تنسيق المرحلة الثالثة، الأخطاء الشائعة عند تسجيل الرغبات وتحذير من الرقم السري    وزير الاتصالات: الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى اندثار بعض الوظائف.. والحل التوجه لمهن جديدة    بينهم مصريون.. بنك HSBC يُغلق حسابات 1000 من أثرياء الشرق الأوسط    عقوبة تزوير الكود التعريفي للمعتمر وفقًا للقانون    وداعًا للبطاريات.. خلايا شمسية جديدة تشغل الأجهزة من إضاءة الغرف    الاحتلال الإسرائيلى يقتحم بلدتين بالخليل ومدينة قلقيلية    "وول ستريت جورنال": البنتاجون يمنع أوكرانيا من استخدام الأسلحة بعيدة المدى لضرب العمق الروسي    في 12 مقاطعة ب موسكو.. الدفاع الروسية تُسقط 57 مسيرة أوكرانية    تصل كييف خلال 6 أسابيع.. إدارة ترامب توافق على بيع 3350 صاروخا بعيد المدى ل أوكرانيا    فرنسا تستدعى السفيرة الإيطالية بعد تصريحات نائب رئيس الحكومة الإيطالية ضد ماكرون    ملخص وأهداف مباراة ليفانتي ضد برشلونة 2-3 في الدوري الإسباني    فينجادا: حزنت من انتقال زيزو إلى الأهلي.. والكرة المصرية تعاني من عدم الاحترافية    محافظ الإسكندرية يزور مصابي حادث غرق شاطئ أبو تلات بمستشفى العامرية    تفاصيل مصرع طفلة في انهيار سقف منزل قديم بالغربية    خسوف القمر الكلي.. مصر على موعد مع ظاهرة فلكية بارزة في 7 سبتمبر.. فيديو    انقلاب سيارة محملة بالزيت على الطريق الدولي ومحافظ كفر الشيخ يوجه بتأمين الطريق    للحفاظ على عمر البطارية.. نصائح مهمة لمستخدمي هواتف أندرويد وآيفون    حسام داغر: بهاء الخطيب كان بيلعب ماتش كرة وقع مات    مروة ناجي تتألق في أولى مشاركاتها بمهرجان الصيف الدولي بمكتبة الإسكندرية    بالصور.. ليلى علوي وأحمد العوضي وإلهام شاهين في الساحل الشمالي    الكاتب سامح فايز يعتذر لصاحب دار عصير الكتب بعد 3 أعوام من الخلافات    شاب بريطاني لم يغمض له جفن منذ عامين- ما القصة؟    وزير الصحة: نضمن تقديم الخدمات الصحية لجميع المقيمين على رض مصر دون تمييز    أمين عمر حكم مباراة الأهلي أمام غزل المحلة    في المباراة ال 600 للمدرب.. ويسلي يفتتح مسيرته مع روما بحسم الفوز على بولونيا    كما كشف في الجول - القادسية الكويتي يعلن التعاقد مع كهربا    قصف مدفعي جديد يستهدف وسط غزة    مهرجان القلعة.. أحمد جمال يطوي الصفحة الأخيرة للدورة 33 (صور)    خلال اشتباكات مع قوات الأمن.. مقتل تاجر مخدرات شديد الخطورة في الأقصر    مصرع طفل وإصابة 2 آخرين في انهيار حائط بسوهاج    تاليا تامر حسني: التنمّر ليس مزحة.. إنه ألم حقيقي يدمّر الثقة بالنفس (فيديو)    عيار 21 الآن بعد الانخفاض.. أسعار الذهب اليوم الأحد 24 أغسطس 2025 محليًا وعالميًا    رسميًا الآن بعد الانخفاض.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 24 أغسطس 2025    «المصري اليوم» في جولة داخل أنفاق المرحلة الأولى للخط الرابع ل«المترو»    برشلونة يقلب تأخره لفوز أمام ليفانتي بالدوري الاسباني    «قولتله نبيع زيزو».. شيكابالا يكشف تفاصيل جلسته مع حسين لبيب    كيرمونيسي يفجر المفاجأة ويفوز على ميلان في الدوري الإيطالي    «شيشة في الأوضة».. شيكابالا يكشف مفاجأة صادمة بشأن ثنائي الزمالك    وزير الإسكان يتابع موقف عدد من المشروعات بمطروح    أحد المقربين يتصرف بطريقة غريبة.. حظ برج القوس اليوم 24 أغسطس    لا صحة لوقوع خطأ طبي.. محمود سعد يوضح تطورات الحالة الصحية للفنانة