برلمان مفيش فايدة!    جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا.. صرح أكاديمي متكامل ورؤية تعليمية عالمية    وكيل التعليم بالجيزة يستبعد مدير مدرسة خلال جولة مفاجئة في الهرم والعمرانية    مدبولي: تحريك أسعار المحروقات مرة واحدة قرار أفضل لصالح الدولة    3 قرارات جديدة من الرقابة المالية (التفاصيل)    رئيس الوزراء يوضح سبب رفع أسعار الوقود والاستشارة التي طلبها من المتخصصون    إطلاق نار أمام مبنى البرلمان الصربي والشرطة تعتقل المنفذ    محافظ شمال سيناء: معبر رفح البري مفتوح ولم يتم إغلاقه مطلقاً    قبول استقالة المدرب العام لمنتخب الملاكمة    طاقم تحكيم مغربي يصل القاهرة لإدارة مباراة الزمالك وديكيداها    نقل جثمان سيدة السادات المقتولة على يد طليقها إلى الطب الشرعي بالمنوفية    حكم قضائي في نيجيريا بزواج اثنين من مشاهير "تيك توك" بعد نشرهما فيديو منافيا للآداب    عبد الستار سليم يُعيد تراث الصعيد إلى الواجهة في معرض الأقصر للكتاب    من خام الذهب والفضة.. الحكومة: إصدار عملات تذكارية احتفالا بافتتاح المتحف المصري الكبير    المؤتمر السنوي لمركز الكبد بدماص يناقش جديد مناظير الجهاز الهضمي وأورام البنكرياس    أفضل 5 وجبات خفيفة صحية لا ترفع السكر في الدم    «القابضة للصناعات الكيماوية» تحقق 8.6 مليار جنيه صادرات خلال 2024-2025    شاهد غرفة ملابس الأهلي قبل مباراة الاتحاد السكندري في الدوري    رفض طعن برشلونة على طرد فليك وغيابه عن الكلاسيكو أمام ريال مدريد    "التربية السليمة للأطفال وحقوق الطفل وذوى الإعاقة " فى ندوة بالشرقية    "الزراعة" تنفذ أكثر من 2800 ندوة توعوية استعدادًا للحملة القومية للتحصين    حملات مُكبرة لإزالة التعديات وأعمال البناء المخالف بأحياء الإسكندرية    فئات ممنوعة من أداء مناسك الحج    حملات مرورية مكثفة بمنطقة المساكن والجامعة بقنا بعد شكوى الطلاب والأهالى    زلزال بقوة 5.1 درجة يضرب قبالة مدينة كوشيرو اليابانية    بوتين يطلع عبر الفيديو على تدريبات للقوات النووية الاستراتيجية    النجم التركي كان أورجانجي أوغلو: أتطلع لزيارة الجمهور في منازلهم بمصر    محمد عبده يقبل يد المايسترو هاني فرحات : "ونكيد العوازل بقي "    نائب الرئيس الأمريكى: نأمل أن تمضى خطة ترامب قدما وأن يتحقق السلام فى غزة    أحمد الشناوي يصارع ثنائي المغرب على جائزة أفضل حارس في أفريقيا    مصر تستضيف مؤتمر تسليم وتسلم قيادة افريكسم بنك    505 جهة وشركة تتعاقد بمنظومة التأمين الصحى الشامل على مستوى الجمهورية    الأورومتوسطي: لم ينجُ أحد بغزة من الإبادة.. وإسرائيل قتلت وأصابت واعتقلت 12% من سكان القطاع    «الرعاية الصحية» : تقنية حديثة لعلاج دوالي الساقين دون جراحة بمستشفى السلام التخصصي ببورسعيد    القبض على المتهم بقتل طليقته أمام مدرسة في مدينة السادات بالمنوفية    «مصر» ضمن المرشحين لجائزة أفضل منتخب إفريقي في 2025    حسام حسن ويوريشيتش ضمن قائمة المرشحين لجائزة أفضل مدرب في إفريقيا 2025    لبنى عبد الله: أمير عبد الحميد رحب بالاستمرار في الأهلى من موقع الرجل الثالث    "الأونروا": يجب فتح جميع المعابر إلى غزة مع ضرورة أن تكون المساعدات غير مقيدة    اكتشافات بترولية جديدة بالصحراء الغربية    الأقصر تتحرك لدعم موسم سياحي استثنائي.. لقاء موسع بمشاركة خبراء ومختصين    بيحبوا يكسروا الروتين.. 4 أبراج لا تخشى المخاطرة وتحب انتهاز الفرص    تراجع ظاهرة السحابة السوداء بالشرقية    انتخاب رئيسة جديدة للاتحاد العالمي للكنائس المصلحة    تأهل كلية الاستزراع المائي بالعريش لجائزة مصر للتميز الحكومي    إحالة أوراق سائق للمفتي بعد اتهامه بقتل مزارع وتزعُّم عصابة للإتجار بالمخدرات في القليوبية    نائب وزير الصحة يتفقد جاهزية الخدمات الطبية والطوارئ بميناء رفح البري    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 22-10-2025 في محافظة الأقصر    الصحة وصندوق مكافحة الإدمان يفتتحان قسما جديدا للحجز الإلزامي بمستشفى إمبابة    منال عوض: نسعى لحل مشاكل المواطنين والتواجد المستمر على أرض الواقع    موعد مباراة بايرن ميونخ وكلوب بروج فى دوري الأبطال والقنوات الناقلة    دبلوماسي روسي سابق: النزاع مع أوكرانيا قائم على خلافات جوهرية    مفتي الجمهورية: الله تولى بنفسه منصب الإفتاء وجعله من وظائف النبوة    حكم القيام بإثبات الحضور للزميل الغائب عن العمل.. الإفتاء تجيب    سماء الفرج    موعد شهر رمضان المبارك 1447 هجريًا والأيام المتبقية    حين يتأخر الجواب: لماذا لا يُستجاب الدعاء أحيانًا؟    احتفال وطني بذكرى أكتوبر في كلية الحقوق جامعة المنصورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أصداء نهاية الإمبراطورية
نشر في الشروق الجديد يوم 26 - 04 - 2012

