وزير الأوقاف فى الندوة التثقيفية بالإسماعيلية: الوعى أساس بناء الوطن    إزالة 18ألف متر شباك مخالفة لحماية الطيور المهاجرة    وزير الزراعة: نستهدف تغطية 65% من احتياجاتنا من القمح العام المقبل    عاجل- شاهد بالصور|.. مصرع 3 من أعضاء الوفد القطري المشارك في محادثات شرم الشيخ وإصابة اثنين في العناية المركزة بحادث سير مروع    كوبا تنفي المشاركة بأفراد عسكريين في الحرب بين روسيا وأوكرانيا    إعلام: مقتل 12 جنديًا باكستانيا في اشتباكات على حدود أفغانستان    الرئيس المنغولي يزور الهند بعد غد لتعزيز الشراكة بين البلدين وبحث القضايا الإقليمية والدولية    استشهاد 4 أشخاص وانتشال جثامين 121 آخرين في قطاع غزة    3 أهداف حاسمة لقمة شرم الشيخ لإنهاء حرب غزة    إيطاليا تواصل صحوتها بثلاثية أمام إستونيا    البرتغال تحسم المواجهة أمام أيرلندا بهدف قاتل في الوقت بدل الضائع    تركيا تكتسح بلغاريا بسداسية مدوية وتواصل التألق في تصفيات كأس العالم الأوروبية    بهدف قاتل.. البرتغال تتفوق على أيرلندا في تصفيات كأس العالم    العراق تتفوق على إندونيسيا وتعزز حظوظها في بلوغ مونديال 2026    فقرة تدريبات بدنية للاعبى الزمالك استعدادًا لديكيداها الصومالى    عاجل.. وفاة 3 دبلوماسيين من الوفد القطري بحادث سير في شرم الشيخ    سباك يشعل النيران في شقته بسبب خلافات مع زوجته بالوراق    مأساة فيصل.. وفاة "عبد الله" بطل إنقاذ المسنّة بعد تضحيته بنفسه في الحريق المروّع    رونالدينيو ومحمد رمضان ومنعم السليماني يجتمعون في كليب عالمي    البرومو الثاني ل«إن غاب القط».. آسر ياسين وأسماء جلال يختبران أقصى درجات التشويق    مسلسل لينك الحلقة الأولى.. عائلة ودفء وعلاقات إنسانية ونهاية مثيرة    لقجع يهنىء أبو ريدة بتأهل مصر إلى كأس العالم 2026    أسامة نبيه: لم أخرج من كأس العالم للشباب صفر اليدين واللائحة هي السبب    إيناس الدغيدي تروي القصة الكاملة وراء لقائها بزوجها: قارئ فنجان وصديق سبب البداية الغريبة    فرحة الاكتساح.. العنانى على قمة اليونسكو.. سبيكة ثقافية مصرية فريدة صهرتها طبقات متعاقبة من الحضارات    هدوء في اليوم الرابع لتلقي طلبات الترشح لانتخابات مجلس النواب بالفيوم دون متقدمين جدد    بالتعاون مع شركة "دراجر" العالمية.. "وزير الصحة" يبحث تطوير وحدات العناية المركزة بالمستشفيات    أوقاف الفيوم تكرم الأطفال المشاركين في البرنامج التثقيفي بمسجد المنشية الغربي    تعرف على برنامج "السينما السعودية الجديدة" للأفلام القصيرة في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي    ما هو شلل المعدة؟ .. الأسباب والأعراض والعلاج    محافظ المنيا: رعاية النشء والشباب أولوية لبناء المستقبل وخلق بيئة محفزة للإبداع    هنادي مهنا أول الحاضرين في عرض فيلم «أوسكار - عودة الماموث»    تصاعد اعتداءات المستوطنين على قاطفي الزيتون بالضفة الغربية    مصرع تاجر مخدرات في تبادل النيران مع الشرطة بقنا    كوشنر: الرئيس ترامب واجه اتفاق غزة المستحيل بكل قوة    مستشفى "أبشواي المركزي" يجري 10 عمليات ليزر شرجي بنجاح    مياه الغربية: تطوير مستمر لخدمة العملاء وصيانة العدادات لتقليل العجز وتحسين الأداء    رئيس جامعة الأزهر يوضح الفرق بين العهد والوعد في حديث سيد الاستغفار    9 مرشحين بينهم 5 مستقلين في الترشح لمجلس النواب بالبحر الأحمر ومرشح عن حلايب وشلاتين    عالم أزهري يوضح حكم تمني العيش البسيط من أجل