أنغام    وسط ترقب وهتاف.. الجمهور ينتظر تامر حسني بحماس في مهرجان مراسي (صور)    رسميًا.. موعد المولد النبوي 2025 في مصر وعدد أيام الإجازة للقطاع العام والخاص والبنوك    مستثمرون يابانيون: مصر جاذبة للاستثمار ولديها موارد تؤهلها للعالمية    محافظ شمال سيناء يوجه بتشغيل قسم الغسيل الكلوي للأطفال بمستشفى العريش العام    إحالة المتغيبين في مستشفى الشيخ زويد المركزى إلى التحقيق العاجل    "سلامة قلبك".. مستشفى جديد لعلاج أمراض وجراحة القلب للأطفال مجانًا بالمحلة الكبري    "كنت بشوفهم بيموتوا قدامي".. شهادة ناجية من فاجعة غرق طالبات سوهاج بشاطئ أبو تلات بالإسكندرية    «أوقاف المنيا» تعلن بدء احتفال المولد النبوي غدًا الأحد 24 أغسطس    تعرف على استعدادات تعليم كفر الشيخ للعام الدراسي الجديد    يوسف الحسيني: الإخوان من أبرز التنظيمات التي تسعى لهدم الدولة المصرية    هل يجوز الطلاق على الورق والزواج عرفي للحصول على المعاش؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف تدرب قلبك على الرضا بما قسمه الله لك؟.. يسري جبر يجيب    أوقاف الدقهلية تبدأ اختبارات أفضل الأصوات في تلاوة القرآن الكريم    هل يجوز قراءة القرآن أثناء النوم على السرير؟.. أمين الفتوى يجيب    الجندي يشدد على ضرورة تطوير أساليب إعداد وإخراج المحتوى العلمي لمجمع البحوث الإسلاميَّة    حصاد الأسبوع    الأوقاف: «صحح مفاهيمك» تتوسع إلى مراكز الشباب وقصور الثقافة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسيرة تبدأ من شارع قرة بالجيزة
نشر في الشروق الجديد يوم 07 - 04 - 2012

يمكنك أن تأخذ ما يلى على سبيل «النميمة التاريخية».. فعندما يذكر الكاتب سليمان فياض فى معرض كتابه «الوجه الآخر للخلافة الإسلامية» (دار مصر المحروسة 2006) أن قرة بن شريك الذى ولى على مصر فى عهد الخلفاء الأمويين كان مرتشيا وأنه ولى أمر مصر خلفا لعبدالله بن عبدالملك فأخذ كل أموال بيت المال، وهرب بها إلى الأردن فطورد وقبض عليه وصودر ما معه وقتل هو وعبيده.. عندما نقرأ مثل هذه التفاصيل المولع بها شيخ من شيوخ القص فى مصر والعالم العربى نستغرب كيف يضفى المعاصرون هالة من الاحترام على شخصيات تاريخية يجهلونها لمجرد أنها تنتمى للأقدمين، فهناك شارع بمحافظة الجيزة حاليا يحمل اسم «قرة بن شريك»، تخليدا لذكراه، دون أن يعى المارة أنه مجرد والٍ مرتشٍ. وعلى هذا النحو يتباكى الكثيرون على سنوات مضت لمجرد الحنين أو من باب «اذكروا محاسن موتاكم»، متناسين كل تاريخ خلافات القهر.
يروى كذلك فياض فى الكتاب نفسه أن تركة معاوية بن أبى سفيان بلغت رقما مذهلا، فلم يكن ثمة فرق بين مال بيت المال العام ومال الخليفة الخاص، حتى أن معاوية استشعر الحرج فى أن يترك بيت المال خاويا وأن تؤول كل ممتلكاته لابنه يزيد، فأوصى بنصفها إلى بيت المال والنصف الآخر ليزيد. ولا يدرى أحد إن كان يزيد نفذ الوصية أم لا؟ ثم يأتينا فياض، الذى تجاوز الثمانين، بقصة أخرى حول ترف الخلفاء العباسيين الذين حرصوا على منافسة سابقيهم من الأمويين، إذ أقام الخليفة المهدى عند زواج ابنه هارون بالسيدة زبيدة وليمة فخمة، ووهب للناس فى هذا اليوم أوانى الذهب مملوءة بالفضة وأوانى الفضة مملوءة بالذهب والمسك والعنبر. وقيل إن زبيدة زينت بكثير من الحلى والجواهر حتى أنها لم تقدر على المشى لكثرة ما عليها من حلى، وبلغت نفقات الزواج سبعة وثلاثين مليون درهم!
