنا    آخر تطورات مفاوضات الأهلي مع ربيعة حول التجديد    مدبولي يُكلف الوزراء المعنيين بتنفيذ توجيهات الرئيس خلال احتفالية عيد العمال    المراجعات النهائية للشهادة الإعدادية بشمال سيناء    وظيفة قيادية شاغرة في مصلحة الجمارك المصرية.. تعرف على شروط التقديم    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    وزارة الأوقاف تعلن أسماء المقبولين لدخول التصفيات الأولية لمسابقة القرآن الكريم    وزير التعليم العالي يستقبل وزير خارجية جمهورية القمر    سحب 49 عينة سولار وبنزين من محطات الوقود بالإسكندرية لتحليلها    فيديو.. خالد أبو بكر للحكومة: مفيش فسخ لعقود الإيجار القديم.. بتقلقوا الناس ليه؟!    التايكوندو يتوجه للإمارات للمشاركة في بطولة العالم تحت 14 عام    وكالة الأنباء الفلسطينية: ارتفاع حصيلة القصف الإسرائيلي لمدرستين في مخيم البريج ومدينة غزة إلى 49 قتيلا    هل انكشاف أسفل الظهر وجزء من العورة يبطل الصلاة؟.. الإفتاء توضح    «مستقبل التربية واعداد المعلم» في مؤتمر بجامعة جنوب الوادي    مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في اليمن مع الولايات المتحدة    زيادة قدرتها الاستيعابية.. رئيس "صرف الإسكندرية يتفقد محطة العامرية- صور    بتكلفه 85 مليون جنيه.. افتتاح مبنى امتداد مركز الأورام الجديد للعلاج الإشعاعي بقنا    عضو مجلس الزمالك: كل الاحتمالات واردة في ملف زيزو    أسامة ربيع: توفير الإمكانيات لتجهيز مقرات «الرعاية الصحية» بمواقع قناة السويس    اليوم.. الرئيس السيسي يتوجه إلى اليونان في زيارة رسمية    ما حكم إخراج المزكى زكاته على مَن ينفق عليهم؟.. دار الإفتاء تجيب    الأزهر يصدر دليلًا إرشاديًا حول الأضحية.. 16 معلومة شرعية لا غنى عنها في عيد الأضحى    عاجل- مصر وقطر تؤكدان استمرار جهود الوساطة في غزة لوقف المأساة الإنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أصداء نهاية الإمبراطورية
نشر في الشروق الجديد يوم 26 - 04 - 2012

يعتبر الربيع العربى، وتهديد إيران كقوة نووية صاعدة، واستمرار العنف فى سوريا، والإحجام الأمريكى عن التورط، جميعها دلائل على ضعف دور الولايات المتحدة باعتبارها الشرطى الأوحد فى العالم، إن لم يكن انتهاء هذا الدور. وفى العام الماضى قال الرئيس أوباما «لا يمكن لأمريكا أن تستخدم الجيش حيثما يحدث قمع».

ويذكرنى الموقف الأمريكى الآن بموقف بريطانيا عام 1945، عندما لم تعد بريطانيا الغارقة فى الدين، والملتزمة ببناء خدمة الرعاية الصحية، وغيرها من مقتضيات دولة الرفاه قادرة على إدارة الامبراطورية. فضلا عن أن بريطانيا التى كانت قبل جيل من ذلك التاريخ، تسيطر بفخر على البحار، بدأت تعانى من التعب، وتفتقر إلى قوة الإرادة لمواصلة قدرها الإمبراطورى. بل إن الدور الأمريكى كقوة استعمارية أكثر ضعفا، حيث لم تمتلك الولايات المتحدة أبدا ثقة بريطانيا فى قدرها الاستعمارى. وكان الأمريكيون دائما مترددين فيما يتعلق بدور الهيمنة العالمية.

واليوم، تعتبر الضرورة العملية، وليس العزلة التقليدية، الدافع وراء التراجع الأمريكى. ولم تعد أمريكا المعاصرة مثلها فى ذلك مثل بريطانيا ما بعد الحرب العالمية الثانية تمتلك الموارد المالية الكافية للحفاظ على إمبراطورية، كانت الولايات المتحدة لا تسعى إليها بدأب فى الأساس. وقد تسببت معدلات العجز والدين فى الاضرار بأحلام الإمبراطورية أكثر مما فعل أى تحول فى الفكر. وقد نشأ والداى فى ساحل الذهب بأفريقيا بينما كانت القوة البريطانية تتراجع، لذلك أشعر أن لى صلة مباشرة بظاهرة انهيار الامبراطوريات. وقد اصبح ساحل الذهب، يعرف بجمهورية غانا فى عام 1957، بعد سنة من أزمة السويس. وأنا اليوم عضو فى البرلمان، ولذلك لدى وجهة نظر مزدوجة بشأن الإمبراطورية.