يعتبر الربيع العربى، وتهديد إيران كقوة نووية صاعدة، واستمرار العنف فى سوريا، والإحجام الأمريكى عن التورط، جميعها دلائل على ضعف دور الولايات المتحدة باعتبارها الشرطى الأوحد فى العالم، إن لم يكن انتهاء هذا الدور. وفى العام الماضى قال الرئيس أوباما «لا يمكن لأمريكا أن تستخدم الجيش حيثما يحدث قمع».

ويذكرنى الموقف الأمريكى الآن بموقف بريطانيا عام 1945، عندما لم تعد بريطانيا الغارقة فى الدين، والملتزمة ببناء خدمة الرعاية الصحية، وغيرها من مقتضيات دولة الرفاه قادرة على إدارة الامبراطورية. فضلا عن أن بريطانيا التى كانت قبل جيل من ذلك التاريخ، تسيطر بفخر على البحار، بدأت تعانى من التعب، وتفتقر إلى قوة الإرادة لمواصلة قدرها الإمبراطورى. بل إن الدور الأمريكى كقوة استعمارية أكثر ضعفا، حيث لم تمتلك الولايات المتحدة أبدا ثقة بريطانيا فى قدرها الاستعمارى. وكان الأمريكيون دائما مترددين فيما يتعلق بدور الهيمنة العالمية.

واليوم، تعتبر الضرورة العملية، وليس العزلة التقليدية، الدافع وراء التراجع الأمريكى. ولم تعد أمريكا المعاصرة مثلها فى ذلك مثل بريطانيا ما بعد الحرب العالمية الثانية تمتلك الموارد المالية الكافية للحفاظ على إمبراطورية، كانت الولايات المتحدة لا تسعى إليها بدأب فى الأساس. وقد تسببت معدلات العجز والدين فى الاضرار بأحلام الإمبراطورية أكثر مما فعل أى تحول فى الفكر. وقد نشأ والداى فى ساحل الذهب بأفريقيا بينما كانت القوة البريطانية تتراجع، لذلك أشعر أن لى صلة مباشرة بظاهرة انهيار الامبراطوريات. وقد اصبح ساحل الذهب، يعرف بجمهورية غانا فى عام 1957، بعد سنة من أزمة السويس. وأنا اليوم عضو فى البرلمان، ولذلك لدى وجهة نظر مزدوجة بشأن الإمبراطورية.

●●●

ومثلما يعتبر الكثير من المؤرخين الحرب العالمية الثانية نهاية للإمبراطورية البريطانية، ربما يعتبر المؤرخون فى المستقبل الأزمة المالية فى 2008 نهاية للإمبراطورية الأمريكية. غير أن تراجع القوة الأمريكية، خاصة فى الشرق الأوسط، ربما يزعزع إلى حد كبير استقرار العالم، وينشر حالة من الغموض.