●●●
الشيطان يكمن دائما فى التفاصيل الصغيرة الدالة على الصورة الاقتصادية والاجتماعية لزمن الخلافة الإسلامية التى انتهت مع سقوط الخلافة العثمانية فى بداية العقد الثالث من القرن العشرين، سقط بسقوطها نظام الدولة الدينية والمدنية معا، وكانت رابعة الخلافات الإسلامية الكبرى التى عرفها تاريخ المسلمين بعد خلافة الخلفاء الراشدين. (توالت الخلافات: الأموية، والعباسية، والفاطمية) وكانت كلها خلافات قهر إمبراطورية، على حد تعبير سليمان فياض. هذا الأخير تميز بما أطلق عليه «أدب النميمة»، فهو يقدم دوما أصواتا بعضها خافت لكنها تخفى أشياء خطيرة، مثلا حين كتب الجزء الأول من سيرته الذاتية بعنوان «أيام مجاور» منذ سنوات قليلة حاول أن يعطى صورة عن الحياة المغلقة للمجتمع الأزهرى الشبابى الذى انتمى له فى أربعينيات القرن الماضى من خلال أحوال المشايخ وظروف الطلاب ونزواتهم، كذلك فعل عندما أراد أن يعطينا فكرة عن عوالم وسط البلد بمقاهيها وأبطالها من المثقفين والهامشيين فى كتاب آخر سابق وهو «كتاب النميمة».. طغت شهرة الإبداع الروائى والقصصى على جانب آخر من إبداع فياض وهو دراساته حول التاريخ العربى والإسلامى، ومنها «أئمة الإسلام الأربعة» وسير العديد من الشخصيات أمثال ابن رشد وابن خلدون وابن الهيثم والكتاب الذى نحن بصدده حول «الوجه الآخر للخلافة الإسلامية»، الذى كتبه عام 1998 بعين الحاضر، وفى ظل مطالبة البعض فى القرن العشرين وخاصة منذ العقد السابع منه بعودة الخلافة الإسلامية، أى العودة بالحاضر إلى الماضى. يروى فياض ذو التنشئة الأزهرية تاريخا على خلفية دق الطبول، منذ أن اختلف المسلمون على بعض العقائد والسياسة. ويحاول تسليط الضوء على جانب قهر الشعوب ومحن الكتاب والفقهاء والعلماء الذى تتجاهله عادة الكتب المدرسية التى تتحدث عن ازدهار الخلافة الإسلامية وثرائها (وقد كان هناك بالفعل أوقات ذروة حضارية وإنجازات).
بعد أن انتطوت صفحة الخلفاء الراشدين خلا الجو لأى أسرة مغامرة تريد أن تجمع فى قبضة واحدة السلطتين الزمنية والروحية، وتوالت أيام التخطيط والتنظيم والتآمر.. وأكثر الناس يرغبون فى السلطان، وتقودهم هذه الرغبة إلى آراء تتعلق بالحكم والاندفاع فى تأييد هذه الآراء مدعين أنها الحق والصواب.
ومن خلال حكاياته ينقلنا فياض إلى كواليس الخلافة وقرون مضت، وكانت الصورة الأبشع حين قتل الخليفة أبوعباس السفاح أسراه من الأمويين وقطعت الرءوس وبسط البسط فوق جثث القتلى ومدت موائد الطعام للسفاح ومن معه يأكلون وموسيقاهم أنين المحتضرين. يتناول الكاتب آراء مؤرخين مسلمين من العصور الوسطى ومن العصر الحديث للتدليل على فشل تجارب الخلافة الإسلامية الشيعية والسنية، ويلخص موقفه: «كانت كلها خلافات قهر امبراطورية، (...) خلافات يضع خلفاؤها على وجوههم أقنعة الدين، إذا جاز أن يكون للدين قناع، فقد كانوا فى حقيقتهم ملوكا دنيويين يستخدمون شعارات الدين لإخضاع البلاد والعباد، ويهدمون كل يوم مقاصد الدين، منها: العدل، وحرية الاعتقاد، والأمن، والتكافل الاجتماعى، والإخاء، والمساواة، واستقلال بيوت مال المسلمين عن بيوت أموال الحاكمين». قد يكون من المفيد إعادة قراءة الكتاب على ضوء الحاضر، بحثا عن حاكم يعرف ما هى السعادة الحقة، كما وصفه الفارابى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.