●●●

ومثلما يعتبر الكثير من المؤرخين الحرب العالمية الثانية نهاية للإمبراطورية البريطانية، ربما يعتبر المؤرخون فى المستقبل الأزمة المالية فى 2008 نهاية للإمبراطورية الأمريكية. غير أن تراجع القوة الأمريكية، خاصة فى الشرق الأوسط، ربما يزعزع إلى حد كبير استقرار العالم، وينشر حالة من الغموض.

وتبدو أمريكا الآن أصغر كثيرا من العملاق الذى بدا أنه يمتطى العالم عام 1989، عندما كان من الممكن أن يؤخذ مقال بعنوان «نهاية العالم» على محمل الجدية على الرغم مما فيه من تناقض.

وظل هناك دائما شك فى أن أمريكا لا تمتلك حماسا كافيا كقوة استعمارية. فلم تسع أبدا لإدارة أراض أجنبية إدارة مباشرة، وإلى أجل غير مسمى. وعلى الرغم من وجود القواعد الأمريكية فى اليابان وألمانيا وبريطانيا، ولاحقا فى السعودية تبدو الولايات المتحدة قوة استعمارية ناعمة.

وخلال فترة الحرب الباردة، اعتبرت الولايات المتحدة نفسها زعيمة «العالم الحر»، وهو ادعاء للقيادة الأخلاقية يماثل فى جرأته ادعاء أى امبراطوية فى التاريخ. وكانت سيطرتها تعتمد على قوة التحالف، وتقديم المساعدة المباشرة، وطرح النموذج الاجتماعى والاقتصادى، أكثر من الاحتلال. ولم تتدخل الولايات المتحدة بشكل مباشر إلا فى السنوات العشر الماضية فحسب، لتقرر من يحكم العراق، وأفغانستان، وليبيا. ولم تكن هذه المسئولية المفترضة سوى عمل من أعمال الإمبراطورية. غير أن الأمريكيين كانوا يحجمون دائما عن الإقرار بذلك. وخلال هذه الفترة، كان المدهش أن المحافظين الجدد تبنوا نهجا امبرياليا أكثر علنية. وكان الإحجام الأمريكى عن تقلد سيف الإمبراطورية هو أساس غضبهم على السياسة الخارجية لبلادهم. فكانوا يقومون بحث الولايات المتحدة كما لو أنها تلميذ كسول بطىء، على القيام بدور ليس له ميل طبيعى للقيام به.

فمنذ استقلال الولايات المتحدة، ظل الإحجام عن الانخراط فى التفاصيل المربكة للسياسة الدولية ملمحا من ملامح السياسة الأمريكية. وكان تحذير جورج واشنطن الشهير «تجنبوا التعقيدات الخارجية»، من أكثر الاقتباسات زيفا فى التاريخ وهو عبارة مضغوطة من ثلاث كلمات تحوى فكرة أكثر دهاء عن تجنب المشاحنات الأوروبية. وفى الواقع، لم تظهر هذه العبارة فى خطاب الوداع العظيم عام 1796. غير أن الزعماء الذين جاءوا بعده، اتبعوا النسخة المعترف بها من ملاحظات واشنطن. وفى وقت لاحق، بشر وودرو ويلسن «بحق تقرير المصير خارج البلاد، وأوضحت حرب فيتنام للأمريكيين أن قواهم محدودة. واليوم، يبدو المحافظون الجدد كشخصيات غريبة من الماضى، كان الكثير من الأمريكيين يفضل نسيانها. وخلال 23 عاما، انتقلنا من «نهاية التاريخ»، حيث عالم تبدو فيه الرأسمالية الليبرالية والديمقراطية مسيطرة تماما، إلى إعلان الرئيس أوباما الرخو عن القدرة المحدوة للولايات المتحدة.

وأدت الأزمة المالية وتراكم المديونية فى نهاية المطاف إلى إنهاء السلوك الإمبريالى الأمريكى. ومن المستبعد، حتى لو تعافى الاقتصاد، أن تدخل البلاد حملات بجرأة وسذاجة غزوها للعراق عام 2003.

●●●

ويوضح تاريخ الإمبراطورية البريطانية أن كل أشكال الإمبراطوريات مضلل. فأولا؛ الإمبراطورية مكلفة للغاية. وصعود الصين، والعالم الناشئ، يعنى أن الاقتصاد الأمريكى سيكون أصغر حجما، حتى لو استعاد عافيته. ومن المؤكد أنه لن يكون كما كان عليه فى 1945 و1989. وهذا وحده يجعل القيادة التعددية أكثر توقعا من القيادة المنفردة.

وثانيا، وكما اكتشفت بريطانيا، يقتضى الاحتفاظ بالإمبراطورية، العديد من الحسابات، والكثير من المعرفة بل والخبرة بما يزيد على قدرة أى قوة واحدة فى عالمنا المعاصر، حتى على المحاولة. وربما تكون تجربتا العراق وأفغانستان قد لقنتا أمريكا تلك الدروس.



كل الحقوق محفوظة لشركة النيويورك تايمز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.