لا يشعر السيناريست والمخرج محمد دياب بأنه قد دخل منطقة جديدة بعد رحلة المهرجانات والجوائز التى حصل عليها بفيلمه «678»، فهو يؤكد أنه منذ بدايته الفنية يفضل السينما ذات «التوليفة الهوليوودية»، التى تجذب الجمهور وتحظى باحترام النقاد فى المهرجانات، ومن هنا حرص على المشاركة بفيلمه «678» فى نحو 20 مهرجانا ونال 7 جوائز، ويستعد حاليا للسفر إلى أكثر من مهرجان خلال الفترة المقبلة. من جهة أخرى، يطالب محمد دياب «المشاكس السياسى» بالعفو العام عن كل شخص خارج دائرة «رءوس الفساد» فى العهد البائد أو من لم يثبت تحريضه على قتل الثوار، ويشعر أن غد مصر أفضل بكثير لكنها تمر حاليا بما وصفه ب«العلاج الكيماوى من سرطان مبارك وأتباعه».
● دخلت السينما من الباب التجارى وكانت بداياتك مع نجوم الشباك وفجأة قررت أن تغير طريقك وتدخل عالم المهرجانات والسينما الفنية من خلال «678».. فهل كنت تخطط لهذا التحول أم أنها مجرد مصادفة؟ أحيانا أشعر أننى بالفعل قد قمت بنقلة كبيرة فى حياتى وبعض الأوقات لا أشعر بهذا لكن الشىء الوحيد الذى سأحافظ عليه هو أننى ومنذ اللحظة الأولى لى فى الوسط الفنى وأنا أحب تقديم أفلام ذات «توليفة هوليوودية»، وهو ما تحقق لى فى «الجزيرة» الذى تم ترشيحه للمشاركة فى مسابقة الأوسكار ونال ثناء نقديا كبيرا وفى الوقت نفسه حقق إيرادات عالية وهو ما يجعلنى متاكدا أننى لا أنتقل من معسكر لمعسكر أو من خانة لخانة المهم أن أقدم فيلما جيدا بغض النظر عن تصنيفه وللعلم أنا لم أكتب أبدا فيلم وعينى على الجمهور أنا أكتب فيلما أسعى بكل طاقتى أن يكون فيلما جيدا وفقط.
● ولكن بعض صناع الأفلام يخافون أن يلفظهم السوق التجارية فى حالة إصرارهم على تقديم أفلام فنية أو تسعى للمهرجانات؟ هذه كلها شائعات ليست صحيحية ووجهة نظر لا يمكن اعتبارها صحيحة وأنا ومنذ دخولى المجال اكتشفت خطأه المهم هو العمل الذى تقدمه والقاعدة التى تحكم السوق هى المصلحة المتبادلة وأنت قوى بمقدار نجاح آخر فيلم لك ولا شىء آخر.
● لكنك اخترت نقلة مختلفة تحمل طابع المغامرة موضوعا لفيلمك خصوصا أنك هنا أمام تحدٍ كبير بين تقديم فيلم بمعايير السوق المصرية وفى نفس الوقت يناقش قضية حساسة كالتحرش؟ أنا سيناريست وفى حال اتخاذى قرارا بالإخراج فيجب أن يكون قرارا بتقديم شىء محترم ومختلف وإلإ فلماذا أغامر بما حققته كسيناريست وكانت الصعوبة التى أعانى منها هى كيف أعبر عن هذه القضية بصدق وواقعية وفى الوقت ذاته تراعى قيمك وعاداتك وتقاليدك.. بكل صدق أؤكد أنها كانت وكأنهم قد أعطونى دروسا نظرية فى فن العوم ثم ألقونى فى البحر مباشرة ولكننى أحمد الله أن أعطانى القدرة على العوم وسط كل هذا وبالطبع أشكر فريق العمل الخاص بى الذى دعمنى ووقف بجوارى.
● ماذا عن مشروعك القادم؟ أنا أقوم حاليا بالإعداد لفيلم سيكون عن الأوضاع قبل وبعد الثورة وليس عن الثورة نفسها.
● لكنك قلت من قبل إنك تجمع كل ما يحدث وما يقوله الناس لتوثيقها واستخدامها فى فيلم جديد؟ كل هذه تفاصيل تاريخية وبالفعل فكرت فى كتابة فيلم عن الثورة لكن الجميع فكروا فى كتابة أفلام عن يوم 28 يناير وكل ما اسجله حاليا فهو للتأريخ وللناس ولكن الآن أعتقد أن الجمهور غير مستعد لسماع كلام عن الثورة.