وتبدو أمريكا الآن أصغر كثيرا من العملاق الذى بدا أنه يمتطى العالم عام 1989، عندما كان من الممكن أن يؤخذ مقال بعنوان «نهاية العالم» على محمل الجدية على الرغم مما فيه من تناقض.

وظل هناك دائما شك فى أن أمريكا لا تمتلك حماسا كافيا كقوة استعمارية. فلم تسع أبدا لإدارة أراض أجنبية إدارة مباشرة، وإلى أجل غير مسمى. وعلى الرغم من وجود القواعد الأمريكية فى اليابان وألمانيا وبريطانيا، ولاحقا فى السعودية تبدو الولايات المتحدة قوة استعمارية ناعمة.

وخلال فترة الحرب الباردة، اعتبرت الولايات المتحدة نفسها زعيمة «العالم الحر»، وهو ادعاء للقيادة الأخلاقية يماثل فى جرأته ادعاء أى امبراطوية فى التاريخ. وكانت سيطرتها تعتمد على قوة التحالف، وتقديم المساعدة المباشرة، وطرح النموذج الاجتماعى والاقتصادى، أكثر من الاحتلال. ولم تتدخل الولايات المتحدة بشكل مباشر إلا فى السنوات العشر الماضية فحسب، لتقرر من يحكم العراق، وأفغانستان، وليبيا. ولم تكن هذه المسئولية المفترضة سوى عمل من أعمال الإمبراطورية. غير أن الأمريكيين كانوا يحجمون دائما عن الإقرار بذلك. وخلال هذه الفترة، كان المدهش أن المحافظين الجدد تبنوا نهجا امبرياليا أكثر علنية. وكان الإحجام الأمريكى عن تقلد سيف الإمبراطورية هو أساس غضبهم على السياسة الخارجية لبلادهم. فكانوا يقومون بحث الولايات المتحدة كما لو أنها تلميذ كسول بطىء، على القيام بدور ليس له ميل طبيعى للقيام به.

فمنذ استقلال الولايات المتحدة، ظل الإحجام عن الانخراط فى التفاصيل المربكة للسياسة الدولية ملمحا من ملامح السياسة الأمريكية. وكان تحذير جورج واشنطن الشهير «تجنبوا التعقيدات الخارجية»، من أكثر الاقتباسات زيفا فى التاريخ وهو عبارة مضغوطة من ثلاث كلمات تحوى فكرة أكثر دهاء عن تجنب المشاحنات الأوروبية. وفى الواقع، لم تظهر هذه العبارة فى خطاب الوداع العظيم عام 1796. غير أن الزعماء الذين جاءوا بعده، اتبعوا النسخة المعترف بها من ملاحظات واشنطن. وفى وقت لاحق، بشر وودرو ويلسن «بحق تقرير المصير خارج البلاد، وأوضحت حرب فيتنام للأمريكيين أن قواهم محدودة. واليوم، يبدو المحافظون الجدد كشخصيات غريبة من الماضى، كان الكثير من الأمريكيين يفضل نسيانها. وخلال 23 عاما، انتقلنا من «نهاية التاريخ»، حيث عالم تبدو فيه الرأسمالية الليبرالية والديمقراطية مسيطرة تماما، إلى إعلان الرئيس أوباما الرخو عن القدرة المحدوة للولايات المتحدة.

وأدت الأزمة المالية وتراكم المديونية فى نهاية المطاف إلى إنهاء السلوك الإمبريالى الأمريكى. ومن المستبعد، حتى لو تعافى الاقتصاد، أن تدخل البلاد حملات بجرأة وسذاجة غزوها للعراق عام 2003.

●●●

ويوضح تاريخ الإمبراطورية البريطانية أن كل أشكال الإمبراطوريات مضلل. فأولا؛ الإمبراطورية مكلفة للغاية. وصعود الصين، والعالم الناشئ، يعنى أن الاقتصاد الأمريكى سيكون أصغر حجما، حتى لو استعاد عافيته. ومن المؤكد أنه لن يكون كما كان عليه فى 1945 و1989. وهذا وحده يجعل القيادة التعددية أكثر توقعا من القيادة المنفردة.

وثانيا، وكما اكتشفت بريطانيا، يقتضى الاحتفاظ بالإمبراطورية، العديد من الحسابات، والكثير من المعرفة بل والخبرة بما يزيد على قدرة أى قوة واحدة فى عالمنا المعاصر، حتى على المحاولة. وربما تكون تجربتا العراق وأفغانستان قد لقنتا أمريكا تلك الدروس.



كل الحقوق محفوظة لشركة النيويورك تايمز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.