محبة الله ورسوله    رسميًا.. موعد تطبيق التوقيت الشتوي 2025 وتغيير الساعة في مصر    QNB يحقق صافى أرباح 22.2 مليار جنيه بمعدل نمو 10% بنهاية سبتمبر 2025    عالم أزهري يوضح أحكام صلاة الكسوف والخسوف وأدب الخلاف الفقهي    نزلات البرد.. أمراض أكثر انتشارًا في الخريف وطرق الوقاية    قيل بيعها في السوق السوداء.. ضبط مواد بترولية داخل محل بقالة في قنا    تقديم 64 مرشحًا بأسيوط بأوراق ترشحهم في انتخابات النواب    «المشاط» تبحث مع المفوضية الأوروبية جهود تنفيذ آلية تعديل حدود الكربون CBAM    «الري»: التعاون مع الصين فى 10 مجالات لإدارة المياه (تفاصيل)    إحالة أوراق المتهمة بقتل زوجها وأطفاله الستة في المنيا إلى المفتي    رئيس جامعة السويس: إدراج الجامعات المصرية في تصنيف التايمز العالمي يعكس تطور التعليم    تفاصيل لقاء السيسي بالمدير العام لليونسكو (صور)    المستشارة أمل عمار تشارك في فعاليات القمة العالمية للمرأة 2025 في الصين    الأرصاد: تكاثر السحب بالسواحل الشمالية والوجه البحري وفرص لسقوط أمطار    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 11-10-2025 في محافظة الأقصر    زراعة المنوفية: ضبط 20 طن أسمدة داخل مخزنين بدون ترخيص فى تلا    الرعاية الصحية: تعزيز منظومة الأمان الدوائي ركيزة أساسية للارتقاء بالجودة    منها «القتل والخطف وحيازة مخدرات».. بدء جلسة محاكمة 15 متهما في قضايا جنائية بالمنيا    أسعار اللحوم اليوم السبت في شمال سيناء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سير الصالحين: زُبيدة زوجة هارون الرشيد
نشر في المشهد يوم 10 - 11 - 2011

تعتبر زبيدة زوجة الخليفة العباسي "هارون الرشيد"، حفيدة مؤسس الدولة العباسية الخليفة "أبو جعفر المنصور"، من أهم نساء الدولة العباسية وأكثرهن شهرة، مما كان لها من دور في السلطة، ومن أهم أعمالها بناء أحواض للسقاية للحجاج من بغداد إلى مكة، فما عرف ب"درب زبيدة" تكريماً لها.
بعد أن امتدت الدولة الإسلامية في العصر الأموي إلى إسبانيا غرباً والصين شرقاً، جاء العصر العباسي ليقطف ثمار تلك العمليات العسكرية الكبرى، حتى أن الخليفة هارون الرشيد، خامس خلفاء بني العباس، وقف على شرفة قصره في بغداد ينظر إلى سحابة عابرة، متوقعاً وخاطبها بقوله: امطري حيث شئت، فإن خراجك سيعود إليَّ.
سيدة عظيمة وراء خليفة عظيم
وإذا كان المثل يقول: وراء كل رجل عظيم امرأة، فلقد كان وراء هارون امرأتان:
أمه الخيزران، تلك السيدة المهيبة التي يعتقد كثير من المؤرخين أنها هي التي كانت تسير أمور الدولة إبان حكم زوجها المهدي.
والثانية زوجه، وهي التي لقبها جدها أبو جعفر المنصور زبيدة لبضاضتها ونضارتها وبياض بشرتها – وكنيتها أم جعفر - ابنة عم هارون وابنة خالته في الوقت ذاته.
تزوّج الاثنان في عهد المهدي والد هارون الرشيد سنة 165 ه وكانت زبيدة حسبما تنقل لنا كتب التاريخ سيدة بارعة الجمال، فاتنة الحديث، رزينة ذات عقل ورأي وفصاحة وبلاغة، تنظِم الشعر وتناظر الرجال في شتى نواحي الثقافة، أحبّها الرشيد حبًا جمًا ومنحها مكانة رفيعة ونفوذًا كبيراً، بحيث كانت على الدوام السيدة الأولى بين نسائه، فكسبت بذلك احترام وثقة الحاشية.
عُرف عنها أنها كانت تشير على زوجها في كثير من المناسبات والأحداث بالآراء الصائبة، وأنها تمسك بيديها زمام الأمور أثناء غياب زوجها في غزواته الكثيرة، وقد خلفت وراءها آثاراً عديدة في مجالات متنوعة ما زالت تحمل اسمها حتى الآن.