● بمناسبة الثورة يشعر الكثيرون بحدوث فرقة مفاجئة وشق فى صف صانعى الثورة؟ الهدف الأول لكل حلفاء الثورة كان تنحى مبارك ومن المنطقى أن يبحث كل فريق عن مصالحه فيما بعد لكننى أؤمن أن هذه الصورة خادعة والناس أصبحت تتقبل بعضها البعض وهو شىء فى ازدياد وهو شىء جديد ولابد أن نصبح متسامحين وأنا أحاول أن أتفهم من لا يستطيع أن يتسامح ولا ألومه خصوصا أنه يشعر بالظلم لمدة 30 سنة وهى أعراض جانبية ستزول مع الوقت ولو افترضنا ان مصر أصابها السرطان لفترة طويلة فنحن فى مرحلة العلاج الكيماوى وكلنا دفعنا الثمن ولا يصح أن تفرط فى حريتك. وللعلم نحن حاليا فى منتصف طريق الثورة ولا يصح أبدا أن نقف فى منتصف الطريق.
● ما رأيك فى وجود قائمة سوداء لأعداء الثورة من الفنانين؟ دعنا نقسم ما حدث لشقين هل حدث تجاوز أم لم يحدث ومع حدوثه علينا أن نفكر فى مصلحة البلد فهل من مصلحته عزل أو معاقبة كل من وقف ضد الثورة؟.. فلنقرأ التاريخ ونراجع موقف رسولنا العظيم وكيف عفا عن أهل مكة وما تأثير هذا على مستقبل الدعوة وأيضا نيلسون مانديلا وكيف فضل مصلحة بلاده على رغبته فى الانتقام وهذا الحديث مستثنى منه رءوس الفساد وليس من حقنا أن نعاقب من تعاطف معه وحتى جماعة أبناء مبارك هم يدافعون عن قضية خاطئة مائة فى المائة لكن يجب أن نتحاور لإفهامهم أخطائهم ومن تجاوز يتم عقابه ولكن من مصلحة مصر عدم التركيز فى مثل هذه الأشياء.
● بالمناسبة من هو مرشحك الرئاسى الذى ستنتخبه؟ أنا وكثير من الشباب كنا ممن يؤيدون البرادعى كرمز للتغيير قبل الثورة وحاليا لست مع شخص بعينه وما يهمنى هو كيف سيحكم وليس من سيحكم وأهميتها بالنسبة لى هو نهاية الحكم العسكرى ولنتركها عندما يأتى وقتها وأنا جلست مع معظم المرشحين الرئاسيين وأحترمهم جميعا.
● كيف استطعت أن توفق بين دورك فى الثورة وحضور كل هذا الكم من المهرجانات مع فيلم «678»؟ لا يوجد توفيق أنا ومنذ بداية الثورة لم أكتب حرفا واحدا فى فيلمى الجديد أما المهرجانات فهى فرصة للتعرف على العالم خصوصا أنهم يريدون أن يفهمونا أكثر الآن.. فلماذا لا نستغل هذه الفرصة.
● كم مهرجانا شارك فيها فيلمك وكم جائزة حصل عليها حتى الآن؟ ما لا يقل عن 20 مهرجانا وحصلت فيها على 7 جوائز وسأذهب أيضا لمهرجانات (فانكوفر وأوسلو ونيو اورليان ومونبيلييه واسبوع الانترنت فى انجلترا وشيكاغو).
● يعتبرك البعض أول من قدم فيلما عن التحرش فهل نحن مقبلون على هوجة أفلام عن التحرش؟ لم أقل أبدا أننى قد قدمت أول فيلم عن التحرش ولا يهم من الأول.. وأتمنى دوما وجود قضايانا فى السينما أيا كان من قدمها وللعلم لقد قدمت برنامجا عن التحرش فى 22 حلقة وهو عن التحرش بكل أشكاله وحملة توعية للمجتمع المصرى وأقدمه أنا ودكتورة ليلى وفى مرحلة المونتاج ونبحث حاليا عن توقيتات عرضه.
● منذ الثورة وأنت فى مرحلة اختفاء.. فهل قصدت ذلك؟ أيام الثوره الأولى تحديدا لم يكن هناك تمثيل إعلامى لشباب الثوره، كنت أشعر بمسئولية أن صوتنا لابد وأن يصل خاصة مع وجود علاقات خاصة بى تساعدنى على الظهور فى التليفزيون، ولكن وبعد التنحى شعرت أننى تحدثت بما فيه الكفاية وجاء دور الفعل.
● فعل مثل ماذا؟ اشتركت فى أكثر من مبادرة وجمعية تنموية مثل جمعية «نبنى» وهى معنية بتطوير العشوائيات وقمت بالتبرع ب20 فى المائة من أجرى لمدة عام كامل لمشاريع خيرية وتنموية وقمت أيضا بتصوير فيديوهات توعوية وتنموية.