يبدو أن إسرائيل والدول العربية، وكذلك أوروبا والولايات المتحدة مشغولون فى الآونة الأخيرة بمناقشة إمكان اعتراف الأممالمتحدة فى سبتمبر المقبل بدولة فلسطينية (تُقام فى حدود 1967)، وتكرار ما فعلته عندما صادقت على القرار رقم 181 فى 29 نوفمبر 1947 (قرار التقسيم) والذى تسبب بإقامة دولة إسرائيل. وفى أواخر شهر مايو المقبل سيزور رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو واشنطن حيث سيلقى خطابا سياسيا أمام الكونغرس الذى يتألف من أغلبية جمهورية مؤيدة لإسرائيل، وسيحظى نتنياهو قبل إلقاء هذا الخطاب بتضامن كبير فى أثناء اشتراكه فى مؤتمر منظمة إيباك. ويمكن القول إن أى شخص، وليس نتنياهو وحده، يكون عرضة لمثل هذا التضامن لا يمكن إلاّ أن يصاب بالثمالة. ونتيجة هذا كله ربما ستصل أوامر من الوفد الإسرائيلى فى واشنطن بتنظيم استقبال لنتنياهو يليق بالأبطال لدى وصوله إلى مطار بن جوريون، ومن غير المستبعد أن يذهب بعض المحللين السياسيين إلى القول بأن رئيس الحكومة الإسرائيلية لوى ذراع الرئيس الأمريكى باراك أوباما. لكن يمكن أيضا أن نتكهن أمرا آخر، وهو أنه فى كل مرة يحظى فيها نتنياهو بتصفيق حاد فى الكونجرس، سيدرك أوباما أن هذا التصفيق يهدف إلى إغضابه، وأن الجمهوريين عقدوا العزم على إثارة حنقه، ونتنياهو هو إحدى الأدوات لتحقيق هذا الأمر. إن ما بات معروفا هو أن أوباما لن ينفض يده من نتنياهو، وهو يدرك جيدا أن تأييد الأممالمتحدة فى سبتمبر المقبل إقامة دولة فلسطينية أصبح شبه حتمى، وسيكون بمثابة نقطة تحول تاريخية، لذا فإنه لن يكون وديا أكثر إزاء رئيس الحكومة بعد خطابه فى الكونجرس. ويقول العارفون ببواطن الأمور من المختصين بالشئون الأمريكية إن دوافع أوباما إزاء الموضوع الفلسطينى هى دوافع أخلاقية أولا وقبل أى شىء، وأن إسرائيل فى نظره مثلها مثل الرجل الأبيض الذى عامل السود بقسوة واحتقار. بناء على ذلك يجب ألاّ يُخدع نتنياهو بموقف الكونجرس الأمريكى، وإلاّ فإنه يرتكب مع حكومته خطأ فادحا كخطأ السائق، الذى يدرك أن الوقود بدأ ينفد من سيارته، لكنه لا يأبه بذلك ويستمر فى الضغط على دواسة البنزين.