المؤكد أن السادة المحترمين أعضاء المجلس العسكرى يعرفون أكثر من غيرهم، أن مصر فيها مؤسسة قضاء وتحقيق، والمؤكد كذلك أنك تعرف أن المجلس العسكرى بصلاحياته الثلاث «رئاسة الجمهورية، وسلطة التشريع والرقابة، وقيادة القوات المسلحة» يملك بأى صفة من هذه الصفات الحصول على ما يشاء من وثائق ومستندات. لذلك وبوضوح وقولا واحدا، لا يليق أن يلقى المجلس العسكرى اتهامات جزافية ومرسلة على أى طرف أيا كان وأن يدخل فى تلاسن سياسى مع أى طرف، فأمامه طريقان لا ثالث لهما، إما أن يمسك داخل نفسه عن أى معلومات مرسلة غير موثقة بأدلة قطعية، أو يقدم كل ما لديه لجهات التحقيق المستقلة ويقبل بالاحتكام إلى القضاء الطبيعى الذى طالما دافع عنه، خاصة فيما يتعلق بمحاكمات رموز النظام السابق. تذكر أنه رغم كل ما يخرج من المجلس العسكرى من تأكيدات لنواياهم بتسليم السلطة للمدنيين عقب الانتخابات، وكل ما يقدمونه من إشارات وتطمينات بأنهم ليسوا طامعين فى السلطة، إلا أن جزءا من أدائهم يذكرك دون شك بأداء الرئيس السابق ونظامه، ليس فقط فى بطء الاستجابة للشارع، وبطء اتخاذ القرارات المهمة فى الأوقات المناسبة، ولكن فى منطق التخوين والاتهام المرسل، فكما اتهم المجلس العسكرى حركة 6 أبريل بالتآمر وتلقى أموال أجنبية لتنفيذ أجندات خارجية، فقد سبق لنظام مبارك أن اتهم ميدان التحرير كله بكل قواه ومكوناته بالعمالة وتنفيذ الأجندات الخارجية، وتلقى الأموال المشبوهة. إذا كانت 6 أبريل متهمة فليفصل القضاء الطبيعى فى هذا الاتهام، ولكن ما المطلوب من المجلس العسكرى إذا كان لا يملك من الدلائل ما يدعم اتهامه، هل يعتذر، هل يمكن لشباب الحركة الذين قذف المجلس العسكرى فى حقهم واتهمهم باتهامات لو صحت لوجب احتقارهم بين أبناء وطنهم، أن يقاضوا المجلس العسكرى، وإذا كان هذا قطعا من حقهم قانونا، هل ينظر دعواهم قضاء مدنى أم عسكرى؟ كل هذا اللغط سببه أن المجلس بدأ يمارس السياسة بمنطق الفصيل أو الحزب أو الطرف، فدخل فى ملاسنات من تلك التى يتبادلها الفرقاء السياسيون، وهى مسألة لا تناسب وضعه ولا مكانته التى تلزمه بالتدقيق فى كل كلمة تخرج منه، وأن يبدأ بنفسه فلا يستسلم لمناخ التشويه الذى يطول كل شىء، ولعبة تصفية الحسابات، ولا يصبح جزءا من هذه اللعبة البغيضة، ويقدم نموذجا لهؤلاء بأن من لديه معلومات أو وثائق فليقدمها للقضاء ويتحمل مسئوليتها أو فليصمت تماما. أما فيما يخص تحرك أمس باتجاه مقر وزارة الدفاع، فالمؤكد أنه خطأ فادح سياسيا واستيراتيجيا، وأيضا تسببت فيه معلومات غير مؤكدة وشائعات، ولو توثق كل طرف من معلوماته قبل أن يتحدث أو يتحرك أو يصدر بيانات لتجنبت البلاد كثيرا مما يقع فيها من نوائب.. أو هكذا أعتقد..!