أوجه رسالتى هذه، ولو متأخرا، إلى أصدقاء إسرائيل فى أمريكا، ولا سيما إلى اليهود الذين يريدون مصلحتنا، لأقول لهم: لا تسيئوا إلينا بينما تعتقدون أنكم تخدموننا، ولا تدعوا نتنياهو وليبرمان يخدعانكم. أتوجه بكلامى هذا إلى الأصدقاء الذين ما زالوا يتمتعون باستقلالية الرأى، والقادرين على إظهار قدر من المسئولية، لا تغرقوا فى بحر من الكلام الوطنى التاريخى الآتى من عندنا، ولا تخلطوا بين الحكومات التى تأتى وتذهب، وبين الدولة الباقية إلى الأبد. لقد اعتقد يهود نيويورك فى الدائرة التاسعة أنهم حسنا فعلوا عندما اقترعوا إلى جانب عضو الكونجرس من الحزب الجمهورى بدلا من المرشح الديمقراطى، وذلك فى رسالة واضحة موجهة إلى البيت الأبيض تقول: أحذر يا باراك حسين أوباما من انتقامنا. ويبدو أنهم نجحوا فى إخافة الرئيس أوباما الذى بات مستعدا لأن يكبح نفسه فى موضوع استمرار البناء فى المستوطنات فى يهودا والسامرة.
يخوض نتنياهو معركة معروفة سلفا نتائجها الكارثية، ولا سبب يدعوكم اليوم إلى الوقوف فى جانبه. فهو يعود إلى الأممالمتحدة لاسترجاع أمجاده السابقة التى تجاوزها الزمن.
أيها اليهود المتحمسون، إنكم بوقوفكم إلى جانب نتنياهو تقفون ضد المصالح الإسرائيلية، وضد مصالح وطنكم أمريكا الذى يجد نفسه اليوم فى عزلة ويقف موقفا مزدوجا عندما يعترف بحق كل شعوب المنطقة فى الدفاع عن حقوقها الديمقراطية فى وجه الحكام المستبدين باستثناء الشعب الفلسطينى الذى لا يعانى من حاكم مستبد، وإنما من محتل أجنبى ما زال يحتل أراضيه منذ 44 عاما.
لقد قيل على الدوام إن التحالف بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل هو تحالف يستند إلى «قيم مشتركة»، فأين هى هذه القيم؟ لقد اختفت منذ زمن طويل، فما يجمع بين أوباما ونتنياهو اليوم ليس القيم ولا المصالح المشتركة وإنما الرغبة فى الحفاظ على بقائهما السياسى بأى ثمن.
إن من سيدفع ثمن الدموى للسياسة الإسرائيلية المتهورة والحمقاء ليس أوباما ولا هيلارى كلينتون ولا دنيس روس أو منظمة إيباك أو حركة «حباد» (لليهود الحريديم المتشددين) فى بروكلين، وإنما من سيدفع الثمن هو دائما نحن. لذا أقول لكم، صراحة، لا تكونوا أكثر وطنية منا، ولا تقدموا إلينا أى خدمة ندفع ثمنها من دمائنا.