انتصار السيسي تهنئ الشعب المصرى والأمة الإسلامية بالعام الهجري الجديد    الأوقاف تفتتح 9 مساجد الجمعة ضمن خطتها لإعمار بيوت الله    ماذا حدث لأسعار الذهب؟ خسارة 1% والأسواق متقلبة    ما الفئات المستفيدة من زيادة المعاشات بنسبة 15% بدءًا من يوليو 2025؟    مسئولون إسرائيليون ل "ترامب": لا ينبغى لك التدخل فى محاكمة نتنياهو    جرائم الاحتلال تعود بعد توقف ضربات إيران: اعتقال 20 فلسطينيا من قرية العروج ببيت لحم    ألمانيا تدعو إيران للتراجع عن تعليق التعاون مع الوكالة الذرية    رئيسة حكومة إيطاليا تحتفل ب"وحدة الناتو" وتسخر من إسبانيا    خلال 11 عامًا .. مصر تعيد كتابة دورها في إفريقيا تحت قيادة الرئيس السيسي    أندية البرازيل مفاجأة مونديال 2025    المتعة لم تنته.. مواعيد مباريات دور ال16 في كأس العالم للأندية    جوارديولا يكشف تفاصيل إصابة لاعب مانشستر سيتي قبل مواجهة يوفنتوس في مونديال الأندية    عُقدة الثانوية العامة.. 813 ألف طالب يؤدون امتحان مادتي الفيزياء والتاريخ    تحريات لكشف تفاصيل حادث تصادم بين 3 سيارات بمحور 26 يوليو    الرطوبة مرتفعة والأرصاد تحذر من الطقس الحار وسط النهار    بعد رفضه عرض ال 200 مليون جنيه.. هل يغيب محمد رمضان عن دراما 2026؟    وفاة والدة الدكتور محمد القرش المتحدث الرسمي لوزارة الزراعة وتشييع الجنازة في كفر الشيخ    صورة لبلبة مع عادل إمام في سهرة خاصة «ليست حقيقية»    من الطلاق إلى أقسام الشرطة| مها الصغير تتهم أحمد السقا بالاعتداء الجسدي واللفظي    بكسوتها الجديدة.. شاهد طواف المعتمرين حول الكعبة أول أيام العام الهجرى    الجلسة الافتتاحية لمؤتمر "التخدير والرعاية المركزة الخضراء": منصة علمية ورسالة مجتمعية    جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة في منطقة زنين ببولاق الدكرور    محافظ الفيوم يبحث آليات إنشاء مجمع متكامل لإنتاج مستلزمات الري الحديث    محافظ مطروح: العلمين الجديدة تحولت لمقصد سياحي متميز على ساحل البحر المتوسط    وزير الإسكان يُعلن تسليم مركز شباب نموذجي بمنطقة النوادى بمدينة بدر    الناطق باسم الأمن الفلسطيني: جرائم الاحتلال لن تثنينا عن أداء دورنا الوطني    ضبط 354 قضية مخدرات و229 قطعة سلاح خلال 24 ساعة    سحب 897 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    الداخلية تضبط المتهمين بتبادل إطلاق الرصاص بالقليوبية    ضربها في الشارع.. مها الصغير تحرر محضرا ضد السقا    «مستقبل وطن»: ندعم خطط الدولة ونولى ملف الاستثمار أولوية كبيرة    محافظ دمياط يعتمد تنسيق المرحلة الأولى من الثانوية العامة بدمياط| التفاصيل    ننشر أسعار البيض اليوم الخميس 26 يونيو    بعد رحيله عن الزمالك.. حمزة المثلوثي يحسم وجهته المقبلة    ألونسو ردًا على لابورتا: نشعر في ريال مدريد بالحرية والديمقراطية    نور عمرو دياب لوالدها بعد جدل العرض الخاص ل"فى عز الضهر": بحبك    الجوزاء يفتعل الجدل للتسلية.. 4 أبراج تُحب إثارة المشاكل    تهنئة السنة الهجرية 1447.. أجمل العبارات للأهل والأصدقاء والزملاء (ارسلها الآن)    بنتايج خارج القائمة الأولى للزمالك بسبب العقود الجديدة    رسميًا.. موعد صرف المعاشات بالزيادة الجديدة 2025 بعد قرار السيسي    الصحة: تقديم أكثر من 200 ألف خدمة طبية وعلاجية بمستشفيات الأمراض الصدرية خلال مايو الماضي    ماذا قال مينا مسعود بعد زيارته لمستشفى 57357؟    