صرح جورج ماكير، مدير إدارة الإعلام بالمفوضية، أن العمل جارٍ حاليًّا في إدخال بيانات نتائج الاقتراع في الحواسيب بالمفوضية بالنسبة إلى الولاياتالجنوبية، وستكتمل وتعلن في نهاية هذا الشهر. من ناحية أخرى سيكون على شمال السودان وجنوبه الاتفاق خلال أقل من ستة أشهر على عدة قضايا شائكة من ترسيم الحدود إلى تقاسم عائدات النفط مرورًا بالاتفاق على مستقبل ابيي واحترام المواطنة. وطبقًا للنتائج الأولية فإن خيار الانفصال حصل على تأييد 99% من الناخبين، وهو ما يعني أن استقلال الجنوب بات مؤكدًا بعد الاستفتاء الذي أجري بين التاسع والخامس عشر من الشهر الجاري. ويدعو المسؤولون الجنوبيون المواطنين إلى التزام الهدوء، ذلك أن التصويت لصالح الانفصال تم، غير أن النتائج لم تعلن رسميًّا بعد، والأهم أن الاستقلال لم يتحقق بعد. ويقضي اتفاق السلام الشامل الذي أنهى في العام 2005 حربًا أهلية دامت أكثر من عقدين بين الشمال والجنوب، بأن يتم إعلان استقلال الجنوب بعد فترة انتقالية مدتها ستة أشهر تعقب الاستفتاء، وتنتهي في تموز/يوليو المقبل. وخلال الأشهر الستة المقبلة سيكون على الشمال والجنوب الاتفاق على مجموعة من القضايا الشائكة. ويقول مراقب طلب عدم ذكر اسمه: "ان التفاوض حول هذه القضايا قد يكون أصعب من المفاوضات التي سبقت إبرام اتفاق السلام الشامل". وبدأ حزب المؤتمر الوطني الذي يقوده الرئيس السوداني عمر البشير، والحركة الشعبية لتحرير السودان (متمردون جنوبيون سابقون)، في يوليو الماضي، مفاوضات حول أربع من قضايا "ما بعد الاستفتاء"، وهي الأمن والمواطنة واحترام الاتفاقات الدولية والشؤون الاقتصادية التي تشمل تقاسم الديون وعوائد النفط. وحتى الآن لم يتم التوصل إلى اتفاق حول أي من هذه القضايا. وتحوي آبار النفط في الجنوب قرابة 80% من احتياطيات السودان من الذهب الأسود التي تقدر بستة ملايين برميل، غير أن تصدير النفط يتم عبر خط أنابيب يمر في أراضي الشمال ليصل إلى ميناء بور سودان على البحر الأحمر (شمال شرق السودان). ويتعين على الطرفين أن يجدا صيغة تؤمن لكل منهما نصيبًا من عائدات النفط من أجل تأمين استمرار السلام بين الشمال والجنوب. وينبغي كذلك أن يتوصل الطرفان إلى اتفاق حول وضع الجنوبيين المقيمين في الشمال -بضع مئات الآلاف- والشماليين المقيمين في الجنوب، وهم أقل عددًا. وإلى هذه الموضوعات الحساسة تضاف مسألة ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب، وقضية ابيي، وهي منطقة تقع على الحدود بين الشمال والجنوب، وتتنازع عليها قبيلتا الدنكا الجنوبية والمسيرية الشمالية. وكان من المقرر أن يجري استفتاء في التاسع من الشهر الجاري حول ما إذا كان سكان ابيي يرغبون في الانضمام إلى الشمال أو الجنوب، ولكنه أرجئ إلى أجل غير مسمى. وجرت منذ مطلع الشهر الجاري معارك في هذه المنطقة أوقعت 60 قتيلا لتذكر بالوضع المتفجر في ابيي. وكتب هذا الأسبوع دوغلاس جونسون، الخبير في شؤون جنوب السودان، أن "ابيي تظل حتى الآن القضية العصية على التطبيق في اتفاق السلام، وهي أصعب من ترسيم الحدود". ويعتقد جونسون أن الوسيلة الوحيدة للخروج من الطريق المسدود هي إجراء الاستفتاء في ابيي مع منح المسيرية حق استخدام المراعي الموجودة في المنطقة حتى لو ألحقت بدولة الجنوب. وتستأنف المفاوضات حول ابيي في 27 يناير الجاري برعاية ثابو مبيكي رئيس جنوب أفريقيا السابق. وتجرى هذه المفاوضات بشكل منفضل عن تلك المتعلقة بالقضايا الأربع الأخرى، وكذلك عن المحادثات الفنية المتعلقة بترسيم الحدود. ولكن مع مرور الوقت، بدأت تطرح فكرة إبرام اتفاق شامل جديد بين الشمال والجنوب يتضمن حلولا لكل هذه القضايا مجتمعة من أجل تجنب أي احتكاكات قد تؤدي إلى عودة الحرب الأهلية.