تصدت قوات الأمن بوسط العاصمة الجزائرية، اليوم السبت، لمسيرة ثامنة، نظمتها المعارضة المنضوية ضمن ما يعرف باسم "التنسيقية الوطنية من أجل التغيير والديمقراطية" جناح الأحزاب، للمطالبة بإصلاحات سياسية جذرية. وكان عشرات من المعارضة يتقدمهم المحامي علي يحيي عبد النور 92 عاما، عميد المدافعين عن حقوق الإنسان في الجزائر والقيادي في الحركة التنسيقية وأعضاء حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية المعارض، قد منعتهم قوات الشرطة من الخروج من ساحة "أول مايو" الوئام حاليا إلى ساحة الشهداء، عقب ترديدهم شعارات ورفع لافتات مناوئة للحكومة وتطالب بالإصلاحات الشاملة. كما ندد المحتجون بتصريحات الوزير الأول الجزائري، أحمد أويحيي للتليفزيون الرسمي يوم الأربعاء الماضي، التي نفى فيها وجود أزمة سياسية في بلاده تستدعي حل البرلمان أو تغيير النظام، موضحا أن هناك اختلافا كبيرا بين الجزائر والدول العربية الأخرى فيما يتعلق بالديمقراطية. وقد انتشرت قوات كبيرة من الشرطة انتشرت منذ الساعات الأولى من صباح اليوم السبت يوم إجازة رسمية في الشوارع الرئيسية، وخاصة شارع "ديدوش مراد"، حيث مقر حزب التجمع من أجل الثقافة المعارض، وشارع "محمد الخامس"، وهما من أهم شوارع العاصمة، وكذلك في الميادين الرئيسية . يذكر أن قوات الأمن الجزائرية كانت تصدت منذ يوم 12 فبراير الماضي وحتى يوم 26 مارس الماضي لسبع مسيرات نظمتها المعارضة المنضوية ضمن ما يعرف باسم "التنسيقية الوطنية من أجل التغيير والديمقراطية" جناح الأحزاب، للمطالبة بإصلاحات سياسية جذرية . وأنشئت التنسيقية الوطنية للتغيير والديمقراطية في 21 يناير الماضي عقب تظاهرات ضد غلاء المواد الغذائية، وخلفت 5 قتلى وأكثر من 800 جريح. وكان الأمين العام لحركة الإصلاح الوطني في الجزائر، جمال بن عبد السلام، قد أعلن عن خطة شاملة من أجل تحقيق التغيير السلمي في الجزائر على مراحل. وقال بن عبد السلام في تصريحات له، أمس الجمعة: إن هذه الخطة الشاملة المقترحة من قبل حركة الإصلاح تشرك جميع القوى الوطنية، وتهدف إلى تحقيق تغيير سلمي على مراحل بدلا من النظام السياسي الحالي الذي فشل في مكافحة الظلم الاجتماعي على حد قوله، وأضاف أن "حزبه سيعمل على عقد لقاء مع جميع الجهات المعنية لمناقشة هذه الأرضية السياسية وميثاق شرف". وفي سياق انتقاده لمعالجة الاحتجاجات الاجتماعية من قبل الدولة اعتبر بن عبد السلام أن الجزائر ليست في منأى من الاحتجاجات السياسية الراهنة في العالم العربي، ما يدعو إلى ضرورة "الاستجابة وبشكل جماعي وبطريقة سلمية إلى إحداث تغيير سلمي". يذكر أن حركة الإصلاح الوطني تستحوذ على ثلاثة مقاعد في مقاعد البرلمان الجزائري من مجموع 389 مقعدا. ويشهد الشارع السياسي الجزائري حاليا انقساما متزايدا بين المطالبين بالإصلاحات من داخل النظام والمطالبين بتأسيس جمهورية ثانية، حيث ترى أحزاب الأغلبية أن الإصلاحات يجب أن يقوم به النظام القائم، وأن يكون من داخله، في حين ترى بعض الأحزاب المعارضة أن هذا التغيير يجب أن يكون عن طريق جمعية تأسيسية تعيد النظر كلية في الدستور، وتضع دستورا جديدا . وكان الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، قد وعد في رسالة بمناسبة وجهها يوم عيد النصر الموافق (19 مارس) الماضي ب"إجراء إصلاحات سياسية" في إطار الإصلاحات الشاملة التي أعلنها في شهر فبراير الماضي، وبدأها برفع حالة الطوارئ التي فرضت لمدة 19 عاما. وشهدت الساحة الساسية في الجزائر منذ شهر يناير الماضي ارتفاع أصوات معارضة كثيرة تدعو إلى تغيير النظام ووضع دستور جديد، كما عقد الائتلاف الوطني للتغيير الذي أنشأه إسلاميون معتدلون ورئيس الحكومة السابق، أحمد بن بيتور، أول جلسة عامة له مؤخرا في العاصمة الجزائرية، كذلك تشكلت مؤخرا جبهة وطنية للتغيير يشارك فيها مواطنون من مختلف الانتماءات للعمل على "تغيير جذري وسلمي للنظام السياسي". وأخيرا وجه مؤخرا المعارض التاريخي، حسين آيت أحمد، رئيس جبهة القوى الاشتراكية المقيم في جنيف، رسالة إلى الجزائريين دعاهم فيها إلى المشاركة في نقاش فتحه حزبه حول مستقبل البلاد. وطلب آيت أحمد في إطار بديل ديمقراطي وسلمي دستورا جديرا بهذا الاسم وحياة ديمقراطية حقيقية، واعتبر "أننا أقرب من أي وقت مضى، قريبون من مشاهدة بدايته، مدعوما بأطياف كثيرة من المجتمع".