ماذا يحدث لجسمك عند تناول «فنجان قهوة» على الريق؟    26 يونيو 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة اليوم    مواعيد مباريات دور ال16 فى كأس العالم للأندية.. الإنتر يواجه فلومينينسى    تشديدات أمنية مكثفة بلجان الدقي لمنع الغش وتأمين سير امتحاني الفيزياء والتاريخ للثانوية العامة    مصير وسام أبوعلي في الأهلي.. موقف اللاعب و4 بدلاء ينتظرون    الهجرة النبوية.. مشروع حضاري متكامل    عشائر غزة تؤمن مساعدات وصلت لبرنامج الأغذية العالمي خشية نهبها    رسميًا.. اليوم إجازة رأس السنة الهجرية 2025 للموظفين بالحكومة والقطاع الخاص    هل الزواج العرفي حلال.. أمين الفتوى يوضح    محافظ المنيا يشهد احتفال الأوقاف بالعام الهجري الجديد - صور    تشريع جديد يُنصف العامل.. كيف يؤمن القانون الجديد حقوق العمال؟    بمناسبة العام الهجري الجديد.. دروس وعبر من الهجرة النبوية    إليسا تهنئ نادر عبدالله بعد تكريمه من «ساسيم»: «مبروك من نص قلبي»    وزير الرياضة يهنئ أبطال السلاح بعد التتويج ب 6 ميداليات أفريقية    صوت بلغاريا مع أنطاكية.. البطريرك دانيال يندد بالعنف ويدعو إلى حماية المسيحيين    دار الإفتاء تعلن اليوم الخميس هو أول أيام شهر المحرّم وبداية العام الهجري الجديد 1447    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسيرة تبدأ من شارع قرة بالجيزة
نشر في الشروق الجديد يوم 07 - 04 - 2012

يمكنك أن تأخذ ما يلى على سبيل «النميمة التاريخية».. فعندما يذكر الكاتب سليمان فياض فى معرض كتابه «الوجه الآخر للخلافة الإسلامية» (دار مصر المحروسة 2006) أن قرة بن شريك الذى ولى على مصر فى عهد الخلفاء الأمويين كان مرتشيا وأنه ولى أمر مصر خلفا لعبدالله بن عبدالملك فأخذ كل أموال بيت المال، وهرب بها إلى الأردن فطورد وقبض عليه وصودر ما معه وقتل هو وعبيده.. عندما نقرأ مثل هذه التفاصيل المولع بها شيخ من شيوخ القص فى مصر والعالم العربى نستغرب كيف يضفى المعاصرون هالة من الاحترام على شخصيات تاريخية يجهلونها لمجرد أنها تنتمى للأقدمين، فهناك شارع بمحافظة الجيزة حاليا يحمل اسم «قرة بن شريك»، تخليدا لذكراه، دون أن يعى المارة أنه مجرد والٍ مرتشٍ. وعلى هذا النحو يتباكى الكثيرون على سنوات مضت لمجرد الحنين أو من باب «اذكروا محاسن موتاكم»، متناسين كل تاريخ خلافات القهر.
يروى كذلك فياض فى الكتاب نفسه أن تركة معاوية بن أبى سفيان بلغت رقما مذهلا، فلم يكن ثمة فرق بين مال بيت المال العام ومال الخليفة الخاص، حتى أن معاوية استشعر الحرج فى أن يترك بيت المال خاويا وأن تؤول كل ممتلكاته لابنه يزيد، فأوصى بنصفها إلى بيت المال والنصف الآخر ليزيد. ولا يدرى أحد إن كان يزيد نفذ الوصية أم لا؟ ثم يأتينا فياض، الذى تجاوز الثمانين، بقصة أخرى حول ترف الخلفاء العباسيين الذين حرصوا على منافسة سابقيهم من الأمويين، إذ أقام الخليفة المهدى عند زواج ابنه هارون بالسيدة زبيدة وليمة فخمة، ووهب للناس فى هذا اليوم أوانى الذهب مملوءة بالفضة وأوانى الفضة مملوءة بالذهب والمسك والعنبر. وقيل إن زبيدة زينت بكثير من الحلى والجواهر حتى أنها لم تقدر على المشى لكثرة ما عليها من حلى، وبلغت نفقات الزواج سبعة وثلاثين مليون درهم!
