أعلنت البحرين عن إلغاء نظام الكفيل بداية من أغسطس المقبل، لتكون بذلك أول دولة خليجية تلغى هذا النظام، الذى طالما أثار كثيرا من الانتقادات محليا ودوليا. وبموجب هذا القرار فإن جلب العمال الأجانب إلى البحرين سوف يتم وفقا لتراخيص عمل لمدة سنتين وليس كفالة. وتتبنى الدول الخليجية نظام الكفيل لتأمين استقدام العمالة الوافدة إليها من الخارج، وبموجب هذا النظام، فإنه على أى عامل أجنبى فى منطقة الخليج، حتى لو كان عربيا، أن يسلم جواز سفره للكفيل، ولا يستطيع التنقل خارج البلد، أو تغيير عمله إلا بموافقة كفيله. ويعتبر البعض هذا النظام واحدا من أسوأ أنماط التمييز فى العالم. وعليه قوبل قرار البحرين بتأييد وترحيب واسعى النطاق، «هذه الخطوة سليمة جدا، وسوف تحقق العدالة للعمال الأجانب فى البحرين، الذين يعانون الظلم والاستغلال من الكفيل»، كما علق حجاج بو خدور، خبير اقتصادى كويتى، آملا فى تنفيذ مثل هذا القرار فى الكويت. ويرى على الدقاق، خبير اقتصادى سعودى، أن قرار البحرين «يعتبر جريئا، ويمثل تحديا»، متوقعا أن يكون له العديد من الانعكاسات على سوق العمل الخليجى. هناك من سيدفع الثمن برغم كل شىء قد يفكر العديد من العمال المصريين فى دول الخليج فى ترك وظائفهم، والذهاب إلى دولة البحرين للاستفادة من هذا القرار، كما قال الدقاق، متوقعا أن تشهد البحرين زيادة كبيرة فى الطلب على الوظائف بها من جانب العمالة الأجنبية بصفة عامة، والعربية بصفة خاصة. إلا أن البحرين دولة صغيرة لا تتعدى مساحتها 140 كم، والقدرة الاستيعابية بها قريبة من الحدود القصوى، حيث إنها أقل دولة خليجية من حيث معدل البطالة، وبالتالى «سوف تكون الكفاءة هى المعيار الأساسى الذى سيتم اختيار العمالة على أساسه فيها خلال الفترة المقبلة»، على حد تعبير الدقاق. وبالتالى سوف يحدث استبدال للعمالة الموجودة بها، «فالعمالة الجيدة سوف تطرد العمالة الرديئة»، وفقا للدقاق، مضيفا أن معظم العمالة المصرية الموجودة بدول الخليج بشكل عام، والبحرين بشكل خاص، عمالة غير مدربة، ما يعنى «أن جزءا كبيرا منهم فى البحرين قد يكون معرضا لترك وظائفه خلال الفترة المقبلة»، على حد قوله. وفى نفس السياق يروى بو خدور أن «نظام الكفيل أدى إلى هروب جزء كبير من العمالة المصرية المدربة من دول الخليج إلى مناطق أخرى خلال السنوات الماضية، كما خلق نوعا من عدم الشعور بالولاء للعاملين هناك»، متوقعا تحول العديد من الكفاءات المصرية إلى البحرين، التى سوف تشهد «استقطابا لرأس المال المعرفى الأفضل»، على حد تعبيره. ووفقا لبيانات وزارة القوى العاملة والهجرة المصرية، يبلغ عدد العمال المصريين العاملين فى البحرين حوالى 12 ألف فرد، وقد أثرت الأزمة بشدة على تحويلات المصريين العاملين فى البحرين، حيث انخفضت إلى 10.2 مليون دولار فى الربع الثانى من العام المالى 2008/2009، مقابل 30.1 مليون دولار فى نفس الربع من العام المالى 2007/2008، بحسب بيانات البنك المركزى. ومن وجهة نظر الدقاق، بما أن المنافسة على الوظائف فى البحرين سوف تكون قائمة على أساس الكفاءة، فمن المتوقع أن تنخفض تكلفة العمالة الكفء المدربة فى دول الخليج خلال الفترة المقبلة. ويروى الدقاق أنه بسبب هروب العمالة المدربة من دول الخليج، لجأ أصحاب العمل هناك إلى تعيين كفاءات أقل فى بعض الوظائف، مثل أن يتم استبدال المهندس بأحد الفنيين، ما رفع أجور الأفراد ذات المؤهلات العليا. إلا أن الوضع سوف يختلف خلال الشهور المقبلة، على حد تعبير الدقاق، فالمعروض من المؤهلات العليا سوف يرتفع فى البحرين، وبالتالى «قد تتعرض الكفاءات المصرية الموجودة فى منطقة الخليج بوجه عام، والبحرين بوجه خاص، إلى انخفاض أجورها»، كما توقع الدقاق. ومن جهة أخرى فإن إلغاء نظام الكفيل فى البحرين سوف يؤدى إلى تفعيل مكاتب العمالة المصرية الموجودة بها، ما يضمن أداءها لدورها والتصدى لانتهاكات حقوق العمال المصريين هناك، بحسب بو خدور، متوقعا «أن يحصل العمال المصريون فى البحرين على حقوقهم كاملة، التى طالما حُرموا منها فى ظل نظام الكفيل». باقى الخليج ينتظر دوره هناك توجه فى منطقة الخليج لإلغاء نظام الكفيل، كما فعلت البحرين، وقد اتخذت بعض دولها خطوات جادة فى هذا الشأن، بحسب بو خدور. ومن المتوقع أن تكون الكويت، الدولة التالية للبحرين، حيث قدمت الحكومة الكويتية مشروعا لإلغاء هذا النظام فى مجلس الأمة، وهو مطروح للنقاش داخل المجلس خلال هذه الفترة، كما ذكر الدقاق. وكانت تحويلات المصريين العاملين فى الكويت قد شهدت انخفاضا خلال الربع الثانى من العام المالى الحالى، لتصل إلى 348.4 مليون دولار، مقارنة بنحو 419.9 مليون فى الربع ذاته من العام المالى الماضى، وفقا للبنك المركزى. وبالنسبة للسعودية، التى يعمل بها حوالى 1.5 مليون مصرى، انتهت وزارة العمل من دراسة لائحة شركات الاستقدام، التى من المتوقع أن تكون بديلا لنظام الكفيل، وتوصى هذه الدراسة بإنشاء هيئة حكومية ذات شخصية اعتبارية، تحت اسم «هيئة شئون العمالة الوافدة»، وتكون تابعة لوزارة العمل، ومهمتها الأساسية الإشراف على أوضاع العمالة الوافدة، وإلغاء أى سلطة للكفيل، ويكون مقرها العاصمة الرياض، ولها فروع فى عدد من المناطق، وفقا للدقاق، مضيفا أن دولا خليجية أخرى تفكر فى اتخاذ مثل هذا القرار، إلا أنها لم تتخذ خطوات بعد. وكانت تحويلات المصريين العاملين فى السعودية قد زادت إلى 277.7 مليون دولار خلال الربع الثانى من العام المالى 2008/2009، مقابل 200.8 مليون خلال نفس الربع من العام المالى 2007/2008.