حبها للعلم
عرف عن زبيدة اهتمامها الكبير بالآداب والعلوم، فبذلت الكثير من الجهد والمال حتى حشدت في العاصمة بغداد مئات الأدباء والشعراء والعلماء ووفرت لهم كل وسائل الإنتاج والبحث، اشتهر منهم شيخ أدب النثر الجاحظ، وعلماء اللغة الخليل بن أحمد وسيبويه والأخفش الأكبر، ومن علماء الدين الإمام أبو حنيفة والإمام الأوزاعي والإمام مالك بن أنس، والكثيرون في شتى فروع العلم، وبذلت في سبيل ذلك الأموال الطائلة، حتى أنها فتحت أبواب خزائنها لتحويل بغداد إلى قبلة ومستقر للعلماء من الزوايا الأربع للدولة، ومن الأطباء الذين كانت تشملهم برعايتها الطبيب جبريل الذي منحته راتباً شهرياً، قدره خمسون ألف درهم.
شخصيتها
كانت رفيقة الخليفة في معظم رحلاته، سواء في الحروب أم للحج.
ويذكر المؤرخون أنها في إحدى رحلات الحج شاهدت مدى معاناة حجاج بيت الله في الحصول على مياه للشرب، حيث كان الوعاء الواحد يبتاع بدينار، فأمرت زبيدة المهندسين بدراسة عاجلة لجر المياه إلى مكة المكرمة، فأشاروا عليها بأن الأمر صعب للغاية، حيث يحتاج لحفر أقنية بين السفوح وتحت الصخور لمسافة لا تقل عن عشرة أميال، وقال لها وكيلها: يلزمك نفقة كثيرة، فأمرته بتنفيذ المشروع على الفور ولو كلفت ضربة الفأس ديناراً، فاحضر خازن المال أكفأ المهندسين ووصلوا إلى منابع الماء في الجبال. ثم أوصلوه بعين حنين بمكة، وهكذا أسالت الماء عشرة أميال من الجبال ومن تحت الصخور، ومهدت الطريق للماء في كل خفض وسهل وجبل، وعرفت العين فيما بعد وحتى الآن بعين زبيدة، وما زالت القناة التي بنتها تعرف باسم نهر زبيدة. وأقامت الكثير من البرك والمصانع والآبار والمنازل على طريق بغداد إلى مكة أيضاً، كما بنت المساجد والأبنية.
وذكرها الخطيب، وتحدث "ابن جيد" عن هذه المرافق التي شيدتها زُبيدة حتى أصلحت الطريق من بغداد إلى مكة، بما أقامته من منافع تخدم الحجيج والمسافرين وتوفر لهم الماء والطعام والسكن، حتى أحيت هذا الطريق المُوحش.
قال ابن بردي في وصفها: أعظم نساء عصرها ديناً وأصلاً وجمالاً وصيانة ومعروفاً.
لقد كانت زبيدة سيدة جليلة سخية لها فضل في الحضارة والعمران والعطف على الأدباء والأطباء والشعراء، كما كانت ذات طبيعة صافية، تغلب عليها النزعة الصوفية.
وكان لها الدور الكبير في تطور الأزياء النسائية في العصر العباسي.. فقد كانت النساء من مختلف الطبقات ينتظرن ظهورها على أحر من الجمر ويسعين إلى تقليدها في ما ترتديه من ثياب، وقد استوردت من الهند والصين أفخر أنواع الحرير الطبيعي الموشى بالذهب والفضة والحجارة الكريمة، وكثيراً ما تختار ألواناً باهرة لم يسبق لإحدى النساء ارتدائها.
وهي أيضاً أول من اتخذ القباب من الفضة والآبنوس والصندل والكلاليب من الذهب والفضة ملبسة بالوشي والسمور وأنواع الحرير الأحمر والأصفر والأخضر والأزرق.
يقول بعض النقاد من الأدباء أن كتاب ألف ليلة وليلة إنما بني على أساس من نمط حياة الرشيد وزبيدة، ويحاولون العثور على أوجه التشابه بين زبيدة وعدد من شخصيات الرواية، ولكن المرأة التي اشتهرت بلقب "السيدة زبيدة" والتي كان الجميع، باختلاف طبقاتهم ومستوياتهم يكنون لها الحب لما تميزت به من طيبة قلب وتواضع، حفرت بأفعالها اسمها في سجل الخالدين، دونما الحاجة لأن تكون بطلة قصة في رواية.
وفاتها
عاشت السيدة زبيدة 32 عاماً بعد وفاة هارون الرشيد، وتُوفيت في بغداد سنة 216 ه الموافق 831م بعد أن عاشت في ظل المأمون معزّزة مكرّمة كما كانت في عهد أبيه، وكان المأمون يعاملها معاملة الأم، وكثيراً ما كان يلجأ إلى مشورتها في أمور الدولة، ويقبل برأيها، حتى لو كان مخالفاً لما يراه هو شخصياً.
رثاها مسلم بن عمرو الخاسر الشاعر البصري بعد رحيلها، وظلت حية في أذهان بني العباس، يتذكرون أخبارها وأخلاقها وثقافتها المميزة، ويتناقلون أفعالها في أرجاء الجزيرة العربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.