●●●
الشيطان يكمن دائما فى التفاصيل الصغيرة الدالة على الصورة الاقتصادية والاجتماعية لزمن الخلافة الإسلامية التى انتهت مع سقوط الخلافة العثمانية فى بداية العقد الثالث من القرن العشرين، سقط بسقوطها نظام الدولة الدينية والمدنية معا، وكانت رابعة الخلافات الإسلامية الكبرى التى عرفها تاريخ المسلمين بعد خلافة الخلفاء الراشدين. (توالت الخلافات: الأموية، والعباسية، والفاطمية) وكانت كلها خلافات قهر إمبراطورية، على حد تعبير سليمان فياض. هذا الأخير تميز بما أطلق عليه «أدب النميمة»، فهو يقدم دوما أصواتا بعضها خافت لكنها تخفى أشياء خطيرة، مثلا حين كتب الجزء الأول من سيرته الذاتية بعنوان «أيام مجاور» منذ سنوات قليلة حاول أن يعطى صورة عن الحياة المغلقة للمجتمع الأزهرى الشبابى الذى انتمى له فى أربعينيات القرن الماضى من خلال أحوال المشايخ وظروف الطلاب ونزواتهم، كذلك فعل عندما أراد أن يعطينا فكرة عن عوالم وسط البلد بمقاهيها وأبطالها من المثقفين والهامشيين فى كتاب آخر سابق وهو «كتاب النميمة».. طغت شهرة الإبداع الروائى والقصصى على جانب آخر من إبداع فياض وهو دراساته حول التاريخ العربى والإسلامى، ومنها «أئمة الإسلام الأربعة» وسير العديد من الشخصيات أمثال ابن رشد وابن خلدون وابن الهيثم والكتاب الذى نحن بصدده حول «الوجه الآخر للخلافة الإسلامية»، الذى كتبه عام 1998 بعين الحاضر، وفى ظل مطالبة البعض فى القرن العشرين وخاصة منذ العقد السابع منه بعودة الخلافة الإسلامية، أى العودة بالحاضر إلى الماضى. يروى فياض ذو التنشئة الأزهرية تاريخا على خلفية دق الطبول، منذ أن اختلف المسلمون على بعض العقائد والسياسة. ويحاول تسليط الضوء على جانب قهر الشعوب ومحن الكتاب والفقهاء والعلماء الذى تتجاهله عادة الكتب المدرسية التى تتحدث عن ازدهار الخلافة الإسلامية وثرائها (وقد كان هناك بالفعل أوقات ذروة حضارية وإنجازات).
بعد أن انتطوت صفحة الخلفاء الراشدين خلا الجو لأى أسرة مغامرة تريد أن تجمع فى قبضة واحدة السلطتين الزمنية والروحية، وتوالت أيام التخطيط والتنظيم والتآمر.. وأكثر الناس يرغبون فى السلطان، وتقودهم هذه الرغبة إلى آراء تتعلق بالحكم والاندفاع فى تأييد هذه الآراء مدعين أنها الحق والصواب.
ومن خلال حكاياته ينقلنا فياض إلى كواليس الخلافة وقرون مضت، وكانت الصورة الأبشع حين قتل الخليفة أبوعباس السفاح أسراه من الأمويين وقطعت الرءوس وبسط البسط فوق جثث القتلى ومدت موائد الطعام للسفاح ومن معه يأكلون وموسيقاهم أنين المحتضرين. يتناول الكاتب آراء مؤرخين مسلمين من العصور الوسطى ومن العصر الحديث للتدليل على فشل تجارب الخلافة الإسلامية الشيعية والسنية، ويلخص موقفه: «كانت كلها خلافات قهر امبراطورية، (...) خلافات يضع خلفاؤها على وجوههم أقنعة الدين، إذا جاز أن يكون للدين قناع، فقد كانوا فى حقيقتهم ملوكا دنيويين يستخدمون شعارات الدين لإخضاع البلاد والعباد، ويهدمون كل يوم مقاصد الدين، منها: العدل، وحرية الاعتقاد، والأمن، والتكافل الاجتماعى، والإخاء، والمساواة، واستقلال بيوت مال المسلمين عن بيوت أموال الحاكمين». قد يكون من المفيد إعادة قراءة الكتاب على ضوء الحاضر، بحثا عن حاكم يعرف ما هى السعادة الحقة، كما وصفه الفارابى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.